تقسيم سوريا وفق أيّ قاعدة؟

تكشف لنا الاختراقات العسكرية الأخيرة التي حققت بعضها قوات المعارضة السورية المعتدلة إلى أيّ مدى كان حجم الخطأ الإستراتيجي الذي لحق بتلك المعارضة بسبب عدم الاستجابة لنداءات تسليحها والتي طالبت بها المملكة وبعض الدول العربية في وقت سابق، إضافة إلى نصائح مماثلة قدمتها وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ورئيس الاستخبارات ديفيد بترايوس السابقين للرئيس الأميركي إلا أن الأخير رفض.

لا يمكن في الوقت الحالي إلا التيقُّن بأن الرهان على النظام السوري ونجاته مما عملته يداه طوال أكثر من أربعة أعوام بات ضرباً من الخيال؛ فالإخفاقات التي يسجلها جيش النظام على عدة محاور أهمها ما حدث أول أمس من سقوط قاعدة (اللواء 52) في درعا والتي تقع على طريق دمشق – عمان العاصمة الأردنية ومواقع استراتيجية أخرى إلا بداية لنهاية وشيكة، وإن كان النظام يستميت اليوم محاولاً إغراء مقاتليه براتب شهر مكافأة، إلا أن الوقت فات والخطى تتسارع، والأمر أكبر من ذلك.

بعد اندلاع الثورة السورية وتأخر حلّها بدأت تتقافز خرائط تقسيم سورية إلى دويلات على عدة قواعد عرقية أو مذهبية أو دينية، والواقع أن مشروعات التقسيم التي تزخر بها بعض معاهد الاستشارات السياسية المنتشرة في أميركا وأوروبا للمنطقة بشكل عام تركز على الجانب الإثني/ الديني أكثر من أي شيء آخر.

لكن هل تقسيم سورية أمرٌ ممكن؟ في الواقع لا يوجد بوادر انقسام في سورية واضحة وإن روّج لذلك النظام القابع في دمشق وسوّق نفسه ضامناً لوحدة سورية إذ لا يتوفر ذلك الانقسام الإثني/الديني الصارخ في المجتمع السوري حتى مع حديث البعض عن دولة علوية ساحلية قد يلجأ إليها الأسد في آخر المطاف، فإن ذلك لا يمكن أخذه تحت أيّ ضمانة عندما تتدهور أوضاع الدائرة الضيقة حول النظام، فإنه لا يمكن التنبؤ بمآلات الأوضاع، بل إن مسلحي المعارضة باتوا على طريق الساحل اليوم، وحتى مع ظهور اضطهاد لبعض الأقليات المسيحية على سبيل المثال ندرك تماماً أن تلك الممارسات ترافقت مع وجود مقاتلين متطرفين سيتعرضون لنكسة كبيرة في حال تداعي النظام الذي يوفر لهم تغطية واضحة في بعض المواقع، إذاً لا قاعدة يمكن عليها تقسيم سورية، كما أن طول أمد الأزمة التي تعرضت لها لا تشجع كثيراً على نشوء صراع آخر، غير أن من الضروري أن نعلم أن ما يهدد المرحلة المقبلة في سورية هو التطرف الذي يمكن أن يحوّلها إلى أفغانستان أخرى.

 

أيمن الحماد – الرياض[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫2 تعليقات

  1. مشان موضوع التقسيم الغير واضح
    ايمت المعارضة رح تحرر الرقة؟؟؟ قال مافي تقسيم الشي اللي عّم يصير هو تعزيز التقسيم يا فهمان

  2. من باريس: قال ميشال أبو نجم…….. وانا متاكد بانها هذه هي حقيقة اوباما ….. يناصر الكلب وعصابته في سورية

    بينت بعض التفاصيل التي تسربت عن لقاءات المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا في جنيف وجود فجوات في الرؤية، ليس فقط بين الجهات الداعمة للنظام السوري، مثل إيران وروسيا من جهة ومجموعة أصدقاء الشعب السوري و«نواتها الضيقة» من جهة أخرى، بل داخل المعسكرين نفسيهما، وذلك حول نقطتين أساسيتين: مصير الرئيس الأسد وأولويات الحرب القائمة في هذا البلد. وبالمقابل، فإنها سلطت الضوء على وجود «توافقات» تتناول بقاء بنية الدولة السورية وتلافي تقسيمها خصوصا التركيز على الحاجة لمحاربة التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم داعش.
    وكشفت مصادر دبلوماسية اطلعت على مضمون المحادثات، لـ«الشرق الأوسط»، أن موقف الولايات المتحدة الأميركية كما نقله مسؤول الملف السوري في الخارجية الأميركية دانيال روبنشتاين، ما زال يتميز بـ«التحفظ» لجهة رحيل نظام الأسد الذي ما زالت الإدارة الأميركية ترى فيه «رافدا» في الحرب التي تقوم بها في العراق وسوريا على «داعش». ورغم الوهن البادي على قوى النظام السوري الذي تتسارع خسائره في جنوب البلاد وفي الشمال الشرقي والوسط، فإن الجانب الأميركي ما زال يرى للأسد «دورا» في العملية السياسية الانتقالية. أما «الهاجس» الأكبر لواشنطن، وهو ما عبر عنه كذلك المندوب البريطاني الذي التقى دي ميستورا، فهو وقوع العاصمة دمشق بأيدي داعش.