المقصلة تقترب من كبار الرؤوس في الـ ” فيفا “

يمكن استخدام مصطلح “كرة الثلج” على ما يشهده عالم كرة القدم من أحداث متسارعة جدا جعلت رؤوس كبار مسؤولي الاتحاد الدولي “فيفا” قريبة جدًا من “المقصلة”، بعد أن توسع التحقيق في اتهامات الفساد ليصل الى استراليا.

تتركز عملية التحقيق بقضايا الرشاوى والفساد في الولايات المتحدة التي فجرت المفاجأة الخميس الماضي عشية انتخابات رئاسة الفيفا، بعدما طلبت من السلطات السويسرية اعتقال سبعة مسؤولين في السلطة الكروية العليا، فيما وجه القضاء الاميركي الاتهام لـ14 شخصاً في هذه القضية.

ويبدو ان الارتكاز الاساسي للقضاء الاميركي كان على تشاك بلايزر، عضو اللجنة التنفيذية السابق في الاتحاد الدولي الذي لعب دور “المخبر” وكشف المستور الذي يطاله شخصيا ايضا بعد اتهامه الاربعاء بأنه تقاضى الى جانب اعضاء آخرين في فيفا، رشوة لمونديالي 1998 و2010 حسب محضر الاستماع الذي نشر.

وكان بلايزر الرجل الثاني في اتحاد الكونكاكاف (اميركا الشمالية والوسطى والكاريبي) من 1990 الى 2011، كما انه كان عضوا في اللجنة التنفيذية للفيفا من 1997 الى 2013.

وحسب المحضر، اعترف بلايزر امام المحكمة الفدرالية لمنطقة نيويورك في 25 تشرين الثاني 2013 انه “خلال الفترة التي عملت فيها مع الفيفا واتحاد الكونكاكاف، ارتكبت مع اشخاص آخرين على الاقل عمليتي ابتزاز”.

واضاف: “قبلت مع اشخاص آخرين في 1992 أو في حدود هذا التاريخ تسهيل دفع رشوة من اجل اختيار الدولة المضيفة لمونديال 1998”.

واعترف بلايزر الذي شغل منصب الامين العام لاتحاد الكونكاكاف، بأنه قام ايضا بترتيب اعمال رشوة على هامش كأس العالم 1998 التي اقيمت في فرنسا ، بحسب صحيفة إيلاف .

ونالت فرنسا عام 1992 شرف تنظيم مونديال 1998 على حساب المنافس الوحيد المغرب، بحصولها على 12 صوتا من اصوات اعضاء اللجنة التنفيذية مقابل 7 للخاسر.

واوضح بلايزر، المتواجد حاليا خارج القضبان بكفالة ويعالج من سرطان شرجي، في وثيقة ثانية للقضاء الاميركي أنه تلقى دعوة من اللجنة المغربية المنظمة لزيارة المغرب مع الشخص الذي اشار اليه القضاء الاميركي أنه “المتآمر رقم واحد”.

واضافت هذه الوثيقة “بلايزر كان حاضرًا عندما قدم ممثل للجنة المغربية المنظمة رشوة للمتآمر رقم واحد من اجل منح صوته للمغرب في الاقتراع على الدولة المنظمة لمونديال 1998، والمتآمر رقم واحد قبل تلك الرشوة”.

وقال بلايزر لقاضي المحكمة رايموند ديري “من بداية 2004 وحتى عام 2011، قررنا انا وبعض اعضاء اللجنة التنفيذية في الفيفا قبول رشاوى في ما يتعلق بمنح جنوب افريقيا شرف استضافة كأس العالم 2010”.

وفازت جنوب افريقيا بشرف تنظيم كأس العالم 2010 على حساب المغرب ايضا بعد استبعاد الملف التونسي-الليبي المشترك وملف مصر.

واصدر القضاء الاميركي في 27 ايار مذكرة اتهام بحق الترينيدادي جاك وورنر رئيس اتحاد الكوكاكاف في تلك الفترة تؤكد أنه قبض 10 ملايين دولار مقابل 3 اصوات لصالح جنوب افريقيا خلال عملية التصويت على استضافة مونديال 2010.

واعترفت جنوب افريقيا بانها دفعت 10 ملايين دولار لكرة القدم في منطقة الكاريبي ومن خلال فيفا على اساس الاخوة، ونفت أي فكرة فساد في هذه العملية، فيما يؤكد الاتحاد الدولي انه لعب دور الوسيط في هذه العملية.

وتشير تقارير المحققين الاميركيين الى أن امين عام فيفا الفرنسي جيروم فالك اعطى موافقته على عملية تحويل الاموال التي كان هدفها الرشوة، بحسب المحققين.

لكن فالك اكد الاربعاء أن “لا شيء يؤخذ” عليه، مضيفا لاذاعة “فرانس اينفو” الفرنسية، “لا شيء يؤخذ عليّ. لقد قلت دائما انا الامين العام لجوزيف بلاتر. سيكون هناك رئيس جديد للفيفا مطلع 2016 والرئيس هو من يختار امينه العام”.

ويبدو أن الفساد في اروقة فيفا وعالم الكرة المستديرة لا ينحصر بكأس العالم والامور المتعلقة باللعب وحسب، بل اخذت القضية بعدًا آخر بعدما اعترف وارنر الذي اصبح مع الباراغوياني نيكولاس ليوز عضو اللجنة التنفيذية السابق في الاتحاد الدولي ايضًا على لائحة المطلوبين من قبل الانتربول جانب اربعة مسؤولين في شركات تسويق رياضية، بأن السلطة الكروية العليا كانت طرفاً ايضاً في الانتخابات البرلمانية التي حصلت في بلاده ترينيداد وتوباغو عام 2010.

وقال وورنر في حديث متلفز إنه جمع ملفاً يظهر روابط غير محددة بين الاتحاد الدولي نفسه، عبر قنواته التمويلية، وحزبين رئيسيين يتنافسان على الانتخابات في ترينيداد وتوباغو.

ونقل الموقع الرسمي لقناة “تي في 6” عن وورنر قوله بأن الملف “يشمل بحسب معرفتي تحويلات دولية في فيفا، تشمل رئيسه السيد سيب بلاتر، واخيرا مسائل أخرى تتعلق برئيس الوزراء الحالي (في ترينيداد وتوباغو)”.

واشار وورنر ايضًا الى انه سيقاتل من اجل عدم تسليمه الى الولايات المتحدة، قائلاً: “ليست لدي أية نية للسماح لهم بحرماني من حريتي”.

والى جانب التحقيقات الاميركية التي تدقق في رشاوى تتجاوز قيمتها 150 مليون دولار وتطال 14 مسؤولاً في فيفا، بينهم وارنر الى جانب مدراء في شركات تسويقية شريكة لفيفا، هناك ايضا التحقيقات السويسرية التي تطال ملفي مونديالي روسيا 2018 وقطر 2022.

ودفعت هذه التحقيقات بالسلطات الاسترالية الى التحرك ايضا للبحث في مزاعم الفساد، التي تطال ملف الترشح لمونديال 2022 والذي خسرته لمصلحة قطر.

واعتبر رئيس الاتحاد الاسترالي لكرة القدم فرانك لووي أن دور فيفا في ملف الترشح لمونديال 2022 “لم يكن نظيفا”، فيما اعتبرت وزيرة الرياضة الاسترالية سوزان لاي بأن حكومة بلادها تريد أن ترى اصلاحا كبيرا في فيفا قبل أن تقرر الترشح مرة اخرى لاستضافة العرس الكروي العالمي.

واضافت: “لا بد من اجراء اصلاحات في كيفية ادارة فيفا وأن تنجح (هذه الاصلاحلات) قبل أن تقرر استراليا أن تنفق اموال دافعي الضرائب في ملف ترشح يشرف عليه فيفا”.

ومن المؤكد أن فيفا بحاجة الى الكثير من الاصلاحات التي بدأت على الارجح منذ الثلاثاء، عندما قرر رئيسه بلاتر الاستقالة من منصبه بعد ايام معدودة على انتخابه لولاية خامسة.

وتؤكد صحيفة “نيويورك تايمز” الاميركية ان بلاتر البالغ 79 عاما، والذي يرأس الاتحاد منذ 1998 “يحاول أن ينأى بنفسه عن الفضيحة”، لكن السلطات “تأمل الحصول على تعاون بعض مسؤولي الفيفا المتهمين” بالفساد لتضييق الخناق عليه.

وافادت شبكة “ايه بي سي” أن مكتب التحقيق الفدرالي والمدعين الاميركيين يشتبهون بتورط بلاتر في وقائع مرتبطة بفساد ورشاوى أدت الى توقيفات الاربعاء الفائت.

وصرح مصدر لقناة “ايه بي سي”: “فيما يحاول الجميع النفاد بنفسهم، هناك سباق مؤكد بين من سينقلب على الآخرين اولاً”.

والسؤال الذي يطرح نفسه: هل سيؤدي انقلاب المذنبين على رفاق الدرب في الفساد واستقالة بلاتر الى التأثير على روسيا وقطر واستضافتهما لمونديالي 2018 و2022؟.

في موسكو اعلن الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أن روسيا تواصل التحضيرات لكأس العام رغم استقالة بلاتر، مضيفا “روسيا تواصل التحضيرات لمونديال 2018. كل المشاريع جارية”.

من جانب آخر، دعا الرئيس السابق للاتحاد الالماني لكرة القدم ثيو تسفانتسيغر الى اعادة النظر بمنح قطر استضافة مونديال 2022، واصفا الدولة الخليجية بـ”سرطان كرة القدم العالمية”، فيما اعتبر رئيس الاتحاد الانكليزي غريغ دايك بأنه يتعين على منظمي مونديال 2022 أن يقلقوا بعد استقالة بلاتر.

ورد الاتحاد القطري على تصريحات دايك ببيان رسمي أصدره الشيخ حمد بن خليفة ال ثاني يؤكد فيه بأن قطر ليس لديها أي شيء تخفيه في ما يتعلق بملف ترشيحها.

وبالنسبة لمعركة خلافة بلاتر، سيترشح الامير علي بن الحسين مجدداً بعد ان خسر الجمعة الماضي امام السويسري، كما اعلن الكوري الجنوبي شونغ مونغ-جون نائب رئيس فيفا سابقًا والشخصية النافذة في عالم كرة القدم الآسيوية انه يفكر في الترشح.

وتدور تكهنات ايضا حول ترشح الفرنسي ميشال بلاتيني رئيس الاتحاد الاوروبي.[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها