إفتتاح أول حديقة ” للميكروبات ” في العالم
أن تزور حديقة فهذا أمر مألوف ومحبب للجميع عادة، لكن أن تكون هذه الحديقة عبارة عن متحف معروضاته قوامها الميكروبات، فهذه وجهة غريبة ومثيرة للغاية.
هذه الحديقة المخصصة للميكروبات ليست ضربا من الوهم، أو صورة مستوحاة من مشاهد الخيال العلمي، إنما هي حقيقة قائمة بذاتها تبعث على الدهشة والذهول، وأحيانا التوجس لدى البعض.
وتقع حديقة الميكروبات الأولى من نوعها عالميا في مدينة أمستردام، وهي متحف استثنائي بكل المقاييس، وقد أطلق عليها اسم حديقة الميكروبات، والغاية منها التوقف عند مخلوقات مجهرية تعيش داخلنا ومن حولنا، لا نراها بالعين المجردة.
وزوار هذه الحديقة وحدهم بإمكانهم أن يكونوا على موعد استثنائي مع هذه الكائنات المثيرة، فخلال هذه الزيارة تسقط كل الأقنعة وتغيب الفوارق البصرية ويتجلى المستور، لتظهر هذه الميكروبات حقائق ساطعة تذهل البعض وتحفز مخاوف البعض الآخر، وتحرك عند آخرين شغف ولوج عالمها المدهش من بوابات العلم والإبداع.
لا تراها بالعين المجردة، لكنها موجودة بإلحاح في حياتنا، تتطفل علينا باستمرار وتدخل إلى أجسامنا، وأعدادها تناهز مئات الآلاف من المليارات، وترافقنا أينما حللنا وعلى أي حال كنا، في حالات المرض والتعافي، وهي أصغر وأقوى كائن حي على وجه البسيطة.
العلماء لا يعرفون عنها الكثير، وما يجهلونها حولها أكثر بكثير مما يتوفر لديهم حولها من معلومات، رغم أنها جوهرية جدا في بقائنا على قيد الحياة، وهي ضلع قوي في رسم مسار مستقبل البشرية وكوكب الأرض.
فكل جسم بشري بالغ يحتوي على حوالي 1.5 كيلوغرام من الميكروبات، ولولا وجودها لهلكنا، فهناك على سبيل المثال لا الحصر 700 نوع من الميكروبات تعيش في الفم، و8 من الطفيليات في الكعب وغيرها.
واليوم تستخدم الميكروبات لإنتاج الوقود الحيوي وتطوير أنواع جديدة من المضادات الحيوية وتحسين حقول الزراعة، وقد أظهرت التجارب مستقبلا واعدا لهذه الكائنات المجهرية في كل المجالات كتوليد الطاقة الكهربائية وتقوية أساسات المباني وعلاج السرطان.
وإيمانا بقيمة الميكروبات في استمرار الحياة، وسعيا للتعريف بوجوه تواجدها وقيمتها ومخاطرها، تم افتتاح أول حديقة للميكروبات في العالم، في أكتوبر الماضي بكلفة 10 ملايين يورو، بجوار حديقة حيوانات ارتيس الملكية في أمستردام.
ويعرض في هذا المتحف الاستثنائي جانب هام من الطبيعة المجهرية، حيث يبدو المتحف كأنه مختبر علمي، حيث توجد صفوف من المجاهر وقد ربطت بشاشات كبيرة ، بحسب ما ذكرت قناة سكاي نيوز.
وعبر نافذة كبيرة بإمكان الزوار أن يجولوا بأبصارهم في هذا المختبر الحي، الذي تتزاحم فيه أنواع كثيرة من الميكروبات، وهي تنمو على أطباق وأنابيب اختبار.
وفي هذا المكان المختلف، يمكن رؤية الميكروبات وهي تتوالد تحت مجهر ثلاثي الأبعاد، مصنع خصيصا لهذا المتحف، كما يمكن رؤية نموذج عملاق لجرثومة إيبولا المنتشرة حاليا في غرب إفريقيا.
والجميل والمثير في هذه الزيارة أن مرتادي هذا المكان بإمكانهم الوقوف أمام ماسح ضوئي ليخبرنا على الفور بعدد الميكروبات التي تعيش على أجسامهم، كما أنه بإمكانه تحديد مكانها بدقة.
ويمكن أن يقوم الزائر بتقبيل زائر آخر لاختبار عدد الميكروبات التي انتقلت إليه أثناء هذه القبلة ، فالغاية من إنشاء هذا الفضاء ترمي إلى تخليص الناس من الفكرة التقليدية عن الميكروبات، والمرتبطة فقط بالأمراض وسبل الوقاية منها.
فعالم هذه الكائنات المجهرية رحب ومفعم بالإنجازات، والتعامل مع هذا العالم بأفكار مسبقة وقوالب جاهزة يقتل الإبداع فيه ويجعله مسرحا لقتل الابتكار، وهو ما تسعى هذه الحديقة الاستثنائية لوضعه جديا تحت مجهر المعالجة.[ads3]