العرب بين المشروعين الصهيوني و الصفيوني

لو اتفقنا جدلاً أن من حق إيران أن تجرب تطبيق نموذجها في العالم العربي عبر أذرعها الشيعية الداخلية المنتشرة هنا وهناك في بلادنا، فهل تقبل الأكثرية بالنموذج الشيعي؟ ألا ترفضه رفضاً قاطعاً ومستعدة لمواجهته بكل الوسائل كما نرى في اليمن الآن؟ ألا تصبح العملية إذاً وصفة لحرب مذهبية طاحنة داخل الدول العربية التي اخترقتها ايران. ألا تصبح حتى أذرع إيران الشيعية داخل العالم العربي مجرد حصان طروادة، إن لم نقل مجرد وقود في خدمة المشروع الايراني التفكيكي للمنطقة. ألا نفهم من استخدام ايران لأذرعها المذهبية في بلادنا أن إيران تعمل على شرذمة أوطاننا وتمزيقها عبر أشلاء عملائها الداخليين، وبدمائهم؟ ماذا تريد إيران من استخدام أذرعها الداخلية في بلادنا غير تقسيم دولنا وتفكيكها وإنهاكها. ألا يتلاقى المشروع الايراني في هذه الحالة مع المشاريع الغربية والاسرائيلية القائمة على تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ وتحويل أوطاننا إلى ساحات لحروب اهلية مذهبية لعقود وعقود؟

ليس هناك شك بأن تفكيك الدول العربية وتحويلها إلى دويلات وملل ونحل متقاتلة ومتصارعة مصلحة استراتيجية معلنة لإسرائيل، ولكل الطامعين بهذه المنطقة التي حباها الله بموقع جغرافي عظيم وثروات يسيل لها لعاب العالم. لقد قالها الإسرائيليون على رؤوس الأشهاد أكثر من مرة في إعلامهم واستراتيجياتهم بأن من مصلحتهم شرذمة البلدان العربية حتى البعيد منها كالسودان. وقد سمعنا إحدى الشخصيات الأمنية الإسرائيلية الشهيرة وهو يلقي محاضرة ذات يوم يؤكد فيها على أنه حتى السودان البعيد يشكل خطراً على الدولة العبرية، وبالتالي لا بد من العمل على إنهاكه وتمزيقه كي تكتفي إسرائيل شره.

ولا شك أن الكثير منا سمع بوثيقة «كيفونيم» الإسرائيلية الشهيرة التي ظهرت في بداية الثمانينيات من القرن الماضي، والتي أعلنت صراحة عن مصلحة إسرائيل في تقسيم البلدان العربية المجاورة إلى دويلات عديدة وضربها ببعضها البعض، لأن من شأن بقائها كما هي أن يشكل خطراً على إسرائيل لاحقاً، فما بالك إذا فكرت تلك الدول في الانضواء تحت لواء دولة كبرى على غرار التكتلات الكبيرة التي تجتاح العالم.

ولا شك أن بعضنا سمع بما يسمى بـ»خريطة الدم» الأمريكية التي أعلنت عن مشاريع تقسيمية مماثلة للمشروع الإسرائيلي. وهي خطة لا تقل خطورة عن الخطة الإسرائيلية في أهدافها الرامية إلى تفتيت المنطقة العربية وإغراقها في دمائها كي تبقى مشغولة بانقساماتها وجروحها لزمن طويل. ولا داعي لشرح ما كتبه بعض المستشرقين الأمريكيين المزعومين حول ضرورة ضرب مكونات المنطقة العربية بعضها ببعض. لكن المخططات الغربية والإسرائيلية الشريرة لتفكيك المنطقة العربية وضرب شعوبها وأعراقها وعقائدها ببعضها البعض يجب أن لا يعمينا أيضاً عما تفعله إيران الآن في المنطقة منذ سنوات. وهو لا يقل خطورة وجهنمية على العرب من المشاريع الغربية والصهيونية. لا عجب أن بعض المطلعين على النوايا الإيرانية راح يتحدث عن مشروعين في المنطقة، ألا وهما «المشروع الصهيوني»، و»المشروع الصفيوني» نسبة إلى الصفويين الإيرانيين. وكي لا نبدو وكأننا نوزع الاتهامات لإيران جزافاً، أود أن أطرح بعض الأسئلة الاستفسارية حول ما تقوم بها في أكثر من بلد عربي؟ ألا ترقى أفعالها وسياساتها المفضوحة إلى نفس المشاريع الإسرائيلية والغربية التي تحاول تمزيق المنطقة وشرذمتها؟

لطالما شتمنا اتفاقية «سايكس-بيكو» البريطانية الفرنسية التي شرذمت العرب إلى اثنين وعشرين كياناً في العقد الثاني من القرن الماضي. لكن الأخطر الآن، وكما هو واضح من الاستراتيجية الإيرانية، أن إيران تعمل على تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ، تماماً كما يفعل الغرب والصهاينة. ماذا نسمي التدخل الإيراني في اليمن ودعم جماعة ضد أخرى ودفعها للانفصال عن الدولة الأم بحجة أن المنتمين لتلك الطائفة أو الجماعة مضطهدون، ويجب أن يحصلوا على حقوقهم؟ ألا يعلم القاصي والداني مدى التدخل الإيراني لصالح الحوثيين في اليمن والعمل على تشييع غيرهم بهدف سلخهم عن بلدهم والتلاعب بهم خدمة للمصالح الإيرانية العابرة للمنطقة؟ ألا تشجع إيران الانفصاليين في اليمن بمختلف توجهاتهم حسب القيادة اليمنية؟

وإذا تركنا بداية ما بات يعرف بـ»الهلال الشيعي»، ألا وهو اليمن، وتوجهنا إلى الجزء الثاني من الهلال، ألا وهو العراق، لوجدنا أن محاولات التقسيم الإيرانية السايكسبيكية الجديدة للعراق لا تخفى على أحد، فبحجة أن الشيعة هناك تعرضوا لظلم تاريخي على أيدي الرئيس الراحل صدام حسين ونظامه السني راحت إيران تدفع بالشيعة إلى التمترس والانغلاق والانفصال، مما جعل العراق يعاني الأمرّين على صعيد وحدته الوطنية منذ أن تكالب عليه الأمريكيون والإيرانيون منذ عام 2003. ولو استمرت السياسات الإقصائية التي يتبعها حكام العراق الجديد بدعم وتأييد إيراني لأدى ذلك حكماً إلى تفتيت العراق على أسس طائفية وعرقية لا تخطئها عين. وليس أدل على ذلك الثورة المتصاعدة في المناطق السنية العراقية على سياسات التهميش والاضطهاد والتفرقة البغيضة التي يمارسها أزلام إيران في حق سكان تلك المناطق في العراق.

وحدث ولا حرج عن البحرين التي تشجع فيها إيران أتباعها من نفس المذهب على الثورة وحتى الانفصال، إذا لم تتمكن من السيطرة على البحرين بأكملها باعتبارها جزءاً تاريخياً من إيران كما تدعي. ولا داعي للحديث عن سياسات إيران التحريضية في بقية دول الخليج على أسس تفتيتية فاقعة.

أما في سوريا، فقد أصبحت الصورة أكثر وضوحاً وقتامة من حيث مدى التدخل الإيراني وضرب المكونات السورية ببعضها البعض، مما يهدد وحدة البلاد بشكل خطير. الجميع بات يرى أن دعم إيران للنظام الحاكم في سوريا له خلفيات عقائدية وطائفية لا تخفى على أحد، حتى لو أدى ذلك إلى تهميش السواد الأعظم من السوريين وتنفيرهم. لا شك أن إيران تعرف أن الغالبية العظمى من الشعب السوري لا تتبع ملتها دينياً، وهي بالتالي لا يمكن أن تقبل بالنفوذ الإيراني في سوريا على الطريقة العراقية. وهو أمر تدركه إيران جيداً، خاصة بعد أن بدأ ينهار النظام الذي تحالفت معه لحماية مصالحها في سوريا والمنطقة عموماً.

وانطلاقاً من هذه الحقيقة يرى البعض أن إيران لا تمانع في تقسيم سوريا ودعم المتحالفين معها سياسياً ومذهبياً لإقامة دويلة تحفظ لها طريق المرور إلى لبنان، حيث تدعم هناك دويلة داخل دولة، ألا وهي دويلة «حزب الله»، كما يسميها اللبنانيون المتصارعون مع الحزب ومرجعياته الإيرانية. أليس الدعم الإيراني غير المحدود لحزب الله في لبنان وصفة كاملة الأوصاف لتقسيم الدولة اللبنانية على الطريقة السايكسبيكية الجديدة وأخطر؟ ألا يؤكد قادة حزب الله أنهم يتبعون ولاية الفقيه في إيران أولاً قبل أن يتبعوا الدولة اللبنانية؟

ولا داعي لذكر أنه حتى بلدان المغرب العربي البعيدة لم تسلم من التدخل الإيراني الذي يتخذ من التشييع طريقاً له لتفتيت الدول العربية. ولعلنا نتذكر كيف قام المغرب بطرد السفير الإيراني لهذا السبب.

هل تقل خطورة عن المشاريع الغربية والإسرائيلية لتفتيت المنطقة العربية وشرذمتها؟

فيصل القاسم – القدس العربي[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫9 تعليقات

  1. طيب يا فيصل القاسم ما انت درزي وهدول اهل السنة والجماعة الي انت عبتدافع عنهن وعن مشاريعن الجاهليي بيعتبروك مرتد وكافر لا تقبل توبتك ويحللون مالك ودمك ونساءك وما ملكت ايمانك. انت مش خايف عحالك عبتربي افاعي؟

    1. لأ يا نصيري ..الدرزي عند أهل السنة والجماعة لا يعتبر مرتد ولا كافر ..بكل بساطة هو درزي يتعبد الله سبحانه وتعالى على طريقته وهو حرام الدم والمال والعرض طالما أنه لم يسفك دما حراما ولم يقترف جريمة تحل دمه ..
      ولعلمك يا جاهل هذا ينطبق على المسلم السني أيضا ولو كان لحيته طولها متر وثوبه قصير ومقيم للصلاة كما على المسيحي والاسماعيلي وكل الطوائف والأديان الأخرى
      وبعدين لشو كتر الحكي ..من الآخر ثأرنا وثار دماء أطفالنا معكم أنتم أيها النصيريون ومن شارككم في جرائمكم من جميع الطوائف وعلى رأسهم سفلة السنة وأوباشهم
      بس كيف عرفتك نصيري لأنك متل عادة النصيرية الخبيثة دائما هدفكم زرع الفتنة وبث الشقاق و الفرقة

    2. انت يا صياد القرود ليش ما عبتصيد اخوتك في الدين؟ بعدين مين نصبك انت وامثالك تعملوا تصنيفات وتحطوا قوانين التجريم والقتل والتعزير والقصاص والصلب والرجم؟ انتو من وين جايبين هالفكر؟ بعدين كمان اذا السني المذنب بقاموسك كمان يعتبر كافر حتى لو لحيتو طويلي وقميصو قصير مثل قميص امك لازم قتلو، فكيف لفيصل القاسم ما راح تقتلوا؟ ما هو كافر وتنسحب عليه جميع مواصفات المرتدين والكفار حسب تصنيفاتك انت واخوتك في الجهاد.

    3. لأنني ببساطة صياد قرود نصيرية ونصيرية فقط هذا أولا
      ثانيا ..أنا ذكرت كلمة ثوب في التعليق ولكن يبدو أنك تحب أن تحكي للسادة القراء عن قميص النوم الداخلي تبع أمك ..حرية نصيرية مو مشكلة
      ثالثا ..ولك هنت أبتفهم شو عم قول بكل الشرائع الأرضية والسماوية القاتل يقتل شو ما كان دينه ومذهبه
      رابعا ..ولك صاير تكفيري ..يعني مصر أنك تكفر فيصل القاسم وترميه بالردة والكفر ..شو بطلت تعمل دورات حزبية نضالية وعم تعمل دورات تكفيرية أصولية
      خامسا ..ليش اخترت فيصل القاسم لتكفيره من بين كل الدروز ..ليش ما اخترت الخنزير عصام زهر الدين ولا العاهرة لونة الشبل ..الظاهر مبعوصين منه للعضم
      سادسا ..انشر يا عكس السير عملا بحق الرد والموضوعية

    4. يا طائفي با قذر
      أهل السنة والجماعة هم من بنوا سوريا .. أم تظن أن سوريا عمرها من عمر الانقلاب البعثي الطائفي !؟
      أين كنت عندما كانت سوريا في ظل أهل السنة بلداً للجميع .. وهل لو أن أهل السنة طائفيون كان وصل المجرم حافظ إلى ما وصل إليه من مناصب …
      يا ابن المتعة .. هل تعلم أن فارس الخوري كان رئيس وزراء سوريا بمرتبة رئيس دولة في عهد أهل السنة والجماعة بينما لا يحلم مسيحي ولو حلم بأن يصبح رئيس وزراء في عهد البعث المجرم ..
      يا ابن المتعة … في عهد أهل السنة والجماعة كان أكثر قادة الجيش من الدروز .. وأحب أن أوضح لجهلك أن حاطوم وشقير كانا من أكبر ضباط الجيش .. بل أن شوكت شقير كان رئيس هيئة الأركان … وهذه ليس منة .. بل هذا ما يمليه النظام الديمقراطي في البلد .. لكل مواطن سوري الحق في الوصول إلى أعلى المراتب والمناصب بما هو أهل له دون النظر إلى دينه أو طائفته أو عرقه .. واسأل الأكراد كم رئيس وزراء ورئيس دولة وقائد جيش كان منهم قبل انقلاب البعث البغيض …
      فهل عرفت من هي الأفاعي الحقيقية … هل تخبرنا من الذي وضع العلويين في كل المناصب من أصغر شرطي بلدية إلى رأس الهرم في مناصب الدولة ؟؟ وليت ذلك استند إلى أهلية وجدارة .. المصيبة أن العلوي تفكيره ضيق ومحدود .. ولا أنكر أنهم شاطرين بالشعر .. هذه حقيقة .. أما العلم والحكم والجامعات .. فاسمح لي حمير .. وأنا لا أتكلم عن فراغ .. فنحن نعرف العلوية وحتى أن لنا منهم أصدقاء وجيران ومعارف وهذه حقيقة ولكن لا يمنعنا ذلك من القول أن تفكيرهم محدود وغبي .. ينساقون خلف من يسوقهم كالقطيع دون النظر إلى أي اعتبار آخر ..
      يا اين المتعة … بدلاً من أن تخوف فيصل القاسم من أهل السنة .. عليك أن تبدأ بنفسك .. وتخاف يا أعمى البصيرة .. فهل تظن أن بثار لن يضحي بكم كلكم من أجل كرسيه وأقرباءه !!؟؟ يا دابة ألم يفعلها أبوه الفاطس قبله .. ألم يتخلص من كل رفاقه وأصدقائه بعد انقلابه المشؤوم ؟؟ هل غير حافظ المجرم يفعل ما فعله بصلاح جديد؟؟ صديق عمره وحليفه وشريكه بالسراء والضراء .. لم يعادل عنده قشرة بصلة وتركه يتعفن في السجن ..
      اسمح لي يا ابن المتعة … أنتم أهل الغدر … وفقط أنتم من تحضكم عقيدتكم على الغدر بغير العلوي ولو كان جارك وله افضال عليك ..
      وأريدك أن تعلم أن فيصل القاسم يعرف كل ذلك .. فلا تتعب نفسك بالكذب ..

  2. “وحدث ولا حرج عن البحرين التي تشجع فيها إيران أتباعها من نفس المذهب على الثورة وحتى الانفصال”….یا فیصل الخنزیر …بحرین ینفصل عن شو؟کل بحرین شارعین و نص…

  3. الله لايوفقك كل واحد خرب بهل البلد اساسا منستاهل نحنا بعدنا عن الدين كتير وكرهنا بعض بس ياحرام ياسوريا على هيك ناس اديش صرنا تافهين ومنحب الدنيا والقتل صار متل شرب الماء ومن الاخر لعن الله النظام والجيش الحر وداعش والسعودية وقطر وكل واحد سعى بخراب هالبلد