كيف يموّل الدفق النفطي الإيراني آلة الحرب في سوريا ؟
مع بدء العد العكسي لموعد توقيع اتفاق نووي نهائي بين طهران والغرب يقيّد الطموحات النووية للجمهورية الإسلامية في مقابل رفع العقوبات الدولية عنها، يكشف تقرير لموقع “بلومبرغ” الاقتصادي كيف تجنّبت طهران العقوبات الدولية ولا تزال، لمدّ النظام السوري بالنفط، وبالتالي بعنصر اساسي يتيح له الاستمرار وتغذية آلة الحرب التي دخلت سنتها الخامسة.
ليس سراً الدعم الإيراني الكبير لنظام الاسد. وإذ تقرّ طهران بدعم لوجيستي “فحسب”، لا يخفى على أحد أن الدعم أكبر بكثير عسكريًّا ولوجيستياً ومالياً. دعم إيران النظام السوري لمنع انهياره يكلّفها المليارات.
حجم التقديمات الإيرانية للنظام السوري تتباين بحسب المصادر. المبعوث الخاص للأمم المتحدة الى سوريا ستيفان دوميستورا يعتقد أن إيران تنفق 6 مليارات دولار سنويا لدعم النظام السوري. مدير مركز فارس لدراسات شرق البحر المتوسط في جامعة تافتس في ولاية ماساتشوستس نعيم شهادي يقول إن إيران قدمت مساعدات عسكرية واقتصادية الى النظام السوري بلغت قيمتها ما بين 14 و15 مليار دولار في 2012 و2013، فيما الخبير ستيفن هايدمان الذي كان حتى الآونة الأخيرة نائب رئيس قسم الأبحاث التطبيقية في النزاعات التابع لـ “معهد السلام” في الولايات المتحدة، يقدر المبلغ بما بين 15 و20 مليار دولار.
وإذا وقّع الاتفاق النووي بين إيران والغرب، يتوقع أن تدخل الخزينة الإيرانية أموالا تقدر بـ 150 مليار دولار بعد تحرير الارصدة المجمدة والتدفّق المتوقع للاستثمارات الى سوق بقيت مقفلة فترة طويلة.
وأيا يكن الحجم الاجمالي للمساعدات الراهنة، من المعروف أن شحنات النفط الخام تمثل العنصر الاساسي منها. فدمشق التي كانت تملك فائضًا من النفط الخام، وحتى أنها كانت تصدّر كميات صغيرة من حقولها النفطية في شرق البلاد، خسرت كثيرا من عائداتها النفطية بسبب الحرب. وقدّرت وزارة الطاقة الاميركية أخيرا أن إنتاج النفط الخام في سوريا تراجع من 400 الف برميل يوميا الى 20 الفاً.
وأخيراً، فجرت “الدولة الإسلامية” خط أنابيب كان يُستخدم “لنقل الغاز الى ضواحي دمشق وحمص لتوليد الطاقة الكهربائية وتوفير التدفئة في المنازل”، كما احتُلَّت تدمر، الامر الذي يحرم النظام السوري “45 في المئة تقريبًا من مصادر الغاز والكهرباء” استنادا الى التقديرات.
الصيف الماضي، أكدت وزارة الخارجية الاميركية التقارير التي كانت متداولة عن أن إيران تساعد النظام على تعويض نقص الإنتاج في سوريا، من دون أن تحدّد بالضبط حجم الشحنات. ولكن تحليلاً جديدًا لموقع “بلومبرغ” يقدّر بأن إيران أرسلت عشرة ملايين برميل من النفط الخام الى سوريا هذه السنة، اي 60 الف برميل يوميا تقريباً، بسعر وسطي 59 دولارًا للبرميل في الاشهر الستة الاخيرة، فان هذا يعادل 600 مليون دولار مساعدات إيرانية لسوريا منذ كانون الثاني الماضي.
حتى الآن، واستنادا الى بلومبرغ ايضا، أبحرت عشر سفن من إيران الى مرفأ بانياس الذي لا يزال تحت سيطرة النظام السوري. وتغادر السفن من واحد من مرفأين إيرانيين، هما خرج وسيري، وتستمر الرحلة أسبوعين أو ثلاثة عبر مضيق هرمز ومنها حول شبه الجزيرة العربية صعودا الى البحر الاحمر وعبر قناة السويس.
ويقول الباحثان مات فيليبس وجوليان لي إن إيران تستخدم ثلاث ناقلات لشحن النفط الى سوريا، تقدر كل منها على حمل مليون برميل. وهذه الناقلات هي كبرى السفن القادرة على عبور قناة السويس بحمولة كاملة. أما الشحنة الاخيرة فقد وصلت على ما يبدو في 26 أيار عندما نقلت السفينة “أمين” مليون برميل الى بانياس. وثمة سفينة أخرى هي “تور 2” وصلت الى بانياس في 16 حزيران الجاري وهي راسية قبالة المرفأ مع حمولة من الخام على ما يبدو.
بما أن اكثر المناطق التي تنتج الغاز والنفط في سوريا تقع تحت سيطرة الاكراد أو “الدولة الإسلامية”، يقول أندرو تابلر من “معهد واشنطن لدراسات الشرق الادنى” إن هذه الشحنات تعتبر حيوية لقدرة نظام الاسد على البقاء في السلطة. ويرجح أن النفط الخام المشحون من إيران يعالج في مصفاة بانياس حيث يحول الى نفط يمكن استخدامه في التدفئة في المنازل، وتوليد الطاقة اضافة الى وقود للجيش السوري.
الباحث أنتوني كوردسمان من “مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية” في واشنطن يقول إن “إيران تموّل البلد كله”، ويستبعد وتابلر أن تكون سوريا تدفع ثمن هذا النفط. فنظرا الى الوضع الاقتصادي لسوريا بعد اربع سنوات من الحرب المدمرة وتراجع احتياط النقد، من المستبعد أن يكون النظام يملك المال للدفع.
وفي ظل الحصار الدولي عليها، تتجنب العقوبات الاميركية والاوروبية على صادرات النفط الإيراني الخام بتقديمه لسوريا بدل بيعه منها.
ويتوقع نائب رئيس مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات لشؤون البحث جوناثان شانزر في افادة امام لجنة الخدمات المالية في مجلس النواب الأميركي زيادة هذه المساعدات الإيرانية بعد الاتفاق النووي قائلا “ان الحوثيين ونظام الأسد وحزب الله وحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية وحماس، كلهم سيجنون فوائد وكلهم يسيل لعابهم الآن بانتظار تدفق المال”.
ويؤكد المدير التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات في واشنطن مارك دوبوفيتس أن “هذا انتهاك صارخ للعقوبات الاميركية… يتيح لإيران تمويل آلة الحرب للأسد بلا أية تداعيات”.
ليس واضحاً كيف يتعيّن على الولايات المتحدة وأوروبا التحرك لمنع إيران من ارسال نفطها الى سوريا. لا تعاملات مالية لاستهدافها ولا أموال لملاحقتها ولا حسابات مصرفية لتجميدها.
بيتر هاريل الذي أمضى سنتين يعمل في وزارة الخارجية الاميركية من منصبه نائب مساعد وزير لتحديد عقوبات لمواجهة تهديد التمويل أقر بأن تصدير النفط الإيراني لسوريا هو نشاط تجب معاقبته، الا أنه لا يرى طريقة عملية لإنهائه، قائلا: “لا يمكن وقف ذلك بملاحقة المصارف… يجب التفكير في طريقة لوقف الناقلات”.
موناليزا فريحة – النهار[ads3]
كيف يموّل الدفق النفطي القطري التركي والسعودي آلة الحرب في سوريا ؟ نريد ايضاحات من الامم المتحدة والامن الجنائي الدولي
في كل يوم تتكشف حقائق جديدة تؤكد تورط الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في دعم الإرهاب. فبعد أن حوّل تركيا إلى مقر ومعبر لمرور القتلة الجوالين وسرقة معامل حلب. نظام أردوغان يرسل أسمدة مخصبة للتنظيمات التكفيرية في سوريا لاستخدامها في صناعة المتفجرات. الجهاديين الراغبين في الانضمام إلى تنظيم “داعش” يدخلون إلى سوريا عبر تركيا، مستخدمين الرحلات البحرية.