وهم الحل السياسي في سوريا
هل هناك حل سياسي ممكن في سورية؟ السياسة هي فن الممكن، كما يقال. لكنها لا يمكن أن تكون كذلك من دون توافر شروطها ومعطياتها. هناك سؤال آخر: هل يمكن أن يكون هناك حل في سورية من دون حل في العراق؟ هذا مستحيل. فصلُ الحالين كان ممكناً بُعيد الاحتلال الأميركي للعراق ومع بدايات الثورة السورية. أما الآن فقد تداخلت وتعقدت علاقة الارتباط الشرطي بين الحالين. إيران هي اللاعب الرئيسي في العراق وسورية. تقاتل في كلا البلدين بأموالها وأسلحتها واستخباراتها وجنرالاتها. الميليشيات التي تقاتل في العراق، خصوصاً الشيعية منها، هي نفسها التي تقاتل في سورية. هدف إيران في كليهما واحد: الإبقاء على حكومة شيعية في العراق، وعلى بشار الأسد العلوي في سورية. ما يعني أن مصلحة إيران في إيجاد حل سياسي في سورية مرتبطة عضوياً بحل سياسي في العراق، والعكس صحيح.
معطيات المشهد تقول أن العرب وأميركا يحاربون – بالنيابة عن إيران – الميليشيات السُنّية في العراق وسورية، ويلتزمون الصمت إزاء الميليشيات الشيعية المنتظمة في الحرب ذاتها بتوجيه وتمويل إيراني. والمدهش أنها حرب مجانية يخوضها العرب والأميركيون لتخليص إيران من ألد أعدائها في المنطقة، ويفعلون ذلك من دون أي مقابل! يتصرف العرب في المشهد من دون استراتيجية يهتدون بها. مثل باراك أوباما هم في حال ارتباك. ينتظمون في ما يسمونه «حرباً على الإرهاب»، لكنهم يخسرون في هذه الحرب، وحتى لو تحقق لهم تدمير هذه الميليشيا، فإيران هي من يقطف ثمار حربهم هذه.
يقترب المشهد من أن يكون سوريالياً. إيران الفارسية بأيديولوجيا شيعية تستخدم ميليشيات عربية شيعية. والدول العربية «السُنّية» تجد نفسها في حرب مع ميليشيات عربية سُنّية تقاتل إيران، من خلال اشتباكها مع الميليشيات الشيعية في كل من العراق وسورية. تُجمِع الدول العربية، خصوصاً السعودية ومصر والإمارات والأردن، على أن الميليشيات السُنّية هي الخطر المباشر عليها. لكنها تفترق في موضوع خطر إيران والميليشيات الشيعية، وهذه مساحة تستفيد منها إيران.
حكومة عراق ما بعد الاحتلال الأميركي – وهي حكومة عربية – تعتمد في بقائها على ميليشيات شيعية، وعلى التحالف مع إيران. حكومة «البعث العربي الاشتراكي» في سورية اضطرت أمام الثورة إلى كشف هويتها الطائفية، وبات بقاؤها هي الأخرى يعتمد على الميليشيات الشيعية والدعم الإيراني. وتكتمل سوريالية المشهد في أنه لا إيران تستطيع فرض خياراتها، ولا الدول العربية قادرة – لأسباب سياسية – على ملء الفراغ الإقليمي ووضع حد للدور الإيراني الذي يتسبب بكل ما تشهده المنطقة من دمار وزلازل.
هناك إذاً جمود استراتيجي مدمر، وما يزيده أن إدارة أوباما المرتبكة مع إيران ومع حلفائها، تبدو أكثر حاجة إلى اتفاق نووي من إيران التي تعاني من الحصار، لذلك تتغاضى عن سلوكها السياسي المدمر في المنطقة، وتقف موقف المتفرج على دمار سورية، وتحارب «داعش» السُنّية في العراق وسورية، وتغض الطرف عن الميليشيات الشيعية في كليهما. تعتبر الإدارة أن السُنّة هم أعداؤها ومصدر الخطر عليها. تتخذ هذا الموقف، مع أن حلفاءها في المنطقة، بعد إسرائيل، دول «سُنّية»! تفصل في شكل غبي مثير للشك بين الوضعين العراقي والسوري، وتبحث عن حل في الأول من خلال الحرب على «داعش»، وتتجاهل أنه حل غير ممكن من دون حل في الثاني. والأدهى أنها تريد هذا الحل في العراق، من دون حل في سورية. بعبارة أخرى، تتجاهل إدارة أوباما أول متطلبات الحل السياسي وأهمها هنا، وهو عامل التوازنات على الأرض؟ لا أحد يعرف كيف تجتمع هذه المتناقضات في رؤوس أقطاب إدارة أوباما؟
أخيراً بدأت هذه الملاحظة تفرض نفسها في الإعلام الأميركي، فهذا ديفيد باتريوس أبرز جنرال أميركي حالياً وكان قائد القوات الأميركية في العراق بين عامي 2007 و2008، يقول في لقاء مطول مع صحيفة «واشنطن بوست» الجمعة أن «الخطر الأول الذي يهدد استقرار العراق على المدى الطويل، ويهدد التوازنات الإقليمية، يتمثل الآن بالميليشيات الشيعية التي تدعم إيران الكثير منها، وتوجه بعضها الآخر».
أما الكاتب الأميركي توماس فريدمان فيتساءل: «لماذا للمرة الثالثة منذ 2011 نقاتل بالأصالة عن إيران؟ في 2002 دمرنا طالبان، عدو إيران الأول في أفغانستان. وفي 2003 دمرنا صدام حسين، عدو إيران الأول في العراق. الآن ما هي مصلحتنا في محاربة آخر الدفاعات (يقصد «داعش») في وجه هيمنة إيران على العراق؟». والحقيقة أن هذا السؤال يوجه أيضاً إلى الدول العربية التي تشارك أيضاً في هذه الحرب على «داعش».
السؤال الحقيقي إذاً: لماذا تريد إيران، والحال كذلك، حلاً سياسياً في العراق أو سورية؟ الحكومة العراقية تحت هيمنتها، وبشار الأسد بات ورقة تفاوضية في يدها! فما الذي يغري طهران بحل سياسي قبل أوانه؟ حتى الآن لا شيء، بل على العكس، إذ يبدو أن كل شيء يغري طهران بتجنب مثل هذا الحل في الظروف الحالية. الاتفاق النووي لا يزال قيد المفاوضات، والعرب لا يزالون خارج التوازنات الإقليمية، والحروب الأهلية العربية في تزايد. وإلى جانب ذلك، انكفاء أميركي مرتبك يتضافر مع حال انقسام وشلل عربيين غير مسبوقة. غياب أو تعذر حل سياسي في سورية هو مصدر مكتسبات إيران.
مع ذلك إيران في مأزق. مكتسباتها ستبقى موقتة، وهي غير قادرة على أن تجعلها مكتسبات نهائية. هي تمارس لعبتها في فراغ إقليمي تسبب به العجز العربي، واستطاعت بإثارة الحمية الطائفية التسلل إلى الإقليم من خلال هذا الفراغ، لكن ليس أكثر من ذلك. الميليشيات السُنّية تسللت إلى المشهد أيضاً من خلال الفراغ نفسه. هنا تبرز مسؤولية الدول العربية، خصوصاً السعودية ومصر، عن التسلل الإيراني أولاً، وتسلل ميليشيات وإرهاب لا يأتمر بإمرتها ثانياً، بل هو معادٍ لها. المحصلة أن إيران – سياسياً – في مواجهة، خصوصاً مع السعودية ودول مجلس التعاون، عدا عُمان. ومصر تتذرع بظروفها الخاصة وحرصها على وحدة سورية للابتعاد وتعميق حال الفراغ.
عند الحديث عن حل سياسي في هذا الإطار لا بد من أن نتذكر أن السلام مثل الحرب تماماً، محكوم بمبدأ التوازنات. فكما أنه لا يمكنك أن تكسب الحرب وموقفك ضعيف في هذه التوازنات، فلا يمكنك أن تكسب السلام وأنت تعاني من الضعف نفسه. الركون إلى خيار الحل السياسي من منطلق أخلاقي ينطوي على سذاجة سياسية. ومثال الصراع العربي – الإسرائيلي خير شاهد. لماذا يبدو هذا الصراع غير قابل للحل؟ لأن شروط الحل ومعطياته ليست متوافرة. أميركا، راعي الطرف الإسرائيلي وما يسمى بـ «عملية السلام»، ليست جادة في ذلك. إسرائيل لا تريد حلاً قبل أوانه وبشروطها هي. الفلسطينيون عاجزون عن فرض حل، وعجز الفلسطينيين انعكاس أمين للعجز العربي. يتجنب العرب خيار الحرب، ويخشون تبعات ومآلات سلام لا يملكون من أمره الشيء الكثير.
تقول هذه التجربة أنه قبل الحل السياسي لا بد من كسر الجمود الاستراتيجي. إذا لم يكن هذا ممكناً مع إسرائيل، وهي تتمتع بغطاء غربي قوي ومتماسك، فكيف يمكن تفسير هذا الجمود مع دولة دينية طائفية لا تحظى بمثل هذا الدعم الخارجي؟ يشير السؤال إلى أن العلّة الرئيسية وراء هذا الجمود هي علّة عربية قبل أن تكون أميركية. وإلا كيف يمكن كسر الجمود مع إيران، وحرب الإرهاب في العراق وسورية موجهة إلى الميليشيات السُنّية حصراً، وفي سورية يستسلم العرب لإصرار واشنطن على ترك المعارضة السورية مكشوفة أمام طائرات وصواريخ النظام؟ بمثل هذه المعطيات، يذكرنا الحديث عن حل سياسي في سورية بمواعظ العرب للفلسطينيين عن الحل ذاته في سبعينات القرن الماضي وثمانيناته، وإلى ماذا انتهت هذه المواعظ بعد مرور أكثر من ثلاثين سنة عليها. وقد وصل الأمر برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إلى أن تنكر أخيراً وعلناً لهذا الحل، وأعلن رفضه فكرة «حل الدولتين» الأميركية. ( خالد الدخيل – الحياة )[ads3]
يا اخي الموضوع صراع قوى اقليمية في المنطقة و لا مؤشرات للحل على المدى المنظور, الحرب ستستمر لسنوات و وقودها هو زينة شباب سوريا…
اذا لا نريد حلا سيسيا و لا مجال لحل عسكري، ما هو الحل اذا؟؟؟!!! انهاء ما يسمى بالشعب السوري؟؟؟ او انتاج دول جديدة ع ارض السوري؟؟؟ ما هو الهدف من التحريض ضد الحل السياسي؟؟؟ ما هو الهدف بالاستمرار النزيف الشعب السوري لزمن اطول و مجهول؟؟؟!!!
يرجى من الاطراف المتنازعة الكف من التجارة بالدم السوري…
والجاجة بدها قمح والقمح بالطاحونه …………ههههههه
الحل في سورية حل سياسي فقط لا غير..ارحموا الناس المقيمين في داخل سورية وفي المخيمات..أنتم تقيمون في الفنادق والخليج ولا يؤثر عليكم أي شيء..فقط تستمرون بالتنظير
مقاله في غاية الأهميه لأنها تحلل الوضع بشكل منطقي دقيق و صريح..و أنا أجيب الكاتب ماذا لو كان حكام العرب متفقين مع إيران و أميركا و إسرائيل و توابعهم على تدمير بلاد العرب السنه ابتداءا بالعراق و انتهاءا بدول الخليج مرورا بسوريه و مصر والمغرب العربي…إن لم يتخذ العرب السنه موقفا دفاعيا موحدا و فعالا فحتما سيصل الدمار لدول الخليج في نهاية المطاف و هنا الطامة الكبرى..
من يظن أن أمريكا تتخبط فهو ساذج ,إن الذي يحدث بالمنطقة هو بالضبط ماخططت له امريكا منذ أن جاءت بالخميني بديلاً عن رجلها القوي شاه ايران,ألم تدمر بعدها افغانستان والعراق وسوريا وتقتل الملايين فيهما وتخرجهم من الصراع مع اسرائيل لعقود طويلة ولاشك أنها تعرف ما ستفعل بهم بعدها ؟؟ ألم تحصل على مئات مليارات الدولارات من دول المنطقة ثمناً للسلاح الذي لم يوجه يوماً على ربيبتها اسرائيل؟؟ ألم تخلق عداء اسلامي اسلامي (سني شيعي) ولد كراهية متبادلة أصبح بعدها السوري يقبل أن يُعالج بإسرائيل لأن السوري الآخر سيذبحه إن تمكن منه ؟أليست اليمن على شفا حرب أهلية (بتخطيط أمريكي ذكي وتنغيذ إيراني أهبل) ؟؟ أليست السعودية مضطرة لصرف مئات المليارات لإسترضاء شعبها خوفاً من الإضطرابات بدلاً من أن تصرف تلك المليارات على التطوير بمختلف أوجهه ؟؟؟ الحقيقة أنه العصر الذهبي لأمريكا وإسرائيل خققته أمريكا بنصرها السري للخميني
لا أعتقد بأنه يوجد شخص سوري واحد ضد الحل السياسي على أسس عادلة ومنصفة ولكن هل تقبل الطايفي الكريمي بأن تخضع لسلطة القانون بعد أن استمرؤا التمرد عليه طيلة 50 عاماً ؟ هل تقبل بأن يخضع جميع المجرمين للمحاكمة والقصاص بغض النظر عن تاريخ ارتكاب الجريمة ؟ هل تقبل بأن يخضع الموظفون العلويون لمفاضلة جديدة عادلة في أماكن توظيفهم ؟ هل تقبل بإحالة الموظفين المرتشين إلى لجان التحقيق المالي ؟ هل تقبل بفتح ملفات استملاك الأراضي التي بنوا عليها مستوطناتهم ؟ هل تقبل بسؤال مهربيهم من أين لك هذا ؟ هل يقبلون بمصادرة أسلحتهم ؟ هل يقبلون بتسريح معظم ضباطهم من الجيش ؟ هل يقبلون بإحالة جميع ضباط وعناصر الأمن بكافة فروعهم إلى المشانق ؟ هل يقبلون بتوزيع المناصب العليا في جميع وزارات الدولة والجيش والشرطة حسب نسبتهم في المجتمع ؟ هل يقبلون بإعادة النظر بمصير سهل الغاب (الذي أصبح بوراً على أيديهم) وبكافة قوانين الإصلاح الزراعي ؟ هل يقبلون بمصاردة أملاك جميع ضباطهم وموظفيهم والتي حصلوا عليها بفسادهم ؟ هل يقبلون… وهل يقبلون… وهل يقبلون ؟ لا أعتقد ذلك لأنهم يريدون حلاً على طريقة (اذهبوا فأنتم الطلقاء) على أن يبقى كل شيء آخر على حاله فهم يدركون تمام الإدراك بأنهم أوغلوا في الدم السوري قتلاً وتنكيلاً طيلة 50 عاماً بالتقسيط منها 5 سنوات قتلاً وتدميراً بالجملة ولو قبلوا إلقاء السلاح والاحتكام لسلطة القانون فسيذهب 80% منهم إلى المشانق و20% إلى السجون . إلى الذين يريدون الحل السلمي بأي شكل وبأي طريقة أقول : لم يكن الثوار على اختلاف فصائلهم وإيدلوجياتهم هم حجر عثرة في طريق إيجاد حل سلمي ولم يكن المنظرون من خارج سوريا هم العقبة ولم تكن أمريكا ولا تركيا ولا أي دولة عربية هي العقبة ولم تكن كذلك روسيا ولا إيران هم العقبة (في بداية الثورة عندما كان النظام بكامل قوته وجبروته) , العقبة الأساسية كانت وما زالت الطايفي الكريمي وواجهتها الأهبل ونظامه فهم من أنشؤوا داعش وهم من أجبروا الناس على حمل السلاح وهم من جلب الإيراني وأذنابه وهم من استدعى الروسي كل هذا فعلوه كي لا يتخلوا عن امتيازاتهم ومكتسباتهم ويخضعون للحساب والمسائلة وسلطة القانون , إلى من يريدون الحل السلمي بأي ثمن عليهم أن يتوجهوا بسؤالهم هذا إلى الطايفي والنظام وأن يلوموهم على إطالة أمد الحرب لأن الثوار وحاضنتهم هم أكثر المتضررين من هذه الحرب وهم الطرف الأضعف إلى الآن ولكن رغم ذلك لايريدون الاستسلام خاصة بعد أن احتلت بلدهم من إيران وهذه تحسب لهم ولاتحسب عليهم .
خربت سوريا من ورا أمثالك يا أبوعمر، إنتا لو تستلم السلطة لتسوي أضرب من العلوية يا أبوعمر الحقود الدكتاتوري.