أول صور قريبة للكوكب القزم ” بلوتو ” تكشف عن مفاجآت
أول صور لسطح “بلوتو” من مسافة قريبة وصل إليها مسبار أميركي بدأ بدراسته وتصويره منذ الثلاثاء الماضي، كشفت عن مفاجآت، بثت “ناسا” الفضائية بياناتها مرفقة بثلاث صور جديدة في موقعها فجر امس الخميس بالتوقيت السعودي، وأهمها أن في “الكوكب القزم” جبالاً شاهقة وجليدية كسطحه، تغطي منطقة مساحتها 240 كيلومتراً مربعاً، وليس في كل العالم العربي أكثر ارتفاعا منها إلا في دولتين فقط.
الصور التي التقطها مسبارNew Horizons من مسافة 77 ألف كيلومتر، أي قبل وصوله الثلاثاء إلى مسافة 12400 كيلومتر من “بلوتو” الأبعد في تخوم المجموعة الشمسية عن الأرض، كشفت أيضا عن مفاجآت في أحد أقماره الخمسة، وهو كبيرها “شارون” البالغ حجمه نصف حجم “الكوكب القزم” تقريباً، فقد ظهر من الصور أنه يحتوي على واد قد يصل عمقه إلى 8 كيلومترات، أي ضعف أعمق أودية العالم، وهو “كولكا” الأخدودي، العميق 4160 مترا في البيرو ، طبقاً لما أوردت قناة العربية.
ووصف علماء الوكالة الفضائية الصور بأنها “متناهية الدقة والوضوح”، في معرض قولهم إنها أظهرت في “بلوتو” سلسلة جبال، ارتفاع أعلاها 3500 متر، وهي طبقاً لما قارنته “العربية.نت” بما في المنطقة العربية، أقل ارتفاعاً فقط من الأعلى في العراق، وهو جبل “شيخا دار” المرتفع قرب الحدود مع إيران 3627 مترا، وأقل أيضا من أعلى قمة بالعالم العربي، وهي “طوبقال” المرتفعة في جبال أطلس المغربية 4167 مترا. لكن المسبار لم ينته بعد من تصوير كامل “بلوتو” الذي قد يكون محتويا على جبال أكثر ارتفاعا.
وتذكر “ناسا” في شرحها لصورتين بثتهما عن سلسلة “بلوتو” الجبلية، أنها ما زالت في طور النشوء، وهي “شابة” مقارنة بعمر المجموعة الشمسية البالغ 5 مليارات و560 مليون سنة “فعمرها لا يزيد عن 100 مليون عام”، طبقاً لما قرأت “العربية.نت” مما نقله موقع الوكالة عن جف مور، المتخصص الجيولوجي في مهمة مسبار “نيو أورايزونس” الذي سلك في الفضاء 9 سنوات و6 أشهر ليصل الثلاثاء الماضي إلى جوار “بلوتو” البعيد 5 مليارات كيلومتر، أي ما يعادل 120 ألفا و477 دورة حول الأرض.
أما الصورة الثالثة التي بثتها “ناسا” فهي لكامل القمر “شارون” والتقطها المجس الذي بلغت كلفته 650 مليون دولار، من مسافة 466 ألف كيلومتر، وتظهر فيها أحواض ومنحدرات تمتد 1000 كيلومتر من أسفل يسار الصورة المنشورة مع هذا الموضوع، ارتفاعا إلى يمينها.
وكانت بيانات سابقة أرسلها المجس الثلاثاء، كشفت عن مفاجآت أخرى، منها لون “بلوتو” ومساحته، فقد اتضح أنه زهري مائل إلى الحمرة، كما المريخ، وقطره 2370 كيلومترا، أي 80 أكبر من التقديرات السابقة، ولهذا السبب استعاد لقب “أكبر قزم” في النظام الشمسي، بعد أن احتكر كويكب “إيريس” البالغ قطره 2362 كيلومترا اللقب لسنوات. لكن “بلوتو” لم يستعد بعد لقبا مهما منذ 9 أعوام.
والمسبب بخسارته للقب كوكب، هو “الاتحاد الفلكي الدولي” الذي كان يعتبره الأصغر بين 9 كواكب تضمها المجموعة الشمسية، إلا أنه أخرجه من التصنيف حين أعاد في 24 أغسطس 2006 تعريف مصطلح “الكوكب” واعتبره قزما، وجعل كواكب المجموعة 8 فقط، وهو ما تعزز الآن أكثر، بعد أن أوضحت الصور أن “بلوتو” أقل كثافة مما كانوا يعتقدون، والجليد فيه أكثر مما كانوا يقدرون. كما ظهرت مفاجأة تتعلق بقطبي قمره شارون، حيث اتضح أن لونهما أسود، وليس أبيض، كما قطبي معظم الأجرام.
ولن يبقى New Horizons البالغ وزنه 454 كيلوغراما، والشبيه حجما بآلة البيانو، سوى 12 يوما قرب “بلوتو” الذي مضى إليه في 2006 بسرعة 49 ألفا و567 كيلومترا بالساعة، ليدرسه كجرم معروف عنه بأنه جليدي، معدل حرارته40 درجة “فوق الصفر المطلق” عند سطحه، طبقاً لما قرأت “العربية.نت” في ما بثته الوكالات، وبعده سيدرس حزام “كويبر” القريب، والمكتظ بملايين الصخور والكويكبات والنفايات الفضائية المحيطة بالمجموعة الشمسية من مسافة تزيد عن6 مليارات كيلومتر.
وتعبير “الصفر المطلق” هو علمي، يشير إلى أقل ما تصل إليه الحرارة إطلاقا، حتى الذرات نفسها تقل طاقتها في هذه الحالة النادرة، وقد تكون حرارة “بلوتو” مساوية لأقصى درجة أكد العلماء إمكانية الوصول إليها حتى الآن، وهي 273.15 مئوية تحت الصفر، لأن الشمس بخيلة عليه بالضوء والحرارة، وتبدو لمن ينظر إليها منه كشمعة تجعل نهاره الصيفي شبيها بأول خيوط الفجر، لبعده الكبير عنها، لذلك يتم دورة حولها كل274 سنة. أما الأرض فتبدو من “بلوتو” الصغير كذرة غبار هائمة في الفضاء.
وأهم ما سيدرسه المسبار الذي كانت سرعته أكبر من سرعة أي آلة صنعها الإنسان حتى اليوم، هو كيف تمكن “بلوتو” من البقاء “حيا” بين عمالقة المجموعة الشمسية، كالمشتري وزحل وأورانوس، وهو المصنف فلكيا بأنه “كوكب قزم” محاصر بأجرام متنوعة الأحجام، يكتظ بها “حزام كويبر” الذي استمد اسمه في 1992 من مكتشفه، الفلكي الهولندي جيرارد كايبر، إلى جانب أنه سيتفحص جوه، مع دراسة احتمال وجود مركبات عضوية كربونية في الجليد المتلبد فيه منذ مليارات السنين.
وفي “بلوتو” ألغاز كبيرة ومختلفة عما في المجموعة الشمسية، طبقاً لما تذكره “ناسا” برغم أن المعلومات عنه قليلة جداً، ومنها أن معظم جوه مكون من غازي الميثان والنيتروجين “وقد يكون (الجو) في حالة جليدية شفافة” كمعظم سطحه الجليدي أيضا. كما فيه لغز محيّر ظهر في صور عدة التقطها المسبار من بعيد وهو متجه نحوه بسرعة مليون و190 ألف كيلومتر يوميا.
واللغز هو بقعة بيضاء لامعة، ليس معروفا عنها سوى أن مساحتها 400 كيلومتر مربع، أي ضعف مساحة محافظة القاهرة المصرية، وتقع في قطبه الشمالي، طبقا لما طالعته “العربية.نت” مما بثته “ناسا” الشهر الماضي عن “القزم” الذي يأملون بأن تكشف دراسته عما كانت عليه المجموعة الشمسية في ماضيها السحيق، عبر صور وبيانات يبثها المسبار، وتحتاج إلى 4 ساعات و50 دقيقة لتصل إلى الأرض، علما أنها تمضي إليها في الفضاء بسرعة الضوء البالغة 300 ألف كيلومتر بالثانية الواحدة.
ومن المعروف عن أبعد جرم بالمجموعة الشمسية، أنه استمد اسمه من معبود خرافي جعله الرومان إلها لأسفل الأرض وثرواتها، وأطلقته عليه طفلة بريطانية عمرها 11 سنة، اسمها فانيتيا بورنر، وقبل الفلكي الأميركي كلايد تومبو، اقتراحها حين طلب مساعدته على تسميته عام اكتشفه في 1930 ثم توفي من دون أن يدري أن البشر سيقتربون في 2015 مما اكتشفه، لإلقاء أول نظرة عن قرب عليه في التاريخ.
إلا أن المسبار حمل حفنة من رماد جثة مكتشف “بلوتو” بعد أن أوصى بحرقها عند وفاته، ففعلوا عام رحيله في 1997 بعمر 90 سنة، والحفنة التي سلمها ابنا تومبو إلى “ناسا” التي وضعتها في علبة ذهبية الغطاء مثبتة داخل المسبار، هي الآن أول ما يعود لجسم بشري يزور أحد كواكب المجموعة الشمسية.