قبل تغيير الأسد احفظ رأسك
قبل أن تقع مجزرة قرية قلب لوزة في محافظة إدلب في شمال سوريا كانت عين الزعيم الاشتراكي وليد جنبلاط على السويداء في جنوب سوريا التي صارت الآن في واجهة الاهتمام بعد التقدم الذي أحرزته قوى المعارضة ضد قوات نظام بشار الاسد. كان من الواضح أن الاسد الذي تتعاظم كلفة بقائه رئيسا لسوريا لن يكترث إذا ما ترك دروز جنوب سوريا يواجهون مصيرهم مهما كان صعبا. لذلك استبق جنبلاط الخطر القادم فأوفد وزير الصحة العامة وائل ابو فاعور الى الاردن التي تحدّ سوريا من الجنوب فالتقى وزير الخارجية الاردني ناصر جودة للبحث في ما يمكن القيام به لحماية دروز جبل العرب من تداعيات قد تنتج من سيطرة تنظيم “داعش” على الموقف في الجنوب السوري. لم يعلن بعد زيارة أبو فاعور عن تدابير ملموسة لكن لقاء عمان قارب واقع الجنوب السوري الذي دخل مرحلة التحولات التي ظهرت معالمها في انهيار دفاعات نظام الاسد في مطار الثعلة العسكري الاستراتيجي. وفي قراءة الوزير أبو فاعور (قبل التطورات الاخيرة) أن نظام الاسد خسر الشمال والجنوب. وصارت تدمر التي وقعت تحت سيطرة “داعش” مفتوحة على جرود عرسال والسويداء. وبات من المهم العمل على تجنيب السويداء الخطر الذي قد يصل من تدمر، لا سيما وأن نظام الاسد إنسحب من السويداء بعدما أفرغ إهراءات القمح فيها وسحب السلاح الثقيل منها. لم يأت ترك الاسد السويداء من فراغ ,إذ أن هناك 20 الف قتيل علوي في صفوف الجيش و27 ألفا تخلفوا عن الخدمة. وصار محتما التركيز على ما تبقى من دولة يحكمها الاسد بين دمشق وحمص. حتى إن الاميركيين باتوا يتصرفون الان من منطلق تأجيل إنهيار الاسد ريثما تتضح صورة مستقبل سوريا. وقد حصروا أخيرا برنامجهم لتدريب المعارضة السورية بقتال “داعش” فقط مما أدى الى إنسحاب ألف مقاتل من برنامج التدريب في حلب. ويرى أبو فاعور أن مصير الاسد مرتبط بـ”دولة الشام-حمص”. وواقع هذه “الدولة” يعيد الى الذاكرة واقع سوق الغرب في الحرب اللبنانية عندما كان الاميركيون وغيرهم يرفضون المس بها.
قبل أيام ظهر السفير الاميركي ديفيد هيل في حقل رماية الطيبة-بعلبك ليشهد رماية تجريبية نفذها الجيش اللبناني للصواريخ الاميركية المضادة للدروع من طراز “تاو” تسلمها الشهر الماضي كجزء من مساعدات ممولة من الولايات المتحدة والسعودية. وفي مكان غير بعيد من مكان الرماية كان “حزب الله” يشتبك مع “داعش” في جرود رأس بعلبك. وليس من مبالغة في القول إن الحرص على عدم إنهيار الاسد بين دمشق وحمص يوازيه حرص أميركي على عدم إنهيار الحدود اللبنانية أمام تدفق “داعش” و”النصرة” وغيرهما حتى ولو بدا ذلك في مصلحة “حزب الله”. القول المأثور “عند تغيير الدول احفظ رأسك” ينطبق على دروز سوريا. أما رأس الاسد فتحفظه واشنطن في الوقت الراهن الى موعد ما بعد النووي الايراني.
أحمد عياش – النهار[ads3]