الاخفاق في تجاوز الأسد
تسعى روسيا وايران الى أخذ الازمة السورية في منحى آخر غير الذي تتمترس فيه الولايات المتحدة وتركيا والسعودية وقطر منذ أربع سنوات ونصف سنة ألا وهو تغيير نظام الرئيس بشار الاسد. ولكن لا مؤشرات لاحتمال نجاح روسيا أو ايران في مسعاها بتحويل مجرى الاحداث نحو مواجهة الخطر الجهادي أكثر منه التركيز على تغيير النظام في سوريا.
ان واشنطن ومعها تركيا وبعض دول الخليج العربية وجزء من المعارضة السورية في الخارج، تعتقد ان الحد الادنى المقبول لتغيير الموقف من الازمة السورية يتمثل في القبول بالنظام من دون الاسد. ولذلك يتوقع هؤلاء من روسيا وايران مجاراتهم في مقولة ان الرئيس السوري يجب ألا يكون جزءاً من الحل وفي المقابل تقبل اميركا وتركيا والسعودية وقطر بأي صيغة للحل في سوريا على أساس انه يمكن هذه الدول ان تقول إنها حققت جل أهدافها من الحرب.
ولكن لا يبدو ان روسيا او ايران في وارد المضي في المقايضة، لانهما تدركان ان التخلي عن الاسد لن يقود الى حل في سوريا، بل سيشكل مرحلة أخرى من مراحل الحرب السورية، خصوصاً ان البديل من الاسد ليس متوافراً في الوقت الحاضر، ذلك ان المعارضة الخارجية مشلعة الولاءات ولا تملك من الارض ما يؤهلها للامساك بالزمام. وعليه لن تسهم ازاحة الاسد، الاّ في تقوية شوكة الجهاديين من “داعش” و”القاعدة” بينما تبحث أميركا عن “معتدلين” لتدريبهم فلا تجد.
أربع سنوات ونصف سنة يبدو انها لم تكن كافية لاحداث تغيير في الخطاب الاميركي أو التركي أو الخليجي من سوريا ولا يزال المطلب هو هو: رحيل الاسد إما طوعا وإما بالقوة. وعندما تطرح موسكو أو ايران موضوع الاحتكام الى الانتخابات لتقرير مصير من يريده الشعب السوري رئيساً، يرفض هؤلاء اللجوء الى الانتخابات مخرجاً ولو أجريت في اشراف دولي.
هذا الموقف يلغي كل ما يحكى عن بداية بحث جدي في حل سياسي للازمة السورية. كما ان البحث عن “مناطق آمنة” سواء على الحدود التركية أو على الحدود الاردنية أو سعي اسرائيل الى توسيع احتلالها للجولان، كلها خطوات تنم عن عدم ثقة بأن الحل بات قريباً في سوريا على رغم ان الرابح الوحيد على الارض السورية هم الجهاديون الذين تخشاهم كل الدول على اراضيها ولا تفعل شيئا لكبحهم في سوريا أو في العراق. لا بل ان كل الحلول المطروحة غربياً أو خليجياً أو تركياً، لا تؤدي الى شيء سوى دفع “داعش” نحو دمشق.
سميح صعب – النهار[ads3]