لاجئون: أنتم الآن أيضا ألمانيا ! .. صحفي بارز في ألمانيا يوجه رسالة للاجئين الجدد

أهلا وسهلا بكم في ألمانيا، حيث تنتهي محنتكم وتجدون الأمان. والآن يتوقف عليكم ألا تبقوا غرباء في هذا البلد.

قبل أسبوعين أمضيت يومين في دار سابقة للمسنين. لقد أردت التعرف على سكان هذا المأوى عن قرب للاستماع إليهم والحديث معهم، من أجل فهم همومهم ومنحهم صوتا مسموعا عبر برنامجي “شباب توك”. يسكن في هذا المأوى ستمائة شخص من مختلف الفئات العمرية ومن شتى أنحاء العالم، رجال ونساء، متعلمون وغير متعلمين. الكل يشتركون في قاسم واحد: كلهم لاجئون قدموا إلى ألمانيا أملا في الأمن وفي مستقبل أفضل. وإذ يهمني كثيرا أن ينعم اللاجئون في ألمانيا بالراحة والطمأنينة، قررت أن أكتب لهم الرسالة التالية، التي تصادف أيضا انطلاقة عمودي “جعفر: شو في؟” على موقع “تسايت”.

أهلا وسهلا بكم! بهذا الشعار تم الترحيب بكم في العديد من محطات القطار الألمانية. أهلا وسهلا بكم هو ما هتفت به أنا أيضا. لقد سررت كثيرا لأنكم وصلتم أخيرا بر الأمان، بعد أيام وأسابيع من التعب والمخاطر التي كانت تحدق بسلامتكم، بل وبحياتكم. في استطاعتك أن تتنفسوا الصعداء الآن.

ألمانيا كلها متعاطفة معكم في الآونة الأخيرة والإعلام هو الآخر لعب دورا كبيرا في نشر ثقافة الترحيب غير المعهودة هنا، عبر تغطيته الإيجابية لكل ما يتعلق بكم. كما أن العديد من السياسيين أبدوا حماسا كبيرا تجاهكم، بعضهم عن قناعة بدون أي شك، لكن من بينهم من يطمع في تحقيق مكاسب له عبر مساندتكم

كل هذا وكأن عناوين الصحف لم تكن تصنعها قبل أسابيع معدودة الاعتداءات على بيوت اللاجئين وحركة بيغيدا المعادية للمسلمين، وكأن السؤال المهيمن على الرأي العام لم يكن ما إذا كانت ألمانيا تريد وتستطيع مساعدة اللاجئين أصلا. ما حصل هو أن المزاج العام وموقف الإعلام انقلبا فجأة لمصلحتكم. لكن هذا المزاج قد ينقلب إلى الاتجاه المعاكس بالصورة المفاجئة ذاتها، بمجرد أن يرتكب أحدكم خطأ. ذلك أن الناس والإعلام يميلان للتعميم والصور النمطية.

أعزائي اللاجئين، قد تنحدرون من دمشق أو بنغازي أو بغداد. إنني أعرف العديد من مواطنكم جيدا. وإذا ما نظرنا إلى أصولي، من غير المستحيل أن نكون أقرباء. لذلك أود أن أتحدث معكم بصراحة وصدق باعتباري أحد أقاربكم.

يهمني كثيرا أن يبقى جو الترحيب تجاهكم سائدا في ألمانيا، كي تنعموا بحياة كريمة هنا. وعليه لا بد من أن تثبتوا لأولئك بين الألمان الذين يشعرون بالريبة والقلق إزاءكم بأنهم مخطئون.
أول وسيلة إلى ذلك هي تعلم الألمانية في أسرع وقت ممكن. فالألمانية ليست لغة جميلة فحسب، بل تشكل المفتاح إلى المجتمع الألماني وإلى موطنكم الجديد. عبر هذه اللغة ستتمكنون من التعبير عن أفراحكم وفهم محيطكم. لكن أهم من ذلك أن السيطرة على الألمانية ستعزز استقلاليتكم واعتمادكم على أنفسكم داخل ألمانيا، لأنها ستقلل من حاجتكم لمترجمين ومساعدين.

مما لا ريب فيه هنا في ألمانيا هو أن الجميع، بما في ذلك محمد وسميرة، يستطيعون الوصول إلى كل ما يرومون إليه. أهم شرط لذلك هو التعليم. لذلك اسهروا على التحاق كلفة أولادكم بالمدارس، كبارهم وصغارهم، سواء كانوا بناتا أو بنين. فالتعليم سيرفع من فرصهم للنجاح في حياتهم بغض النظر عن وضعكم الاجتماعي.

“عش ودع غيرك يعيش” شعار أثبت نجاحه في ألمانيا، لذلك أنصحكم بأن تتبنوه أنتم كذلك. إذا شاءت الصدف ورأيتم شخصين يتبادلان القبل في الشارع و كانا رجلان او امرأتان ، فتقبلوا ذلك، حتى وإن سبب ذلك صدمة لكم في الوهلة الأولى. لأن عدم تعودكم على هكذا مشاهد لا يعني بالضرورة أن فيها إشكال. لا تنسوا أنكم تعيشون الآن في منظومة قيمية أخرى، وأن عليك احترامها حتى نتمكن جميعنا من العيش في سلام.

نظام الضمان الاجتماعي الألماني من بين أفضل الأنظمة في العالم، ولا شك أنه يمثل السبب الرئيس بالنسبة للعديد من اللاجئين من أجل محاولة اللجوء إلى ألمانيا. لكن لا تعتبروا الاستفادة من هذا النظام أمرا بديهيا. فالعديد يعملون جادين من أجل أن يوفروا لكم كل هذا الدعم. لذلك ابحثوا عن فرص عمل وشمروا عن سواعدك بمجرد أن تتخطوا العقبات البيرقراطية وتحصلوا على تصاريح عمل.

يسرني كثيرا اقتراب عيد الأضحى واحتفالكم به في أمان، ربما لأول مرة منذ سنين. غير أن ألمانيا تضم ديانات وتقاليد أخرى، وتماما مثلما تريدون لدينكم وتقاليدكم أن يقابلوا بالاحترام اللازم، ينبغي عليكم أن تحترموا المعتقدات والتقاليد الأخرى. وبما أننا تطرقنا للاحترام: يجب أن تعرفوا أن ألمانيا تعرف مصطلح “المنتمين لديانات أخرى”، كما أنها تعرف “البلا دين”. لكن مفهوم الكفار أمر منبوذ هنا، وعليه أن يبقى كذلك.

لا تستوردوا من أوطانكم النعرات الطائفية والعرقية. لا تنسوا أبدا أنها هي التي اضطرتكم لمغادرة أوطانكم وأفقدتكم أحبائكم. جميعنا نعيش هنا كجيران: السني إلى جانب الشيعي، الكردي بجنب التركي، اليهودي بجانب المسلم، الملحد بجانب المسيحي. هذا التعايش السلمي هو فرصتكم الوحيدة للعيش مع أسركم في سلام وحتى لا تبقوا غرباء في هذا البلد.

صحيح أن هناك الكثير مما ينبغي على الحكومة والمجتمع الألمانيين تحسينه. لكن هذا لن ينجح إلا تعاونا جميعا. من حقكم التعبير عن أفكاركم ورغباتكم بكل حرية وصوت مرتفع، وفي المقابل يجب عليكم الاستماع والفهم. السياسة هنا تتم بمشاركة الجميع، فلا تكتفوا بدور المشاهدين فقط .وهناك بعض المجموعات في المانيا سترفضكم مهما فعلتم واجتهدتم لتكونوا جزء من المجتمع. لا تكترثوا لهم واستمروا لتكونوا جزء من المجتمع هنا.

لذلك أتمنى أن نقف يوما ما سوية في إحدى محطات الطار الألمانية، وأن نرحب باللاجئين الجدد ونحن نردد أهلا وسهلا.

جعفر عبد الكريم

جعفر عبد الكريم، 33 عاما، هو المحرر المسؤول ومقدم البرنامج الحواري شباب توك الذي تبثه قناة DW عربية، والذي يخاطب الملايين من الشباب العربي من المحيط إلى الخليج عبر مواضيع ناقدة للمجتمع.
ولد جعفر عبد الكريم في ليبيريا لأبوين لبنانيين، وترعرع في سويسرا ولبنان، ودرس في دريسدن الألمانية وليون الفرنسية، بالإضافة إلى لندن وبرلين، حيث يقيم حاليا.[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

4 Comments

  1. احترام اﻵخرين على اختلافهم أساس اﻻندماج في المانيا وغيرها . هل باستطاعة المسلم التخلص من فكرة الكافر و مسألة (أن رأيت منكر فعليك بتغييره اما بيدك أو لسانك أو قلبك وهو أضعف اﻹمان) أعتقد أن المسألة أكبر من أن تكون عادة اجتماعية .أنها عقيدة !!!!!

  2. في الحقيقة كلامك ليس جميل كلامك مسموم المسلم ان عايش بسوريا الي 90 بلمية من سكانها مسلمين لو كانوا بدون يمشو الي عم تقولوا ما كنت ضليت عايش هونيك

  3. ضحكتني. السعودية والخليج والعراق وسورية كانت قبل اﻻسلام نسبة المسيحية فيها90%اذا مو أكثر شوف اشقد صارت اﻻن نسبة المسيحية السعودية0% العراق تقريبا 0% سوريا ما في إحصائيات دقيقة بس أقل من 3% .بقى شو رأيك .