اللاجئون السوريون في لبنان : مضايقات إلى ما لا نهاية
شُيد مخيم الجاهرية للاجئين السوريين على أراض خصبة في سهل البقاع بالقرب من بلدة المريج. المفوضية العليا لشؤون اللاجئين واليونيسيف نصبت هنا خياماً بلاستيكية يعيش فيها اليوم مئات اللاجئين السوريين، بعضهم منذ أكثر من سنتين.
في بداية شهر حزيران/ يونيو الجاري اشتعلت النيران في المخيم وأحرقت 160 خيمة يعيش فيها 600 شخص. في الحريق لقي أربعة حتفهم وجرح العشرات، كما أتت النيران على بيوت ودكاكين ومدرسة ومركز ثقافي. وما تزال رائحة الحريق عالقة في الجو. ناديا جاثمة على الأرض وتحدق فيما كان بيتها : “كنت أعمل في مخبز، الآن ضاع كل شيء – بيتنا ومعاشنا وأوراقنا”. تتحدث بسرعة وتوتر، وتضيف متسائلة: “أمن أجل هذا تركنا سوريا؟”.
حادث عادي وكان متوقعا، خلايا المخيم البلاستيكية بنيت بشكل واهٍ، وهي عرضة للفيضانات والتجمد في الشتاء ويمكن أن تشتعل فيها النيران بسهولة خلال الصيف. في كل خيمة يعيش خمسة أشخاص على الأقل، وهي متلاصقة وقريبة جدا من بعضها البعض، والوقاية من الكوارث لا تكاد تلعب دوراً يذكر. وحدوث أية كارثة في مثل هذه الكثافة السكانية العالية ستؤدي حتماً إلى الفوضى.
مخيمات غير رسمية
رغم أن لبنان يشكل ملجأ حوالي ربع عدد اللاجئين السوريين البالغ عددهم أربعة ملايين لاجئ، إلا أن الحكومة اللبنانية ما زالت ترفض بناء مخيمات لهم، خشية ن يصبح مصيرهم مثل مصير اللاجئين الفلسطينيين الذين فروا إلى لبنان عام 1948. وهذا يعني أن على اللاجئين السوريين دفع أجرة سكن مهما كان وضع سكنهم بائساً. حصولهم على عمل وتأمين لقمة العيش أمر يرتبط بالحظ وحده، فبينما سمح بعض أصحاب الأراضي للسوريين بالبقاء فيها مجاناً، انتهز آخرون حاجة السوريين للمأوى وطالبوهم بدفع أسعار خيالية. ولهذا السبب اضطرت عائلات كثيرة للعودة إلى وطنها سوريا.
الإبعاد عن الحدود
أحد أكبر انتهاكات حقوق الإنسان يتم عند النقطة الحدودية بين سوريا ولبنان: في الخامس من كانون الثاني/ يناير الماضي قامت الحكومة اللبنانية بتشديد إجراءات دخول السوريين إلى أراضيها، ولزم على المواطن السوري تقديم سبب لزيارة لبنان وتحديد مدة إقامته. تاريخيا كانت الحدود مفتوحة بين البلدين، والآن أصبح لزاما على السوريين أن يثبتوا أنهم سواح أو طلاب أو رجال أعمال أو أنهم في حاجة إلى إلى علاج، للسماح لهم بالدخول.
“نحن على علم بوجود أناس يستحقون الحصول على لجوء سياسي ويتم إرجاعهم من على الحدود”، تقول لمى فقيه، مستشارة منظمة العفو الدولية في حديثها مع DW. وتضيف “هذا يشكل انتهاكاً لالتزامات لبنان الدولية بعدم إرجاع أي شخص تنطبق عليه مواصفات اللاجئ”.
من ينجح في دخول لبنان فلا مفر له من انتهاك القوانين العديدة الصارمة المفروضة على اللاجئين. ولكي يجدد اللاجئ إقامته عليه دفع رسوم سنوية تصل إلى 200 دولار أمريكي والتوقيع على عدم العمل في لبنان. ومن لا يملك قيمة الرسوم أو يتم رفض تجديد طلبه، فلا يبقى أمامه سوى البقاء هناك بشكل غير شرعي ومخالف للقانون وعرضة لاحتمال اعتقاله وإبعاده. وتقول لمى الفقيه: “هذا أيضا يقيّد فرص حصولهم على الخدمات الاجتماعية الأساسية”. فبدون هذه الأوراق لا يمكن للاجئين الحصول على العناية الصحية والتعليم لأولادهم، ومن يتعرض لجريمة فقد يخاطر بإلقاء نفسه بالسجن في حال إبلاغه الشرطة.
ومع عدم وجود أمكانيات آمنة ومشروعة للوصول إلى أوروبا وعدم توفر إمكانية العودة إلى بيوتهم في سوريا، فليس هناك من خيار آخر أمام اللاجئين السوريين في لبنان سوى مواصلة العيش في حياة غير مستقرة. (إذاعة صوت ألمانيا)[ads3]
مجرد دخول السوري لبنان يشعر بالحقد الغريب الذي صنعته السياسة الحقيرة