“اللاجئون يجلبون معهم خلافاتهم الدينية والسياسية أيضاً” .. باحث ألماني يدعو إلى تسريع إدماج المهاجرين

دعا عالم الاجتماع الألماني هانز غيورغ زوفنر في حوار مع شبكة “دويتشه فيله ” إلى تسريع عملية إدماج المهاجرين، محذرا من حدوث مشاكل وصراعات ثقافية جادة في حال عدم إدماجهم. وأشار إلى أن الثقافة وحدها غير كافية لتحقيق وحدة المجتمع والتعايش.

سيد زوفنر، تتوقع وزارة الداخلية الألمانية قدوم 800 ألف لاجئ إلى ألمانيا هذا العام، هل يدعو ذلك إلى القلق؟

هانز غيورغ زوفنر:نعم، وذلك لأنه كانت لدينا الفرصة للتعامل مع هذا العدد وحل هذه المشكلة. لكن الحكومة الاتحادية والولايات مازالت بعيدة جدا عن وجود حل لهذه المشكلة، وهي لا تزال تفكر في كيفية التعامل مع هذا العدد الكبير. فنحن كنا نعلم منذ مدة طويلة أننا سنواجه مثل هذه الموجة من اللاجئين وأنها ستتنامى وتكبر أيضا. إن البطء الشديد في العمل يجعنلي أشكك في تحرك ألمانيا في هذا المجال. يجب ألا ننسى أن جمهورية ألمانيا الاتحادية هي البلد الذي استقبل أكبر عدد من المهاجرين بعد عام 1945 (الحرب العالمية الثانية)، أكثر مما استقبلته الدولتان الاستعماريتان السابقتان فرنسا وبريطانيا. ألمانيا هي البلد الأكثر اختلاطا والذي اتسطاع التغلب على أكبر موجة للنازحين والمهاجرين وعلى أكبر موجة من العمال الوافدين. حتى عام 2000 فقط دخل ألمانيا 23 مليون مهاجر، وفي نفس الفترة هاجر منها 17 مليون شخص. إذن كان لدينا اختلاط وحركة دائمة واستطعنا التعامل معهما بشكل جيد نسبيا. لكن انطباعي الآن أنه ليس واضحا لدى أحد ماذا يعني التخطيط.

ما هي السياسة الناجحة التي يمكن التغلب بها على التحدي الذي نواجهه حاليا؟

إن الأمر لا يتعلق بإيواء (اللاجئين) فقط. وإنما كيف يمكن للنظام التعليمي في ألمانيا أن يجعل الصغار والكبار من المهاجرين يتعلمون اللغة الألمانية بسرعة ، فإذا لم يحصل ذلك، فلا يمكن ادماج اللاجئين. كما إن الأمر يحتاج إلى التعاون مع وكالة العمل الاتحادية.

وكيف تنظر إلى الجانب الثقافي بالنسبة للهجرة؟

إذا لم نقم بشكل حازم بإيصال الثقافة والمعرفة اللغوية إلى هؤلاء المهاجرين، فإننا سنواجه سريعا صراعا ثقافيا مرتبطا بديانات أخرى يهاجر أتباعها إلى ألمانيا. فالآن هناك 4,5 مليون مسلم في ألمانيا ويزداد عددهم شيئا فشيئا، وبقيت ألمانيا هادئة نسبيا فيما يتعلق بمسألة الصراع الثفافي. لكن موجة الهجرة الحالية لها حجم آخر وبعدين مختلفين، فالمهاجرون الحاليون يجلبون معهم الخلافات القائمة بين المسلمين أنفسهم أيضا.

ماذا تتوقع بالنسبة لمستقبل هذه الصراعات؟

يجب أن نتوقع نمو وازدياد هذه الصراعات، حيث يجلب اللاجئون معهم إلى ألمانيا الصراعات السياسية والدينية الموجودة في بلادهم الأصلية أيضا، مثل الصراع بين السنة والشيعة أو بين المسلمين الليبراليين والسلفيين. ونحن نعرف وجود صراع بين الأتراك والأكراد وبين العلويين غيرهم من المسلمين. مبدئيا نحن نعرف وجود مثل هذه الصراعات وهي ليست بالجديدة علينا. لكن وبالنظر للعدد الكبير المتوقع من المهاجرين فإن هذه الصراعات ستزداد وتنمو. لذا علينا أن نتحرك بسرعة ونطلع المهاجرين على قيمنا وعلى مبادئنا الدستورية، وبالتالي سيعرف المهاجرون القواعد السارية هنا وأن عليهم الالتزام بها.

إننا نشهد اليوم حالات فردية لانهيار نظام الدولة في مناطق مثل كاليه ولامبيدوزا ومقدونيا، حيث نلاحظ وجود حالات فوضى. فهل لدى الدول الأوروبية ما يكفي من القوى للسيطرة على الوضع وهل تستطيع منع حدوث مثل هذه الحالات أصلا؟

من الصعب السيطرة على الوضع، لأن الأوروبيين أهملوا المشكلة لسنوات وتركوها تزدادا تأزما. بريطانيا أيضا أهملت موجة الهجرة ولم تسيطر عليها نسبيا، وكذلك فرنسا. ونظام التسجيل في بريطانيا هش جدا، فحتى البطاقة الشخصية غير مطلوبة هناك. على البريطانيين أن يتعلموا الآن، وهم سيتعلمون ذلك ولاشك، حيث إنهم أهملوا المشاكل وتجاهلوها لسنوات. ومن خلال ذلك ساهمت أوروبا في ازدياد الفوضى. أما ألمانيا، وبدون مدح لها، فإنها تصرفت بشكل أفضل من الناحية التنظيمية. فقد عرفنا وبشكل مبكر نسبيا أن حل مثل هذه المشاكل لا يتم من طرف الشرطة فقط، وإنما يحتاج إلى جهد اجتماعي وإلى دوائر رسمية مناسبة تستطيع توفير فرص عمل. ولدينا الطاقة اللازمة للقيام بذلك ولكن يجب ألا نهمل المشاكل كما فعلنا حتى الآن.

بالنظر إلى العدد الكبير للاجئين، يتم طرح السؤال حول ما يحافظ على وحدة المجتمع الألماني، ما هي إجابتك على هذا السؤال؟

بالتأكيد ل يتم ذلك من خلال منظور الثقافة الرائدة وغير المنتهجة منذ مدة طويلة. إن قوة ألمانيا تكمن في أنه لدينا أحد أفضل الدساتير في العالم، وهو ما يجب تعليمه للآخرين وإطلاعهم عليه وتطبيقه والالتزام به.

إذن إنه نوع من “الوطنية الدستورية” التي أشار إليها المفكر الألماني دولف شتيرنبيرغر؟

نعم، إن الأمر كذلك. بالإضافة إلى ذلك هناك قضية الحرية الدينية التي أشار إليها ارنست فولفغانغ بوكنفورده، الخبير في القانون الدستوري والقاضي بالمحكمة الدستورية العليا سابقا، والتي صاغها في سبعينات القرن الماضي على الشكل التالي: إن مدى مستوى أهمية وزن الدولة العلمانية يكمن في مدى ما تسمح به من حرية دينية. وهذا يعني أن المجتمعات المتعددة دينيا وعرقيا هي مجتمعات هشة دائما، وعلينا أن نتعامل مع ذلك. غير أن لها ميزة أيضا وهي أنها مجتمعات منفتحة في نفس الوقت، ولكن فقط عندما تحترم الدولة الدستور بشكل واضح وتلتزم به وتطبقه بشكل صارم؛ وعدا كل ذلك فهو وهم ومحض خيال.

هانز غيورغ زوفنر: باحث ألماني في الدراسات الإجتماعية وأستاذ سابق بجامعة كونستانتس. وكان رئيس الجمعية الألمانية للعلوم الاجتماعية بين 2007 و2011.[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

تعليق واحد

  1. اللاجئون الذين يأتون من بلدان ذات ثقافات مختلفة لن يندمجوا في بلدكم بل سيحاولون في المستقبل فرض قيمهم الثقافية عليك لأنهم يعتبرون أنفسهم أعلى منكم شأناً في نظر خالق الكون .. هل تستطيع أن تتعايش مع ذلك؟