علماء : الصراخ على الأطفال و تخويفهم لا يهذب سلوكهم

قوض خبراء أميركيون الاعتقاد السائد بأن الخوف غريزة فطرية في البشر، مؤكدين أن الأطفال يتعلمون الخوف والفزع منذ مراحل أعمارهم الأولى من البيئة التي ينشأون فيها.

وأوضحوا أن الخوف يمكن أن ينتاب جميع الصغار منذ بلوغهم سن الثانية، إلا أن درجاته تختلف من طفل إلى آخر باختلاف المواقف والأسباب، مشيرين إلى دور التربية التي يتلقاها الطفل داخل أسرته والثقافة الاجتماعية التي يكتسبها من المحيطين به في تضخيم هذا الشعور أو الحد منه.

كما أظهروا أن الطفل يبدأ في النضج الفكري منذ سن الثالثة من العمر، وهي السن التي يشعر فيها بالتهديدات الخارجية دون أن يدرك مدى خطورتها، مبينين أن هذا النوع من الخوف يطلق عليه علميا اسم “بيولوجية الدفاع”، وهي ردة الفعل الطبيعية التي يبديها الطفل تجاه بعض الأشياء التي لا تريحه نفسيا.

إلا أنهم حذروا من المخاوف المزمنة وطويلة الأمد، والتي يسببها التخويف في الصغر، وهي واحدة من أشهر المشاكل النفسية التي يصعب التخلص منها حتى مع بلوغ الشخص مراحل متقدمة من العمر.

ونبهوا إلى أن هذه المخاوف ليست من ابتكار مخيلة الطفل، بل جراء سماعه قصصا غريبة أو تعرضه لسوء المعاملة من قبل والديه والأشخاص المحيطين به ، وفق ما ذكرت صحيفة العرب اللندنية.

وأكدوا أن صحة الأشخاص الذين تم تخويفهم خلال مرحلة الطفولة تتأثر طوال حياتهم بسبب ذلك، ويمكن أن يكونوا عرضة للإصابة بالقلق والاكتئاب وحتى الانتحار.

وأشار باحثون من جامعة وارويك البريطانية إلى أن الكوابيس أكثر شيوعا بين الأطفال في سن 12 عاما ممن تعرضوا في مراحل مبكرة للتخويف.

وقالت الباحثة تانيا ليريا “تعتبر الكوابيس حالة شائعة جدا في مرحلة الطفولة، حيث تصيب 10 بالمئة من الأطفال”، موضحة أن ذلك يتصل بسوء المعاملة القاسية التي تعرضوا لها.

وأضافت “قد تكون هناك وسيلة لتحديد ضحايا التخويف والتنمر قبل أن يواجهوا مشاكل صحية عقلية خطيرة”.

وعلى صعيد آخر أشار بحث طويل المدى أجراه علماء من جامعة ديوك الأميركية على عينة من الأشخاص تمت مراقبتهم مدة 20 عاما، وتم خلال تلك السنوات جمع استبيانات وإجراء اختبارات دم لهم، واستجوابهم أيضا حول مواضيع مختلفة، بما في ذلك إن كانوا قد تعرضوا للعنف والتخويف في مرحلة الطفولة والمراهقة والبلوغ.

وتوصل الباحثون إلى أن أولئك الذين عانوا من الترهيب والتخويف في مرحلة الطفولة قد أصبحت لديهم مشاكل صحية في مرحلة البلوغ خاصة منها أمراض القلب والأوعية الدموية.

وقال ويليام كوبلاند الباحث المشرف على الدراسة إن “هناك العديد من الطرق التي يمكن استخدامها مع الأطفال لضمان نجاحهم اجتماعيا بعيدا عن سياسة التخويف”.

وحذرت دراسة بريطانية من الآثار السلبية الصحية والاجتماعية والبدنية والعقلية لتعرض الطفل للترويع والتخويف ، وتابعت الدراسة حياة 7771 طفلا تعرضوا لأعمال الترويع والتخويف عندما كانوا في سن 7 و11 وإلى أن بلغوا الخمسين من العمر.

وقال الباحث ريو تاكيزاوا “إن دراستنا تبين أن آثار التخويف لا تزال مرئية، رغم مرور أربعة عقود، الأمر له عواقب اجتماعية واقتصادية دائمة حتى مرحلة البلوغ”.

وكشفت الإحصائيات الدولية أن حوالي 90 بالمئة من الأطفال الذين تبلغ أعمارهم ما بين 2 و14 عاما يخافون من شيء معين. ووجهت بعض الأبحاث أصابع الاتهام إلى الآباء، مشيرة إلى ما قد يخلفه تخويفهم لأبنائهم من دمار في نفسيتهم، يمكن أن يؤثر عليهم في مختلف مراحل حياتهم.

وأثبتت الدراسات أن الصراخ على الطفل وتوبيخه بشكل متكرر يزرع في نفسيته الخوف الذي يجعله مترددا في القيام بأي تصرف خشية ارتكاب الأخطاء، وبالتالي سيكون من الصعب عليه النجاح في حياته.

وقال إريك سيغسغارد من المركز الدانماركي للبحوث إن احترام الذات يتضرر عند العقاب بوسيلة أو بأخرى. وأضاف “لا يمكن القول إن توبيخ الطفل أفضل من ضربه، عندما تعاقب طفلا تعطيه الإحساس أنه عديم القيمة”. ونصح الآباء بأن يقولوا رأيهم للأبناء بصوت طبيعي ودون الصياح عليهم أو إهانتهم، إذا رغبوا في إقامة علاقات قوية معهم.

وخلصت دراسة اجتماعية أجرتها جامعة بيتسبيرغ الأميركية إلى أن الآباء الذين يعتمدون في تربية وتهذيب سلوك أبنائهم على الصوت المرتفع الذي يبلغ حد الصراخ، إنما يتسببون لهم في الكآبة.

وأفاد خبراء علم النفس بأن الصراخ على الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 13 عاما يتسبب لهم في خلل عاطفي، ويجعلهم أكثر عدوانية”. ودعوا الآباء إلى الابتعاد عن أي نوع من أنواع التخويف من أجل ضمان صحة جيدة لأبنائهم وحياة اجتماعية ناجحة.[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها