إعلانات
العلاقات التركية السعودية و اللوبي الإماراتي
الخميس - 29 كانون الثاني - 2015 - 1:39 بتوقيت دمشق
التفاصيل


تدهور العلاقات التركية السعودية جراء الانقلاب العسكري في مصر لم يكن خافيا على أحد، ولكنها شهدت في الأيام الأخيرة تطورات لافتة أثارت تساؤلات حول احتمال التقارب بين أنقرة والرياض وتحسن العلاقات مع فتح صفحة جديدة. ومن أبرز هذه التطورات حضور رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان في مراسم تشييع الملك عبد الله بن عبد العزيز، في غياب ولي عهد الإمارات محمد بن زايد والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وكذلك إعلان أنقرة حدادا رسميا على وفاة الملك عبد الله.

تزامنت هذه التطورات مع قرارات هامة جاءت بعيد مبايعة سلمان بن عبد العزيز ملكا جديدا للسعودية، مثل تعيين الأمير محمد بن نايف وليا لولي العهد وإبعاد خالد التويجري عن القصر السعودي مع تجريده من كافة صلاحياته، الأمر الذي دفع الكثير من المتابعين للتفاؤل بحدوث تغييرات في السياسة الخارجية السعودية وفتح صفحة جديدة في العلاقات التركية السعودية. ونسأل الله أن يوفق هذا العهد الجديد فيما يحبه ويرضاه وأن يرزق الملك سلمان البطانة الصالحة.

إن تمت تغييرات بهذا الاتجاه فلا شك في أنها ستكون لصالح المملكة العربية السعودية ولصالح تركيا؛ بل لصالح المنطقة بأكملها، وهناك مصالح ووجهات نظر مشتركة بين البلدين ويمكن أن يكمل بعضهما بعضا الدور في كثير من القضايا، إلا أنها بحاجة إلى موقف صارم يحفظها من مؤامرات اللوبي الإماراتي الذي من المؤكد أنه سيسعى لعرقلة هذا التوجه الجديد كما أنه سعى لإفساد علاقات المملكة مع قطر وتركيا.

السعودية في الفترة الأخيرة – مع الأسف الشديد – كانت تبدو كأنها تنجر وراء سياسات الإمارات الخارجية. وقد نجحت أبو ظبي في جر السعودية إلى الحروب التي يشنها ولي عهد الإمارات محمد بن زايد ودفعتها إلى الواجهة لتستغل حجم المملكة وثقلها في التستر وراءها خلال مواجهة خصومها. ولعب اللوبي المتشكل من الإعلاميين السعوديين المقيمين في الإمارات أو خارجها ويعملون لصالحها، دورا بارزا في هذا النجاح. ولكن الأخطر في الأمر هو اختطاف المفاهيم والمشاعر، وأن يستغل هذا اللوبي مفهوم “الوطنية” ويحوِّله إلى سيف مسلط على السعوديين؛ فمن ينتقد منهم السياسات الصبيانية التي يمارسها حكام الإمارات يتهم بأنه “غير وطني” بل ربما يرمى بالخيانة والخروج ولو كان هذا الانتقاد لصالح السعودية وصاحبه من أشد المحبين لبلده.

الإمارات تعادي عقيدة التوحيد التي قامت عليها المملكة العربية السعودية، وترى هذه العقيدة خطرا عليها، ولذلك فهي تحتضن دعاة أمثال اليمني الحبيب علي الجفري والعراقي أحمد الكبيسي الذي اتهم الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله بأنه “صنيعة يهودية”، ثم تراجع عن تصريحاته هذه واعتذر. وفي الوقت الذي يسجن فيه مواطنون لمجرد آرائهم وتسحب منهم الجنسية، قامت الإمارات بالتغطية على هذه الإساءة الكبيرة إلى السعودية وعقيدتها، مكتفية باعتذار الكبيسي الذي اضطر له تحت الضغوط بعد أن انهالت عليه الردود.

اللوبي الإماراتي استهدف أصدقاء السعودية من الأتراك، من خلال إثارة الهواجس والأوهام والنفخ فيها لتبدو كمخاطر حقيقية محدقة. ويأتي طه كينتش، مستشار رئيس الوزراء التركي، من بين هؤلاء الذين تم استهدافهم والتحريض ضدهم، وحاول هذا اللوبي أن يظهر حب الرجل للشعب السعودي وقادته جريمة وأمرا مثيرا للشك والريبة. ومن الضروري أن يسأل السعوديون ما الهدف من استهداف شخص ترعرع في المملكة ودرس فيها وأحبها حكومة وشعبا ولم ينبس ضدها ببنت شفة ولم يسجل كلمة تسيء إليها؟ ولصالح من يتم التحريض ضده؟ وأن يسألوا أيضا: هل هؤلاء الإعلاميون السعوديون المقيمون في الإمارات أو الذين يعملون لحساب ولي عهد أبو ظبي يمكن أن ينتقدوا الإمارات إن كانت سياساتها تضر بالمصالح السعودية؟ أم يتحولون إلى الصم البكم حين جاءت الإساءة إلى السعودية والسخرية منها من الإمارات ويجدون لها ألف عذر وتأويل ومبرر؟

السعودية بكل ثقلها أكبر من أن تنجر وراء الإمارات وأن يستخدمها محمد بن زايد لضرب خصومه، ومع ذلك يجب أن يتنبه الإخوة السعوديون للاختراق الإماراتي الخطير الذي قد يصل إلى مستويات عالية وأن يلجموا اللوبي الإماراتي والغوغائيين الهمج والبيض الفاسد من أدوات الإمارات في السعودية، ومنعهم من التحريض وإثارة الفتنة، للحفاظ على أجواء التفاؤل وتشجيع الخطوات نحو ترميم العلاقات التركية السعودية.

اسماعيل ياشا - عربي 21


أضف تعليقك :
الاسم : *
التعليق : *
Keyboard لوحة مفاتيح عربية
ضع الكود الموجود بالصورة : *

أخبار أخرى من " مقالات وآراء "

11-3-2015
الأسد بمساعدة حلفائه .. يبدو أنه باق !
يبدو ان فرص نجاة بشار الاسد من الازمة السياسية سالما باتت أكبر من أي وقت مضى منذ بدئها ...


11-3-2015
سوريا .. لا حل إلا هذا الحل !
  يتحاشى الذين يروِّجون لضرورة الانفتاح على بشار الأسد ونظامه، وعددهم قليل على أيِّ حال، تذكُّر أن قرار دمشق ...


10-3-2015
هل علينا التصالح مع الأسد ؟ !
مع ارتفاع وتيرة قتال الإيرانيين وحلفائهم إلى جانب قوات نظام الأسد، وتولي الإيرانيين أيضا قيادة حروب القوات العراقية ...


8-3-2015
أضعف الإيمان .. إسقاط الدولة السورية !
تصريحات الغربيين في الخلاص من النظام السوري تبدلت. الارهاب في سورية عاود صوغ المشهد. بعض الدول الاقليمية بات ...


7-3-2015
سياسة شرق أوسطية جديدة من دون الإخوان
لم أطلع على محضر اجتماعات العاهل السعودي بالرئيسين التركي والمصري، ولكني مستعدّ لأن أجزم بأن «الإخوان المسلمين» لم ...


7-3-2015
أميركا و الخليج .. من طمأن الآخر ؟
قراءة التصريحات السعودية، على لسان وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، وتصريحات نظيره الأميركي جون كيري، حول إيران، تقول ...


7-3-2015
هل الاحتلال الداعشي حرام و الاحتلال الإيراني حلال ؟
كي لا يحاول أحد أن يصطاد في الماء العكر من مجرد قراءة عنوان المقال، سنقول: تصدوا كما تشاؤون ...


6-3-2015
هل تدعم الإمارات بقاء نظام " الأسد " في حكم سوريا ؟
ربما تكون القضية الأقل خلافا بين دول المنطقة وفي مقدمتها تركيا وقطر من جهة والسعودية والإمارات وبقية دول ...


6-3-2015
من يخشى من تغير السياسة السعودية ؟
أصبحت مسألة تغيّر السياسات السعودية حيال المشاكل التي تعاني منها منطقة الشّرق الأوسط، من أهم المسائل التي تتداولها ...


4-3-2015
مخاوف من صفقة " أميركية - إيرانية " !
أي اتفاق بين الدول الست وإيران حول ملفها النووي إذا تم رغم الصعوبات التي ما زالت موجودة بالنسبة ...


3-3-2015
سورية ولاية إيرانية ؟
بدأ نظام الملالي في إيران مدّ جذوره الطائفية نحو سورية، إذ استطاع أن يتحكّم بمفاصل حياة السوريين اليومية، ...


3-3-2015
الأزمة السورية إلى حل سياسي
رفض الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وصف موقف مصر من الأزمة السورية بالحياد. وهو قال في حواره مع «الشرق ...


3-3-2015
آخر مسيحي في الشرق الأوسط
يبدو السؤال مشروعا ومنطقيا وواقعيا حين يطرح: هل نحن نعيش حقبة تفريغ الشرق الأوسط من سكانه وأهله وشعبه ...


3-3-2015
خياران كلاهما سهل
في الأسابيع الماضية استقبلت الرياض عددا قياسيا من زعماء العرب والعالم. سواء كانت الغاية للتعزية أو للتهنئة، لم ...


1-3-2015
فشل دي ميستورا
المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا نجح في شيء واحد فقط، زيادة غضب أغلبية الشعب السوري. بدأ ...


1-3-2015
الحل في سوريا أكبر من الأسد و خصومه
عندما أعلن المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، أخيراً، أن بشار الأسد «جزء من الحل» في سوريا، ...