انقلاب أردوغان والكرملين شرطيّاً للمنطقة

في تغيير لافت في المواقف، و «ليونة» غير معهودة حيال الشأن السوري، انضم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى قافلة الزعماء الغربيين القائلين إن بشار الأسد يمكن أن يكون جزءاً من الحل في سورية، وأن يبقى خلال المرحلة الانتقالية المقبلة التي قد تبدأ صياغتها (غداً) في نيويورك.

وتزامن كلام أردوغان، أشد أعداء الأسد سياسياً، مع موقف مشابه أطلقته المستشارة الألمانية أنغيلا مركل الملقبة بـ «ماما مركل» بسبب مواقفها الإنسانية المؤيدة للاجئين، ليثير موجة استهجان وغضب لما اعتبر تخلياً عن الثورة السورية ممن يفترض أنه أبرز «عرابيها» الإقليميين.

والحال أنه يصعب تفسير «الديبلوماسية» الغربية المفرطة و «الليونة» التركية المستجدة، إلا بكونهما تسليماً بواقع فرضه التدخل العسكري الروسي المباشر والمعلن إلى جانب النظام السوري، فيما أيٌّ من «أصدقاء» الثورة والداعمين لها لم يبد استعداداً لخوض مغامرة عسكرية مقابلة والعودة إلى التورط في وحول شرق أوسطية جديدة.

وتمكن الاستفاضة طبعاً في سرد مراحل فشل المعارضة السورية في صياغة خطة سياسية محكمة، وإنتاج قيادات ذات تمثيل ومصداقية، لكن ذلك على صحته، يبقى مجتزأً وغير منصف إذا ما انتزع من سياق عام ساهم في إيصال الأمور إلى ما هي عليه اليوم.

والحال أن تكثيف اللقاءات الدولية، وبذل جهود تفاوضية غير مسبوقة بين عدد من القادة الإقليميين والاوروبيين، يشيان بأن دوافع التدخل الروسي لا تقتصر على خدمة مجانية يقدمها الرئيس فلاديمير بوتين لحليفه بشار الأسد، وإنما هي عملية إنقاذ فعلي للمجتمع الدولي الذي وجد نفسه في عنق الزجاجة السورية وما عاد يعرف سبيلاً للخروج منها.

هكذا تصبح روسيا شرطي الغرب في المنطقة، لا أميركا كما كانت الحال في أفغانستان والعراق، ولا إيران وتوابعها من الفصائل الشيعية المقاتلة، كما هي الحال الآن.

وعليه، تتولى روسيا قتال «داعش» نيابة عن الغرب و «الشيعة» في آن، ومن جهة أخرى تفاوض على بقاء حليفها مدة إضافية تعلم أنها لن تطول، لكنها ربما تكون كافية للبحث عن مخارج أخرى. ومن شأن هذه الفرضية أن تبقي الجميع سعداء، بما فيهم دول المنطقة التي يطوقها النفوذ الشيعي ويهددها المد «الداعشي». وإلى هذا وذاك، تطمئن إسرائيل بدورها لعدم سقوط جار ضامن لأمنها وترك حدودها في مهب المجهول.

أما الأوروبيون الذين استيقظوا فجأة على كابوس النزيف البشري المتدفق على أبوابهم، والمرشح لمزيد من التدفق، فباتوا منهمكين بحل أزمتهم المستجدة، وحريصين على استقرار بلدان المنطقة بما تيسر لإبقاء اللاجئين فيها، لا سيما أنهم مقتنعون بأن السوريين الوافدين إليهم بغالبيتهم هاربون من حكم «داعش» لا من قصف طائرات الأسد. وتأتي زيارة رئيس الوزراء البريطاني الأخيرة إلى لبنان والأردن، لتصب في هذا الهدف تحديداً. ففيما يحافظ لبنان مثلاً، بشق الأنفس، على استقرار هش وسط منطقة ملتهبة، ويتخبط منذ أربع سنوات في أزمة لجوء تفوق قدراته، ويحتل المرتبة الثانية عالمياً بعد تركيا في استضافة أكبر عدد من اللاجئين السوريين، قفز فجأة استقراره وحل معضلاته السياسية المتراكمة إلى رأس أولويات الحكومات الغربية. وإن دل ذلك على شيء، فعلى رسالة واضحة مفادها أن استقرار بلدان المنطقة يهمّ الغرب لما من شأنه إبقاء اللاجئين فيها وإبعادهم عن شواطئه. وإذا كان الثمن مزيداً من المساعدات والدعم المالي، فلا بأس بتكبد تكلفة تبقى أقل بكثير من عبء استضافة مليون أو أكثر من البشر وفق معايير أوروبية.

ووسط كل ذلك، لن يصعب إقناع اردوغان بتمرير بعض الوقت يكون خلاله الأسد جزءاً من مرحلة انتقالية، يترك بعدها للسوريين اتخاذ القرار النهائي في شأنه كما ألمح بنفسه. فعدا عن وعود بحجم تبادل تجاري ضخم مع روسيا، وافتتاح مسجد كبير وسط موسكو، يبقى أن للزعيم التركي حالياً من المشاكل الداخلية والخارجية ما يفوق «الصفر» المشتهى بأضعاف مضاعفة. وهو يعلم أن أي خطأ في الحسابات بات يهدده على أكثر من جبهة، أولها سحب الورقة الكردية من يده. ذاك أن ذريعة محاربة «داعش» التي رفعها أخيراً ليضرب خصومه من الأكراد، لم تمر مروراً عابراً، تماماً مثلما هي الحدود التي تركت فضفاضة لهجرة مقاتلين أجانب إلى سورية وعودة بعضهم منها إلى بلدانهم الاوروبية.

وإلى ذلك، تضاف إلى أردوغان المقبل على انتخابات حرجة، تحديات داخلية تتربص به وبفريقه السياسي، قوامها معارضة سياسية آخذة في الاتساع والتنوع وعدائية إقليمية (وسورية) حيال من دعمهم من المعارضة السورية، أي «الإخوان المسلمون». فبات واضحاً اليوم، وإن بكثير من التأخير، أن احتضان اردوغان الثورة السورية لم يكن مجانياً ولا عفوياً، بل لعب دوراً مباشراً في إفراغ المعارضة السورية من وجوهها المعتدلة وغير الإسلامية… تلك التي تبحث عنها واشنطن ولا تجدها.

بيسان الشيخ – الحياة[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫8 تعليقات

  1. مقال مليء بالمغالطات :
    1- مواقف الدول من الثورة السورية لم تتغير
    لأن الجميع كان يتآمر على الثورة ( بما فيهم الحكام العرب و أردوغان ) و لكن لكل منهم دوره في المسرحية حتى يتم تخريب الثورة
    و الآن لم يعد هناك حاجة للف و الدوران و تغطية المواقف و النوايا الفعلية
    هم يريدون حماية حدود اسرائيل – و تدمير سوريا – و تشريد و قتل شعبها – و ادخالها في حالة من الفوضى لا تخرج منها الا بعد 5 سنوات على الاقل
    2- لا حزب العدالة و التنمية التركي و الذي كان يقوده اردوغان و لا جماعة الاخوان المسلمين هي أحزاب اسلامية بل هي حسب التصنيف العلمي جماعة يمينية / ليبرالية و هي تشبه ( الحزب الديمقراطي المسيحي ) في المانيا نظريا أي هي جماعات تريد الدين في المنزل و كمجرد طقوس و لا تدعو لاقامة دولة اسلامية بل دولة على النموذج الغربي مع الحفاظ على بعض ( المظاهر الاسلامية ) و هي ابعد ما تكون عن تطبيق الدين في السياسة او الاقتصاد او الاجتماع و جميع الدول التي وصل فيها الاخوان المسلمين الى الحكم لم يتم تطبيق الشريعة الاسلامية فيها
    3- الائتلاف السوري صحيح تحتضنه تركيا و لكنه ائتلاف علماني / اخواني و لم يمثل الثورة لأن الثورة قام بها ( المتدينون السنة ) و هذه حقيقة يريد الجميع اغفالها مع ان المتدينون السنة لم يدعو يوما لابادة الآخر بل للكرامة و الحرية ( لجميع فئات الشعب ) مع استرجاع الهوية الاسلامية لسوريا التي دفنها البعث و قبله النظم العلمانية السورية منذ خروج الانتداب الفرنسي و داعش كما يعلم الجميع هي صنيعة مخابراتية دولية لافساد الثورة و تشويهها ( و كان للاتراك الدور الرئيسي في صناعة التنظيم )
    4- الجميع يساعد بشار ليس حبا فيه بل كرها في الاسلام و اولهم ( اصدقاء الشعب السوري و الثورة السورية ) و ان لم يعلنوا ذلك صراحة
    5- اردوغان استفاد من الثورة في سوريا و كل دولار انفقه على اللاجئين عاد اليه 10 دولارات مقابله و اسالوا اصغر خبير اقتصادي سيقول لكم ذلك

    1. والله دبحتونا بنظريات المؤامرة وانو العالم متفق علينا … نحن مافي تربية اولا و التبعية دبحتنا ثانيا … لاتعلقو اخطائكم على شماعة الآخرين …

    2. بحياة أمك يا أسامة .. ما قدرت أوصل لأصغر خبير اقتصادي ليقول لي ..
      لذلك اشرح لنا أنت كيف استقادت تركيا بـ 10 دولارات مقابل كل دولار أنفقته على اللاجئين ..
      عطينا من علمك ومعرفتك .. خلينا نستفيد .. لأن شكلك فهمان كتيييييييييييييييير !!!!!!!!

  2. ألم يكن من الأفضل للمعارضة العربية أن لا تجرب المجرب!!! و هو الاعتماد على الغريب !! كان البعض يرفع أردوغان إلى درجة الصحابة و الخلفاء الراشدين! مبروك عليكم أردوغانكم!

    1. الأكراد أولاد الحرام المنافقين .. كان الجميع يأمل أن يكونوا سنداً للثورة السورية بسبب ما عانوه من اضطهاد وقمع ودعس واحتقار من حزب البعث .. ولكن فوجئ الجميع بأن الأكراد شعب انتهازي منافق لا يملك مصداقية ولا أية أخلاق أو حضارة … فرأيناه يتحالف مع النظام من أجل مصالحه !!!!!!!!!!!! النظام الذي أذل الاكراد وسحقهم وجعلهم في أرذل مصاف البشر ، اصبح شريكهم في مواجهة ثورة الشعب السوري!!

  3. لاسيما انهم((دول اوروبا))مقتنعين ان اللاجئين هربوا من داعش وليس من طائرات الاسد……
    كذب كذب ..اللاجئين يهربون من براميل الاسد التي تمحي احياء بأكملها وتقتل عائلات بالجملة ..وانظروا الى احصائية المنظمات العالمية

  4. مادام ماشاء الله بتعرفوا كل هالمعلومات ليش ماتصرفتوا انت يامعارضة بناء على هذه المعلومات والمعطيات وماورطوا الناس ان كنتن تعلمون. فتلك مصيبه واذا كنتم لاتعلمون فالمصيبه اكبر حسبنا الله ونعم الوكيل ….

  5. ما شاء الله على ها الزمان

    اصبح من هب ودب يلوح بلسانه هنا وهناك

    عاملين حالهم راح يغيروا مما حصل لسوريا شيء

    المعلقين اعلاه امام اجهزة حاسوب او تابليتات

    ويتفلسفوا بهذا وذاك

    عجبي

    المصيبة لم تكن داعش وانما كان جزار اسمه بشار وعصابته

    المصيبة لم يكن مجوس في سوريا وذيولهم

    تدخل المجوس في بلدنا وانشأوا داعش مع الجزار

    تدخل حزب الشياطين وحزب الخبثاء العراقيين وغيرهم من المرتزقة

    والان جاء الروس المجرمون

    ولم نرى حثالة الشعوب يتكلمون عن هؤلاء

    الكل يتكلم عن اردوغان والسعودية مع العلم هؤلاء الى الان لم يدخلوا سوريا

    ساعدوا نعم

    وانما ماذكرنا من عصابات اجرامية
    دخلت سوريا وتقتل وتدمر يوميا وتهجر امام اعين الناس

    عادي عند كل الامعات

    يا حمقى سوريا احتلها المجوس اليس منكم رجل رشيد

    تفوووه على مستقبلكم اذا كنتم راضون بالفرس المجوس والروس المرتزقة