لماذا يوجد في شرق ألمانيا مؤيدون أكثر للحركات المعادية للإسلام والأجانب؟

اعتبرت المكلفة بالولايات الألمانية الجديدة لدى الحكومة الاتحادية في ألماني إيريس غلايكي أن التجارب السلبية بعد الوحدة الألمانية لعبت دوراً في تواجد مؤيدون أكثر للحكومات المعادية للإسلام والأجانب في شرق ألمانيا.

بعد الوحدة الألمانية حولت غلايكي نشاطها من معارضة لنظام دولة ألمانيا الشرقية سابقا إلى العمل السياسي في ألمانيا الموحدة. إذ أنها تدافع منذ ذلك الحين عن الوحدة الألمانية وعن وحدة جميع مواطنيها. ولذلك فهي تتحدث بصراحة عن تجاربها وعن نفسها دون محاولة للتستر على الأمور بسبب خلفية منصبها الرسمي.

السيدة التي تبلغ من العمر 50 عاما، وتنتمي إلى الحزب الديمقراطي الاشتراكي في ولاية تورنغن أوضحت للرجال في غرب البلاد أيضا أنها تستطيع الجمع بين العمل داخل الأسرة وخارجها. ومن منصبها قامت بتقديم دراسة في برلين تحت عنوان: “ألمانيا 2014 – هل نحن شعب واحد؟ “، حسب مركز DW الإعلامي الالماني.

من خلال تجارب العديد من مواطني شرق ألمانيا بعد الوحدة يمكن شرح سبب وجود عدم ثقة هؤلاء بالسياسة. فمقارنة مع المواطنين في الغرب الألماني يؤيد العديد من مواطني شرق ألمانيا الحركات الاحتجاجية المتمثلة في حرك “بيغيدا” المعادية للإسلام والأجانب أو “حزب البديل من أجل ألمانيا” AfD. وهي تتفهم جيدا مواقف أولئك المواطنين وشعورهم بعدم الاهتمام بهم، مما يشرح قيامهم بشتم المسؤولين. وفي نفس الوقت فإنها لا تريد الاعتذار عن سقوط مواطنين من الشرق الألماني في براثن اليمين المتطرف.

في حديثها أدرجت غلايكي النقاش الأخير بشأن شرعية دولة ألمانيا الشرقية السابقة، كمثال للأسباب التي تؤدي إلى نهج تلك المواقف من طرف المواطنين في الشرق الألماني، مؤكدة أن ألمانيا الشرقية كانت حقا دولة ديكتاتورية. غير أنها أشارت أن هذا الوصف ينطبق على النظام كنظام وليس على المواطنين هناك. من خلال هذه المناقشات يوجد لدى هؤلاء المواطنين ” شعور بالنقص من قيمة سيرتهم الحياتية.” ألا يحق لهم اعتبار، أن أبائهم كانوا ناسا طيبين؟”. تتساءل!.

التغيير الذي طرأ على المجتمع شمل ظروف الحياة أيضا، كما تلاحظ غلايكي. المواطنون في الشرق الألماني يستغربون عندما لا يتناول النقاش العام مثل تلك العناصر بعين الاعتبار. وتشير إلى الفوارق القائمة بين شرق ألمانيا وغربها في مستوى الأجور وفي مستوى المعاشات أو معاشات الأمهات، ملاحظة أن التطبيق الأخير لقانون الحد الأدنى للأجور على صعيد ألمانيا شكل “إشارة مستحقة”.

يضاف إلى ذلك، تلك التجارب التي عاشها مواطنو شرق ألمانيا بعد الوحدة من خلال الشركة الائتمانية التي تجلت مهمتها في نقل المؤسسات الاقتصادية لألمانيا الشرقية من نظام الاقتصاد المركزي المخطط إلى نظام اقتصاد السوق، غير أن تلك الشركة أصبحت خلال التسعينات مرادفا لتحطيم المؤسسات وانهيارها. وحسب رأيها” لم تقم الشركة الائتمانية بأخطاء فقط، بل إنها فقدت أيضا القدرة على تقديم الخدمات.”

نتائج استطلاع الرأي

يشاركها في هذا الموقف باحثون وخبراء من غرب ألمانيا، قاموا بإنجاز الدراسة لحساب المكلفة بقضايا الولايات الشرقية لدى الحكومة الاتحادية. فهم قاموا بمناسبة الذكرى 25 للوحدة الألمانية باستطلاع للرأي عبر الهاتف في الفترة بين شهري سبتمبر وأكتوبر 2014 شمل 2000 شخصا.

أظهرت الدراسة وجود خصوصيات لدى المواطنين في الشرق الألماني يمكن عبرها شرح عدد من الظواهر، مثل المواقف المؤيدة لـ “حزب البديل من أجل ألمانيا” أو حركة “بيغيدا” المعادية للإسلام والأجانب. وأظهرت الدراسة أن المواطنين في الشرق والغرب الألماني يقيّمون ظروف الحياة بنفس الشكل، غير أنهم يختلفون في تحديد مواقعها، كما يقول ريشارد هيلمر من معهد استطلاعات الرأي Infratest dimap. ويوجد لدى المواطنين متوسطي العمر في الشرق الألماني مشاعر قلق عديدة ترتبط بمواضيع التقاعد والأطفال والهجرة والاندماج.

بين التشكك والانتقاد والتحفظ

ومن بين نتائج استطلاع الرأي اعتبر المدير المشرف على الدراسة إيفرهارد هولتمان أن حوالي 75 % من مواطني ألمانيا الغربية لديهم حاليا شعور باعتبار ألمانيا “موطنهم السياسي”، في حين يبلغ مستوى هذا الشعور لدى المواطنين في الشرق الألماني أقل من نسبة 50 بالمائة. كما أن 28 بالمائة من سكان الشرق الألماني يتحفظون على الثقة بالديمقراطية. ويوضح أوسكار ف. غابرييل من جامعة شتوتغارت قائلا: “إن مثل ذلك يشكل أرضية خصبة لقيام حركات اجتماعية”. فالمواطنون هناك كما تستخلص غلايكي ينظرون عامة إلى الأمور بتشكك وانتقاد وتحفظ. ورغم ذلك تؤكد المتحدثة “أن تطور مسار الوحدة الألمانية كان ناجحا. وتوضح الدارسة أنه تم تحقيق الكثير، رغم وجود بعض النقص، كما تلاحظ المكلفة الحكومية. وفي هذا السياق أشارت إلى أن الاقتصاد في الشرق الألماني لم يبلغ بعد مستوى الاقتصاد في الغرب الألماني. وهي تأمل في أن يكون هناك نقاش واسع بشأن مقولة ” نحن الشعب” وهو عنوان الدراسة التي تم إصدارها. وبالنسبة لها فهي تسعى في عملها حتى عام 2019 إلى توحيد قانون التقاعد بين شطري ألمانيا.[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها