هل يُنهي كامب ديفيد حزب الله؟

ضد صيغة الاتفاق على البرنامج النووي الإيراني مع الغرب يقف فريقان؛ دول الخليج العربية وإسرائيل. ومن المؤكد أن يسعى الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى تقديم ما يطمئن كل فريق، وقد خصصت زاوية أمس عن الاعتراضات الخليجية. لكن ماذا عن إسرائيل، الدولة الأكثر تأثيرًا على القرار الأميركي؟ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو فاز قبل أيام برئاسة الحكومة للمرة الثالثة، وأصبح على الرئيس الأميركي أن يتعامل معه بجدية أكثر، بعد أن جرب أوباما حظه ووقف ضده قبل الانتخابات. ولن يستطيع البيت الأبيض تمرير الاتفاق النووي الإيراني في الكونغرس الأميركي بسهولة دون أن يأخذ في الاعتبار التحفظات الإسرائيلية.

وفي بازار السياسة لكل شيء ثمن، وعلى أوباما أن يرضي إسرائيل، وقائمة المشتريات والهدايا تتوقعها ثمنًا. هناك وعود من الإدارة الأميركية لإسرائيل بأنها ستعزز دفاعاتها، لتضمن استمرار تفوقها على إيران والمنطقة. المطالب الأكثر حيوية وأهمية للإسرائيليين من الأسلحة، ستكون إعادة ترتيب المحيط الجيوسياسي، الذي يمس أمن الدولة العبرية، المرتبط بإيران.

لنتذكر أن استراتيجية إيران منذ الثمانينات مواجهة الغرب ببناء وكلاء لها في المنطقة يحاربون عنها، وتستخدمهم لأغراضها السياسية. حزب الله اللبناني هو الوكيل الأول، وهناك فصائل فلسطينية، أبرزها حماس. ويقوم الوكلاء عادة بخدمة الأجندة الإيرانية، مثل قيام حزب الله بخطف أساتذة جامعات، ورجال دين، وجواسيس أميركيين وبريطانيين في الثمانينات ضمن الصراع مع هاتين الدولتين. وكانت الوظيفة الأهم فتح جبهة حرب مستمرة عبر لبنان للضغط على إسرائيل لخدمة الأهداف الإيرانية، فمعظم الحروب الإسرائيلية في لبنان لم تكن لها علاقة باللبنانيين أنفسهم، بل استخدم لبنان كونه الأرض الرخوة، وبدأت مع التنظيمات الفلسطينية، وبعد نفي منظمة التحرير تم توطين المواجهة عبر قوى، أبرزها حزب الله، أسسه الإيرانيون لهذا الغرض. ومع أن القيادة في طهران، ومعها القوى الحليفة، ترفع على الدوام شعار الدفاع عن فلسطين، فإنها في الغالب كانت تلعب أدوارًا ضمن الصِّراع الإقليمي بين إيران وخصومها.

في رأيي، لن يكون هناك اتفاق غربي إيراني على إنهاء حالة الحرب بينهم، التي صار عمرها خمسة وثلاثين عامًا، دون الأخذ في الاعتبار قضية وكلاء إيران، وتحديدًا حزب الله وحماس. أستبعد تمامًا أن يوجد إطار اتفاق نووي، وفي الوقت نفسه يسمح لإيران بتهديد أمن إسرائيل على حدودها مباشرة، مما يستوجب إلغاء وظيفة حزب الله العسكرية. وفي تصوري، لن تكره قيادة حزب الله فكرة إنهاء وظيفتها ككتيبة متقدمة لإيران ضد إسرائيل. فالحزب، رغم البروباغندا الطويلة، كان يتعرض لهزائم موجعة من إسرائيل بحكم فارق ميزان القوى، وكان عليه تحملها، لأنها طبيعة وظيفة الوكيل المكلف بإثارة المتاعب نيابة عن إيران؛ أن يقلق إسرائيل ويتحمل الخسائر التي يتم تعويضه عنها بعد كل حرب.

ورأينا أخيرًا أن وظائف الحزب تعددت، نتيجة تعدد حروب إيران الإقليمية، واضطر أن يرسل أولاده للقتال نيابة عن الإيرانيين إلى سوريا والعراق. بعد توقيع الاتفاق، من المتوقع أن تكون نهاية حروب لبنان مع إسرائيل، لكن لا ندري إن كانت إيران ستظل تستخدم الحزب في حروبها الإقليمية الحالية والمقبلة، وبالتالي سيستمر الحزب كميليشيات تعيش على الدعم المالي الإيراني، وبسببه يستمر لبنان في حالة عدم استقرار إلى سنوات. أو أن تُمارس الولايات المتحدة، وحلفاؤها، ضغوطًا كبيرة على إيران، في إطار الاتفاق النووي وكامب ديفيد الإقليمي، بحيث تلزمها بإنهاء حالة الحروب التي تشنها عبر وكلائها في المنطقة، التي هي سبب أساسي في ديمومة الفوضى.

وهناك حركة حماس، مثل حزب الله، ارتبطت بمصالح وتوجيهات كل من سوريا وإيران، لزمن طويل. وخاضت حروبًا ضد إسرائيل والسلطة الفلسطينية خدمة للسيدين في دمشق وطهران. وكان في داخل الحركة دائمًا حالة تململ وشكوى ضد الارتباط بإيران، لكن كانت قيادة حماس دائمًا تدعي الحاجة إلى الدعم الخارجي. الآن، وبسبب التطورات الأخيرة، حيث توقفت إيران عن استعداء إسرائيل، ويعتبر النظام المصري الجديد نفسه في مواجهة ضد الحركة، نرى قادتها في وضع صعب، وقد عرضوا على إسرائيل مشروع هدنة طويلة، خمسة عشر عامًا، طبعًا لا يسمونه سلامًا، لكن كل اتفاقات السلام هي في الحقيقة هدن طويلة. إسرائيل قد تقبل بها، لأنها ستعزز حالة الانقسام الفلسطيني، أيضًا.

ويبقى الاتفاق الأميركي الإيراني أخطر تطور محتمل، وستكون له انعكاسات متعددة على المنطقة، شكلاً ومضمونًا، لا ندري سلبًا أم إيجابًا، لأنه ينهي حالة كانت السبب الرئيسي وراء معظم الصراعات الإقليمية، التي بدأت مع بدايات الثورة الإيرانية.

 

عبد الرحمن الراشد – الشرق الأوسط[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫8 تعليقات

  1. كيف لحزب الله ان يهزم والله سبحانه وتعالى يدعمه وينصره .كل جبروت اسرائيل وشيطانها الاكبر لم تزعزع شعرة من راس الحزب او تغبر عل حذاء من احذية رجاله .. هل لحثالة اكتشفوا معجزات بول البعير ان يقهروه …… سيبقى حزب الله وسوريا وايران جبهة المقاومة والممانعة رغم انوفكم ..

    1. هذا هو الغباء الحقيقي .. حزب الخنازير أصبح مدعوماً من الله تعالى!!!!!!

    2. حزب الله الارهابي مجموعة مرتزقة ارهابيين ماجورين تحت الطلب يمول نفسه من زراعة المخدرات وسهول البقاع والجنوب لبناني يشهد على ذلك ويمكن لاي جهة دولية تاكد بنفسها ويعمل على تجارة الاسلحة ويمول قنوات اعلامية وبعض الكتاب العرب الذين يعملون على تلميعه امام الجمهور العام والكثير الكثير

    3. لا تنس هاشم الموسوي، شقيق النائب عن حزب اللات حسين الموسوي الذي ضبط بقضية تصنيع حبوب الكبتاغون … وتهريبها إلى دول الخليج …
      المشكلة أننا نتعب أنفسنا بالكتابة والردود … لأن الكلب لا يزعجه أن تقول له يا ابن الكلب
      لأن الحقيقة أنه ابن كلب … وهؤلاء الإرهابيون أتباع حزب الشيطان لن يحرجهم أن تقول عنهم مجرمون وكاذبون وكلاب معممي طهران … لأنها الحقيقة … لهذا لن يزعجهم هذا القول ..

    4. تشتمون أنبياءه ورسله وتختلقون كتباً تزعمون أنها القرآن الحقيقي مع المسردب عجعج ..
      وتشتمون الخلفاء والصحابة … وتسبون من كرمه الله تعالى وذكره بهجرته صحبة الرسول الكريم
      وتلفقون التهم النكراء بحق أم المؤمنين .. ووووووووووو
      ثم تدعون أن الله مع هؤلاء الإرهابين الأنذال حزب الشيطان .. كلب المعمم المجوسي .. وأطولهم ذنباً نصر اللات ..

  2. حماس لم ترتبط بإيران ولم تتلق الاوامر من سورية . ولم تستجب للتوجيهات السورية بإطلاق تصريحات مساندة للنظام والانخراط في صفوف شبيحة جبريل وغيره
    مادفع حماس للتقارب مع ايران هو ان هذه الاخيرة هي الوحيدة التي مدت لها عونا فعليا ماديا عمليا في حين ان الاخوة العرب ادارو لحماس ظهورهم بغير سبب ضاربين عرض الحائط بالارواح التر ازهقها الحصار والاجساد التي فتتها القصف الصهيوني .
    حماس وغير حماس في ظرف كهذا مستعدة للتحالف مع الشيطان ..فلا تلوموها ولوموا انفسكم

    1. كيف يعني مستعدة للتحالف مع الشيطان …
      قادة حماس عندما يذهبون إلى طهران (التي تدعي أنها الوحيدة التي مدت لهم يد العون) يدركون باليقين أنهم يضعون يدهم بيد من هو في صلب عقيدته يجب عليه شتم وسب الصحابة والخلفاء …
      وبشأن تخلي العرب عن حماس … فسر لنا كيف ذلك .. وكيف تشمل الشعوب العربية مع الحكام والحكومات …
      الشعب العربي مطالب اليوم بدعم اخوانه العرب .. لا التحالف مع الشيطان …
      فمثلاً أخوتك في سوريا لم يديروا لك ظهورهم … ولكي تصدق … اسأل الفلسطينين أنفسهم في سوريا كيف كل كم يوم تعلن حملة لدعم صمود غزة وكيف الطفل والمرأة والرجل يقدمون ما يعينهم الله تعلى على تقديمه بكل مسؤولية وإحساس بالواجب … ليس منة أو تفضل … بل بإيمان أنه واجب شرعي وأخلاقي وأخوي وإنساني …
      شيء لا بد من قوله أننا لسنا واثقين من إيصال تلك المساعدات الواجبة دينياً إلى مستحقيها .. ربما تسرق كلها .. ربما بعضها .. ربما لا يصل إلى غزة شيء … ولكن بالمحصلة الشعب السوري يستحق مواقف أفضل مما فعلته حماس والفصائل الإسلامية … بالنسبة لأبو مازن لا نعتب عليه … لأن العتب يكون على الصديق وليس لمن على شاكلة محمود عباس …
      صدقني الشعب السوري كان يأمل من حماس تصريحات مساندة للثورة فقط تصريحات .. وليس فقط عدم الاستجابة لتوجيهات النظام بإطلاق تصريحات مساندة له كما تقول … (يا شيخ .. خالد مشعل لم يكن يريد مغادرة دمشق لو لم تغره قطر وتفرش له الورود في الدوحة…. )
      ولكن يبدو أننا في مرحلة يجب على كل شعب عربي أن ينزع شوكه بيديه … لأن المواقف التي برزت خلال الأزمات أفرزتنا إلى شعوب متعددة ولم نعد شعب واحد … لأن من يكون مستعداً للتحالف مع الشيطان أو الأصح إيران، في وقت يخوض الفرس في دماء الشعب السوري … سيجبر الآخرين على البحث مطولاً بالسراج والفتيل عن سبب يقنعهم أن لهم أخوة في بلاد عربية غير بلادهم …

  3. جريدة الشرق الأوسط و عيد الرحمن الراشد ليبراليون من الطبقه السعوديه الجديده و التي يتم دعمها عالميا بشده لحرف المملكة رويدا عن النهج المحافظ و بالفعل فهم و إعلامهم الجديد يتصدرون المشهد كالعربية و روتانا و غيرها و بالتالي فإن انحيازهم للثوره السوريه هو فقط درأً للخطر الإيراني و ليس دعما للحق فهم من دعاة العداء للإخوان و حماس و أصدقاء لإسرائيل و السيسي و بالتالي علينا الإستفاده منهم بدون الوقوع في شركهم و أخذ الجذر منهم على الدوام.