“مشروع أسراب النقل الجوي السوري” .. سوريون يصنعون في أمريكا طائرات بدون طيار لإيصال مساعدات هامة للداخل (فيديو)
يستهدف جاكوبسن توصيل المساعدات الغذائية والطبية محمولة على طائراته الصغيرة إلى سوريا وغيرها من مناطق الصراع
كيف يمكن توصيل إمدادات الغذاء والدواء إلى مناطق الحروب والصراعات المسلحة إذا كانت أي طائرة شحن تتجه إلى تلك المناطق معرضة للإسقاط؟
هذا هو السؤال الذي حاول الطيار بسلاح الجو الأمريكي مارك جاكوبسن الإجابة عنه عندما أرقت تلك المسألة منامه في ليلة قابل فيها عددا من اللاجئين السوريين في تركيا. وأثناء المحاولة، طرأت في ذهنه فكرة تتمثل في إرسال سرب من الطائرات الدقيقة بدون طيار يمكن للواحدة منها توصيل كيلو غرام أو كيلو غرامين في كل رحلة.
وفي مطار سكرامنتو بولاية كاليفورنيا، يتجمع هواة الطيران محدثين جلبة كبيرة بطائراتهم الصغيرة التي تحلق بدون طيار أثناء قيامهم بحركات مذهلة في الهواء، وهناك أيضا بالقرب من موقع الهواة مركبات تابعة للجيش الأمريكي.
الطقس حار في كاليفورنيا والجميع يرتدون القبعات للوقاية من أشعة الشمس ممسكين بأطفالهم الذين تعلو بشرتهم طبقات من الكريم المرطب للوقاية من الشمس الحارقة أثناء تشغيل الطائرات بدون طيار.
ولكن هناك مجموعة أخرى بالقرب من الهواة تقوم بمهمة مختلفة تماما، إذ تختبر مجموعة الطائرات بدون طيار مهيئة لأغراض خاصة. وتطلق تلك المجموعة عددا من الطائرات الدقيقة التي تحلق في دوائر الكيلو متر تلو الآخر.
إنها مجموعة مختلفة تماما عن باقي الموجودين في المطار، فإذ تضم بين أفرادها المهووسين بالطائرات بدون طيار وعدد من اللاجئين السوريين والعراقيين والفتيات المحجبات ومعهم رجل مصاب يجلس على كرسي متحرك وصل توا من العراق إلى كاليفورنيا.
وتشغل المجموعة المميزة من الموجودين بمطار سكرامنتو طائرات تحمل نفس الألوان، الأحمر والأسود، والأخضر، والأبيض.
ولكن ما سبب وجود هؤلاء مع المهووسين بالطيران؟ السبب هو أن تلك الطائرات التي يشغلونها صممت للتحليق في سوريا لحمل المساعدات الهامة للمحاصرين في المدن والقرى التي تشهد صراعات مسلحة والذين يمنع عنهم أحد أطراف الصراع الغذاء والدواء.
إنه مشروع شخصي أطلقه مارك جاكوبسن البالغ من العمر 33 سنة، والذي مثلت مقابلة اللاجئين السوريين في تركيا نقطة تحول في حياته.
يمكن تصنيع الطائرات الجديدة بمواد بسيطة وتكلفة زهيدة
يقول جاكوبسن إن “ما رأيته هناك كان حقيقي أكثر من أي شيء آخر.”
وأضاف: “أعتقد أن الكثيرين يمرون بأحداث تقع في حياتهم اليومية مرور الكرام دون التفكير فيما يفعلونه على مدار اليوم. أما أن تكون هناك وترى هذا الكفاح الملحمي، حيث الأطباء يخاطرون بأرواحهم من أجل تهريب الإمدادات الطبية، والقصص المتداولة عن هؤلاء الذين كانو يقفون مكتوفي الأيدي وهم يشاهدون أطفالهم يموتون جوعا بالمعنى الحرفي. لذا تمثل العودة من هناك بعد معايشة تلك التجارب خبرة لا يضاهيا أي شيء آخر في الأهمية.”
أسرع وأقل تكلفة
وأكد أن الهدف الذي يصبو المشروع إلى تحقيقه كبير من أجل “إنهاء استخدام التجويع والحرمان من الإمدادات الطبية كأسلحة أثناء الحروب”.
وأشار إلى أن مفهوم “أسراب النقل الطائر” إذا ما تحقق على أرض الواقع، فلن يقتصر استخدامه على سوريا فقط، ولكن في أي مكان، لذلك من الممكن أن تؤدي مجموعة الطائرات بدون طيار، “جاكوبسن سي 17″، إلى إنقاذ مقاتلات سلاح الجو الأمريكي من نيران المدفعية المضادة للطيران.
ويرى جاكوبسن أنه على النقيض من الطائرات بدون طيار من الأحجام الأكبر، لن تستحق طائرات جاكوبسن الصغيرة عناء استهدافها من قبل مضادات الطيران، وحتى حال إصابتها، سيكون استبدالها بغيرها أسرع وأقل تكلفة.
ويستهدف صاحب فكرة “أسراب النقل الجوي” وفريقه أن يتوصلوا في نهاية الأمر إلى سير ناقل مكون من عدد الطائرات بدون طيار تنطلق في جنح الليل من تركيا إلى داخل سوريا وتنفذ إسقاط مظلي لصناديق صغيرة تحتوي على مساعدات في مواقع معينة وفقا لنظام تحديد المواقع عالميا (جي بي إس) بعد الاتفاق عليها مع مصادر على الأرض.
وبعد استكمال المهمة، تعود الطائرات دقيقة الحجم إلى نقاط الإقلاع لتكرر الرحلة مرات عدة، وهو ما يفضل صاحب الفكرة تسميته “مشروع أسراب النقل الجوري السوري”.
ويجري اختبار “أسراب النقل الجوي” نهاية هذا الأسبوع في منزل مارك جاكوبسن الصغير المطل على حرم جامعة ستانفورد – حيث يقضي مارك أوقات راحته من دراسات الدكتوراة في العلوم السياسية بالجامعة – لذا نجد أرضية المنزل مغطاة بالطائرات بدون طيار دقيقة الحجم. كما تتناثر في جميع أركان المنزل وعلى أرفف الكتب والأسرة، وهناك أيضا مظاهر للعمل في تركيبات تلك الطائرات مثل قاذفة الصمغ وقطع غيار لتلك المركبات الدقيقة مثل الأجنحة ملقاة على الأرض.
أما مارك، فيرتدي قميصا يحمل شعار المشروع، الذي وُسم مراعاة للحيادية بالراية المعارضة السورية جنبا إلى جنب مع راية حكومة الأسد، وهو ذلك الاختبار الذي أخبرنا جاكوبسن بأنه سوف يشهد إطلاق طائرة من طائراته الصغيرة لمسافة 60 كيلو متر بحمولة كيلو غرام واحد، وهو ما يعادل رحلة من الأراضي التركية إلى داخل سوريا لمسافة تصل إلى 30 كيلو متر ذهابا ومسافة مماثلة إيابا.
يقول مارك: “لك أن تتخيل أن الأمر يشبه إلى حدٍ كبيرٍ جيش من النمل يخرج في نزهة.”
يزين أطفال سوريون صناديق المساعدات بألون وعبارات تشير إلى أنها تحتوي على غذاء وأدوية
ويضيف أن هناك طائرة أكبر حجما بقليل من الموجودة حاليا يمكنها حمل كيلو غرامين والتحليق لمئة كيلو متر، وهو ما يكفي للقيام برحلة في أجواء حلب، التي تحظى باهتمام خاص من قبل أحد أعضاء فريق العمل.
إنه علي، الذي يدرس لنيل الدكتوراة في الهندسة، والذي غادر سوريا للدراسة قبل بدء الحرب، ولكنه لم يعلم أنه لن يتمكن من العودة.
ولا زال والده هناك في سوريا، في مكان قريب من حلب، لكنه لا يعلم أين يقيم تحديدا.
يقول لشبكة “بي بي سي”: “أجد صعوبة بالغة في النوم ليلا طوال الوقت. فلا أستطيع نسيان وجوه الأطفال الذين يتناولون طعامهم من القمامة، لا أستطيع أن أمحو ذلك من ذاكرتي.”
ويستكمل، وعيناه تزرف الدموع، قائلا إنه يشعر بالذنب لأنه بعيد جدا عن الصراع، لكن ما يقوم به في كاليفورنيا يعطيه الأمل في أن يفعل شيء.
وأضاف علي: “لا أجد كلمات تكفي للتعبير عن شعوري بالامتنان للفريق الذي أعمل في إطاره، ولا أستطيع أن أوفيهم حقهم من الشكر لما يقومودن به.”
وأشاد بالفريق موضحا أن جميع أعضاءه يكرسون كل الوقت والجهد لمساعدة الناس والبلد الذي لم يتطأه أقدامهم من قبل، مؤكدا أن ما يقومون به أمر مذهل.
مواد بسيطة
وتُصنع الطائرات بدون طيار من مواد بسيطة تتضمن ألواح الفوم والشريط اللاصق المستخدم في التغليف مع الصمغ الساخن.
وتركز الفكرة على أن تُصنع الطائرات بأيدي اللاجئين السوريين في تركيا ويزينها أطفال سوريا.
وحتى بعد إضافة قيمة الطيار الآلي والبطارية والمحرك، لا تتجاوز تكلفة صنع الطائرة خمسمئة دولار.
كما تحلق الطائرات من هذا النوع دون إحداث ضوضاء، لذا يراهن جاكوبسن أن عددا قليلا جدا منها يمكن إسقاطه إذا ما حلقت ليلا.
لكن هناك مخاوف حيال إمكانية وقوع تلك الطائرات في اليد الخطأ، لذا يعكف الفريق تطوير خصائص تمكنهم من تعطيلها حال فقدها.
يقول مارك إن “تنظيم الدولة يستخدم طائرات بدون طيار رباعية المراوح في تصوير الفيديو، وهو نفس النوع الذي يستخدم بغرض المراقبة في أوكرانيا. إنه أمر يحدث بالفعل.”
وأضاف أن “هذه التكنولوجيا موجودة بالفعل، ولا يصعب الحصول عليها.”
وأكد أنها موجودة في يد من يسيء استخدامها.
وبعد اللقاء المربك مع بعض اللاجئين السوريين في تركيا، بدأ جاكوبسن ومعاونوه في البحث عن تمويل لتطوير برمجيات أطلقوا عليها اسم “سوورميفاي” وهي أداة من المقرر أن تشغل سرب الطائرات ليقوم بعدد معين من الطلعات المتزامنة.
واتضح من خلال يوم الاختبار في مطار سكرامنتو، بين أشياء أخرى كُشف عنها النقاب، أنه من الممكن إطلاق الطائرات بسرعة فائقة، إذ يمكن إطلاق 30 طائرة في ساعة واحدة مع إمكانية متابعتها بنجاح من خلال جهاز كمبيوتر محمول.
كما أسفر الاختبار عن عودة جميع الطائرات سالمة بالإضافة إلى استمرار إحداها في التحليق لمسافة 60 كيلو متر.
وكان علي يشرح باللغة العربية التفاصيل الفنية الميكانيكية للطائرة بدون طيار لطفلين عراقيين فرا من سوريا بعد تسع سنوات من الفرار من العراق لتدق صراعات العالم بابهما مرتين على التوالي.
العرض الكبير
وما أن غربت الشمس، حتى بدأت محاولات من أعضاء الفريق لاتخاذ خطوة يحلمون بها جميعا منذ وقت طويل.
عمت السعادة الأطفال الذين حضروا اختبار الطائرات بدون طيار عندما أسقطت عليهم الحلوى
وجمعوا الأطفال حول ممر الإقلاع، وكانوا من مختلف الجنسيات فكان هناك أمريكوين، وعراقيون، وسوريون، وفلسطينيون دعاهم مركز محلي لرعاية اللاجئين لمشاهدة الحدث.
وبدأ العرض ليشاهد الجميع طائرة بدون طيار تدور أثناء التحليق وتنطلق إلى أعلى، لكنها هذه المرة كانت تطير على ارتفاع منخفض أكثر من غيرها من الطائرات. وفجأة سقط صندوق صغير معلق بمظلة ليمطر الأطفال الذين ينتظرون على الأرض بوابل من قطع الحلوى. وهرع الجميع لالتقاط الحلوى وسارعوا إلى إزالة الغلاف للاستمتاع بمذاقها.
وسقطت عبوات صغيرة من الطائرة زينها الأطفال السوريون بعبارة “افتح للحصول على الغذاء والأدوية” التي تجسد الهدف الذي يصبو الفريق إلى تحقيقه في سوريا.
يقول علي: “يمكنني الآن تخيل مدى الفرحة التي أتوقع أن ترسم على وجوه الأطفال عندما نسقط عليهم مساعدات من السماء ليتمكنوا من الحصول على الدواء. إنه إحساس جميل.”
ومن المتوقع أن تشهد الأراضي التركية الاختبار الأكبر الصيف المقبل. وإذا ما نجح ذلك الاختبار، فسوف يبدأ الفريق في مواجهة تحدي التمويل لصناعة عدد أكبر من الطائرات. وبإمكان الفريق المكون من أربعة أفراد تصنيع عشر طائرات يوميا وفقا لتقديراتهم.
ولكن التحدي الأكبر الذي من الممكن أن يواجه الفريق هو الوضع القانوني للمشروع.
فتصدير الطائرات بدون طيار من الولايات المتحدة إلى منطقة الحرب لابد وأن يُحاط بقدر كبير من الحذر في حدود القانون الأمريكي.
كما يشكل طيران الناقلات الجوية الصغيرة في المجال الجوي التركي وعبورها الحدود الدولية لسوريا وعودتها مرة أخرى تحديا قانونيا إضافيا. كما أن موافقة الحكومة التركية على ذلك قد يكون من بين المتطلبات الأساسية لإتمام المشروع.
تحسبا لذلك، أعدت المستشارة القانونية للفريق 12 ملف تحتوي على وثائق وأوراق تحتوي على متابعة لتقدم المشروع وتلقي الضوء على 12 عقبة قانونية قد تواجه ذلك التقدم.
مع ذلك، أكد جاكوبسن أن الفشل ليس من الخيارات المطروحة على الطاولة، وهو ما اتخذ قرارا بشأنه منذ أول لقاء له مع اللاجئين السوريين في تركيا.
يقول مارك إن “المشروع أعطاني شعورا قويا بأنني لا زلت حيا لم أشعر به من قبل طوال حياتي.”
وأضاف أن السبب وراء ذلك هو شعوره بمدى أهمية ما يقوم به.
وأكد أن الأمر يتجاوز مجرد صناعة بعض الطائرات وأن ما يقوم به يُعد حركة جديدة سوف تجد رواجا في المستقبل القريب.
[ads3]
فكرة جميلة جدا. لكن لماذا انتظار المنظمات الأجنبية؟ لماذا لا تقوم الفصائل بالغوطة, مثل جيش زهران علوش, باستخدام هكذا طائرات رخيصة لجلب المواد الغذائية و الادوية من ريف درعا أو من القلمون (كلاهما يبعد أقل من 60 كم عن الغوطة) و بالتالي تجاوز الحصار المفروض على الغوطة و التخفيف من معاناة الأهالي هناك؟ اليس هذا أفضل من قصف أحياء دمشق بالصواريخ و سفك الدماء المحرمة؟
يمكن شراء الالاف من هذه الطائرات ببضعة ملايين من الدولارات و استخدامها لنقل الاطنان من الأغذية كل ليلة. اذا توافرت الارادة و التنظيم.
بارك الله فيك يا جاكبسون و كل الذين معك! الانسانية تغلب كل شيء! شكراً
فكرة عظيمة وانا اؤيد كلام الأخ دمشقي فعلا لماذا لايكون هذا سلاح سلمي في الداخل ** رغم قلة الحمولة ** حيث أن الجيش الحر الذي يطور أسلحة قادر على ان يطور هذه الطائرة ويزيد كفائتها ***
هذا المشروع مخصص للمساعدات الانسانية فقط ومن المعيب التفكير بتحويله الى سلاح لقتل اخوتنا من السوريين