فابيوس يبدأ جولة شرق أوسطية بانتقاد الاستيطان الإسرائيلي

بدأ وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس في القاهرة السبت جولة شرق اوسطية استهلها بانتقاد الاستيطان الاسرائيلي في الاراضي الفلسطينية المحتلة الذي يحول دون استئناف مفاوضات السلام بين اسرائيل والفلسطينيين ويجعل حل الدولتين “مستحيلا”.

وتشمل “الجولة الدبلوماسية المكثفة” للوزير الفرنسي في الشرق الاوسط كلا من مصر والأردن والاراضي الفلسطينية واسرائيل، وهي تهدف لعرض مبادرة فرنسية لاستئناف عملية السلام المجمدة منذ نحو عام.

وقال فابيوس في ترجمة لتصريحاته باللغة العربية “من المهم أن تستأنف المفاوضات وإلا لن يحصل تقدم”، وذلك في مؤتمر صحافي في قصر الاتحادية الرئاسي عقب مباحثات مع نظيره المصري سامح شكري والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

واوضح فابيوس ان الفكرة الاساسية للمشروع الفرنسي “ليست ان نصنع السلام لكن ان ندفع هذه الاطراف نفسها لتصنع السلام”.

واضاف ان “ضمان امن اسرائيل هو شيء مهم جدا ولكن ايضا الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني، فلا سلام بدون عدالة. وعندما يزداد الاستيطان يتراجع حل الدولتين”.

وبهذه العبارة الاخيرة يخاطر الوزير الفرنسي بإثارة غضب الدولة العبرية التي تثور ثائرتها كلما انتقد احد توسعها الاستيطاني في الاراضي المحتلة بما في ذلك القدس الشرقية.

ويعتبر المجتمع الدولي كل الانشطة الاستيطانية الاسرائيلية في الاراضي المحتلة مخالفة للقانون وعقبة رئيسية امام استئناف مفاوضات السلام.

واضاف فابيوس “هذا ليس حجر العثرة الوحيد ولكن اذا اردنا حل الدولتين وهو الوحيد القابل للتطبيق كما يعترف بذلك الطرفان فان الاستيطان اذا ما تواصل يهدد بجعل هذا الحل مستحيل التطبيق على ارض الواقع″.

وتابع الوزير الفرنسي “سوف اتكلم في هذا الموضوع مع الرئيس الفلسطيني (محمود عباس) ورئيس الوزراء الاسرائيلي (بنيامين نتانياهو) وأسالهما كيف يريان مستقبل هذه المفاوضات”.

واوضح “ان لم نفعل شيئا فهناك خطر ان نستمر في المراوحة وان نغرق في الاوحال، وحينها نواجه خطر ان تشتعل هذه المنطقة”.

وبحسب دبلوماسي فرنسيا فان الهدف الرئيسي من المبادرة الفرنسية هو الدفع باتجاه استئناف المفاوضات، و”نحن اليوم بعيدون عن ذلك”، مبديا اسفه لحالة “الجمود القاتل”.

لكن الأوضاع الاقليمية الراهنة غير مواتية على ما يبدو لاستئناف المفاوضات. فرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو يقود منذ ايار/ مايو حكومة هي بين الاكثر يمينية في تاريخ اسرائيل في اطار ائتلاف ضعيف، فيما تستمر حركة بناء المستوطنات بلا توقف علما بانها تعتبر العقبة الرئيسية امام حل الدولتين المتفق عليه اساسا للتفاوض.

وفي الجانب الفلسطيني، يواجه الرئيس محمود عباس ازمة سياسية عميقة ولم ينجح في تحقيق المصالحة بين حركة فتح التي يرأسها والتي تتولى السلطة في الضفة الغربية وحركة حماس التي تدير قطاع غزة الذي يعيش حالة غليان بعد نحو عام من الحرب الاسرائيلية الدامية في صيف 2014.

وكل هذا في وقت حول العالم اهتمامه الى الوضع في العراق وسوريا حيث بات تنظيم الدولة الاسلامية يشكل التهديد الاول على مستوى العالم.

واقترح الوزير الفرنسي السبت على جامعة الدول العربية ومقرها القاهرة “تشكيل لجنة دولية لدعم” المفاوضات تتضمن “الدول الدائمة العضوية في مجلس الامن وممثلين عن الاتحاد الاوروبي والدول العربية”.

وقال “هذه المفاوضات بدأت قبل 40 عاما وهي لم تؤد الى اي نتيجة. بالتالي هناك ضرورة لتكييف وتغيير الاسلوب. الدول العربية لها الكثير مما تقترحه وتعطيه وكذلك الدول الاوروبية والمجتمع الدولي يمكن ان تقدم الكثير في اطار مواكبة هذه الامور”.

من جهته، اعتبر شكري ان “حل الدولتين لا يزال هو الذي يبشر بالامل لاستقرار المنطقة”، معربا عن “القلق حيال الوضع في ما يتعلق بعملية السلام” بين الفلسطينيين والاسرائيليين.

وينتقل فابيوس إلى عمان الاحد ثم رام الله والقدس وتل ابيب خلال زيارته الرابعة للمنطقة منذ العام 2012 لعرض الفكرة الاساسية للمشروع الفرنسي التي تقوم على استئناف المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية تحت رعاية دولية ووفق جدول زمني محدد.

وفي نهاية كانون الاول/ ديسمبر قدم الفلسطينيون مشروع قرار الى مجلس الامن الدولي حصل على دعم فرنسي وينص على التوصل الى اتفاق سلام خلال 12 شهرا وعلى انسحاب اسرائيل من الاراضي المحتلة قبل نهاية 2017، لكن دولا عدة عارضته بينها الولايات المتحدة التي استخدمت الفيتو.

وبدأت فرنسا تنشط لتحريك عملية السلام بين اسرائيل والفلسطينيين، الامر الذي يعتبر تقليديا من اهتمامات واشنطن، وذلك بعد فشل وساطة وزير الخارجية الاميركي جون كيري في ربيع 2014.

لكن المشروع الفرنسي يتطلب موافقة الولايات المتحدة. وترى باريس في التصريحات الاميركية الاخيرة التي قالت ان واشنطن قد تراجع موقفها بشأن تأييدها الراسخ لإسرائيل في الامم المتحدة “انفتاحا غير مسبوق ينبغي استغلاله”.

وتعارض حكومة اسرائيل اي توجه لاستصدار قرار من الامم المتحدة وابدت استياءها السنة الماضية من تصويت البرلمان الفرنسي على قرار يطالب الحكومة الفرنسية بالاعتراف بفلسطين. (AFP)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها