رئيس حزب العمال الكردستاني : شرطنا الوحيد لاستمرار عملية السلام إطلاق سراح أوجلان .. و لن تكون هناك سوريا دون العلويين لأنهم هم الذين أسسوا الدولة

بينما يقضي رئيس حزب العمال الكردستاني التركي عبد الله أوجلان في سجن أمرلي التركي المحصن عقوبة السجن مدى الحياة، فإن رئيسا آخر، جميل بايك الرئيس المشترك لمنظومة المجتمع الكردستاني (الشخص الثاني بعد عبد الله أوجلان في قيادة حزب العمال الكردستاني)، فهو الذي يتزعم الحزب، وهو من يقود عمليات ومفاوضات وتحركات واحد من أكبر الأحزاب الكردية المعارضة في تركيا، والذي تعتبره الحكومة التركية «حركة إرهابية».

على هذا الأساس يكون لحزب العمال الكردستاني رئيسان، أوجلان القابع خلف قضبان زنزانته في سجن أمرلي، حيث يوضح بايك «أوجلان أسير في يد الأتراك، ولا يستطيع قيادة الحركة من سجن أمرلي وتحت ضغط وظلم تركيا»، مؤكدا: «نحن ندير هذه الحركة الآن»، ويديرها من جبال قنديل في إقليم كردستان العراق التي وصلتها «الشرق الأوسط» بعد رحلة شاقة لإجراء حوار مع الرئيس بايك حول ما وصلت إليه نتائج مباحثات السلام بين الحزب والحكومة التركية، والتي «أوقفها رجب طيب إردوغان (الرئيس التركي) لأسباب انتخابية»، وما سيؤول إليه مصير الرئيس المسجون، أوجلان.

أهمية هذا الحوار تأتي بعد أن حقق أكراد تركيا، ولأول مرة في تاريخهم وتاريخ الجمهورية التركية، نتائج مفاجئة في الانتخابات لتشريعية التي جرت في السابع من الشهر الحالي وحصلوا بواسطة حزب الشعوب الديمقراطي على 81 مقعدا في البرلمان التركي، بل إن ابنة شقيق أوجلان نفسه، ديلك أوجلان (28 عاما) أدت قبل ثلاثة أيام اليمين الدستورية كأصغر عضوة في البرلمان التركي.

الزعيم جميل بايك فتح أوراقه في حوار مطول لأول مطبوعة عربية، معتبرا وصول الأكراد إلى البرلمان التركي أحد «أهم إنجازات حزبنا»، مؤكدا: «نحن لا نريد قيام دولة كردية في تركيا، بل نكتفي بالحكم الكونفدرالي».
وفيما يلي نص الحوار:

* هل قرار وقف إطلاق النار من جانب واحد مع تركيا ما زال مستمرا؟
– نحن دفعنا بعملية وقف إطلاق النار من جانب واحد نحو الأمام قبل الانتخابات، لكن إردوغان أنهى هذه العملية لأنه تدخل فيها من أجل الانتخابات،وتدخل أيضا في المباحثات بين الحكومة التركية والرئيس (حزب العمال الكردستاني) أوجلان بعد أن توصلا إلى اتفاق حول عشر نقاط، أعلن عنها وفدا حزب الشعوب الديمقراطية والحكومة التركية في قصر (دولمة باخجة)، هذا إلى جانب أن الرئيس أوجلان توصل مع الوفد الذي تفاوض معه إلى نتيجة تقضي بتشكيل لجنة للمتابعة ولجنة أخرى في البرلمان التركي، ومن ثم يلتقون مع الرئيس أوجلان، وتشكل اللجنتان فيما بعد لجنة أخرى لتقصي الحقائق، لكي تسير عملية السلام والاجتماعات الخاصة بها على هذا الأساس، لكن إردوغان تدخل وقال أنا أرفض لقاء دولمة باخجة، ولن أقبل بتوجه اللجنة للقاء أوجلان، وعزا قراره هذا إلى أن هذه الخطوات تعطي الشرعية لأوجلان، وبعدها قال إنه لا وجود للمشكلة الكردية في تركيا، ومن يقُل إن هناك مشكلة كردية في تركيا فهو عدو لتركيا ويريد تقسيمها، لذا يجب أن يعلم الجميع أن إردوغان هو الذي أنهى عملية السلام.

* إذن بحسب حديثكم، الآن توقفت عملية السلام؟
– الآن لا وجود لعملية السلام في تركيا، الرئيس أوجلان هو الذي عمل من أجل تقدم هذا المشروع، وهم اتخذوا موقفا ضده، الآن توقفت اللقاءات مع أوجلان، لم تجر أي لقاءات بينه وبين وفد حزب الشعوب الديمقراطية (ه.د.ب) أو مع أفراد عائلته منذ 5 أبريل (نيسان) الماضي، ويجب أن يعلم الكل أننا لم ننه عملية السلام في تركيا، بل إردوغان هو الذي أنهاها، وهذا ليس موقف إردوغان فقط، بل هو موقف الدولة التركية الممثلة برئيس جمهوريتها (إردوغان)، وتدخله يعني تدخل الدولة، نحن نفهم الوضع جيدا، الحكومة التركية خطت بعض الخطوات ووافقت على النقاط العشر التي طرحها أوجلان من أجل تقدم العملية الديمقراطية في تركيا وحل المسألة الكردية، لكن الحكومة التركية لم يكن لها أي موقف اتجاه إردوغان، وكان على الحكومة أن تحافظ على خطواتها، لأن هذه النقاط معروفة للرأي العام، «ه.د.ب» حاولت بعد هذا التاريخ أن تلتقي أوجلان لكن تركيا رفضت، لذا ليست لدينا أي معلومات عن وضع أوجلان في إمرالي منذ أكثر من ثلاثة أشهر، وانقطاع الاتصال بأوجلان يعني انتهاء عملية السلام.

* ما قراءتكم للتقدم الكبير الذي حققه الأكراد في تركيا أخيرا خلال الانتخابات البرلمانية التي جرت في 7 يونيو (حزيران) الحالي؟
– الانتخابات الأخيرة في تركيا أحدثت تغيرات كبيرة، لأن الدولة التركية تأسست على القانون الأساسي، ومن المهم إجراء تغييرات في هذه الجمهورية، ويجب أن تتقدم العملية الديمقراطية فيها، ويجب تطوير دستور ديمقراطي للبلاد، حينها تستطيع تركيا أن تستمر، هذه الانتخابات أنهت النظام التركي، و«ه.د.ب» احتضنت مطالب القوميات الأخرى في تركيا، واستطاعت أن تحصل على أصوات كثيرة وانتصرت، وهي المرة الأولى منذ تاريخ الجمهورية التركية التي لم يحصل فيها حزب السلطة على أي نتيجة في كردستان، وانتهت، وهي المرة الأولى التي لحقت فيها أكبر ضربة لأحزاب تركيا، فالأحزاب التركية تأسست على أساس نكران الكرد والقوميات الأخرى، أحزاب تأسست من أجل دولة واحدة وقومية واحدة وعلم واحد، لكننا من أفشل هذا المشروع وأدخلنا كل القوميات إلى البرلمان، بعد أن كانوا على شفا الانتهاء. لذا على تركيا أن تخطو نحو الديمقراطية وإلا فلن تستطيع تركيا الاستمرار بهذا الشكل، وأي حكومة تتشكل ستكون حكومة حرب، أي أنها ستحمي الجمهورية التركية بالحرب، في حين أن الانتخابات فرضت التغييرات على الجمهورية، والآن يريدون تشكيل حكومة حرب، وهذه الحكومة لن تستطيع حل مشكلات تركيا وستكبر هذه المشكلات وتكثر.

* الآن وبعد هذا التقدم، ماذا تنتظرون من حزب الشعوب الديمقراطي (ه.د.ب)؟
– يجب على حزب الشعوب الديمقراطية (ه.د.ب) أن يعمل من أجل دستور يضمن حقوق كل القوميات.

* بعد نجاح حزب الشعوب الديمقراطي في الانتخابات، هل تتوقع ظهور خلافات بين قنديل وهذا الحزب، أو ظهور خلافات أخرى بين قنديل وإمرالي؟
– هذا كلام قديم، ويقال منذ زمن هذه حرب نفسية، ومراكز الحرب الخاصة هي التي تقول إن هناك خلافات بين أوجلان وقنديل، وأوجلان و«ه.د.ب»، وقنديل و«ه.د.ب»، فلكل طرف من هذه الأطراف دوره الخاص، فقنديل و«ه.د.ب» لا يستطيعان لعب دور أوجلان، وبالعكس لا يستطيع قنديل وأوجلان لعب دور «ه.د.ب»، وكذلك أوجلان و«ه.د.ب» لا يستطيعان لعب دور قنديل، فهذه الأطراف الثلاثة تكمل مع بعضها الدور الكبير، «ه.د.ب» يعمل من أجل تقدم الديمقراطية في تركيا، وهو لا يستطيع أن يقرر باسم حزب العمال الكردستاني، فنحن من يقرر باسم حزب العمال، ونحن من نقرر الاستمرار في النضال المسلح من عدمه، ولا يستطيع أوجلان و«ه.د.ب» إصدار هذا القرار.

* أما زلتم تتلقون التعليمات من أوجلان؟
– أوجلان أسير في يد الأتراك، ولا يستطيع قيادة الحركة من سجن إمرالي وتحت ضغط وظلم تركيا، نحن ندير هذه الحركة الآن.

* أتقصد أنكم لن تتركوا السلاح؟
– لن نترك السلاح إلا بعد إطلاق سراح أوجلان، وعودته إلى رفاقه في قنديل والالتقاء بهم ولقاء مكونات تركيا الأخرى، فتركيا تغيرت ولم تبق تركيا السابقة، الآن اللقاءات ستجري على أساس إطلاق سراح أوجلان، فإن كانوا يظنون أنهم سيتمكنون من التعامل كالماضي مع أوجلان، فنحن لن نقبل بذلك، يجب إطلاق سراح الرئيس أوجلان لأنه بذل جهودا كبيرة من أجل الديمقراطية في تركيا، فلأوجلان دور كبير في انتصار «ه.د.ب» في الانتخابات التركية، ودفع مشروعها نحو الأمام، فاحتضان كل الحركات المعارضة من قبل «ه.د.ب» كان مشروعه، ولهذا حقق نجاحا كبيرا.

*ما مستقبل عملية السلام في تركيا خلال المرحلة المقبلة؟ هل هناك إمكانية لاستمرارها؟
– شرطنا الأساسي لاستمرار عملية السلام هو إطلاق سراح أوجلان، ودون ذلك لن تشهد عملية السلام أي تقدم.

* ما الخطوات المتخذة لإطلاق سراح أوجلان؟
– ما تحقق اليوم في تركيا يفتح الطريق أمام إطلاق سراح أوجلان، إن كانت ترغب تركيا في الخروج من المشكلات والأزمات، يجب أن تطلق سراحه، فسياسة الدولة القومية فشلت، الآن هناك حاجة إلى الديمقراطية وإلى دستور جديد، وأوجلان هو الذي دفع بكل هذه الخطوات نحو الأمام.

* متى سيحين وقت ترك السلاح والبدء بنضال سياسي في تركيا؟
– نحن وأوجلان قلنا إذا تم حل القضية الكردية في تركيا فحينها سنترك القتال، وهذا ليس حديث اليوم، نحن نقول هذا منذ عام 1993، ومنذ ذلك الوقت ولحد الآن أعلنا وقف إطلاق النار من جانب واحد ثماني مرات، ومهدنا الطريق للقاءات والاجتماعات والتفاوض، لذا كيف نترك السلاح وتركيا ما زالت متمسكة بحكومة الحرب، وهناك حرب قائمة في الشرق الأوسط وهي ضد الكرد؟

* ما مشروعكم في حزب العمال الكردستاني لكردستان تركيا؟
– نحن نريد دستورا ديمقراطيا يحل مشكلة الأكراد في تركيا، ونؤيد كل خطوة في هذا الإطار، لكن إذا لم تخطُ تركيا هذه الخطوات، وحاولت تشكيل حكومة حرب، ومقاتلتنا، حينها ندافع عن أنفسنا، وسندافع عن القوى الديمقراطية في تركيا، وهذا من واجبنا، تركيا وصلت إلى مرحلة تحتاج فيها إلى إجراء تغييرات.

* تحدثتم عن الدفاع ومقاتلة تركيا فيما إذا هاجمتكم، لكن هل أنتم الآن قادرون على مواجهة الدولة التركية عسكريا؟
– لدينا القوة الكافية لذلك، فنحن نقاتل تركيا منذ عشرات السنين، ونضالنا هو الذي نقل تركيا إلى هذه المرحلة، فانتهاء الدولة القومية كان نتيجة نضالنا.

* إذن خطة النجاح في الانتخابات البرلمانية وضعت في قنديل؟
– هذا مشروع الرئيس أوجلان، ونحن أيدناه من كل الجوانب.

* كيف أيدتم حزب الشعوب الديمقراطية (ه.د.ب) في هذه الانتخابات؟
– أيدناه من الناحية السياسية والإعلامية وطلبنا من مؤيدينا التصويت لهم والتعاون معهم لإحراز النصر.

* ما مصير فرق السلام التي تخلت عن السلاح فيما مضى ودخلت إلى تركيا؟
– نحن لم نتخل عن السلاح، عندما بدأت عملية السلام سحبنا قواتنا من كردستان تركيا، لكن عندما شعرنا أن الدولة التركية تريد خداعنا أوقفنا الانسحاب، وحذرنا حزب العدالة والتنمية الحاكم، وقلنا لهم إن لم تحدثوا تغييرات في سياستكم، فنحن سنوقف الانسحاب، ونتخذ قرارا جديدا، وعندما شعرنا أنهم لم يغيروا شيئا، أعدنا قوتنا مرة أخرى، هذا بالإضافة إلى أننا أرسلنا من قبل فريقي سلام إلى تركيا، لكن أنقرة اعتقلت أعضاء هذين الفريقين ومارست بحقهم أبشع أنواع التعذيب، ومنهم من قتل في السجون التركية. تركيا لا تنظر إلى القضية الكردية بوصفها قضية سياسية، بل تنظر إليها بوصفها قضية الإرهاب، وتقول إن تركيا تريد التطور إلا أن بعض القوى ومن خلال الحزب العمال الكردستاني يريدون تقديم الإرهاب على كل شيء.

* حزب العمال الكردستاني منذ تأسيسه كان يطالب بتأسيس كردستان الكبرى، أما زلتم متمسكين بهذا المطلب، أم تخليتم عنه؟
– حزب العمال الكردستاني تأسس في البداية على أساس فكري، وقطع على هذا الأساس مرحلة طويلة، ومن ثم تغيرت تلك المرحلة، فحزبنا الآن ليس ذلك الحزب الذي كان موجودا في مرحلة التأسيس، فالمرحلة التي تأسس فيها حزب العمال الكردستاني كانت مرحلة قيام الدولة، لكننا اليوم لا نناضل من أجل تأسيس الدولة، لأننا نرى أن الدولة هي ضد الحرية والديمقراطية والفرد، أما الآن فنحن نعمل من أجل النظام الكونفدرالي، ونريد حل المشكلة الكردية ومشكلة الشعوب الأخرى في تركيا عن طريق هذا النظام، نحن في البداية اعتمدنا تأسيس الدولة أساسا لحل المشكلة الكردية، لكننا شاهدنا أن الدولة لن تحل مشكلتنا ولن تضمن الديمقراطية والحرية للمجتمع، لذا تركنا تلك المرحلة وأحدثنا تغييرا في استراتيجيتنا، الآن نواصل نضالنا بشكل آخر، ونحارب من أجل مجتمع حر، نحن نريد دفع النظام الديمقراطي إلى الأمام وتطويره، فكما أن الدولة نظام، الديمقراطية أيضا نظام.

* كيف ترى وحدة الشعب الكردي الآن؟
– حزب العمال الكردستاني يعمل من أجل وحدة الشعب الكردي، وإعادة الاحترام لهذا الشعب عالميا، وإيصال دور المرأة الكردية في الحرب ضد «داعش» إلى العالم، فالحرب ضد تنظيم داعش منح الشعب الكردي احتراما دوليا.

* لكنكم لم تذكروا الدور الذي تلعبه الأحزاب الكردية الأخرى في الحرب ضد «داعش»، هل هذا يعني أنكم أنتم الوحيدون الذين أنجزتم هذا دون مشاركة الأطراف الكردية الأخرى؟
– كل شخص يعمل حسب قدراته وفرصه، لكن من عرف العالم بالقضية الكردية اليوم هو حزب العمال الكردستاني، وهذا ليس حديثي فقط، فالأوروبيون يستمدون قوتهم من الأكراد اليوم لكسر خوف «داعش»، ولقد شاهدتم ما حققه العمال الكردستاني في تركيا، وما حققته وحدات حماية الشعب والمرأة في كردستان سوريا، وكيف دافعنا عن إقليم كردستان ضد «داعش» في مخمور وكركوك والمناطق الأخرى، أنا لا أقول إن العمال الكردستاني هو الوحيد الذي يعمل، فالأطراف الأخرى أيضا تعمل، لكن عملنا نحن يختلف لأننا نحدث التغييرات ونكون التوازن، خلال المدة الماضية تمكنا من أن نوجه ضربة قاضية لـ«داعش»، فنحن نحمي الإنسانية، «داعش» قتل في فرنسا مجموعة من الأشخاص، حينها استقبل الرئيس الفرنسي قائدة قوات حماية المرأة، من أجل كسر هيبة «داعش»، الآن أوروبا ترغب في بدء سياسة جديدة للعلاقات مع حزب العمال الكردستاني ونحن الآن في هذه المرحلة.

*هذا يعني أنه سيتم رفع اسم حزب العمال الكردستاني من قائمة الإرهاب الدولية؟
– لا، لن يرفع اسم العمال الكردستاني من قائمة الإرهاب، لأن اسم الحزب تم إدراجه للقائمة بطلب من تركيا، ويجب أن تطلب تركيا رفع اسمه من القائمة، هم أدخلوا اسمنا إلى قائمة الإرهاب وأنشأوا تحالفا ضدنا، ونحن الآن نحارب «داعش» ونلحق به الخسائر، وهذا أصبح اليوم مصدر مشكلة، فدول العالم ترى اليوم حزب العمال الكردستاني يحمي الإنسانية، وهذا الموقف وضع الدول في موقف لا يعلمون ماذا يفعلون من أجل إخراجنا من قائمة الإرهاب، لأن تركيا عضو في الناتو وتساعد «داعش» في الوقت ذاته، وحزب العمال الكردستاني يحارب «داعش»، لذا يجب على هذه الدول التي أدرجت الحزب في هذه القائمة إيجاد حل لهذه المسألة.

* ما قراءتكم للوضع في سوريا؟
– سوريا متجهة نحو التقسيم، فبتحرير منطقة تل أبيض من «داعش»، ستحدث تغييرات كبيرة، فهزيمة «داعش» في تل أبيض فتحت الأبواب لتغييرات كبرى في سوريا، وهذه التغييرات مرتبطة بثورة غرب كردستان (كردستان سوريا)، فانتصارات الكرد وهزيمة «داعش» ستكون أساسا لسوريا الديمقراطية.

* هل سيكون هناك مكان لبشار الأسد في الدولة السورية التي تتحدث عنها؟
– هناك مكان للعلويين في سوريا، ولن تكون هناك سوريا دون العلويين، لأنهم هم الذين أسسوا الدولة السورية، لكن على العلويين أن يغيروا سياستهم، لأن الدولة القومية ستنتهي، ويجب عليهم قبول هذه المرحلة، نحن نتحدث عن دور العلويين، أما وجود بشار الأسد من عدمه فهو غير مهم، المهم تقدم سوريا الديمقراطية.

* أنتم تتهمون في أكثر الأحيان بالتعاون مع نظام الأسد؟
– هذه دعايات هدفها تشويه صورتنا، وصورة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي ووحدات حماية الشعب في كردستان سوريا، في الوقت الذي قدمت فيه آلاف التضحيات من أجل ذلك.

* تركيا تعتبر وجود وحدات حماية الشعب في تل أبيض خطا أحمر؟
– الخطوط الحمر كثيرة بالنسبة لتركيا، فكل تقدم للشعب الكردي يعتبر خطا أحمر بالنسبة لها، لأنها لا تريد أن يصل الأكراد لحقوقهم.

* ماذا سيكون موقفكم من اندلاع حركة جماهيرية كردية ضد النظام الإيراني؟
– في أكثر الأحيان يقال إن حزب العمال الكردستاني يحمي إيران، ويمنع الأكراد من محاربة إيران، كل هذه دعايات، لذا نحن نرى الحق في أي حركة في كردستان إيران، ولن نقف ضدها، فحزب العمال الكردستاني يخدم القضية الكردية.

* لكن أنا لم أحصل على إجابة لسؤالي، هل ستدعمون نضال الكرد في إيران مثلما دعمتم حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا؟
– نحن ندعم كل من يحارب من أجل الحرية والعدالة، ولن يكون ذلك بالقول فقط، بل سنطبقه على أرض الواقع أيضا، قواتنا لا تعرف الحدود الجغرافية، وسندافع عن الشعب الكردي أينما كان ونطبق واجبنا في غرب كردستان وشرقها.

* نشوء أي تقارب تركي – إيراني مستقبلا سيكون على حسابكم أنتم، ألا تخشون ذلك؟
– الخلافات بين هاتين الدولتين تاريخية، لأن كل واحدة منهما كانت له إمبراطورية، إمبراطورية سنية وأخرى شيعية، وهاتان الدولتان تتقاتلان حاليا في سوريا، إيران تدعم بشار الأسد، وتركيا تدعم المعارضة السورية و«داعش»، ومن ناحية المسألة الكردية فالدولتان متقاربتان، لكنهما لن تستطيعا التقارب في المسائل الأخرى، حتى لو اقتربا فلن تحققا أي شيء، لأن ذلك الزمان ولى.

* هناك اتفاقية بين العراق وتركيا في المجال الأمني، هل سببت هذه الاتفاقية أي مشكلة لكم؟
– أي علاقة بين تركيا والعراق تعتبر علاقة شكلية، فالكل يعلم أن تركيا تدعم «داعش» ضد العراق، لذا لن تؤثر أي اتفاقيات بين البلدين علينا، ولن تكون لها أي نتيجة.

* هل تؤيدون قيام دولة كردية في كردستان العراق؟
– نحن لسنا ضد قيام دولة كردية في إقليم كردستان، فهم يريدون تأسيس دولة كردية وهذا من حقهم، ونحن مستعدون للدفاع عنهم متى ما تعرضوا لأي خطر، أما بالنسبة لكردستان تركيا فكما ذكرت نحن لا نريد تأسيس دولة.

* ما رسالتكم للعالم العربي؟
– «داعش» لا يمثل العرب ولا يمثل المسلمين، فما يفعله «داعش» باسم العرب والإسلام يلحق خسائر فادحة بالعالم العربي والإسلامي، لأنه عن طريق «داعش» يتم تخريب الشرق الأوسط، هناك قوى تهدف من خلف «داعش» إلى تحقيق أهدافها عن طريق هذا التنظيم، لذا يجب أن تعلم الشعوب العربية أن ما يقوم به «داعش» لن يكون الحل لأي قضية عربية، لأن تاريخ الشرق الأوسط كبير والعالم بني على أساسه، ويجب أن يحافظ على تاريخه وماضيه.

* التغييرات التي تحدث في الشرق الأوسط، هل ستكون في مصلحة الشعب الكردي؟
– لم تصب نتائج الحروب العالمية في مصلحة الأكراد، لكن اليوم لا يمكن رسم خريطة الشرق الأوسط دون الشعب الكردي، ولا يمكن تطبيق أي سياسة دون الكرد، الأكراد هم الذين جعلوا أنفسهم أصحاب هوية في الخريطة الجديدة للشرق الأوسط، إذن سيكونون الأساس لهذه الخريطة، فهم الآن أصحاب القوة والسياسة والإرادة.

* أنت مسؤول عسكري وسياسي، كيف تستطيع كتابة مقال أسبوعي في جريدتكم رغم انشغالاتك الكثيرة؟
– صحيح أنا أكتب أسبوعيا عمودا في جريدتنا، وهي تضم أبرز الأحداث والمستجدات المهمة في الأسبوع، وهذا يعتبر أحد واجباتي المهمة، لأنه يجب أن أخدم بالكتابة أيضا، أنا سأستمر بالكتابة ولن أتركها، فالإعلام المرئي والمسموع لم يستطع ملء موقع الصحافة المكتوبة، وهي تطورت على أساس الصحافة المكتوبة.

* بعد ساعات من الانتظار توجهت بنا أنا والدليل القروي (دياري) سيارة الأجرة إلى سفوح جبال قنديل الشامخة التي تلمس قممها السماء، الرحلة إلى معقل حزب العمال الكردستاني تحمل في طياتها الخطورة والمغامرة المتمثلة بالطريق الجبلي الوعر والملتوي كالأفعى، والمتعة المتمثلة بمشاهدة مناظر طبيعية تزينها مساحات خضراء واسعة من أشجار الفاكهة المحملة بالثمار،، وعلى عبق نسيم جبلي بارد وصاف، فالطقس هنا يختلف عن المدن كثيرا، درجات الحرارة ربيعية بامتياز، وأصوات الطيور والحيوان الجبلية تعزف سيمفونية الحياة التي يمثل فيها خرير الينابيع جزءا مهما، وبعد أكثر من أربع ساعات ونصف الساعة وصلنا إلى نقطة تفتيش تابعة لحزب العمال الكردستاني الذي يتزعمه عبد الله أوجلان المسجون في سجن إمرالي التركي، أحد مقاتلي الحزب تقدم نحو سيارتنا وسأل عن أسباب قدومنا، فأبلغناه بأننا موجودون هنا لإجراء عمل صحافي مع قيادة الحزب، وبعد إجرائه الاتصالات والإجراءات اللازمة فتحوا لنا الطريق لإتمام مهمتنا الطويلة والشاقة، وبعد أخذ قسط قصير من الراحة، وصلت سيارة خاصة ذات دفع رباعي يقودها أحد أعضاء القسم الإعلامي لحزب العمال الكردستاني الذي أخذنا إلى منطقة أخرى في قنديل لإجراء مقابلة مع جميل بايك، الزعيم التنفيذي والشخص الثاني بعد أوجلان في حزب العمال، وتوقفت السيارة التي تقلنا في غابة، وأبلغونا أن زعيمهم سيأتي قريبا، لكن الانتظار طال لأكثر من ساعتين ونصف الساعة، وأخيرا وصلت سيارة زعيم الحزب جميل بايك (الرفيق جمعة كما يناديه رفاقه)، وانتشر أفراد حمايته الخاصون في الغابة، وبعد حديث قصير بدأنا مقابلتنا معه، التي استمرت زهاء الساعة ونصف الساعة تحدث فيها عن تراجع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عن مشروع السلام مع حزبه الذي بدء به زعيمهم أوجلان. (صحيفة الشرق الأوسط)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

12 Comments

  1. عمر سوريه و وجود العلويين والاكراد وجميع الاقليات من منجزات الحركه التصحيحيه والكل يعلم ان قبل الحركة المزعومه كانت هناك دوله و مؤسسات وانتخابات الا ان الحركه التخريبية اختصرت كل شي بمجموعة اشخاص و مافيات

  2. يقول رئيس حزب العمال الكردستاني الجحش أن العلويين هم من أسس سوريا !!! كيف يمكن لأقلية كانت منطوية على نفسها وكانت تسكن في جبال العلويين كالقرود لمئات السنين أن تأسس سوريا ؟؟!!
    ومعنى كلام هذا الغبي أن سوريا تأسست عام 1970 مع تولي أول رئيس علوي لسوريا الهالك حافظ الأسد الذي كان سبب هزيمة 1967 وهو من باع الجولان لإسرائيل وأبنه المجرم بشار الأسد هو من دمر سوريا
    العلويين النصيرية هم من دمرو سوريا وشردو شعبها وقتلوه وفرطو في أراضيها وفرطو في كرامة الوطن
    سوريا تأسست بعد هزيمة البيزنطيين على يد العرب المسلمين السنة في معركة اليرموك ما بين سنة 13هـ و19هـ/634 و640م
    السنة هم من أسس سوريا وحكموها أكثر من ألف وثلاثمئة عام حتى جاء العلوي النصيري حافظ الأسد وسوف يسترجع السنة حكم سوريا بعد القضاء على المجرم بشار الأسد

  3. * هل سيكون هناك مكان لبشار الأسد في الدولة السورية التي تتحدث عنها؟
    – هناك مكان للعلويين في سوريا، ولن تكون هناك سوريا دون العلويين، لأنهم هم الذين أسسوا الدولة السورية، لكن على العلويين أن يغيروا سياستهم، لأن الدولة القومية ستنتهي، ويجب عليهم قبول هذه المرحلة، نحن نتحدث عن دور العلويين، أما وجود بشار الأسد من عدمه فهو غير مهم، المهم تقدم سوريا الديمقراطية.

    ههههههههههههه العلويون هم من أسسوا سوريا
    هل أنت في كامل وعيك

  4. يقول رئيس حزب العمال الكردستاني الجحش أن العلويين هم من أسس سوريا !!! كيف يمكن لأقلية كانت منطوية على نفسها وكانت تسكن في جبال العلويين كالقرود لمئات السنين أن تأسس سوريا ؟؟!!
    ومعنى كلام هذا الغبي أن دولة السوريا تأسست عام 1970 مع تولي أول رئيس علوي لسوريا الهالك حافظ الأسد الذي كان سبب هزيمة 1967 وهو من باع الجولان لإسرائيل وأبنه المجرم بشار الأسد هو من دمر سوريا
    العلويين النصيرية هم من دمرو سوريا وقتلو شعبها وشردوه وفرطو في أراضيها وفرطو في كرامة الوطن والمواطن
    سوريا تأسست بعد هزيمة البيزنطيين على يد العرب المسلمين السنة في معركة اليرموك ما بين سنة 13هـ و19هـ/634 و640م
    السنة هم من أسس سوريا وحكموها أكثر من ألف وثلاثمئة عام حتى جاء العلوي النصيري حافظ الأسد وسوف يسترجع السنة حكم سوريا بعد القضاء على المجرم بشار الأسد

  5. الرد على هذا المعتوه و أمثاله يتطلب منا كلاماً يُبْطِل صيامنا لذا أكتفي بالقول اللهم إني صائم.

  6. العلويون هم من أسسو الدولةالسورية !!!!! أيها الكاذب الخائب العلويون وقبل المجرم حافظ الاسد وحزب بعصه كان رجالهم خدما في الحقول ونسائكم خادمات فبي البيوت … وسيعودون الى مانوا عليه .. فخسئت أنت وامثالك

  7. إذا كنت تقصد منظومة الفساد والدعارة والسرقة والخيانة والسمسرة والعمالة للقوى الكبرى وإسرائيل والتآمر على مصلحة الشعب السوري وحملات الإبادة بحق الشعب السوري
    نعم النصيريون هم من أسسوا هذه الكرخانة المسماة نظام الأسد المقبور والابن الطرطور

  8. العلويين هم أسسو الدولة السورية هههههههههههه لازمه كم درس بالتاريخ . ليعرف كيف كانت وكيف صارت على زمن العلويين .

  9. كل من يمدح المجرمين العلويين . هو مجرم مثلهم. و سيسحق سحقا مهينا . تحت أقدام الثوار . فهذا واجب لن يهمله أحد . و البراري و الدروب تشهد على ذلك .

  10. هل لاحظتم في بداية الثورة السورية أن أكثر شيء أزعج نظام بشار الأسد هو مطالبة الشعب بالحرية. وقد لاحظنا كيف كانت أجهزة الأمن تنكّل بالمتظاهرين الثائرين، وتتلذذ بتعذيبهم بطرق وحشية وهي تقول لهم: «بدكن حرية، أي خذوا حرية» (وهي تسحقهم طبعاً). هرش النظام وحلفاؤه وكل من يريد إفشال الثورة رؤوسهم وهم يفكرون بالانتقام من الثوار، ثم صاحوا: وجدناها، وجدناها: نحن نعرف كيف نجعل الشعب الثائر يحن إلى أيام الطغيان الخوالي، ويلعن الساعة التي طالب فيها بالحرية. أحضروا له جماعات متطرفة تجعل النظام يبدو «ديمقراطياً» للغاية بالمقارنة معها. سنجعل تلك الجماعات تتدخل حتى في لباسكم وشرابكم وأكلكم وسجائركم.
    عندئذ ستقولون: «ما أحلى أيام المخابرات، على الأقل لم تمنعنا من التدخين، وتركتنا نلبس، ونأكل، ونشرب، ونسمع ما نشاء».
    إياكم أن تستهينوا بهذه الحريات البسيطة. تخيل أنك تمشي في الشارع، وجاء شخص، وضربك، وطالبك بالدعس على السيجارة فوراً، أو منعك من الاستماع إلى موسيقى معينة. كيف سيكون شعورك، إذا لم يكن بإمكانك أن تنظر في وجهه، فما بالك أن تصرخ؟
    ومما يجعل الطواغيت أكثر شعبية من بعض الإسلاميين المتطرفين أن بعض المجتمعات التي ثارت فيها الشعوب هي عبارة عن موزاييك ديني وطائفي وعرقي، وبعضها فيه نسبة كبيرة من العلمانيين. أي أن ذلك الموزاييك ليس مستعداً للعيش في مجتمع محكوم دينياً، وبالتالي فهو سيفضل الطاغية العسكري، على علاته الكثيرة، على «الخليفة المُعمم». وحتى المسلمون العاديون الذين تعودوا على حياة اجتماعية غير متزمتة لن يقبلوا بنظام حكم ديني صارم. وقد سمعت من كثيرين من المسلمين السوريين أنهم بعد الثورة سيحملون السلاح فوراً لتحرير البلاد من أي جماعة دينية متطرفة. أي أنهم لم يثوروا ضد النظام العسكري المخابراتي ليستبدلوه بنظام ديني متطرف.
    ألا يحق للبسطاء الآن أن يتساءلوا بعد أن وجدوا أن الجماعات المتطرفة اختطفت الثورات؟ من أين أتت تلك الجماعات؟ لماذا لم نرها قبل الثورات؟ من أين أتت بالسلاح؟ كيف تغولت، وسيطرت على الساحات بسرعة وبقوة؟ لماذا لا تسقط مواقع النظام في سوريا إلا أمام جماعات إسلامية معينة؟ لماذا اختفت الجماعات الثورية الأصلية التي كانت تريد بناء أنظمة ديمقراطية حديثة تصون الحقوق والحريات الأساسية؟ أسئلة مشروعة جداً بعيداً عن الفلسفات. أليس من عادة الثورات أن تنقل الشعوب إلى الأمام لا إلى الوراء؟ ألم تثر الشعوب لتنتقل من الواقع البائس إلى مستقبل مشرق؟ هل أرسلوا لها جماعات متطرفة لتنتقم منها، وتعيدها مئات السنين إلى الوراء؟ ألا تحاول الجماعات المتطرفة التي تتزعم الساحات الآن إعادة الشعوب إلى الخلف فعلاً؟ ألا تهدد بالتدخل في أبسط حرياتها؟ فمن المستفيد إذاً من تصرفات تلك الجماعات وطغيانها؟ أليس الطواغيت الذين ثارت على ظلمهم وطغيانهم الشعوب؟ ألا يفرك بشار الأسد وأمثاله وحلفاؤه أيديهم فرحاً عندما يرون تلك الجماعات تنافسهم في القمع والطغيان؟ النظام السوري وأتباعه يشتمون الدواعش نهاراً، ويشكرونهم ليلاً، لأنهم وفروا لهم متنفساً عظيماً.
    سؤال للجماعات التي تريد أن تعود بالشعوب الثائرة إلى ما قبل القرون الوسطى: ألا تعتقدين انك بذلك تقدمين خدمة جليلة جداً لأعداء الثورات ولطواغيت الذين يواجهون ثورات شعبية؟ الشعوب ثارت للتخلص من الظالمين، وليس للوقوع في حضن الظلاميين الذين يريدون أن يعودوا بالشعوب إلى غياهب الماضي. إما أنك لا تفقهين ألف باء الثورات كونها قفزة إلى الأمام وليس نكوصاً إلى الخلف أيتها الجماعات، أو أنك من صنع الطواغيت وأعوانهم كي يجعلوا الشعوب تقول: «خليك على قردك كي لا يأتيك الأقرد منه». أليس من حق الشعوب أن تظن أن الديكتاتوريات المحاصرة بالثورات تعمل مع حلفائها على خلق جماعات تدعو للعودة الى الوراء، فتتوقف الشعوب عن مطالبها الثورية، وتقول: فلنبق على ما نحن عليه، أفضل من أن نعود الى الماضي السحيق.
    لا شك أن البعض سيقول لنا: وما العيب في أن نعود مئات السنين إلى الوراء؟ ألم نكن أفضل في تلك الأيام الخوالي؟ نعم بالتأكيد كنا أفضل وأقوى. لكنه بصراحة سؤال ساذج؟ ومن قال لك إن تلك الجماعات المتطرفة ستعيدك إلى العصر الإسلامي الذهبي؟ ولو افترضنا جدلاً أن تلك الجماعات تريد ذلك فعلاً، هل تسمح لها القوى الكبرى بذلك؟ صحيح أن كثيرين صفقوا لبعض الجماعات المتطرفة في سوريا وغيرها، لكن ليس لأنهم يريدونها بديلاً عن النظام، بل فقط نكاية بالنظام وانتقاماً منه، دون أن يعلموا أن بعض الجماعات تقوم بتلميع صورة النظام بطريقة غير مباشرة داخلياً وخارجياً. ثم أين انتصرت تلك الجماعات المتطرفة، ثم بنت دولة أفضل من الموجود؟ في أفغانستان؟ في الصومال؟ في الجزائر؟ في ليبيا؟ أم إنها انشغلت بمقاتلة بعضها البعض بعد أن نفذت مشاريع الاخرين هناك؟ انظر كيف تصفّي بعضها البعض في سوريا وغيرها؟ أليست الجماعات الإسلامية أكثر من يردد القول الكريم: «ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم»، لكنها أكثر الجماعات تنازعاً فيما بينها وخاصة أثناء الثورات وبعدها؟ قد يقول البعض إن الثورة المصرية لم يقتلها المتطرفون الإسلاميون. وهذا صحيح، لكن الثورة المضادة نجحت نجاحاً باهراً في استغلال البعبع الإسلامي لإعادة الشعب إلى بيت الطاعة.
    لقد حققت الجماعات المتطرفة هدفين لأعداء الثورات في الداخل والخارج. أعادت بعض الأنظمة الساقطة للسلطة، وأطالت بعمر النظام السوري وغيره بعد أن انشغل بها الداخل والخارج، واستغلها الخارج وعملاؤه في الداخل لحرف الثورات عن مسارها، واستخدموها سكيناً لإعادة رسم خرائط المنطقة. تدخل داعش إلى منطقة، فترسل لها أمريكا وإيران طائراتها وجماعات لتقاتلها على الأرض، فتخرج داعش من تلك المنطقة لتحل محلها جماعة أخرى، كما يفعل الأكراد الآن في الشمال والجماعات الإيرانية في العراق. وبحجة ذلك يتم تهجير شعوب وإعادة تقسيم المناطق بتنسيق أمريكي إيراني لا تخطئه عين. وحتى لو صدقنا أن تلك الجماعات مستقلة تماماً، ولا تخدم أحداً، وانتصرت، وحلت محل الأنظمة الساقطة، ألا يحق للشعوب أن تسأل: هل ثرنا كي نستبدل الفالج بالسرطان، أو الظلم بالظلام؟