أبناء اللاجئين و المهاجرين السوريين الجدد على دروب التفوق

حقق الكثير من أبناء السوريين من اللاجئين والمهاجرين الجدد إلى ألمانيا نتائج مذهلة في المدارس، بعد فترة قصيرة نسبياً من وصولهم إلى ألمانيا. تُرى ما هي أسباب هذا التفوق؟ وما هي الفرص التي يتيحها لهم؟

تحضيرات عائلة الزعبي قائمة على قدم وساق: صنع قُبَّعَات النجاح، تجهيز الأطفال، ارتداء ملابس أنيقة، شراء بطيخ وماء. الوجهة هي حفل نهاية العام الدراسي لمدرسة “جلوك أوف” في مدينة فريتال في شرق ألمانيا. بزغ نجم الطفلة يارا منذ أن وطت قدماها المدرسة. واليوم بعد وصولها إلى ألمانيا بسنتين، نجحت بتفوق إلى الصف الخامس. عن هذا النجاح يقول الدكتور السوري- الألماني عيسى المنصور، مدير مركز الإرشاد النفسي والمدرسي في مديرية تربية منطقة وسط برلين: “الملفت في موضوع يارا أنها خلال سنتين تعلمت اللغة وتفوقت بحيث دخلت إلى المدرسة التجهيزية Gymanisum، والتي عادة ما يدخلها التلاميذ بعد الصف الخامس، إذا كان تحصيلهم الدراسي جيداً أو ممتازاً”.

طبقة وسطى فما فوق

ليست التلميذة يارا الزعبي استثناءً، فقد أورد تلفزيون ولاية براندنبورغ في تقرير أن الطالبة السورية نور ياسين قصاب أنهت الثانوية بتفوق بمعدل 1,0. وكانت الطالبة عند وصولها إلى ألمانيا قبل ثلاث سنوات لا تعرف أي كلمة ألمانية. وقد منحتها شركة PCK-Raffinerie جائزة الأداء المتميز في العلوم الطبيعية. تنحدر نور وأخوها الأصغر من عائلة متعلمة؛ فوالدها طبيب وكان مدرساً جامعياً في سوريا، ووالدتها طبيبة. “هذه الحالات من التفوق ليست نادرة ولكنها أيضاً لا تصادفنا يومياً. إحصائياً تعادل 1إلى 2 بالمئة من التلاميذ”، يقول الدكتور المنصور.

وصل المهندس ماجد حزاني وزوجته المعلمة رنا خلف وابنهما أحمد إلى مدينة باد هرتزبورغ في ولاية سكسونيا السفلى قبل أكثر من سنة. “عند وصولنا كان همنا الأكبر كيفية جعل ابننا يتأقلم مع المجتمع الألماني، فقمنا بتسجيله في المدرسة بعد وصولنا بعشرة أيام، وباشرت أنا بتعلم اللغة”، يقول والد أحمد. بعد وصول أحمد بحوالي تسعة أشهر فاز أحمد، ذو السبعة أعوام، بلقب “قيصر القراءة” في مسابقة شارك فيها حوالي 100 طفل. نجح أحمد بقراءة عشر قصص للأطفال والإجابة على أسئلة لقياس مدى استيعابه. “قمنا بتشجيعه ومتابعته في قراءة القصص وبالتواصل المستمر مع جميع النشاطات المدرسية والفعاليات الخاصة به”، يعلق المهندس ماجد على جهودهم في دعم ابنهم في المسابقة. ببراءة الأطفال يقول أحمد، الذي يريد أن يصبح مهندس معمارياً: “أشعر بالسعادة لأن عمي مرهف أهداني ألعاب ليغو بعد الفوز”.

قل لي من تصادق، أقل لك من أنت

توفر لأحمد ونور زملاء ألمان كانوا لهما عوناً في تلمس أولى خطواتهما هنا. عن بدايتها في المدرسة تقول نور: “كنت خجولة وخائفة من التحدث بالألمانية، لكن صديقتيّ جوزفين وإنكا ماريا أجبرتاني على التحدث بالألمانية. بدونهما لم أكن أستطيع تحقيق هذا النجاح”. حصلت إنكا ماريا هوبرت وجوزفين ستارقارد على نفس علامة نور. ستواصل نور وإنكا ماريا طريقهما معاً لدراسة الطب، أما جوزفين فتريد أن تصبح معلمة وقد بدأت بتعلم اللغة العربية.

لكي لا يبقى جالساً وحيداً، جلس باول بجانب أحمد في الصف. منذ ذلك الحين انعقدت بينهما أواصر صداقة عميقة. “أحب باول جدا لأنه صديقي ونلعب دائما معاً”، يعبر أحمد عن مشاعره الطفولية. “كان باول يساعده في الصف بكافة الطرق لتوصيل المعلومة وللتواصل مع بقية الأولاد”، يقول والد أحمد. أخذت سابينا ديبر، والدة باول، بيدهما وسجلتهما في مسابقة القراءة، وكذلك في “عدة نشاطات مثل كرة اليد والمسبح ومدرسة الموسيقى، وذلك ليتأقلم وينغمس في المجتمع الألماني”، يضيف والد أحمد.

مدارس نموذجية ومؤسسات مساندة

توفرت ليارا ونور وأحمد ظروف مدرسية ومؤسسات أخرى ساعدتهم على شق طريقهم إلى التفوق. تقول إنكا ماريا: “حقيقة أن نور أجنبية ومحجبة لم يزعج أحداً من الزملاء والعاملين في المدرسة”. وعن جو المدرسة تقول نور: “ساعدني نفسياً أن الكثيرين كانوا لطفاء، فقد كانوا يبتسمون ويحاولون التحدث بلغة بسيطة”. أما مديرة المدرسة، كارلا بوخ هولتز، فقد عبرت عن “فخرها بنور وصديقتيها”. وكبادرة معنوية لرد المعروف، وجهت عائلة نور “رسالة شكر” إلى “المدرسة بجميع العاملين فيها على جهودهم، وكذلك للطلاب وخصوصا إنكا ماريا وجوزفين”.

يقول ديتلف ليسون، مدير مكتبة باد هارتزبورغ، إن “فكرة المسابقة أتت من حقيقة أن أطفال اليوم لم يعودوا يهتمون بالقراءة. فالمسابقة تهدف لتشجيعهم على القراءة وبطريقة فيها بعض اللعب أيضاً”. وقد استحق أحمد وزملاؤه لقب “قياصرة القراءة” على الكثير من الثناء وبعض الهدايا، وعلى دعوة لحضور حفل يحييه ساحر شهير. توجهنا بالسؤال للدكتور المنصور عن عوامل التفوق، فأجاب: “التحصيل الدراسي هو محصلة تضافر ثلاثة عوامل: القدرات العقلية، والرغبة، والسماح له من قبل المحيط بفعل ما هو قادر على فعله”.

خطوة على طريق الاندماج

يبقى موضوع اندماج الأطفال والعائلة المهاجرة مؤرقاً للسلطات الألمانية ويحتل مركزا عاليا على سلم الأجندات الداخلية للحكومة. تقول سايبنا ديبر: “تكتسب مسابقة القراءة أهمية خاصة بالنسبة للتلاميذ من ذوي الخلفيات المهاجرة. حيت يوسع الأطفال مخزونهم اللغوي دون أن يشعروا بأنهم في صدد عملية تعليم. وبذلك يستطيع أحمد متابعة الدروس والتحدث مع زملائه بسهولة أكبر. كما يظهر هذا الفوز الفرص العديدة للاندماج. مهمتنا كمضيفين أن نقدم هذه الفرص للاجئين، ويبقى عليهم استغلالها”.

يؤيدها ليسون ويضيف: “تعلم اللغة شرط أساسي للاندماج؛ بالنسبة لأحمد تعلمها حاسم لنجاحه في المدرسة، وربما يساعد ذلك والديه في تعلم اللغة”. وعلى نفس المنوال يضيف الدكتور المنصور: “يمهد التفوق الدراسي الطريق إلى مستقبل أفضل وفرص عمل أفضل في المجتمع الغريب، مما يؤدي إلى الاندماج ومن الممكن تسهيل اندماج ذويه. بالنسبة لنور سيسهل تفوقها اندماجها، إن توفرت لها شروط في المحيط تدفعها الى مزيد من النجاح. أما بالنسبة لأحمد ويارا فهو أساس جيد وخطوة في طريق الاندماج. الباقي يتعلق بالشروط، التي يمكن أن تتوفر لهم مستقبلاً”. (إذاعة صوت ألمانيا)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫2 تعليقات

  1. اي بس مايجي شي كم جحش ونصاب وحرامي ومدعي تدين وينزع على هل عالم حياتها وتفوقها ويصيروا الالمان اللطفاء ناس جلفين

  2. هاد شي بيرفع الراس.
    ناس محترمه راكضه وراء العلم.
    بس بحب ابشر المعلق بل عنوان: ايه وصلت اشكال على المانيا، الله لايفرجيك.