المسلمون في بافاريا يؤكدون أنهم جزء من نسيج المجتمع
يهتم المركز الإسلامي في ميونيخ بالحوار مع شخصيات سياسية بافارية نافذة من أجل بناء جدار من الثقة بين المسلمين والبافاريين، والعمل على بث الطمأنينة في قلوب الألمان المتشككين والمتخوفين من الإسلام، والأهم هو طرح مشاكل الأقلية المسلمة وتخوفها من الانعزال والتقوقع أمام تيارات اليمين المتطرف المتصاعد في المجتمع مثل حركة “بيغيدا”.
السياسي الألماني المعروف بيتر غاوفَيْلَرمن أهم السياسيين البافاريين، الذين دأبوا علي زيارة المركز الإسلامي في ميونيخ والاجتماع مع الجالية المسلمة. فهو من المناصرين والمؤيدين لإجراء حوار فعال للعمل معا على مواجهة المشاكل والتحديات التي تهز الثقة بين الطرفين.
ويقول أحمد خليفة مدير المركز الإسلامي في ميونيخ في تصريحات خاصة لـ DW عربية: “إننا أيضا نحرص علي الحوار مع كافة السياسيين البافاريين والسيد غاوفَيْلَركان من أكثر السياسيين الذين زاروا المركز الإسلامي منذ أعوام الثمانينات وحتي الآن ” ، بحسب ما اوردت دويتشيه فيله الألمانية.
وأكد خليفة أنه كان هناك حوار بين الطرفين منذ مدة طويلة، لكنه توقف في أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2001، واستمر متوقفا حتي سنة 2003، ثم عاد تدريجيا بعد ذلك. وفي السنوات الأخيرة توسع الحوار، ويزور المركز سنويا سياسيون وبرلمانيون وأعضاء في البرلمان الأوروبي، وتابع خليفة: “بين الحين والحين يزورنا عمدة ميونيخ زيارات إدارية، كما زارنا قبل عدة أسابيع مرة أخرى السيد بيتر غاوفَيْلَر قبل أن يقدم استقالته (من منصبه) الأسبوع الماضي.” ومن المعلوم أن غاوفَيْلَركان نائبا لرئيس حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي (CSU) منذ عام 2013.
لكن ما هي أهمية قيام السياسيين البافاريين بزيارة المركز الإسلامي؟ وهل للحوار من إيجابيات؟ يقول أحمد خليفة: “نحن كمسلمين مهتمون بالحوار، ونطرح دائما ثلاثة موضوعات علي طاولة الحوار أولها: ماذا يعني ظهور حركات مناهضة للإسلام في ألمانيا في الوقت الحالي كحركة بيغيدا مثلا؟ وهل يعني هذا أحد أشكال التطور في المجتمع الذي يذكرنا بعهود الاضطهاد؟ أم أنها فقط مجرد حركات طارئة في المجتمع؟”
أما ثاني موضوعات النقاش التي يطرحها المسلمون في المركز الإسلامي بميونيخ على السياسيين البافاريين بصراحة ووضوح تامين، فهي الأنشطة المشتركة بين الطرفين “حتى يصبح هناك ائتلاف وتعاون ومشاركة بين أكثرية بافارية تملك القرار وأقلية مسلمة تسعي لمزيد من الاندماج والمطالبة بحقوقها كاملة”، حسب ما أفاد أحمد خليفة.
وبالنسبة للموضوع الثالث فيتمثل في مناقشة واجبات المراكز الإسلامية في التصدي، بالتنسيق مع الجهات الألمانية، للاضطهاد والأنشطة المعادية للإسلام، حسب مدير المركز الإسلامي، الذي تابع :”أكثر ما يشغلنا في هذا الإطار هو التوجه الفكري للمجتمع وليس الحركات المتطرفة.”
في الزيارة الأخيرة للسياسي بيتر غاوفَيْلَر ناقش الرجل مع المسؤولين في المركز الإسلامي بميونيخ مطالب المسلمين وبحث معهم أسلوب العمل المشترك، ثم التقي مع جمهور المصلين بعد صلاة الجمعة، وتحدث معهم مؤكدا علي تفهم الشعب الألماني لحقهم الكامل في ممارسة العبادة. ونبه غاوفَيْلَر إلى أهمية التعددية الثقافية في بافاريا قائلا: “إنها تمثل قيمة كبيرة يجب الحفاظ عليها والعمل علي بقائها، خاصة وأن ميزة الاختلاف تزيد الحياة بهاء”، حسب تعبيره.
ومن جانبه نبه إمام المركز الإسلامي في ميونيخ إلى أن “الله تعالي يقول في القرآن الكريم: وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا …” وأوضح الإمام أن ذلك معناه إقامة المعروف بين الناس “وهذا لا يمنع أن نكون شعوبا مختلفة لكن متفاهمة ومحبة ومتعاونة.”
وشدد بيتر غاوفَيْلَر على أن المسلمين وحدة من نسيج هذا المجتمع وقال: “إن الإسلام جزء من ألمانيا بعدد وجودكم في هذه البلاد، أو بعدد فعاليتكم فيها، وهذا أمر غير قابل للنقاش.” ويرى السياسي البافاري أن قاعدة الإيمان بين البافاريين والمسلمين مشتركه، وقال “إن ملوك بافاريا (ذات الأغلبية الكاثوليكية) اختاروا السيدة مريم العذراء كحامية لبافاريا تُجَلُّ وتُقَدَّس، وهي عند المسلمين كذلك (…) والمسلمون يعرفون أكثر من غيرهم قيمة وقدسية السيدة مريم العذراء”، حسب تعبيره.
من جهته أكد خليفة علي أهمية أن المسلمين هم بالفعل جزء لا يتجزأ من نسيج المجتمع الألماني وقال: “إننا نسعى دائما للمشاركة الإيجابية في المجتمع، ونسعى أيضا بكل تأكيد لآن نكون أقلية قوية نستمد قوتنا من قوانين ودستور هذا البلد الذي نعتبر أنفسنا جزءً منه.”[ads3]