سأخون وطني .. محمد الماغوط و الثورة السورية
كنت عائداً، أواخر الأسبوع الماضي، من إجازة قصيرة، قضيتها مع والديّ، المقيمَين في بلدة نائية من الريف الأردني، حين وقعت عيناي على كتاب الراحل محمد الماغوط “سأخون وطني”، مُعَلقاً على واجهة جناح صغير للكتب، داخل أحد مراكز التسوق، في عمّان، وهو كتاب قرأته، في دمشق، عقب صدور طبعته الأولى عام 1987، غير أنه اختفى لاحقاً من مكتبتي، ثم لم تسعفني الذاكرة، لأتيقن مما إذا كان قد سقط من بين أمتعتي، في مواسم الهجرات المتلاحقة، أو أن صديقاً ما استعاره، ونسي أن يعيده. لا يخون الماغوط وطنه، بالطبع، وإلا كان تستّر، مثل آخرين سواه، على فعل الخيانة السري، بترديد الشعارات القومية الكبرى. هو، على العكس من ذلك، يفضح هؤلاء، بنحو مائة مقالة، بين دفتي الكتاب الذي عاودت شراءه، لأنهمك في قراءته، مجدداً، بمجرد صعودي إلى الطائرة المتجهة إلى الدوحة.
ولست، هنا، في صدد عرض الكتاب، أو تقديم قراءة نقدية له، بقدر ما أجدني متورطاً في مقارنة تقول، باختصار، إن ظواهر القمع والخنوع والفساد والفقر والبطالة والبؤس والجهل والتخلف التي كتب عنها الماغوط، ودفعته، قبل ما يقرب من ثلاثة عقود، إلى الصراخ بعبارة “سأخون وطني”، صارت تبدو كأنها لا شيء، بالمقارنة مع هذا الذي يفعله الطغاة، منذ أربع سنين، في وطنه سورية، كما في بلدان عربية أخرى. كان فاجعاً، في نظره، وقد استفحلت الديكتاتوريات في العالم العربي، أن “أمة الجاحظ وابن سينا، وابن المقفع، وابن رشد، والمعري، ترتعد فرائصها، من قارئ جريدة بالمقلوب، عند منعطف شارع، أو في زاوية مقهى”، وكان مثيراً للمرارة، في حلقه، أيضاً، أن “أمة بكاملها تنهمك في حل الكلمات المتقاطعة، ومتابعة المباريات الرياضية، أو تمثيلية السهرة، والبنادق الإسرائيلية مصوبة إلى جبينها وأرضها وكرامتها ونفطها”.. وأن “الشعب الذي تكيلون له المديح، أطراف الليل وآناء النهار، يتثاءب بفم واحد، وبإيقاع واحد، من المحيط إلى الخليج”.
ستمر عشرون سنة، تقريباً، على تحبير هذه العبارات، قبل أن يموت كاتبها، وحيداً، في منزله، عام 2006، ومن دون أن تتاح له فرصة الوقوف على انفجار شعوب الأمة التي طالما هجا صمتها، أو يعرف الثمن الباهظ، بل المريع، الذي دفعته، لا سيما في سورية، عقاباً لها على كسر حاجز الخوف من أنظمة الاستبداد.
ولو أتيح للشاعر والكاتب المسرحي الراحل، أن يتصل، اليوم، هاتفياً من دار الآخرة، ليسأل عن حال الأمة، والأهل، والأصدقاء، على غرار ما فعل أحد شخوص مسرحياته التي كان بطلها، دائماً، صديقه وشريكه الفني، الممثل دريد لحام، لفُجع، قطعاً، بأخبار المذبحة المستمرة التي أدت، حتى الآن، إلى مقتل ما يزيد على مائتي ألف سوري، وتشريد نحو عشرة ملايين، وتدمير حلب وحمص ودرعا وإدلب ودير الزور، كي يبقى بشار الأسد. لكن، ما قد يُشفقُ المرءُ على الماغوط من وجع سماعه، في المكالمة الهاتفية المفترضة، يتلخص في مواقف اتخذها بعض أصدقائه، تماهياً، ربما، مع “وعيد الخيانة” الذي أطلقه، ساخراً، لا جاداً، ففعلها صديقه دريد لحام، وأيد علناً، كارثة الزج بالجيش العربي السوري في معركة الدفاع عن نظام حكم آل الأسد، ضد الشعب، واتخذ رفيقه، في سجون ستينيات القرن الماضي، وفي مشوار الأدب، والشعر، كما في رحلة الحياة، الشاعر أحمد سعيد “أدونيس” هو الآخر، موقفاً مناهضاً لثورة الحرية والكرامة على أرض بلاده. أما الذي يليق بالماغوط، أكثر، في ذكرى رحيله، وهو بالمناسبة، مات في مثل هذا الشهر قبل تسع سنين، فخبر أساس يقول إن الشعوب العربية كفت عن التثاؤب، وخاضت في مخاض حريتها الدامي، ولم يعد به حاجة ليغضب، قائلاً “سأخون وطني”.
ماجد عبد الهادي – العربي الجديد[ads3]
خيانة الوطن حدثت ولم تقف على الممثل غوار الطوشي ولا الشاعر ادونيس بل رأينا الخيانة بشكل لم نتخيله في حياتنا حتى من شخصيات دينية مثل البوطي وحسون وغيرهم. والله أعلم كم من الاموات الذين لو ادركوا الربيع العربي لاصبحوا في قوائم الخائنين …
يجب الاتفاق على تعريف معنى الوطن أولاً فوطن أجبرت على الانتساب إليه بالولادة لايحترمك ولايحفظ كرامتك ومالك وعرضك وحياتك لايسمى وطن بل سجن كبير وجيشه جيش السجان وموظفيه موظفي السجان ومؤيديه هم الفئة الأحقر والأخس في هذا السجن الكبير لأنهم يعرفون الحقيقة لكنهم يحرفونها عمداً طمعاً بنيل الرضا من السجان والحصول على فتات ما يرميه لهم من فضلاته .
يبدو أن كاتب المقال لم يقرأكثيرا للماغوط، فدريد لحام ليس صديقا للماغوط لكنه تاجرا امتهن الماغوط و تاجر به على حد تعبير الماغوط نفسه في مقابلة له نشرتها مجلة الناقد ( لا أذكر رقم العدد) و الأسوأ من هذا أن التاجر المشخصاتي دريد لحام أساء للماغوط على شاشة إحدى المحطات اللبنانية حيث قال أن أعمال الماغوط لم تكن صالحة للعرض المسرحي لولا التعديلات الجذرية التي كان التاجر اللحام يجريها على هذه الأعمال، ليته أجرى تعديلاته على مسلسله أبو الهنا كي يجعل ما قاله عن تعديل أعمال الراحل الكبير محمد الماغوط قابلا للتصديق لكن لا يستطيع الكاذب إلا أن يكشف نفسه
يجادلنا بعضهم ﻻ بل ينتفض الدم في وجوههم وينعتونا بالخونة وتدمير الوطن والعمالة ووووو وطبعا نحن نريد ويحتدم النقاش .المشكلة تكمن في انه لكل منا وطن يتغنى به .هم وطنهم لا يتجاوز عمره الخمسين عام ومفهوم وطنيتهم يتمحور حول فرد أو عائلة ومبدأهم المصلحة الشخصية .اما وطننا فعمره آﻻف السنين .وطننا للجميع وتتمحور وطنيتنا حول ترابه وتاريخه وتنوعها .