رواية ” ناشط أجنبي ” لأدق التفاصيل .. تعرف على ” سوريا السويسرية ” كما يراها إعلام المقاومة و الممانعة

صدمة أصابت ناشطاً غربياً دخل إلى سورية في الأسابيع الماضية، حيث كان يتصوَّر أنَّ الأزمة فيها قضت على كل مظاهر الحياة.

كان يعتقد أنَّ المناطق خالية والشوارع تفتقد إلى السيارات، والأحياء تحنّ إلى أصوات المواطنين الفارين إلى خارج الحدود، اعتقد هذا الناشط أنَّ ما بثَّته وسائل الاعلام في السنوات الماضية يعكس الوقائع السورية.

عندما دخلَ عبر الحدود اللبنانية، كان يتدرّج بالتعبير عن صدمته الإيجابية، في معبر جديدة يابوس، حيث المعاملات الأمنيَّة السريعة والتدقيق بالأوراق الثبوتية يعبر عن طبيعية الإجراءات التي تجري عادة في مختلف العواصم. استثنائية الأزمة فرضت تدابير لم يلحظها الزائر، ما جعله يكرّر الشكر للعاملين في الأمن العام السوري، وإلى الجمارك حيث تفتيش لا يلغي السرعة والدقة.

على الطريق من جديدة يابوس باتجاه دمشق، كان يرصد الناشط الغربي كل التفاصيل.

صمت لبعض الوقت ظناً منه أن سيسمع تسابق أصوات النار، لكن عينه غلبت حاسة السمع. على جوانب الطريق فرق النظافة التابعة للمحافظة تقوم بعملها في جمع أوراق الأشجار المتناثرة بعيداً عن بعضها البعض. قال الزائر : مهلاً .. ما هذا؟! أين نحن؟ لا تزال فرق النظافة تعمل في الحرب؟!!!

ردّ السائق بابتسامة الفخور بنشاطات البلدية تؤكّد من جهة تعايش السوريين مع الأزمة، ومن جهة ثانية رغبتهم بتحدي ما يُفرض عليهم.

مضى الناشط مستغرقاً في المشاهدة، وسأل عن المسافة المتبقيّة بعد أن مرَّ بحواجز متتالية تقوم بمهام التدقيق والتفتيش بكل احترام.

لفته الحوار بين السائق ورجال الأمن الذين كانوا قد ألقوا القبض على مُهرَب مواد ممنوعة، ورصد حَزْم عناصر الأمن إلى جانب ابتساماتهم الدائمة. كان يعتقد أنَّ القلق يساور السوريين عسكريين وأمنيين ومواطنين. في طريقه شاهد فرق الأشغال وصيانة الطرق تقوم بمهام طبيعية.

بدأ يتفهم ما يقوله السوريون عن صمودهم. هو لمس ذلك تدريجياً. زحمة السير على طرق العاصمة و المحال المفتوحة والفنادق التي تستقبل روادها بنفس مستوى الأسعار المتعارف عليها في عواصم المنطقة العربية. لا فرق نسبياً بين بيروت ودمشق في اسعار الفنادق.

الفرق طبعا قائم بأسعار السلع ووسائل الحياة. قد يئن المرء في لبنان من سوء إرسال وخدمة الشركات الخلوية، لكن في سوريا لم يشكو الناشط نفسه من أزمة الخلوي. تطالعك شعارات “سيرياتيل” الوطنية على طول الطريق. تثبت الشركة صدقيتها قولاً وفعلاً. بقيت في الصدارة تواكب الحداثة وتلبي طلبات الجمهور وتقدّم العروضات التي تراعي الازمة السورية. الاتصالات في سوريا الاقل كلفة نسبياً.

ذاك وجه من وجوه الثقة والقدرة التي ساهمت في الصمود السوري. في الفندق نقاش بكل اتجاه سياسي و اجتماعي محور اجتماعات متعددة. وفي جانب آخر يرصد الناشط احياء سهرات فنية وازدياد رواد المقاهي والمطاعم. يشكو السوريون من أوضاع اقتصادية صعبة فرضتها الازمة، لكنهم يختارون الصمود امام الارهاب مهما يكن.

هذا ما لمسه الناشط الأجنبي خلال جولته. تنقل الناشط بين المناطق. سافر براً الى حمص وحماه وحلب واللاذقية وطرطوس، خطط للذهاب جواً الى القامشلي. زار السويداء ودرعا. اكتشف ان الثقل السكاني هو في تلك المناطق الخاضعة لسلطة الدولة. صوّر شرطة السير في الشوارع، وكيفية التزام الناس بقوانين السير تحت طائلة محاضر الضبط الحاضرة عند كل مخالفة. يتحدث الناشط المذكور عن اهل حلب التواقين الى عودة لعب دور الصناعيين الأوائل على مستوى الشرق.

ما إن تحررت المنطقة الصناعية في المدينة حتى سارع اهل حلب الى فتح ما يقارب 600 معمل ومصنع من اصل 800. يرى الزائر في الخطوة دليلا على تحدي الازمة وتجاوز مطباتها.

في الساحل سمع الناشط ان معدل تصدير الحمضيات الى الخارج وصل الى 500 مليون طن في السنة الماضية. اي بازدياد عن معدل السنوات الماضية. في حمص رصد الحياة الطبيعية، وفي السويداء إصرار على تجاوز الازمة وفي درعا “امل كبير في دحر الإرهابيين وعودة الضالين الى صوابهم الوطني”

اثناء وجوده في الشام سمع الزائر الأجنبي عن انشقاقات في صفوف المسلحين وانضمام الى لجان الدفاع الوطني. بعد أيام تغيرت الصورة التي فرضها الاعلام في مخيلته قبل ان يصل الى سوريا. في الليلة الاخيرة من زيارته لبى دعوة أحدهم الى العشاء في منطقة تقع على تماس مع جوبر.

لم يتأخر عن تلبية الدعوة، لكنه أسرّ لمحدثيه أنه كان سيتردد في تلبيتها لو جاءت في الليلة الاولى من زيارته، لكن من يطلع على أوضاع سوريا تتغير حساباته الى حد التأكد ان مسار الازمة يتدرج نزولاً. ويتقاطع في تأكيده مع ما يتذكره السوريون عن تهديدات المسلحين سابقا باجتياح العاصمة مثلاً، وتركيب السيناريوهات والفبركات حول أعمدة الدولة السورية سياسيين واقتصاديين. كل من صمد حينها له الفضل في بقاء سوريا. هذه حصيلة كلام الناشط الأجنبي العائد الى بلاده هذه المرة مع الحقيقة السورية على وقع أصداء تصريحات أميركية وصلت الى حد إقرار وزير الخارجية جون كيري بوجوب التفاوض مع الرئيس بشار الأسد، بعدما جرب الغرب الإطاحة بسوريا طيلة أربع سنوات مضت.

عباس ضاهر – عربي برس ( حزب الله )[ads3]