إعلانات
تضخم عدد الصحف في سوريا
السبت - 23 نيسان - 2011 - 10:54 بتوقيت دمشق
التفاصيل


نشر المرحوم شكري كنيدر تحقيقا صحفيا في الاربعينيات من القرن الماضي يشكو فيه من تضخم عدد الصحف في سورية .

و يسأل ما هو الحل الأمثل الذي ترونه ملائماً لإنقاذ البلاد من هذا التضخم ؟ .

الأستاذ شكري كنيدر ( الذي أنشأ جريدة "التقدّم" عام 1908 وظلّ على رأسها حتى إغلاقها عام  1947و مجلدات اعدادها الكاملة و التي تعتبر مرجعا مهما لتاريخ المدينة  ما زالت موجودة بحلب عند ورثته ) يقول :

بلغ هذا التضخم حداً جعل من الصحافة آفة يجب مداواتها و معالجتها بما يزيل ضررها أو يقلل على الأقل من هذا الضرر .

ففي حلب و حدها أكثر من خمس عشرة جريدة يومية ، و في دمشق ما يزيد على هذا العدد .

ويبلغ عدد الصحف اليومية التي تصدر في سورية أكثر من أربعين ، و سكان سورية لا يتجاوزون ثلاثة ملايين في حين أن مصر و أهاليها يزيدون على سبعة عشر مليونا ، لا يصدر  فيها أكثر من خمس عشرة جريدة يومية .

ولا ننسَ أن الصحف المصرية منتشرة انتشاراً كبيراً في جميع البلاد العربية وغيرها من بلاد الشرق في حين أن جرائد سورية يكاد انتشارها أن يكون محصوراً في الحدود السورية فقط .

ثم أن تركيا و عدد سكانها الأربعة عشر مليوناً لا يصدر فيها أكثر من خمس عشرة جريدة يومية .

و إذا انتقلنا من الشرق إلى الغرب و جدنا أن لندن مثلاً ، وعدد سكانها عشرة ملايين لا توجد الجرائد اليومية التي تصدر فيها عن خمس عشرة .

و هكذا معدل الجرائد التي تصدر في  فرنسا و ألمانيا و ايطاليا و غيرها من البلاد الأوربية و أميركا ، مع أن عدد الأميين في أوربا و أميركا هو أقل بكثير من عددهم في سوريا .

و هكذا نجد أن الجرائد التي تصدر في سوريا يزيد عددها أضعافاً كثيرة على ما يصدر في أي بلد من أو في أي قطر من بلاد العالم و أقطاره على الإطلاق  ، سواء بالنسبة إلى عدد السكان أم بالنسبة إلى عدد القراء .

ولا يجاري سوريا في هذا الميدان إلا الجار الشقيق لبنان فهما في هذا المضمار فرسا رهان ، أو قل إذا شئت أنهما في هذا البلاء سيان ..

و من البديهي ان مثل هذا التضخم في الصحافة يفضي حتما إلى ضيق الرزق و قلة الكسب .

وهذا مما قد يحمل بعض محترفي هذه الصناعة على التماس سبل قد يكون بعضها غير شريف وغير مشروع للاحتيال على المال .

مما يحط من شأن الصحافة من جهة ، و يسيء إلى الأمة والحكومة معاً من جهة أخرى .

فقد يعمد بعضهم إلى استدرار المال بما يشبه الاستجداء و السؤال ، و يلجأ بعضهم إلى التحرش بأصحاب المقامات و النيل من الأعراض و الكرامات . . إلى ما أشبه ذلك من الطرائق و الأساليب التي تجعل من بعض الصحافة ضريبة مفروضة يؤديها بعض الناس زكاة عن العرض .

من هنا كانت الآفة التي أشرنا إليها في فاتحة هذا المقال ، و قد أصبح من الضروري معالجتها وإزالة ضررها .

ولقد فكرت الحكومة في وقت ما أن تعمد إلى نخل الصحافة و تنقيتها فتسقط الرديء منها و تبقي على الجيد.

غير أن هذه الطريقة لا تخلو من مسحة الاستبداد و فطنة التحكم.

و ليس جديراً بحكومة ديمقراطية أن تلجأ إلى هذه الطريقة بعد أن أفرطت و أسرفت في إعطاء امتيازات الجرائد حتى صار عندنا هذا العدد الوافر منها .

و لكن الأمثل أن تبحث عن طريقة مشروعة معقولة لإنقاص عدد الجرائد و نفي الرديء دون أن تعمد إلى أساليب العنف .

و هنا يجدر البحث فيما تقوم به الجرائد الطفيلية التي لا تستحق الحياة .

فهذه الجرائد تعيش في الدرجة الأولى من أجور الإعلانات الرسمية التي توزعها دائرة المطبوعات على الصحف جميعاً.

و كثيراً ما تكون حصة الجرائد الرديئة أوفى من حصة الجرائد الجيدة .

و في ذلك ما فيه من الحيف و الإجحاف في حق الصحافة و في حق أصحاب الإعلانات .

فالمقصود من الإعلان – كما هو معروف – أن يطلع عليه أكبر عدد  من الجمهور والواقع الحاصل أن كثيراً من الإعلانات ينشر في جرائد قليلة الانتشار ضئيلة الرواج ، إذا لم نقل أنها لا يقرأها أحد غير صاحبها وعمال المطبعة التي تطبع فيها.

 

حتى أن بعض هذه الجرائد لا تصدر إلا إذا تجمع لديها مقدار من الإعلانات يفي بنفقاتها مع شيء من الربح .

و تعيش هذه الجرائد من بدلات الاشتراكات الإجبارية التي أشرنا إليها آنفاً و يدفعها بعض الناس على سبيل الصدقة أو على سبيل الزكاة عن الكرامة .

و هناك موارد أخرى كالإعلانات الدورية التي تخصصها الحكومة للصحف و إعلانات الشركات و المؤسسات المالية و الصناعية الشبيهة بالرسمية ، فضلاً عما تستثمره بعض الصحف  من الحوادث المتنوعة التي يهم أصحابها الدعاية لها أو السكوت عنها .

هذه هي الأسباب التي تبقي على حياة كثير من الصحف المنتشرة اليوم و التي أدت إلى هذا التضخم الصحافي الذي تشكو منه الحكومة و الأمة معاً.

فلو أن الحكومة أطلقت الإعلانات الرسمية من عقالها و تركت لأصحابها الحرية في اختيار الجرائد التي يريدونها وهم يختارون حتماً الجرائد الكثيرة الانتشار و الرواج ، ولو أن الحكومة عملت على تنفيذ قانون ( الشا نتاج ) الذي يحمي كرامات الناس من التحرش و العدوان لانقطعت أرزاق الجرائد الطفيلية و سقطت الواحدة تلو الأخرى حتى لا يبقى غير الجرائد التي لها من عناصر القوة ما يضمن لها الحياة الشريفة الطيبة ولذلك يزول هذا التضخم الوبيل الذي لا مثيل له في بلاد الناس .

- الجرائد من ارشيفي الخاص. 


              
المحامي علاء السيد - عكس السير

 


التعليقات :
ســــــــــوري
(0)   (0)
أما الآن فجريدة واحدة باسماء مختلفة
وائل ســعداوي
(0)   (0)
والله فعلا غريبة و ما زال العديد ينادي بحرية الأعلام !!!! يعني واحد من الأثنين, يا أنو شعب مثقف كتير كتير و كل واحد فينا يطالع ساعة و نص باليوم !!! يا أما شعب مو عرفان وين الله حاطو و عميدور عليه !!!

شكرا اسـتاذ علاء على هذه المقالة الممتعة في وقت نحتاجها
مفيد عباس
(0)   (0)
يعني انا واثق كل ما كترت الصحف كلما ضعنا اكتر وكل واحد رح ييكتب حسب ميوله وحسب اتجاه ولي نعمته وطبعا حسب رضاه اوعدم رضاه عن الحكومة وحسب الحزب الذي ينتمي اليه وطبعا رح يغطي على شركاه والمقربين ورح يضخم الاحداث المتعلقة بمنافسيه ومعارضيه او المتضاربين مصالحهم معه
فأذا نحن لا نريد المزيد من الصحف بقدر ما نريد المزيد من الصدق والشفافية ولكن أين الميزان ومن الذي سيزين؟ في زمن من السهل بمكان الشراء والبيع وما اكثر المعروض للبيع ولن اقول الجميع بكل تاكيد ولكن الكثير الكثير ,والاعتى من ذلك ان هنالك من يجاهر بذلك من مبدأ (حلال على الشاطر) وقد سمعت هذا على احد القنوات الشقيقة احد الصحافيين يجاهر بصحبته لفلان ويمدح به بناء على طلب منه وانه يقبض منه فلوسا الاانه لم يفصح كم يقبض عن كل كلمة مديح او مقالة او ما شابه .وطبعا انا اقول ان ذلك ليس مبررا لعدم نعددية الصحف ووسائل الاعلام ووجود صحف معارضة ووجود قنوات فضائية معارضة ولكننا نريدها شفافة وبناءة لا هدامة ونريدها في اصعب الظروف وان افلست اووقعت في ضائقة مالية ان تمد يديها للاعداء وتبدأ ببث السموم والاخبار الكاذبة ضمن برامج ممنهجة حقيرة كما فعلت " الشرق" وكما فعلت احدى الصحف اللبنانية من قبل....
احمد
(0)   (0)
أما متأكد من أن جميع الأخبار السورية صادقة مئة بالمئة
فوفقكم الله ورعاكم وشد على سواعدكم
مواطن
(0)   (0)
شو عم يضحكوا عالشعب , يعني انوا في حرية اعلام !!!! , لك كل الصحفيين عم يكتبوا نفس الشي , نحن مابدنا عواطف نحن بدنا نقد بناء يطور من مستوى الاعلام عنا , لانوا لسا عم يخاطب القلب والمشاعر وهذا غلط , بل يجب ان يخاطب العقول والموضوعية مع الوثائق
قارئ
(0)   (0)
الغاية تبرير عدم وجود راي أخر لا على الفضائيات ولا على الإذاعات لدرجة أن حتى المواطن الذي هو على درجى دنية من الثقافة إذا اراد الإستهزاء بحديث بيقلك "كلام جرايد" ببساطة لأنه لايعرف غير الجرايد الرسمية وذيولها مما أدى لفقد هذه الوسيلة لفحواها...عندنا
متفائل
(0)   (0)
انظر وفكر وعيش ع الورق 51
محشش
(0)   (0)
كان في ديمقراطية
والناس تحكي شومابدها
لؤي
(0)   (0)
ماشاء الله عليك يا استاذ
الله يفتح عليك ويزيدك
أضف تعليقك :
الاسم : *
التعليق : *
Keyboard لوحة مفاتيح عربية
ضع الكود الموجود بالصورة : *

مقالات أخرى من " ع البال "

24-1-2015
" برغر كينغ " ترفض تعويض الطفل السوري الذي ضربه أحد مدرائها في اسطنبول .. و الأخير يحاول إسكات والد الضحية بـ 100 ليرة !
رفضت الشركة التي تمتلك ترخيص سلسلة مطاعم "بيرغر كينغ" في تركيا تعويض الطفل السوري الذي تعرض للضرب على ...


15-4-2013
بعد ظهوره في "أراب آيدول".. صفحة إخبارية "مخابراتية" تهدد عائلة الفنان عبد الكريم حمدان
  نشرت صفحة إخبارية مؤيدة للنظام السوري على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" منشوراً هدّدت فيه الفنان عبد الكريم ...


7-6-2012
عرض أول جهاز أنتجته شركة أبل للبيع
أعلنت دار "Sotheby" للمزادات عن نيتها طرح أول جهاز كمبيوتر أنتجته شركة أبل للبيع في مزاد يُقام في ...


3-11-2011
حديقة العزيزية (مرعي باشا الملاّح) والحديقة العامة بحلب
تمهيد: إنّ التقرير الذي قدّمه الى المجلس البلدي بحلب المهندس الاستشاري شارل غودار، عضو المجلس البلدي ومدير سكة حديد ...


28-9-2011
زقاق الأربعين ووثيقة آل دلاّل و الشاعر جبرائيل دلال (1836 – 1892) من أوائل شهداء الحرية
في محاولة لربط الزمان بالمكان وبالحدث الذي يفعّله الإنسان سنحاول ان ننقل خطواتنا في النصف الثاني من القرن ...


18-8-2011
سر البيلون الحلبي
كتب المرحوم الدكتور عبد الرحمن الكيالي مقالة في مجلة الحديث الحلبية تساءل فيها : هل كلمة ( بيلون) ...


13-8-2011
صناعة صابون الغار في حلب تلفظ أنفاسها الأخيرة
في عام 1999 ظهرت المواصفة القياسية السورية لصابون الغار ، التي حددت نسبة زيت المطراف فيه بخمسين بالمئة ...


10-8-2011
عيدو السواس و عيدو التنكجي مؤسسا فرقة نجمة سورية أول فرقة مسرحية بحلب
نشر الاستاذ  أحمد نهاد الفرا مقالة مطولة في مجلة العمران  (التي كانت تصدر عن وزارة البلديات فترة الوحدة ...