إقامة أول معرض للطلاق في ألمانيا لبدايات جديدة أسعد

تشهد ألمانيا نسب طلاق مرتفعة جدا، لذا ليس مستغربا أن تستضيف معرضا مخصصا للطلاق من الألف إلى الياء، تغافل فقط مسألة الأولاد، مؤكدا استدراكها في دورات مقبلة، ويسعى المعرض إلى التخفيف من وطأة صدمة الطلاق وجعل المتضرر أكثر سعادة عبر منحه فرصا أخرى في الحياة لبدايات عاطفية.

و لم يكن طلاق المدرب الكروي المعروف يورغن كلوب عن فريق بوروسيا دورتموند مبهجا، بعد زواج دام 7 سنوات، لكن معرض الطلاق الأول في مدينة دورتموند يسعى إلى جعل الطلاق في ألمانيا حدثا سعيدا تماما مثل الزواج.

وتأسست في برلين قبل (12 عاما) أول شركة ألمانية تعنى بتوفير أدلة إثبات للمتزوجين، الذين يخونون أزواجهم، فحين يقول الزوج لزوجته إنه سيسافر أسبوعا إلى لندن من أجل العمل، لكنه في حقيقة الأمر يقضي الأسبوع مع عشيقته في الصين، تتولى هذه الشركة بعث رسالة من لندن بخط يده، تطمئن زوجته المخدوعة إلى وفاء زوجها.

رصد الخيانة

لكن الآن ظهرت وسائل عديدة تكشف هذه الخيانة، مثل تكليف المخبرين السريين، والرصد بالطائرات الصغيرة بدون طيار، واختبارات أبوة الطفل.

وباتت هذه الوسائل تلقى رواجا، لأن نسبة الطلاق بسبب الخيانة الزوجية في ألمانيا تتصاعد، وتتحدث دائرة الإحصاء المركزية الألمانية عن انتهاء ثلث الزيجات المعقودة في ريف ألمانيا، ونصف الزيجات المعقودة في المدن الكبيرة، بالطلاق.

معرض دورتموند

يجمع معرض الطلاق الأول في دورتموند بين كل هذه الوسائل والمقبلين على الطلاق من الجنسين، ويشارك فيه محامون وأطباء وقضاة وقرّاء الكف وخبّازون وممثلون عن شركات النقل.

ويحمل المعرض شعار “بداية جديدة” تعبيرا عن كونه المعرض المتخصص الأول في قضايا الطلاق، وتعبيرا في الوقت عينه عن أهدافه التي تتلخص بمنح المطلقين فرصة لبدء حياة جديدة، ويشهد المعرض طوال ثلاثة أيام إقامة حفلات الطلاق “السعيد” بين عدد لا يحصى من الراغبين في الطلاق، إضافة إلى حفلات الطلاق اليوبيلية (الفضية والذهبية). ويختتم المعرض بحفل كبير يمنح المطلقين فرصة التعرف إلى غيرهم بغية بدء حياة جديدة.

الطلاق السعيد

يقول المشرفون على المعرض إنهم يودون جعل حروب الطلاق أقل ما تكون عدائية وأكثر ما تكون سعادة. ولهذا فهناك مكاتب للإرشاد يشاركون بتقديم النصائح، ومحامون متخصصون في قضايا الضرائب وفصل الأموال، ومحامون متخصصون في قضايا الطلاق.

وكي لا يترك الطلاق آثاره بشكل عينين متعبتين وغائرتين وتجعدات على الوجه، يشارك أطباء التجميل في المعرض بنصائحهم واقتراحاتهم. ويشارك معدو الحفلات في المعرض من أجل اقامة حفلات الطلاق السعيد وتوفير ما يلزم لها من مأكل ومشرب ولأن المقبلين على الطلاق يعانون من ظاهرة صرير الأسنان ليلاً أكثر من غيرهم، وتتدهور حالة أسنانهم الصحية، يشارك بعض أطباء الأسنان في المعرض بهدف مساعدة المطلقين.

نصائح للمطلقين

يشارك بنشاط في المعرض ممثلو مواقع التعارف الاجتماعي والوساطة بين الجنسين، وكذلك الحلاقون الذين يقدمون النصح إلى المطلقة حول أفضل تسريحة شعر تنقلها من الحياة الزوجية إلى الحرية، وإلى حفلة التعارف إلى الآخرين في ختام المعرض، ويقدم خبّازون حلويات تنبذ حياة الزوجية.

كما تشارك في المعرض مشاركة المختبرات الطبية المتخصصة في الكشف عن أبوة هذا الرجل لهذا الطفل أولًا، وقرّاء الكف وقرّاء ورق اللعب، الذين يخبرون مرشح الطلاق بما يمكن أن ينتظره في المستقبل غير المنظور. ويمكن للأطباء النفسيين أن يجنبوا المطلق الكثير من اللحظات الكئيبة، ولذلك فقد كانت مساهمتهم في معرض الطلاق الأول ضرورية.

النساء “قوامات”

ومنح المعرض اهتماما خاصا للنساء، ولم يكن ذلك لأنهن الضحايا في غالبية الحالات فحسب، وإنما لأنهن أصبحن المبادرات بطلب الطلاق منذ مطلع الألفية الثالثة في ألمانيا.

فالنساء أصبحن للمرة الأولى “قوامات” على الرجال من ناحية المبادرة في طلب الطلاق، بحسب دائرة الإحصاء الألمانية، إذ بادرت النساء في التقدم لطلب الطلاق في 52.9% من الحالات في العام 2014. في حين تقدم الرجال بطلب الطلاق في 38.9% من الحالات. أما البقية فقد كانت طلبات مشتركة من الطرفين أعلنت بالتوافق.

وكان معدل سن النساء عند الطلاق يبلغ 28.9، ومعدل أعمار الرجال 31.8 سنة، الأمر الذي يعني أن الزيجات تنتهي في عمر الشباب. لكنه يعني أيضا أن أمام المرأة طريقا أقصر نحو “الحرية”، وخصوصًا أن النساء يعمرن أكثر من الرجال ، بحسب ما اوردت صحيفة إيلاف.

الطلاق بكبسة زر

ويقول المحامي كريستوفر بروفر، أحد مؤسسي معرض الطلاق، إن الإقبال على الطلاق الالكتروني في ألمانيا مازال دون المستوى. وأشاد بروفر بتطور الطلاق الالكتروني في الدول الإسكندنافية، ووصفه بالتقدم والاقتصاد. ويمثل بروفر موقع “الطلاق أونلاين” الالكتروني، ويقول إن الطلاق الإلكتروني لديه لا يكلف ثمن وجبة سريعة.

وبحسب المحامي الألماني، يتم الزواج خلال دقيقة واحدة في مكتب الأحوال المدنية والكنسية، في حين أن معاملات الطلاق تستغرق ما معدله عامًا كاملًا، وتكلف الزوجين مبالغ كبيرة، مضيفًا أنه من الطبيعي أن يجد المحامون في الطلاق الافتراضي دخلًا مدرًا للمال، لأن المدن الألمانية تشهد 200 ألف حالة طلاق سنويًا مقارنة بنحو 20 ألف حالة زواج فقط.

مكاتب افتراضية

وأشار بروفر إلى أن عدد مكاتب الطلاق الافتراضية قد ارتفع بنسبة 80% خلال عشر سنوات، لكن الإقبال عليها ما زال ضعيفًا. وحسنات الطلاق الإلكتروني، بحسب بروفر، هي مادية في المقام الأول لأنه يختصر على الزوجين وعلى المحاكم 30% من كلفة المحاكم والمعاملات. وسيخفف بالطبع عن كاهل القضاة المغرقين في حالات الطلاق ويوفر أطنانًا من الورق والبريد والحبر، ويؤدي بالتالي خدمة كبيرة في مجال حماية البيئة.

الطلاق والانتقال

كما تشارك في المعرض شركات نقل ألمانية، ويوضح جورح فيسترمان، من شركة النقل”عبر ألمانيا”، علاقة وسائل النقل بالطلاق قائلًا إن العائلات، عند الزواج ، سواء عند تأسيس بيت جديد أو عند الانفصال، تكون بحاجة إلى خدمات سيارات النقل.

ولكن هذا ليس كل شيء، لأن الانتقال السريع والمريح من دون توتر قد يجنب العائلة الطلاق، وهذا هو الجانب غير المادي من الموضوع، الذي يدفع شركات النقل للمساهمة في المعرض. إذ تكشف دراسة لمعهد ماكس بلانك الألماني أن تكرار انتقال العائلة من بيتها إلى بيت آخر يزيد مخاطر الطلاق. ويتضاعف الخطر مرات عدة حينما يكون الانتقال داخل عائلة انتقلت سابقًا أكثر من مرتين، وابتعدت في المرة الأخيرة كثيرًا عن مكان الشقة الأخيرة. ويكون خطر الانفصال جسيمًا حينما يبعد تغيير الشقة الزوجة كثيرًا عن أمها.

وذكر فيسترمان أن نسبة الطلاق بين العائلات المتنقلة، مقارنة بتلك العائلات المستقرة في مكان واحد، تتضاعف 2.6 مرة في كل انتقال، ومن جديد يبدو أن الرجال يتحملون مسؤولية أكثر من النساء عن انتقال العائلة، فنسبة انتقال الرجل، بسبب تغيير عمله، ترتفع 40% عنها بين النساء. وتدفع مشاكل النقل والتوتر الناجم منها 19% من النساء للبحث عن النصيحة لدى المحامين.

يؤخذ على المعرض الأول للطلاق أنه لم يهتم كثيرًا بالضحية الأولى للطلاق، وهو الطفل، ذلك أن عدد البيوت المحطمة، التي يعيش أطفال في كنفها، يشكل نصف عدد حالات الطلاق عام 2014. لكنّ المشرفين على المعرض أفادوا بأنهم سيسدون هذه الثغرة في المعرض المقبل.[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها