اتساع هوة الخلاف بين أردوغان وحكومته على خلفية السلام مع الأكراد
اتسعت الاثنين هوة الخلاف بين الرئيس التركي رجب طيب اردوغان وحكومته حول عملية السلام مع المتمردين الاكراد.
وفي دليل على تزايد التوتر في اعلى هرم السلطة التركية، طلب نائب رئيس الوزراء بولند ارينتش من اردوغان في نهاية الاسبوع التوقف عن التدخل واطلاق التصريحات “الانفعالية” بخصوص جهوده لانهاء التمرد المستمر منذ ثلاثة عقود في جنوب شرق البلاد.
لكن اردوغان الذي يبدو في موقع قوي جدا منذ انتخابه رئيسا للدولة السنة الماضية بعد 11 عاما امضاها كرئيس للحكومة، رد الاثنين في خطاب متلفز مؤكدا ان الحكومة لن تقوم باي خطوة اضافية على طريق السلام مع المتمردين الاكراد ما دام لم يلق حزب العمال الكردستاني السلاح فعليا.
وقال اردوغان في خطاب القاه امام مسؤولين محليين ان “عملية السلام بدأت ووصلت الى المرحلة الحالية في ظل مسؤوليتي. انه من حقي وواجبي ان اعبر عن رأيي”، وفق وكالة فرانس برس.
واضاف “ان السلام ليس ممكنا تحت تهديد السلاح (…) لا يمكننا التقدم في بيئة تنكث فيه الوعود باستمرار الا اذا اتخذت قرارات ملموسة”.
وقد دعا عبدالله اوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني المسجون السبت في رسالة تليت لمناسبة عيد رأس السنة الكردية (النوروز)، حركته الى عقد مؤتمر من اجل انهاء تمردها على السلطات التركية والذي خلف 40 الف قتيل منذ 1984.
وكان اوجلان الذي يمضي عقوبة السجن مدى الحياة اطلق نداء مماثلا في 28 شباط/فبراير الماضي فيما استؤنفت محادثات السلام التي بدأت في خريف العام 2012.
وفي وقت لاحق دعا رئيس بلدية انقرة مليح جوكتشك المقرب من الرئيس التركي، ارينتش الى الاستقالة متهما اياه بمحاولة تقويض حزب العدالة والتنمية الذي شارك في تأسيسه مع اردوغان من الداخل.
وفي سلسلة تغريدات اتهم نائب رئيس الوزراء بانه اداة بيد “الدولة الموازية” في اشارة الى حركة غولن نسبة الى الداعية فتح الله غولن الذي كان سابقا من اقرب حلفاء الحكومة الاسلامية المحافظة قبل ان يتهمه اردوغان بالسعي الى الاطاحة به.
وكتب رئيس بلدية انقرة “كنت اتساءل على الدوام كيف سيهاجموننا، ويجب ان اعترف انني لم اكن اتوقع مثل هذه الضربة” مضيفا “لقد ارادوا ضربنا من الداخل”.
وسبق ان حصل توتر بين ارينتش وهو ايضا المتحدث الرسمي باسم الحكومة، مع اردوغان في وقت سابق هذا الشهر حين ابلغه بان “لا يحق له” تهديد البنك المركزي بسبب تردده في خفض معدلات الفوائد.
وياتي هذا الخلاف قبل الانتخابات التشريعية المرتقبة في 7 حزيران/يونيو والتي يعتبرها اردوغان حاسمة من اجل اعادة صياغة الدستور.
وفي الاشهر الاخيرة دفع اردوغان في اتجاه سلام مع الاكراد على امل ضم الاصوات الكردية والحصول اثناء الانتخابات التشريعية المرتقبة في السابع من حزيران/يونيو المقبل على غالبية ثلثي النواب الضرورية لاجراء تعديل للدستور يعزز صلاحياته كرئيس للدولة.
ولكن مع اقتراب موعد الاقتراع، اضطر الى تشديد خطابه كي لا يفقد اصوات الناخبين القوميين مجازفا بمعارضة حكومته. وفي الايام الاخيرة انتقد علنا ادارة الملف الكردي مشيرا الى وجود توتر حاد داخل السلطة التنفيذية.
ومصدر الخلاف خطة الحكومة تشكيل لجنة مراقبة للاشراف على عملية انهاء النزاع المستمر منذ عقود مع حزب العمال الكردستاني.
وقد تولى اردوغان شخصيا الاشراف على عملية السلام عبر رئيس الاستخبارات التركية حقان فيدان. لكن قال انه لم يبلغ بامر اللجنة.
وفيدان الذي يعتبره اردوغان “كاتم اسراره” استقال من منصبه في شباط/فبراير لدخول معترك السياسة بتشجيع كما يبدو من رئيس الوزراء احمد داود اوغلو لكنه اضطر للتراجع عن قراره حين فاجأ الرئيس المراقبين بمطالبته بالبقاء.
وعبر اردوغان ايضا عن استيائه من ظهور علني مشترك بين نائب مؤيد للاكراد ووزير حكومي في 28 شباط/فبراير.
وعقد اجتماع في قصر دولمابهتشي — مكتب رئيس الوزراء في اسطنبول – في 28 شباط/فبراير بين نائب رئيس الوزراء يلتشين اكدوغان ونواب موالين للاكراد.
وتلا سيري سوريا اوندير، النائب عن حزب الشعب الديموقراطي الموالي للاكراد، رسالة في الاجتماع وجهها زعيم حزب العمال الكردستاني المسجون عبد الله اوجلان يدعو فيها الحزب الى القاء السلاح.
وقال اردوغان في تعليقات نشرت في نهاية الاسبوع “لا اجد الاجتماع الذي جرى هناك صائبا. ولا اعتقد ان صورة نائب رئيس الوزراء وهو يقف جنبا الى جنب مع حزب يشغل حاليا مقاعد في البرلمان، امر مناسب”.
ويرى مراقبون مؤيدون للحكومة الخلاف على انه اشارة الى تصدع في صفوف الحزب الحاكم.
وكتب عبد القادر سلفي من صحيفة “يني شفق” ان “حزب العدالة والتنمية كان يحظى بسحر ما. كانت الجماهير تفضل الحزب لانها ترى فيه رمزا للاستقرار. لكن هذا السحر يتلاشى”.[ads3]