هيومان رايتس ووتش : ينبغي فرض حظر للتسلح عقب الغارات الجوية المميتة في سوريا

قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة فرض حظر للتسلح على الحكومة السورية في أعقاب الهجمات الحكومية الجوية المتكررة على الأسواق الشعبية والمناطق السكنية في دوما في 16 أغسطس/آب 2015. تسببت الهجمات في مقتل ما لا يقل عن 112 شخصاً، وصفهم الشهود وأوائل المستجيبين بأنهم مدنيون في غالبيتهم الساحقة.

وقد شنت القوات الجوية السورية أربع غارات في غضون دقائق من بعضها البعض على أسواق الباعة الجائلين بالشارع الرئيسي في دوما، البلدة الأكبر من حيث عدد السكان في منطقة الغوطة الشرقية المحاصرة، الخاضعة لسيطرة جماعات المعارضة المسلحة. وتحدثت هيومن رايتس ووتش مع أربعة شهود فقالوا إنه لم تكن هناك أهداف عسكرية على مقربة، وإن أقرب قاعدة أو جبهة للمقاتلين تقع على بعد كيلومترين على الأقل. ولم تعلق السلطات السورية مباشرة على الغارات، إلا لانتقاد مبعوث الأمم المتحدة ستافان ديميستورا، الذي وصف الغارات على دوما بأنها “مُدمّرة” و”غير مقبولة”.

وقال نديم حوري، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “إن قصف سوق حافلة بالمتسوقين والباعة في وضح النهار يظهر استهانة الحكومة السورية المروعة بالمدنيين. وتأتي هذه المجزرة الأخيرة كتذكرة جديدة ـ إن كان ثمة ما تزال حاجة إليها ـ بالاحتياج العاجل لتحرك من مجلس الأمن بشأن قراراته السابقة، واتخاذ خطوات لوقف الهجمات العشوائية”.

وقد قال الشهود وأوائل المستجيبين لـ هيومن رايتس ووتش إن الغارات الأربع أصابت الأسواق المزدحمة، المعروفة محلياً باسم أسواق الحال والهبوب والغنام، في نحو الظهيرة. وتقع الأسواق الثلاثة جميعاً في نطاق 500 متر من بعضها البعض. ووصف اثنان من أوائل المستجيبين مشهداً تسوده الفوضى، مع تناثر الموتى والمصابين بالشوارع. وقالوا إنهم عثروا على نحو 70 جثماناً وأعداد كبيرة من الجرحى عند وصولهم. وبعد 5 دقائق تقريباً من الغارات الأربع، قامت قوات الحكومة بإطلاق الهاون والصواريخ على المنطقة، فقتلت 6 أشخاص إضافيين، بحسب الشهود.

وفي توقيت لاحق بعد ظهر ذلك اليوم، أصابت الغارات الجوية منطقة سكنية في دوما تعرف باسم المساكن، أو عبد الرؤوف. وقال أحد سكان المساكن لـ هيومن رايتس ووتش إن الغارات قتلت ما لا يقل عن 30 شخصاً وإن القوات الحكومية فتحت النيران في توقيت لاحق من نفس اليوم على من يحاولون دفن أقاربهم في المقابر. وقال: “اضطررنا للركض لمسافة 400 متراً إلى المقابر تحت رصاص القناصة لدفن ابن عمي. وفي طريق العودة بدأت قذائف الهاون تتساقط مجدداً وأصيب شخصان جراء الشظايا أثناء دفن الضحايا. إنهم لا يريدون لنا حتى أن ندفن شهداءنا”.

وأفادت تنسيقية دوما بأن هجمات 16 أغسطس/آب قتلت ما يصل مجموعه إلى 112 شخصاً، وجرحت 550 من المدنيين، وكان 40 بالمئة منهم من الأطفال، علاوة على 8 سيدات. وأفاد المكتب الطبي الموحد في دوما، الذي يتولى تنسيق الرعاية الطبية في المنطقة، بأن الأطباء أجروا 116 جراحة على الجرحى، بينها 9 من عمليات البتر.

ولم تكن تلك الهجمات هي الأولى على أسواق مزدحمة في الغوطة الشرقية، فقد سبق لمنظمة العفو الدولية “آمنستي” التحقيق في غارات جوية على أسواق في حمورية في 25 يناير/كانون الثاني بعد صلاة الجمعة، الغارات التي قالت إنها قتلت ما يزيد على 40 من المدنيين، وعلى السوق بكفر بطنا في 5 فبراير/شباط في نحو الواحدة ظهراً، في غارة قالت إنها قتلت 45 مدنياً.

وبحسب مركز توثيق الانتهاكات في سوريا، وهو منظمة رصد محلية، تسببت هجمات القصف والغارات الحكومية في قتل ما لا يقل عن 462 مدنياً و16 من المقاتلين في الغوطة الشرقية بين يناير/كانون الثاني ويونيو/حزيران.

كما قامت الجماعات المسلحة العاملة في الغوطة الشرقية بقصف عشوائي عديم التمييز للمدنيين المقيمين في المناطق القريبة الخاضعة لسيطرة الحكومة. ويعمل تقرير لـ هيومن رايتس ووتش من مارس/آذار على توثيق قصف عشوائي لمناطق سكنية وأسواق من قبل جماعات مسلحة، وقد دعا مجلس الأمن إلى فرض تعليق لجميع المساعدات العسكرية للأطراف المتورطة في انتهاكات واسعة النطاق أو ممنهجة.

وقد بدأ التصعيد الأخير بين القوات الحكومية والجماعات المسلحة في الغوطة الشرقية في 12 أغسطس/آب، حينما قامت جماعات مسلحة بإطلاق قذائف الهاون على عدة مناطق في دمشق قبل ساعات من زيارة لوزير الخارجية الإيراني محمد ظريف، فقتلت 11 مدنياً، بحسب تقرير للمرصد السوري لحقوق الإنسان. وبعد ذلك بقليل أطلقت الطائرات الحربية الحكومية موجة من الغارات الجوية على عدد من ضواحي العاصمة الخاضعة لسيطرة المعارضة، وبينها دوما، فقتلت 37 شخصاً، كما ورد في تقرير للمرصد السوري لحقوق الإنسان.

وفي 22 فبراير/شباط 2014 طالب مجلس الأمن “بتوقف جميع الأطراف فوراً عن شن أية هجمات على المدنيين، إضافة إلى الاستخدام العشوائي عديم التمييز للأسلحة في مناطق مأهولة، بما في ذلك إطلاق المقذوفات والقصف الجوي”، وهذا في قراره رقم 2139. وفي 17 أغسطس/آب، بعد يوم من هجمات الغوطة، أصدر مجلس الأمن بياناً يكرر فيه مطالبته بأن توقف جميع الأطراف الاعتدءات على المدنيين إضافة إلى أي استخدام عشوائي عديم التمييز للأسلحة في مناطق مأهولة.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن على أعضاء مجلس الأمن الأممي، بمن فيهم روسيا التي وَقَت الحكومة السورية من العقوبات والمحاسبة، أن يتخذوا خطوات فورية لفرض هذا المطلب. وبخلاف حظر التسلح فإن على مجلس الأمن أن يطبّق على جميع الهجمات العشوائية نفس المستوى من التمحيص الذي سبق له فرضه على الهجمات الكيميائية، من خلال رصد تلك الهجمات وتحديد المسؤولية عنها ومعاقبة المسؤولين. كما أن على مجلس الأمن إحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية.

ويتعين على مجلس الأمن أيضاً مطالبة الحكومة برفع الحصار غير المشروع الذي تضربه حول الغوطة الشرقية، والذي يحرم المدنيين والجرحى والمرضى من مغادرة المنطقة، ويعرقل توصيل المساعدات الإنسانية والطبية والبضائع اللازمة للحياة.

وقال نديم حوري: “كم يجب أن يُفقد من أرواح قبل أن يتحرك مجلس الأمن لفرض قراراته؟ إن على المجلس أن يبدي التزاماً بإنهاء الضربات العشوائية يضارع ما أبداه لإنهاء الهجمات الكيميائية”.[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

2 Comments

  1. يتطلب ذلك موافقة إسرائيل, التي لن توافق على التخلي عن ملك ملوكها, مختار المهاجرين, الأمعة الإيراني.

  2. لا حياة لمن تنادي مادام الشهداء من اهل السنه لو كانت المجزره في قرداحه لقمت الدنا علينا