طبيب سوري يروي شهادته عن مآسي قصف جيش بشار الأسد للمدنيين بالكلورين السام

منذ أن جرًد المجتمع الدولي النظام السوري من ترسانته الكيميائية، يحاول الأسد إيجاد أنواع جديدة من طرق الحرب النفسية والأساليب العسكرية للتنكيل بمعارضيه والمدن التي تحتضنهم.

أحد هذه الأساليب هي استخدام غاز الكلور، الذي أصبح يضعه داخل براميله المتفجرة، لتلقيها طائراته على المدن التي تسيطر عليها المعارضة، وكأن الأسلحة التقليدية وحدها غير كافية لقتل أبناء شعبه.

ورغم التقارير المتواصلة، الواردة من المدن السورية بشأن استخدام الأسد غاز الكلورين ضد المدنيين، إلا أن المجتمع الدولي لم يُلق بالًا لهذا السلاح، كونه غير وارد على قائمة الأسلحة الكيميائية، وهو ما دفع “محمد تناري”، الطبيب السوري ومدير مستشفى سرمين الميداني، إلى الحضور للولايات المتحدة للحديث أمام لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي، حول هذه القضية، التي صارت تشكل معاناة يومية للمناطق المحررة.

الطبيب السوري تحدث للأناضول قائلًا “يضرب النظام، المناطق التي تقع خارج سيطرته ووقعت بيد المعارضة، مسخدمًا طائرات الهليكوبتر وطائرات الجيش، عن طريق إلقاء البراميل المتفجرة، وهو ما يوقع مئات الضحايا، لذلك نرى إصابات وضحايا البراميل المتفجرة يوميا في المستشفيات”.

وكشف الدكتور تناري أن قوات الأسد “تركز باستمرار على المناطق المدنية، وتستهدف الأسواق، والمستشفيات والمدارس والمدنيين أكثر من المسلحين، بهدف ضرب الحاضنة الشعبية للمقاومة وهو السلاح الوحيد الذي تمتلكه المعارضة، كي يجبر الناس الذين يؤيدونها على الفرار إلى خارج سوريا”.

ويروي الطبيب للأناضول قصة عائلة استطاعت النجاة من ضربة غاز الكلور، إلا أنها لم تكن محظوظة بما فيه الكفاية للإفلات من البراميل المتفجرة.

قال: “في ليلة 24 أو 25 أيار/ مارس الفائت، جاءتنا عائلة كاملة تعرضت لقصف بغاز الكلور، عالجناهم وحمدنا الله على ذلك”، مردفًا “لكن للأسف، في اليوم التالي ضربت المنطقة بأكملها بالطائرات العسكرية، ما أدى لمقتل عدد من أفراد تلك العائلة، كان بينهم الطفل محمد وأبناء عمه الذين كانوا معه، ماتوا جميعًا، 12 شخصًا لقوا مصرعهم جراء تلك الغارة”.

ويمضي تناري في سرد المأساة، “كان هناك أكثر من 30 شخصًا أصيبوا، بينما تم نقل بعض الأشخاص وهم مقطعو الأوصال، أرض المشفى كان مغطى بالدماء، بدأنا بوضع الجرحى على أرض لكثرتهم، هذه هي المشاهد التي علينا أن نتعايش معها كل يوم”.

تناري الذي يعد واحدًا من بين 11 طبيبًا فقط يعلمون في المشفى، الفقير للمعدات والتجهيزات والأدوية ويغطي كثافة سكانية تصل 250 ألف نسمة، يصف لنا قدرته على الاحتمال والعمل في ظل هذه الظروف المأساوية ويضيف، “لسوء الحظ، علينا أن نرى هذه المشاهد المؤلمة جدًا يوميًا، وعلينا أن نحيا معها لأنه يتوجب علينا مواصلة علاج الناس، لا نستطيع أن نتركهم”.

وأكد أن “أكبر معاناة في إدلب هي الغارات الجوية، لو لم تكن هناك غارات لعادت الحياة إلى طبيعتها نوعًا ما”، منوهًا أن “الغازات السامّة، بما فيها الكلورين، يتم إلقاؤها من الطائرات الحربية، لذا فإن الحل الوحيد لإيقاف هجمات البراميل المتفجرة المعبأة بالكلورين، التي تسببت بمقتل مئات السوريين، هو إيجاد منطقة حظر للطيران”.

ويؤكد تناري الذي جاء إلى واشنطن ليقدم للكونغرس الأمريكي أدلة على استخدام الأسد غاز الكلور في هجماته، أن خطورة الغاز تكمن في كونه لا يعد سلاحًا كيماويًا محظورًا، ورغم أنه ليس فتاكًا بقدر غاز السارين الكيماوي المحظور، إلا أن له تأثيرًا نفسيًا على المدنيين.

ويرى الطبيب أن “النظام لا يرى رد فعل دولي على استخدامه غاز الكلور شبيهًا كالرد على استخدام أنواع أخرى من الغازات المحرّمة، كالسارين مثلاً”، لافتاً أن استخدام الكلور يتسبب بـ”ترهيب الناس، ما يضطرهم إلى مغادرة منازلهم، وإفراغ مناطق المعارضة من أهلها”.

وكشف الطبيب السوري، أن الأسد استهدف إدلب بغاز الكلورين منذ 16 مارس/ آذار الماضي وحتى الخميس المنصرم 31 مرة، ما تسبب بإصابة 580 شخصًا بينهم 6 من عائلة واحدة.

ويستطرد  تناري، الذي بدت عليه ملامح التأثر الواضح وهو يروي معاناة عائلة أخرى كان قد قصّها على اعضاء مجلس النواب الأمريكي، “تلك العائلة كانت ضحية هجوم بالكلورين على إدلب يوم 16 مارس، كان البيت الذي سكنوه قد استهدف عن طريق برميل متفجر، معبأ بالكلورين، وسقط عبر فتحة التهوية، حيث تكاثفت كمية الغازات التي تعرضوا لها لدرجة كبيرة جدًا، ولم يكن باستطاعتنا مساعدتهم، ما أدى إلى وفاة جميع أفراد العائلة”.

وأخبر تناري الأناضول أن المستشفى الذي يعمل فيه، تلقى في تلك الليلة 120 حالة، وهو عدد كبير جداً مقارنة بإمكانيات المستشفى وطاقمها البسيط.

وأضاف “ليس لدينا طاقم كافٍ لتلقي هذا العدد الهائل، لدينا نقص في أجهزة المرنان (أم آر آي) والتصوير الطبقي (سي تي سكان)، ليس هنالك منطقة محررة في سوريا تمتلك هذه الاجهزة، لدينا نقص في الأدوية والمستهلكات”، مستدركًا أن المشفى تلقى مساعدات طبية من “المجتمع الدولي إلا أن النقص كبير”.

وأوضح الطبيب الذي رفض ترك بلاده، أن “الاستهداف المستمر للمستشفيات بالغارات سبب نزوح أعداد كبيرة من الأطباء إلى خارج سوريا”، مشيراً أن النقص الحاد في الكوادر الطبية دفعهم إلى ترتيب معالجة المرضى بحسب الأولويات، “نحاول معالجة الحالات الإسعافية والجرحى من جراء الانفجارات بالدرجة الأولى والحالات المزمنة وغيرها بالدرجة الثانية”.

ولفت تناري أن المستشفى لا يملك ما يمكنه علاج الحالات المعقدة كأمراض القلب أو السرطان قائلا “يتم نقل هؤلاء إلى الحدود التركية عن طريق سيارات الإسعاف حيث يستقبلهم إسعاف تركي”.

لكن مشاكل الطبيب محمد تناري لا تنتهي عند هذا الحد، فسيارات الإسعاف أيضًا محدودة لديهم، ويضطر إلى استخدام سيارته وسيارات الأطباء لنقل المرضى في حال عدم توفر سيارات الإسعاف. (Anadolu)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

2 Comments

  1. فيصل قاسم انسان صادق وهو من عائلة ابو طيط في السويداء وسميت عائلته بهذا الاسم لان كل ماكان واحد يكذب في القرية جدو لفيصل يقول طيط طيط طيط جدو الله يرحمه كان من الاوادم طيط طيط طيط طيط

  2. و مثلا ما فی حد یتکلم عن کفریا و الفوعة المحاصرتان بها الشهر رمضان بایدی هؤلاء الثورتجیین الابریاء…