أبو قتادة الفلسطيني ينتقد حركة ” أحرار الشام ” بسبب فصلها لـ ” أبو شعيب المصري “

فعلًا إنها ظاهرة تستحق التوقف عندها والتأمل فيها، فقبل انطلاق المعارك الأخيرة لفصائل الغوطة الشرقية على إدارة المركبات في حرستا، كان زهران علوش قائد “جيش الإسلام” وفصيله أكبر الخائنين لدماء الشعب السوري، وأول المتخاذلين في حق الزبداني، وفي حق الغوطة الشرقية قبلها، والسبب أنهم لم يبادروا بفتح المعارك تخفيفًا عن إخوانهم.
وما هي إلا أيام حتى تبدَّل الحال فأصبح زهران علوش وجيشه هو القاتل الأول، وهو المسؤول عن مجزرة المئة شهيد في دوما، وهم من جلبوا الدمار إلى الغوطة الشرقية، خاصة أن زهران علوش ظهر في مقطع الفيديو على رأس المعركة، حتى إن وكالة “رويترز” نفسها حمَّلت “جيش الإسلام” المسؤوليةَ عن المجزرة بشكل مبطن، عندما قالت إن الهجوم على دوما جاء بعد ظهور قائد “جيش الإسلام” في المعركة؟! فلو فرضنا أن المجزرة ما كانت لتحصل لولا هجوم الثوار، فلماذا يحمل “جيش الإسلام” المسؤولية وحده، ومعه عدد من فصائل الغوطة في الهجوم؟

ثلاثة أطراف تطعن بجيش الإسلام
تعتبر مدينة دوما أكبر مدن الغوطة الشرقية، أهم معاقل حزب الاتحاد الاشتراكي، المنضوي تحت راية هيئة التنسيق، والذي كان يعتبر نفسه الجسمَ الوحيد المعارض لنظام الأسد والمتواجد داخل سوريا، ولقد أبدى الاتحاد الاشتراكي معارضته الشديدة حاله كحال هيئة التنسيق لعملية استخدام الثوار للسلاح للدفاع عن الشعب السوري في وجه بطش النظام، ولأن دوما هي أكبر معاقل “جيش الإسلام” كان الصدام لا بد منه، ولأن الكثير من شباب الاتحاد الاشتراكي يعملون ضمن منابر إعلامية ثورية فقد بكَّروا بشنِّ الهجماتِ الإعلامية على الجيش، على الرغم من جهوده الكبيرة في تحرير الغوطة منذ تأسيسه عندما كان يُعرف بـ”لواء الإسلام”، ولا تزال هذه الهجمات واضحةً من بعض رموز الحزب وبعض شبابه في المنابر الإعلامية الشهيرة.
من طرفه كان للجيش الإلكتروني لنظام الأسد دور بارز، فمن الملاحظ أن أي خبر يتم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي أو الشبكات الإعلامية يتحدث عن “جيش الإسلام” نرى أن 5 أو 6 تعليقات متلاحقة تطعن به، وحين قامت وحدة الرصد في “الدرر الشامية” بمراجعة غالبية هذه الحسابات وجدت أنها وهمية، ومترابطة مع بعضها بطلبات صداقة، والهدف طبعًا واضح، حيث إن هذا الفصيل يتولى حراسة 70% من جبهات الغوطة الشرقية، وشكَّل سقفًا جامعًا للمدن والبلدات الثائرة في المنطقة، التي نصَّبت “زهران علوش” قائدًا لها، فأي عملية تفكيك لجسم كهذا منتشر يعتبر نصرًا للنظام، ولما استحالت عمليات الاقتحام تم التحول إلى الحرب الإعلامية.
وللوافد الجديد على قائمة أعداء الشعب والثورة السورية (تنظيم الدولة) نصيبٌ كبير من الطعن بثوار الغوطة الشرقية عمومًا، و”جيش الإسلام” خصوصًا، فلقد كان “جيش الإسلام” أكثر الفصائل صراحةً وتحريضًا على قتال هذا التنظيم، حيث صنّفه من بدايته ضمن فئة “الخوارج” التي يجب قتالها شرعًا، ولعب الدورَ الأكبر في طرده من الغوطة الشرقية، وبسبب نشاط التنظيم غير العادي على “تويتر” تم تنظيم حملات الطعن، ويسهل على أي متابع لتلك الحسابات على “تويتر” أن يميز تبعيته للجيش الإلكتروني للتنظيم.

“جيش الإسلام” في سطور
لَطالما حمل اسم “لواء الإسلام” البشريات لأهالي الغوطة الشرقية خصوصًا، ولأهالي سوريا عمومًا في بدايات العمل العسكري ضد النظام؛ حيث قام اللواء بتحرير فوج النقل 274 مدينة الشيفونية، ثاني فوج عسكري للنظام السوري، وتحرير كتيبة البطاريات (الريحان)، وكتيبة الباتشورا للدفاع الجوي (أوتايا) بالغوطة الشرقية، وكتيبة الإشارة مدينة دوما، وحاجز الشيفونية، وحاجز جسر مسرابا، وحاجز الصمادي، حرير حواجز تل كردي، وحاجز ابن سينا/ الأعاطلة، ومقرات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين/ القيادة العامة، ومقرات الجيش الشعبي، وغيرها من الحواجز المتناثرة في الغوطة الشرقية.
ولعل أبرز إنجازات الجيش على الإطلاق استيلاءه على عربة “أوسا” المضادة للطيران المروحي، وتمكن من إعادة تشغيلها، وبالتالي فرض حظر للطيران المروحي على الغوطة الشرقية، مما يعني إبعاد شبح البراميل المدمرة عن المنطقة، باستثناء الطيران الحربي صاحب المناورة الأكبر من المروحي.

هفوات تم استغلالها
لا يخلو أي فصيل يقاتل اليوم ضد نظام الأسد من الثغرات، خاصة في ظل الهجمات الشرسة التي تتعرض لها المدن والبلدات المحررة والصمت المطبق من المجتمع الدولي، والتي تجعل الأخطاء تتضاعف أحيانًا، خاصة إذا وُجد من يسلط الضوء عليها ويضخمها أكثر.
فلقد شكَّلت مسألة انغلاق جيش الإسلام إعلاميًّا، وعدم وجود سياسة ممنهجة لديه أكبر ثغرة تم اقتناصه من خلالها، فلم يوضح نهجه، ومواقفه، ولم تكن هناك ردود مقنعة على ما يثار حوله.
ولعل أكثر ما يُعاب على الجيش قبضته الأمنية التي يبررها بكثرة الخلايا لتنظيم “الدولة”، ونظام الأسد في مناطقه، إلا أن عدم الكشف عن بعض المعطيات وتوضيحها جعلها مادة دسمة للأصناف التي سبق ذكرها.
ليس غريبًا استخدام الآلة الإعلامية من قِبَل نظام الأسد وحلفائه، وكذلك الأطراف المعادية للثورة، من أجل إسقاط كياناتها ورموزها وفصائلها، الأمر الذي يلقي على عاتق الفصائل المقاتلة والجهات الثورية وعيًا أكبر بالتعاطي مع المسائل السياسية والإعلامية.

منقول