تقسيم سوريا: القدر الذي لا يريده أحد

لا أحد بين المتقاتلين في سوريا يريد تقسيمها. والنقاش هنا يستثني القوى الخارجية اللاعبة على المسرح السوري.

في مقلب الصورة الأول، «النظام» السوري غير قادر على القتال على الجبهات كافة اليوم، فيقرر الانكفاء مرحلياً، على أن يترك أمرَ استكمال معاركه إلى يومٍ آخر، إن أمكنه ذلك. مؤسسة الجيش التي يرغب بعض خصوم دمشق بفصلها عن «النظام» المُراد إسقاطه (راجع تصريحات وزير الخارجية السعودي في موسكو التي دعا فيها إلى إشراك الجيش السوري في قتال «داعش» بعد إسقاط الأسد)، تقاتل في أماكن يتمسّك أهلها بالدولة السورية ويرفضون بدائلها، أكثر من تمسّكهم بـ «النظام» إياه. علماً أن تعريف «النظام»، في الاستخدامات السياسية المُتداولة، مبهَمٌ، بل دائم التقلّب. وقد كتب في هذا القسم من «السفير»، المعارضُ السوري سمير العيطة، قبل أيام، مقالة تضيء على هذه المسألة، مفادُها أن إسقاط «السلطة» شيء، وإسقاط «النظام» شيء آخر، وإن كان البعض يفضل البحث في ثنائية «الدولة» و «النظام»، بدلاً من «النظام» و «السلطة».
تتجاوز القضية المذكورة أعلاه نقاشاً «نخبوياً» لمعنى المصطلحات تلك، وتتصل بما هو قائم على الأرض وبفهم كثير من سكان المدن والأرياف الواقعة تحت سيطرة النظام والمعارضة، لوظيفة الدولة ولحاجتهم إليها. من هذا المنطلق، يمكن فهم قتال قوات الجيش مع مجموعات رديفة لها في مدينتي دير الزور والحسكة، مثلاً، البعيدتين كل البعد عن سلطة المركز، وعن التركيبة الطائفية التي تسعى وسائل إعلامٍ خليجية منذ أربع سنوات إلى دمغ مؤسسات الدولة بها (بما فيها الجيش).
وليس الجيش المؤسسة الوحيدة التي تلتفّ حولها أعداد من السوريين المعنيين بالحفاظ على «الدولة» أو المستفيدين منها. إذ ما زال عدد كبير من موظفي الدولة السورية، في مناطق سيطرة «داعش» وقوى المعارضة المسلحة، يتلقّون رواتبهم من الجهات الرسمية المعنية. وما زالت الخدمات التي تؤمنها الدولة، برغم شحّها، مصدراً مهماً لبقاء قطاعات واسعة منهم في مناطقها.
يحيلنا هذا إلى مقلب الصورة الثاني، حيث تسعى قوى مقاتلة في المعارضة منذ سنوات إلى إنشاء إدارات مدنية وأخرى دينية في مناطق لا تبعد عن العاصمة، بانتظار موعد «إسقاطها»، علماً أن بعض هذه المحاولات تنوء اليوم تحت حصار الجيش النظامي لها في محيط دمشق، وقضم الجيش و «حزب الله» لمواقعها على الحدود مع لبنان.
وقد نشر «مركز كارنيغي للشرق الأوسط»، قبل نحو شهر من اليوم، دراسة حول تجربة جماعات المعارضة في إدارة المناطق التي تسيطر عليها، خلصت إلى اعتبار أن «الدولة» السورية شكّلت أداة «النظام» الأهم للحفاظ على مكتسباته في الأطراف البعيدة عن المركز. وتُمثل أبرزَ مثالٍ على ذلك، أحياءُ مدينة دير الزور التي يسيطر عليها الجيش، والتي نزح إليها مئات الآلاف من سكان ريف المحافظة ومدينة الرقة بعيد سيطرة «داعش» عليهما. في المقابل، أسقطت «السلطة» السورية (أو «النظام»)، بالحديد والنار، محاولات المعارضة بناء إدارة مدنية في شرق حلب ومدينة دوما، وتكفّلت بذلك الفوضى والاعتماد التبعيّ على دول الجوار في المناطق المفتوحة على تركيا شمالاً والأردن جنوباً (فضلاً عن مشاريع القوى الإسلامية القاضية بإنشاء «إمارات» وإدارات محلية دينية – وهو ما أغفل التقرير أهميته)، فيما بنى تنظيم «داعش» تجربته البيروقراطية الحديدية التي التحقت بها أعدادٌ، وهرب منها كثيرون.
هكذا، بدا أن ثمة إصراراً من قبل فصائل المعارضة المسلحة على شعار «إسقاط النظام» للظفر بدمشق قبل ترك الأطراف الشرقية لسوريا تتهاوى، ويُباشَر بالزحف نحو الساحل. هذا، أقلّه، ما في المُخيّلة أو الأجندة. أما أسماء الفصائل وقياداتها فمتغيّرة في هذا الإطار، بتغيّر داعميها الإقليميين. فالداعم السعودي لـ «جيش الإسلام» في الغوطة الشرقية، له مواقيت وخرائط طريق تختلف عن الداعم التركي لـ «أحرار الشام» في ريف دمشق مثلاً.
وفي السياق نفسه أيضاً، يأتي إصرار بعض الفصائل المقاتلة في الزبداني، تحديداً «أحرار الشام»، على رفض مبادرات مبادلة سكان المدينة (أو قسم منهم) بسكان الفوعة وكفريا في شمال إدلب، ليوحي بأنها متمسكة بإسقاط «السلطة» وبتأسيس بديل عنها على كامل تراب البلاد، لا على جزء منها فقط، إذ تعتبر أن تبادلاً من هذا النوع «يمهّد لتغيير ديموغرافية سوريا تمهيداً لتقسيمها». كما يشير إلى الأمر ذاته سعيها المحموم إلى فتح جبهة اللاذقية عبر سهل الغاب بين كل فينة وأخرى، برغم علم حليفها التركي أن المسألة غير قابلة للإنجاز، وأنها مدرجة في خانة استنزاف الجيش السوري أكثر من أي شيء آخر.
يبقى على الساحة طرفان رئيسيان. أولهما تنظيم «داعش» الذي يعمل تحت شعار أن دولته «باقية وتتمدّد»، بما معناه أن مشروعه «الأممي» غير معنيّ بحدود، فما بالك بتقسيم، وأنه قائم على استنزاف كل ما حوله وفتح ثغرات في جواره واستيراد جهاديين لملئها. فيما الثاني هو اللاعب الكردي الذي لا يملك مقوّمات الانفصال عن الدولة لوجوده في ثلاث بؤرٍ جغرافية متباعدة في الشمال، وتتمثل أقصى آماله الواقعية اليوم في إدارة ذاتية، برغم أنه ينظر إلى حلم «الدولة الكردية الكبرى» كقدرٍ لا مفرّ منه في يومٍ من الأيام.
على أن القدر، إن ظل مسارُ الأمور قائماً في الاتجاه نفسه، قد يُعاند رغبات الجميع، خصوصاً في ظل سقوط تابوهات النقاش في احتمالات تبادل السكان بين المناطق، وفيما التهجير قائم في ربوع عديدة من البلاد، على خلفياتٍ تتوزع بين الطائفي والإثني والعقائدي والسياسي.. وحتى العشائري.

ربيع بركات – صحيفة السفير[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫14 تعليقات

  1. نحن أخذنا أراضينا ومن لم ترق له فكرة التقسيم فليعمل على عدم تقسيم ما تبقى من سوريا عدا أراضي الكورد , ( والخلود لرسالتنا )هههههههه…..الخ .

    1. ههه انتم احقر من تفرضوا اي شيء…كنتم تعتمدون على امريكا وباعتكم..
      انتم مجرد عنصريين مهووسيين كنازيي الألمان..تعتبرون انفسكم عرق صافي ومتجانس..
      والأن في اقليم كردستان العراق تصل الخلافات الى السماء بينكم..

  2. كل واحد جالس في بيته مع فنجان قهوة بيستعير مسطرة ابنه الصغير ويبدأ يرسم خرائط على كيفه.

  3. هل تعتقدون أن يعيش السنة و العلوية مع بعض مرة تانية! فكروا فيها!

    1. هل كان سكان المانيا الشرقية و المانيا الغربية يحلمون بالعيش مع بعض! و الان اين اصبحت المانيا التي هي حلم المسلم و المسيحي و الملحد, المعارض و المؤيد و ….. للجوء !!!

    2. شو هالمقارنة الغريبة. فعلا رايح تضل طول حياتك مستفسر قياسا لاسلوبك طرحك ومقارنتك

    3. سيقتل من اجرم من العلويين والبقية سيعيشون كما كانوا من 50 سنة…

  4. حلم ابليس في الجنة.

    جريدة السفير التشبيحية تحلم بإقامة بما يسمى بدويلة آل الفسد (العلوية) وتتكرم على السوريين بميناء على الساحل.. كرم مابعده كرم… آل الفسد وكل من يريد ان يكون ذنبا لهم لن يحلموا أن يكون لهم مكان في سوريا ولا في ساحل سوريا وأقصى مايستطيعونه هو أن ينكفئوا في الجبال أو يهاجروا الى أولاد عمهم في تل أبيب.

    سوريا للسوريين ولن تكون لآل الفسد بعد اليوم… أصنام آل افسد قد سقطت والى الأبد.. افهموها.

  5. من يرفض التقسيم عليه إذن أن يقبل بسورية غير مقسمة ولكن فاشلة على شاكلة العراق وفي حالة حرب دائمة بين السنة والعلوية وبعد عشر سنين سيكون 70 بالمئة من السنة فد هاجروا و30 بالمئة ممن بقوا سيتشيعوا. فشو قلتو: سوريا علوية أم التقسيم؟ معكون من هلا ل 12 شهر

    1. لا تحلم سوريا تتقسم … والحرب الطائفية ستنتهي اما بتطويع العلوية او طردهم فقادتهم سبب البلاء … شاء من شاء وابى من ابى وان غدا لناظره قريب

    2. هاد كلام فاضي . لو على كيفك رح تقسم حتي حماه سوق و حاضر . عند وجود قانون و نظام عادل سيقبل الجميع به . و اعتقد الان التشبيح و النهب ليس مقتصر على طائفه واحدة في ناس وسخ من كل الملل

    3. ذكرت لنا احصائية السنة بعد عشر سنين فهل تقول لنا كم علوي سيبقى بعد عشر سنين؟
      حلو اسم عمر حموي بالمناسبة :)

  6. جريدة السفير ….وزاد في الطنبور نغماً …………..!!
    بؤرة الجواسيس الفارسية المجوسية ..جريدة التجمع الشيعي المشبوه ومنبر الصفوية في لبنان الذي يضم مجموعة من بائعي الضمائر ونخاسي الكلمة …..ولايجمعهم إلا صراخ الكلاب ونكاح المتعة …وهم أوركسترا وسخة بقيادة عميل ايران الصفيق طلال سلمان ….ويشترك فيها من نافخي الآلات محمد بلوط وزياد حيدر وطارق العبد وربيع بركات وعلاء حلبي والديوس سامي كيب الذي تنازل عن زوجته لونا الشبل ليتمتع بها ابن أنيسة ، كما تضم نماذج منقوعة بماء الخيانة مثل المعاق عصم قانصوه وناصر قنديل وغالب قنديل والمجوسي الديوس رفيق نصر الحمير ..,والقومجي القواد ناهض حثتر وعريب الرنتاوي وانضم إليهم عازف جديد يدعى آدم زين الدين وكل متكسب يتقدم ليقضم من جسد الفريسة السورية .. إذا كنتم رجالاً أيها الخونة تعالوا إلى الميدان حتى نطعمكم من وسخكم …….