” الكردستاني ” و نظام الأسد : حكاية خصام و وئام على وقع أحلام المؤسس
علاقة حزب العمال الكردستاني (PKK)، بزعامة عبدالله أوجلان بالنظام السوري، تعود إلى مطلع الثمانينات من القرن الماضي. وحتى قبل مغادرة أوجلان سورية، في 10 – 10 – 1998، كان نظام الأسد الأب، ينفي تماماً أيّة علاقة له بالكردستاني، وينفي وجود زعيمه ومعسكراته على الأراضي السورية، على رغم أنه بعد إغلاق معسكر الحزب في سهل البقاع اللبناني سنة 1992، فتح النظام السوري ثلاثة معسكرات للكردستاني في ريف دمشق (صحنايا، شبعا، النشّابيّة)، تدرّب فيها عشرات الآلاف من المقاتلين والمقاتلات، تحت حماية المخابرات السوريّة ورقابتها، شأنها شأن معسكرات الفصائل الفلسطينيّة المسلّحة ومعسكرات «حزب الله» اللبناني على الأراضي السورية الخاضعة للحماية والرقابة الأمنيّة السوريّة.
الآن، انقلبت الآية، وصار النظام السوري، يعترف بتقديم الدعم للعمال الكردستاني، متمثلاً بفرعه السوري (حزب الاتحاد الديموقراطي – PYD)، مهدداً بإبراز الأدلّة على ذلك. بينما الكردستاني، واستطالاته السوريّة، هي التي تنفي الآن أيّة علاقة لها بنظام الأسد. وإلى جانب هذا النفي، يزعم الفرع السوري للكردستاني، أنه جزء من المعارضة السوريّة، وأنه مع تغيير النظام، بل ينفي أن يكون فرعاً للعمال الكردستاني في سورية، متحججاً بأن العلاقة بينه (حزب PYD) وبين العمال الكردستاني (PKK) إنما هي محض علاقة أيديولوجيّة، لجهة اعتبار أوجلان القائد الأيديولوجي الملهم والمنظّر والفيلسوف… الذي يستلهمان منه مشاريعهما السياسيّة والتنظيميّة. والسؤال هنا: ما هي حقيقة علاقة الكردستاني بالنظام السوري؟ وما هي حقيقة تبعيّة حزب الاتحاد الديموقراطي (PYD) للعمال الكردستاني؟ وانعكاس ذلك على الكرد السوريين وعلاقتهم بالثورة السوريّة؟
البداية
أسس عبدالله أوجلان حزب العمال الكردستاني في 28 – 11 – 1978، ودخل الأراضي السوريّة، نهاية 1979، مستفيداً من الوضع المأزوم في سورية، نتيجة اندلاع الصراع بين جماعة «الإخوان المسلمين» والنظام السوري، عقب حادثة مدرسة المدفعيّة في حلب، صيف 1979. اتصل ببعض الفصائل الفلسطينيّة، كالجبهة الشعبيّة (جورج حبش) والجبهة الديمـــوقراطية (نايف حواتمة)، ونجح بتــدريب بعض عناصره على استخدام السلاح في معسكرات الفلسطينيين. وعـــبر هذه الفصائل، بدأت علاقة أوجلان بالنظـــام السوري. لم يول النظام أية أهميّة للكــردستاني، في بداية الأمر، ولم يضغط عليه أيضاً، باعتباره فصيلاً معارضاً لتركيا التي كانت على علاقة سيئة مع النظام السوري وقتذاك، لأسباب عدة. عقد الكردستاني «كونفرانسه» الأول سنة 1981 على الأراضي السوريّة. ولفت الحزب الأنظار إليه، إبان الاجتياح العسكري الإسرائيلي لبنان سنة 1982، حيث أبدى عناصره مقــاومة شرسة في «قلعة الشقيف»، على رغم أن الإسرائيليين وصلوا إلى قلب بيروت. في تلك المقاومة، فقد نحو 10 عناصر من الكردستاني، وجرح وأسر الكثيرون منهم، أطلق سراحهم في ما بعد، مع الأسرى الفلسطينيين، في صفقة إخراج منظمة التحريرالفلسطينية من لبنان إلى تونس.
وقتذاك، انتبه النظام السوري إلى أهميّة إفساح المجال أمام الكردستاني، واستثماره. ولم يمانع الأسد استيلاء الكردستاني على أحد معسكرات الفلسطينيين في منطقة بر الياس في سهل البقاع اللبناني، بعد أن هرب أصحابه منه، نتيجة الغزو الإسرائيلي.
سنة 1982، عقد الكردستاني مؤتمره الثاني، داخل الأراضي السوريّة، متخذاً قرار التحضير للكفاح المسلّح ضد تركيا، بهدف تشكيل دولة كردستانية موحدة، يحكمها نظام اشتراكي. وعليه، كانت عقيدة الكردستاني خليطاً من التطرّف القومي الكردي، (طرح شعار تحرير كردستان الكبرى) والتطرّف اليساري (النظر إلى كل الأحزاب الشيوعيّة واليساريّة على أنها منحرفة، والكردستاني وحده يحمل لواء الاشتراكيّة العلميّة).
خزّان بشري
خلال الثمانينات والتسعينات، نجح الكردستاني، تحت سمع النظام السوري وبصره، في استقطاب عشرات الآلاف من الشباب والفتيات الكرد ضمن صفوفه كمقاتلين، وزجّ بهم في حرب ضروس ضد تركيا، بدأها في 15 – 8 – 1984. كما نجح في إلهاء – إقناع، مئات الألوف من الكرد السوريين بأن مشكلتهم في سورية، مرهونة بحل القضيّة الكرديّة في تركيا، وأن نظام الأسد الأب، هو صديق الشعب الكردي، كونه يدعم العمال الكردستاني عبر توفير المأوى والملاذ لزعيمه ومقاتليه ومعالجة جرحاه على الأراضي السوريّة. وسنة 1996، وفي حوار مطوّل أجراه الصحافي السوري نبيل ملحم مع أوجلان، صدر في كتاب بعنوان «قائد وشعب: سبعة أيّام مع آبو (الاسم الحركي لأوجلان)»، نفى فيه الأخير «وجود كردستان في سورية، ونفى وجود معضلة كردية في سورية». ذاكراً أن «غالبية الكرد السوريين عبارة عن مهاجرين، هربوا من ظلم الحكومات التركيّة وبطشها إلى سورية». وأن الكردستاني، يحاول «إعادتهم إلى موطنهم الأصلي. والحكومة السورية راضية عن ذلك».
أثار التصريح بلبلة كبيرة في الأوساط الموالية والمعارضة للعمال الكردستاني في سورية. فاضطر أوجلان إلى إرسال رسالة عبر تسجيل صوتي، ينتقد فيها في شكل حاد، الانتقادات التي وجّهت له، واصفاً أصحابها بـ «ذوي عقول الفئران الذين لا يفهمون ولا يدركون الفارق بين الاستراتيجيّة والتكتيك»، في إشارة منه إلى أن التصريح هو تكتيك وليس استراتيجيّة الحزب. فخفف التسجيل الصوتي من حالة التذمّر والحرج التي كانت موجودة بين الجماهير الموالية للكردستاني في سورية.
سنة 1997، بدأ النظام السوري يطرح على الكردستاني بعض المشاريع السياسيّة، ظاهرها مصلحة الحزب وتعزيز دوره التنظيمي بين الكرد السوريين، وباطنها وضع هذه الكتلة الكرديّة تحت السيطرة الأمنيّة. وأبرز تلك المشاريع، تأسيس حزب كردي، شبه رسمي، موال للنظام، باسم التجمّع الديموقراطي الكردي السوري، بقيادة رجل المخابرات السياسيّة السوريّة، مروان زركي، (المتحدّر من أصول كرديّة) ويعاونه في قيادة الحزب، بعض الكرد السوريين المقرّبين من أوجلان، كعمر أوسي (عضو البرلمان السوري الحالي). وقتذاك، كان صالح مسلم (رئيس حزب الاتحاد الديموقراطي حالياً) عضو المكتب السياسي لحزب التجمع الكردي الذي أعلن عن نفسه في شكل رسمي في 10 – 12 – 1998، أي بعد خروج أوجلان من سورية بشهرين.
بعد اختطافه من العاصمة الكينيّة نيروبي في 15- 2 – 1999، ومحاكمته، طرح أوجلان مبادرة الحل السلمي، مطالباً حزبه بإعلان هدنة، وسحب المقاتلين خارج الأراضي التركية. هذه القرارات المفاجئة، صدمت النظام السوري الذي كان المستفيد الأبرز من استمرار الحرب الكردية – التركية، كونها تستنزف الطرفين معاً. حاول النظام الضغط بشتى الوسائل على الكردستاني كي يعدل عن تبنّي مشروع وأطروحات أوجلان، لكنه فشل في ذلك. لذا، لجأ إلى البحث عن منافذ لتطبيع الأوضاع والعلاقات مع تركيا، حتى قبل وصول حزب العدالة والتنمية الإسلامي إلى السلطة سنة 2002، بالتالي، بدأ نظام الأسد الابن بزيادة الضغوط على الكردستاني، وإغلاق معسكراته الثلاثة في دمشق، واعتقال عضو اللجنة المركزية للكردستاني، (خبات آمد، مسؤول التنظيم في سورية وقتذاك. يقضي حاليّاً عقوبة المؤبد في السجون التركيّة)، ومعاونه (صلاح الدين)، أثناء اجتماع مع المخابرات الجويّة، وتسليمهما للسلطات التركيّة ووضع اليد على كل الممتلكات العقارية التابعة للكردستاني في سورية واعتقال العشرات من عناصره وتسليمهم للأتراك. وعليه، اتجه النظام السوري إلى التنفيذ الفعلي والعملي لاتفاقية أضنا الأمنيّة التي وقعها عن الجانب السوري، اللواء عدنان بدر حسن، رئيس شعبة المخابرات السياسيّة، مع الأتراك مطلع شهر تشرين الأول (أكتوبر) 1998.
حزب الاتحاد الديموقراطي (PYD)
بعد اختطاف أوجلان واعتقاله، حدث تماس مباشر بينه وبين السلطات التركيّة. ووفق كتب أوجلان الصادرة من السجن، تواصلت السلطات التركيّة معه وطلب منه تهيئة الأجواء لحل القضيّة الكرديّة داخليّاً. وقتذاك، كان بولاند آجاويد (1925 – 2006) على رأس حكومة ائتلافيّة تضمّ حزب اليسار الديموقراطي وحزب الحركة القوميّة (المتطرّف) بزعامة دولت باخشلي. طالب أوجلان حزبه، بإعلان هدنة طويلة الأمد، وسحب المقاتلين خارج الحدود. وحل الحزب، وتشكيل أربعة أحزاب كردية تابعة للعمال الكردستاني. فاستجاب الحزب وقيادته في جبال قنديل، لكل مطالب أوجلان، وأعلن عن حلّ نفسه، وتغيير اسمه إلى مؤتمر الحرية والديموقراطيّة الكردستاني (KADEK)، ثم غيّر اسمه إلى اتحاد الجمعيات الكردستانيّة (KKK)، ثم إلى منظومة المجتمع الكردستاني (KCK). وفي هذه الفترة، وتنفيذاً لأوامر أوجلان، سنة 2002 تأسس حزب الحل الديموقراطي الكردستاني (PÇDK)، فرع العمال الكردستاني في العراق، وسنة 2004 تأسس حزب الحياة الحرة الكردستاني (PJAK) فرع العمال الكردستاني في إيران، وسنة 2003 تأسس حزب الاتحاد الديموقراطي (PYD)، فرع الكردستاني في سورية. وكل المؤتمرات التأسيسيّة لهذه الأحزاب الثلاثة، جرت في معاقل العمال الكردستاني، في جبال قنديل.
من 2003 ولغاية 2011، قبل اندلاع الثورة السوريّة، تعرّض حزب (PYD) لحملة قمع وملاحقة أمنيّة سوريّة شرسة استهدفت عناصره وقياداته، أسفرت عن اعتقال نحو 1400 شخص، وفق تسريبات الصحافة التركيّة، باعتبار ذلك ثمرة التنسيق الأمني السوري – التركي وقتذاك. كما تم اعتقال عائشة أفندي، زوجة رئيس الحزب صالح مسلم الذي هرب إلى معسكر تابع للحزب، تحت سيطرة الكردستاني، موجود في كردستان العراق. كما لقي كثرٌ من عناصر (PYD) مصرعهم تحت التعذيب الوحشي في السجون السورية.
وحين اندلعت الثورة التونسيّة، سعى العمال الكردستاني إلى استثمار الأوضاع لمصلحته، ورحّب بمرحلة التغيير التي كانت تشهدها المنطقة، وصار إعلام الحزب، يسعى إلى التحريض على التظاهرات في سورية عبر التركيز على البرامج التي تستضيف معارضين سوريين معروفين، كعبدالزراق عيد، وهيثم منّاع، وفايز سارة، وحسن عبدالعظيم، وياسين الحاج صالح… وأصبحت قناة «روج تي في» التابعة للكردستاني، بتصرف المعارضة السوريّة، ما أعطى مؤشرات كبيرة إلى أن الحزب مستعد للانخراط في أي عمل انتفاضي ثوري مناهض لنظام الأسد. ومع اندلاع الثورة السورية في 15 – 3 – 2011، زاد الكردستاني من خطابه الإعلامي الداعم للثورة، ومن حجم تغطيته للأحداث الجارية في سورية. وهنا، بدأ القصف المدفعي الإيراني يشتدّ على معاقل الكردستاني في جبال قنديل، المتاخمة للحدود الإيرانيّة. ومع اشتداد القصف، وبالتزامن مع الرسائل والأوامر التي تصدر من أوجلان في سجنه في جزيرة إيمرالي، بدأ الخطاب الإعلامي والسياسي للعمال الكردستاني، وفرعه السوري حزب (PYD) بالتراجع، والتشكيك في الثورة السوريّة، وإيراد حجج مبررات بدأت من التعريفات التقليديّة لمفهوم الثورة، وضرورة وجود حزب ثوري طليعي، وزعيم ثوري (القائد الأيديولوجي المنظّر)، وسرعان ما اتسعت دائرة الحجج الهادفة إلى التشكيك في الثورة، وصولاً إلى الطعن فيها، و «شيطنتها» في أعين الكرد وأذهانهم، والقول: لماذا تخرج التظاهرات من المساجد؟ لماذا أسماء الجمع إسلاميّة؟ لماذا يتم ترديد التكبير والهتافات الإسلاميّة؟ لماذا «الإخوان المسلمون» مسيطرون على المعارضة؟
انسحاب جزئي
في صيف 2012، كي يجنّب نظام الأسد نفسه التصادم مع الكرد السوريين، انسحب من المناطق الكرديّة، شمال شرقي سورية، في شكل جزئي، وسلّم إدارتها لحزب العمال الكردستاني وفرعه السوري (PYD). وصف الأخير هذه العمليّة بـ «التحرير»، و «الثورة» وأنه «طرد» قوات الأسد من هذه المناطق. وطبقاً لمعطيات وجود قوات الأمن والجيش السوري في القامشلي والحسكة، وانتهاء أي ملمح معارض لنظام الأسد، وإمساك الكردستاني بخناق المنطقة بيد من حديد، يرى كثيرون أن النظام السوري ما زال محافظاً على قوّته في المناطق الكرديّة، بل هو أكثر قوّة مما هي الحال عليه في حلب، دمشق، اللاذقية، حمص ودرعا.
وكمكافأة على الجهود السالفة الذكر التي بذلها الكردستاني، وصبّت في طاحونة نظام الأسد، غضّ الأخير الطرف عن إعلان حزب (PYD) ما أسماه «الإدارة الذاتية الديموقراطية» في «روج آفا»، وأشرك فيها بعض الأحزاب الكرديّة الصغيرة، الباحثة عن دور هامشي لها، إلى جانب إشراك بعض الشخصيات العربيّة والسريانيّة الموالية لنظام الأسد، في هذه الإدارة. وتحاشياً لإثارة غضب النظام السوري، توقّف حزب (PYD) عن استخدام عبارة «كردستان سورية» أو «غرب كردستان» في بياناته الرسميّة، وفي تعاملات سلطته «الإدارة الذاتية الديموقراطيّة»، واختلق اسم «روج آفا» وأطلقه على المناطق الكرديّة السوريّة، وكرّس هذا الاسم بين الناس. وهذه التسمية، هي كلمة كردية معناها «الغرب»، ولا تعطي أيّة دلالة قوميّة أو ثقافيّة، يمكن من خلالها تحديد هويّة المكان.
وعلى رغم اعتراف الأسد بتقديم الدعم للعمال الكردستاني وفرعه السوري، إلّا أن الأخير ينفي ذلك في شكل مطلق، متهماً النظام بأنه يحاول استثمار انتصارات المقاتلين الكرد على تنظيم «داعش» في كوباني، لمصلحته.
أوامر أوجلان
بالعودة إلى مطلع الثورة السوريّة، وقياس ما جرى خلال هذه السنوات، بما طالب به زعيم الكردستاني أوجلان من سجنه، يتبيّن أن كل مجريات العلاقة بين الكردستاني ونظام الأسد، جرت وفق تسلسل وترتيب منسجمين تماماً مع تعليمات أوجلان وأوامره، إذ صرح زعيم الكردستاني أثناء لقائه محاميه يوم 6 – 4 – 2011 قائلاً: «على الأسد أن يلتقي بالتنظيمات الكردية، فهنالك حزب الاتحاد الديموقراطي (PYD)، فإذا أجرت سورية الأسد إصلاحات ديموقراطية، فإننا سندعمها، إذ يمكن الاعتراف بالحقوق الثقافية والإدارة الذاتية، ضمن هذه الإصلاحات، فمثلاً يمكن تدوير البلديات، ويمكن فتح المجال أمام الأكراد ليديروا شؤونهم بأنفسهم، ويتم الاعتراف بهويتهم، فهم إن فعلوا ذلك، سندعمهم (…) فإن آل الأسد يعرفون نمط مقاربتي من القضيّة».
ويُشار إلى أن نظام الأسد، لم يعترف حتى الآن بهذه الإدارة التي أعلنها حزب (PYD).
وفي 13 – 4 – 2011، قال أوجلان: «يجب أن يلتقي الأسد مع PYD كممثل رسمي وسياسي وليس مع العشائر (في إشارة منه إلى ممثلي العشائر الكردية وقتذاك). ويجب الحديث معهم من أجل الحل والتفاهم. وإذا قبلت سورية هذه المطالب فسيتم إعطاء الأسد الدعم (…) وإذا تحرّكت الدولة على العكس من ذلك، وقامت بخطوات موقتة واتخذت منهجاً سياسياً مماطلاً، فإن الشعب الكردي بقيادة PYD سيناضل إلى جانب المعارضة العربية على قاعدة الإدارة الذاتية الديموقراطية».
وقال في لقائه محاميه يوم 4 – 5 – 2011: «هل ينضم الكرد أيضاً إلى الاحتجاجات وكيف؟ يمكن أن تكون هنالك أرضية للمفاوضات. يجب أن يقولوا للأسد ما يأتي: «إذا جاءت منظمة الإخوان المسلمين إلى السلطة، فستقوم بالمذابح ضدنا (يقصد الكرد والعلويين)، لهذا السبب، فإننا سنبني وحدات دفاعنا الذاتي الشعبي. يمكن أن يتفاوضوا ويصلوا إلى حل مع الأسد على أساس ديموقراطي».
قلق وشكوك
السنوات السبع (2003 – 2010) من القمع والاضطهاد الذي تعرّض له حزب (PYD) من جانب النظام السوري، وضعت هذا الحزب في صدارة الأحزاب المعارضة لنظام الأسد. وغطت هذه السنوات على كل سنوات التحالف بين العمال الكردستاني والنظام السوري (1980 – 1998)، قبل إبرام اتفاق أضنا الأمني بين أنقرة ودمشق. فهذان العقدان من الوئام والتحالف، كانا على حساب كرد سورية وقضيتهم. وبالتالي، الكتلة الجماهيريّة الموالية لحزب (PYD) حالياً، في الأصل تابعة للعمال الكردستاني، وينظر إليها الأخير على أنها من ممتلكاته. وما زالت هذه الكتلة، تمتلك ميولاً معارضة للنظام السوري، غير معلن عنها. لذا، لا يثق نظام الأسد بأن يتولّى قيادة هذه الكتلة، كردي سوري، بل يفضّل أن يقودها كردي تركي من العمال الكردستاني. وهذا ما هو حاصل الآن في المناطق الكرديّة السوريّة، إذ يدير الأمور، من وراء الكواليس قيادي تركي من العمال الكردستاني، وحزب الاتحاد الديموقراطي والإدارة الذاتية التي أعلنها الحزب، هي واجهة ومجرّد ديكور، لا يمتلك حريّة اتخاذ القرار من دون الرجوع إلى مندوب أو «المفوّض السامي» التابع لقيادة الكردستاني في سورية.
والسؤال هنا: في حال وصول العمال الكردستاني إلى تسوية نهائية مع أنقرة، سيكون مجبراً على فكّ ارتباطه مع محور طهران – دمشق، فماذا سيكون مصير فرعه السوري؟ هل سيعيد تموضعه مع المعارضة السوريّة، بعد فوات الأوان؟ أم سيبقى رابطاً مصيره بمصير نظام الأسد؟
هوشنك أوسي – الحياة[ads3]