عن مصير الأسد

وسط مجموعة مبادرات الحل السياسي المطروحة للقضية السورية، يبدو مصير الأسد هو المشكلة الرئيسية أو الأكثر حضورًا، فما زال الاختلاف قائمًا حول مصيره، وقد يضاف إلى ذلك مصير بطانته، حيث يرى البعض الحفاظ على وجوده أساسًا للحل وفق الرؤية الإيرانية، بينما الرؤية الروسية، تبدو مختلفة في صيغتها الأخيرة. إذ يمكن إتمام الحل من دون الأسد مع ضمانات من شأنها حمايته من الملاحقة والمساءلة، لكن أغلبية الدول والقوى المعنية بالقضية السورية، ترى أن مصير الأسد محسوم في النهاية، حيث لا وجود له في مستقبل سوريا. هذا الموقف الأهم بين الدول وثيقة الصلة بالقضية السورية مثل المملكة العربية السعودية وتركيا وقطر، إضافة إلى المعارضة، التي تضيف بعض تشكيلاتها إضافة إلى نفي أي دور ووجود مستقبلي للأسد ضرورة محاكمته عن الجرائم، التي ارتكبها ونظامه ضد السوريين في السنوات الأربع والنصف الماضية.

الاختلاف على مصير الأسد في مساعي الحل السياسي في سوريا، ليس اختلافًا على الشخص، ولا على بطانته القريبة، كما يبدو في الظاهر، إنما هو اختلاف على الواقع السوري ومستقبله، وأثره في العلاقات البينية، واختلاف على مصالح الأطراف ذات العلاقة، وهو ما يجعل الأطراف المختلفة، تقف وراء هذا الخيار أو ذاك في موضوع مستقبل الأسد، والأمثلة على تقلب سياسات الدول كثيرة، ولا تحتاج إلى أمثلة حتى، وآخرها في القريب، تخلي إيران عن رجلها في العراق، نوري المالكي، الذي تحول مؤخرًا إلى قضية فساد في جدول أعمال حكومة حيدر العبادي؛ رجل إيران في عراق اليوم.

الأسد بالنسبة لإيران، هو رمزية وجودها في سوريا، وتعبير عن نفوذها وتجسيد لاستراتيجيتها في الخط الممتد من الخليج إلى شاطئ المتوسط مرورًا بالعراق فسوريا إلى لبنان، وهو بالنسبة لروسيا دليل لوجود نفوذها، وامتداد لسيطرة المافيا الروسية وعلاقاتها في شرق البحر المتوسط، وتعبير عن روابط مصالحها مع نظام إيران وسيطرته في المنطقة، أما بالنسبة للراغبين في التخلص منه، فالأمر في اتجاه عكسي؛ إذ يعني التخلص منه، بالنسبة لدول الخليج العربية، وقف عملية التمدد والسيطرة الإيرانية في المنطقة، وقد صار حاضرًا ومسيطرًا على أربع عواصم عربية من بغداد إلى دمشق وبيروت، وصولاً إلى صنعاء في اليمن، بينما خلاياه تتحرك في السعودية والبحرين، وتتوالى عمليات كشف خلاياه النائمة، كما حدث في الكويت.

أما في موضوع تخلص السوريين من الأسد وبطانته، فالأمر له أكثر من وجه؛ إذ هو لا يعني إنهاء السيطرة والاحتلال الإيراني لسوريا، ووقف عملية تشييعها الحالية على قدم وساق فقط، بل يعني رغبتهم في التخلص من امتداد نظام عائلي استبدادي فاسد، ربض على صدورهم منذ نحو نصف قرن مضى، حول فيها سوريا إلى مزرعة لآل الأسد وبطانتهم، وحول السوريين إلى عبيد وفقراء في المزرعة في إطار منظومة سياسية اقتصادية اجتماعية وثقافية.
وسط تلك الأهداف المتناقضة في الموقف من مصير الأسد وبطانته، لا يمكن عزل القضية عما حدث ومستمر حدوثه في سوريا من سياسات وممارسات دموية، يتابعها الأسد ونظامه منذ بداية تظاهرات درعا في 2011، وقد دفعت السوريين إلى عمق كارثة، ليس لها مثيل في التاريخ الإنساني في تعددها الإجرامي قتلاً وجرحًا واعتقالاً وتشريدًا وتهجيرًا للسوريين.

فايز سارة – الشرق الأوسط[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

تعليق واحد

  1. لا يمكن لأحد في العالم مهما علا شأنه أن يضمن لبشار المجرم أنه لن يقتل قتلة الكلاب .. مهما طال الزمن