لاجئون سوريون يحولون خياماً مستعملة إلى أعمال فنية

منذ أن كانت في الحضانة في مدينة حمص السورية، حلمت إبتهاج بأن تصبح فنّانةً. وكانت تطمح إلى افتتاح معرضها الخاص يوماً ما ليرى العالم أعمالها.

تعيش إبتهاج التي تبلغ من العمر حالياً 12 عاماً في الأردن، وهي واحدة من اللاجئين السوريين الذين يتخطى عددهم 3.9 مليون شخص والذين أُجبروا على الفرار من منازلهم والبحث عن ملجأ لهم في الخارج نتيجة النزاع الذي اندلع في مارس/آذار 2011.

عرضت أحدث إبداعاتها التي علقتها بفخر على جدران غرفتها في العاصمة الأردنية عمان، على زائريها من المفوضية، فبدا واضحاً أنّ التجارب التي مرّت بها كان لها أثر كبير عليها. وقالت: “هذا فتىً صغير وهذه أمّه التي تتضرّع إلى الله طالبةً منه مساعدة سوريا. وهذه عين تبكي على وطنها”.

وبعد الزيارة التي قامت بها الفنانة البريطانية هانا روز توماس إلى الأردن في العام الماضي، بدأ حلم ابتهاج بالوصول إلى جمهور عالمي يتحول إلى حقيقة. فخلال رحلتها الدراسية، سمعت توماس البالغة من العمر 23 عاماً، بعض قصص اللاجئين وخطرت في بالها فكرة إعادة تدوير خيام المفوضية القديمة ليستخدمها اللاجئون كلوحات للتعبير عن أنفسهم. وكانت النتائج مبهرة، ذلك أن الخيام تُعرض في مواقع مختلفة حول العالم.

وقالت هانا للمفوضية في لندن: “كَمُن الهدف في تحويل رموز الخسارة والنزوح هذه إلى قطع فنية جميلة لنشر التوعية حول محنة اللاجئين. وقد لعبنا في هذه الأعمال على أفكار “البقايا” و”الأجزاء” و”الحياة المحطمة”. فحياة اللاجئين تتدمر عندما يُجبرون على الفرار من منازلهم ويُضطرون إلى إعادة بنائها من جديد”.

وقد شاركت إبتهاج الفتية وحوالي 200 لاجئ آخر، من صغار وكبار وذكور وإناث، في الرسم على ثلاث خيام تابعة للمفوضية، واستغرق العمل على كلٍّ منها ثلاثة أيام تقريباً. وتم تشجيع اللاجئين على التعبير عن مشاعرهم من خلال الرسم أو كتابة الشعر أو أي وسيلة فنية أخرى تخطر في بالهم لتجسيد المواضيع الواسعة التي أُعطيت لهم والتي تتمحور حول الأمل والذكريات وتأثير الحرب على العائلات.

إلا أن رسم المنزل كان الأكثر شيوعاً بين رسوم اللاجئين، مما يشير إلى توق هؤلاء إلى انتهاء النزاع ليتمكنّوا من العودة إلى سوريا. وكتب عبدالله البالغ من العمر 13 عاماً: “والدي مزارع. أنا أنتظر بفارغ الصبر عودتنا للعمل في الحقول مجدّداً وقطف الثمار من بستاننا وعيش حياتنا كما في السابق”.

عُرضت الخيام الثلاث للمرة الأولى في العام الماضي في العاصمة الأردنية عمان في ذكرى يوم اللاجئ العالمي (20 يونيو/حزيران) ولاقت استحساناً كبيراً وهي تُعرض حالياً حول العالم.

عُرِضَت إحداها في بلجيكا واستُخدمت اثنتان في وقت سابق من هذا العام للمساعدة في إطلاق حملة “حياة أكثر إشراقاً للاجئين” في المملكة المتحدة وهي عبارة عن شراكة تجمع المفوضية ومؤسسة إيكيا لتوفير الطاقة المستدامة لمخيمات اللاجئين في الأردن وتشاد وبنغلاديش وإثيوبيا.

وعُرضَت الخيام مؤخراً في مواقع مختلفة في منطقة “درم” التاريخية الواقعة في شمال شرق إنكلترا. وفي يونيو/حزيران، ستُعرض إحداها في منطقة ساوث بانك في لندن كجزء من احتفالات أسبوع اللاجئ في حين ستُستخدم خيمة أخرى في جنيف كجزء من احتفالات يوم اللاجئ العالمي في 20 يونيو/حزيران والذكرى السبعين لإنشاء الأمم المتحدة.

أثبت الفن أنّه وسيلةٌ رائعةٌ تمكن اللاجئين من فهم تجاربهم والتعبير عنها. ويعتبر العديد من اللاجئين أنّ هذه العملية الإبداعية مفيدة لمواجهة المشاكل النفسية والاجتماعية والتخلص منها ومنعها من التطور بعد الصدمة التي واجهوها لدى اضطرارهم للفرار من منازلهم.

وقالت هانا: “الفن قادر على التحرير من الصدمات. فالمساحات الحرة والآمنة ضرورية للأطفال الذين قد يشعرون بأنّهم لا يستطيعون التخلّص من آثار الصدمة التي يعانون منها. وقد وفّرت المشاريع الفنية فرصةً نادرةً للاجئين للتعبير عن أنفسهم وساعدتهم على مواجهة المحن التي اختبروها، بصورة جماعية”. ( تشارلز ياكسلي – مفوضية شؤون اللاجئين)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها