السلاح الروسي لدمشق هو للعرض فقط !
من غير الواضح معرفة كيف كانت ستسير الأمور في سورية لو أن روسيا اتخذت موقفاً مختلفاً من النظام منذ البداية، وكيف كانت ستكون موازين الأمور بينها وبين الولايات المتحدة لو أنها سبقتها في الضغط على النظام ودفعته باتجاه تجاوب إيجابي مع مطالب المحتجين. فهل كان الأميركيون سيأخذون الموقف الروسي الحالي الداعم للنظام؟
لا أعتقد أنه توجد إجابات وافية تفيد بتفسير سبب اختيار موسكو دعم الأسد والقبول منذ البداية، وقبل أن يتفاقم الوضع ويتحول إلى أزمة دولية وإقليمية، بأن يحرق المتظاهرون علمها في الشوارع السورية. ولا أستطيع الحسم إن كانت موسكو أخطأت بموقفها هذا أم أنه لم تكن أمامها خيارات أخرى، أم أن الأمر ناجم عن طبيعة قيادتها غير الداعمة للخيارات الديموقراطية والحرّويّة، لكن ما أعتقده في شكل جازم الآن أنها شبه مجبرة على التقدم بقوة لدعم الأسد وإن لأسباب مختلفة.
تشغل الإمدادات العسكرية الروسية الأخيرة للنظام السوري بال الكثيرين، فينظر إليها أغلب المحللين والكتاب الصحافيين، إن كانوا موالين للنظام أو غير موالين أو معارضين، على أنها تتعدى حالة الدعم إلى التواجد الصريح للجيش الروسي على الأراضي السورية. ويتوافق هؤلاء جميعاً على أن هذا التحرك دليل انتصار ساحق لروسيا على الولايات المتحدة، وإن كانوا يختلفون قليلاً أو كثيراً في تفسيره. فالمؤيدون يرون عنوانه «تحالف ٤+١ لمواجهة الإرهاب» (روسيا وسورية وإيران والعراق + «حزب الله»)، وأنه الحدث «الأبرز في الإقليم والعالم منذ سنوات عدة»، وأنه يأتي الآن بعد أن ضاق صدر موسكو من تسويفات واشنطن لحل الأزمة السورية، وبعدما أدركت أنها «ليست في وارد التقدم خطوات جدية نحو الحل، وأنها تواصل المحاولات لقلب الوقائع الميدانية بحثاً عن مكاسب سياسية كبرى». ويتصور هؤلاء، ويصورون لنا، الواقع على أن روسيا جاءت لتمرغ أنف الولايات المتحدة مع «حلفها الدولي والإقليمي السعودي – التركي – القطري – الأردني» وأنف المجموعات الإرهابية.
المحللون والكتاب الصحافيون المعارضون وغير الموالين يرون سبب هذا الانتصار هو إحجام واشنطن عن التدخل في الموضوع السوري، بل تخاذلها فيه، وانكفاؤها عن إدارة منطقة الشرق الأوسط، ما أتاح لموسكو أن تنتهز الفرصة بحِرفية متناهية مستغلة الاتفاق النووي، فارضة نفسها بقوة كسيد مطلق للشؤون السورية والملفات الإقليمية الملحَقة بها. هذا، على رغم أن بعضهم يعتبر أن ذلك يتم عبر توافق أميركي روسي لم ينقطع طيلة عمر الأزمة السورية.
سأتجرأ هذه المرة أيضاً وأخالف شبه الإجماع حول هذا الرأي المتعلق بالشأن السوري. فمن وجهة نظري لم تلحظ موسكو، ولا الكثيرون غيرها، أن النظام السوري تغير كثيراً منذ الانتخابات الرئاسية الزائفة التي أجراها بداية صيف العام الماضي، وأن بشار الأسد، الذي كان متألماً من تهمة وراثة السلطة عن أبيه وأن شرعيته تأتي من كونه ابن أبيه فقط، تمكن أخيراً من تحقيق شرعية انتخابية. وحتى لو كانت زائفة فقد اعترفت بها روسيا، فأشعرته أنه اكتمل كرئيس أو أنه صار رئيساً بالغاً، وأنه حقق ما لم يحققه أبوه.
توجهت روسيا نهاية الخريف الماضي لتحريك الملف السوري بغاية تحقيق تقدم ما يمكنها أن تعرضه للمقايضة مع الولايات المتحدة كي تتمكن من تخفيف العقوبات الاقتصادية والعزلة الدولية التي فرضتها عليها الدول الغربية نتيجة مسألة أوكرانيا، فكان أن أعلنت عن عقد مؤتمر تحت رعايتها لأطراف الأزمة السورية قبل أن تستشير النظام السوري الذي كان غير مطواع لها كما كان إبان مسألة الأسلحة الكيماوية، حيث فرضت عليه تسليم سلاحه هذا وضمِنت ذلك لواشنطن التي لم تشكك بكمية السلاح المعلنة أو بمواقعه، فانخفض مستوى المؤتمر ليصبح مجرد منتدى.
النظام السوري ورقة مهمة جداً بالنسبة الى موسكو، لهذا لن تتخلى عنها بسهولة نتيجة تحول النظام إلى «ولد عاق». فقد عاودت المحاولة لعقد منتدى ثانٍ بغاية مختلفة قليلاً عن الأول، وهي إنتاج ما تتجاوز به وثيقة جنيف لتعود طرفاً رئيسياً في عملية الحل السياسي بعد أن فقدت بعضاً من وزنها فيها جراء هزائم قوات النظام الكبيرة في مواقع رئيسة. لكن تجاوب النظام كان أشد وقاحة وجلافة هذه المرة، فلم يقبل الحضور إلا بعد أن استجابت موسكو لشروطه، بخلاف الحال في مؤتمر «جنيف -٢» حين فرضت عليه الحضور وتدخلت بتشكيلة الوفد، بل حمّلته فكرة أن تكون المحادثات بهدف مواجهة الإرهاب أولاً. لكن هذا المنتدى فشل أيضاً.
حاجة موسكو الكبيرة لفك العزلة عنها والتخفيف من العقوبات الاقتصادية تفرض عليها تقليب أوراقها واستخراج أفكار جديدة منها لتتمكن من نيل حاجتها، فوجدت في داعش وتمددها بعيداً خارج سورية والعراق، وإخفاق التحالف الأميركي بالحد من هذا التمدد، مدخلاً مهماً لتثقيل وزنها الدولي. فتقدمت بالمعادلة الصحيحة: لا يمكن الاكتفاء بمواجهة داعش برياً في العراق فقط، ولا بد من مثل هذه المواجهة على الأراضي السورية، ومن يريد مواجهة داعش عليه التحالف مع النظام السوري الذي يمتلك أكبر قوات برية لديها أسلحة نوعية وحديثة بدأت تستلمها من روسيا، التي أصبح رئيسها يكرر دعمه العلني للرئيس الأسد بعد أن كانت سلطته توارب بعبارة أنها ليست متمسكة بالأسد. فالأسد الآن وفق بوتين ووزير خارجيته، صاحب السلطة الشرعية، ومتماهٍ مع المؤسسة العسكرية والأمنية التي يحرص الغرب وحلفاؤه على عدم انهيارها، وبالتالي لا عيب من التحالف معه، بل من الضروري إقامة هذا التحالف.
إذاً وفق هذا الرأي فإن الدعم العسكري الروسي الأخير للنظام السوري هدفه حصراً استعادة الهيمنة الروسية على النظام وعلى إرادته وقراراته، من خلال إظهاره ممتلكاً لهذا السلاح الجديد كقوة رئيسة في مواجهة داعش، فتتحكم به من خلال تهديده بإيقاف مدّه بالسلاح، أو إيقاف العمل به لأنه سيبقى تحت تصرف الخبراء الروس.
من المستبعد في شكل شبه مطلق أن تُقدِم روسيا على زج قوات برية لها في الأراضي السورية، لأن ذلك سيثير غضب العديد من الدول، ولا أعتقد أن لروسيا مصلحة الآن بلعب دور الدولة المارقة في مواجهة المجتمع الدولي. بل أعتقد أنها ستبرر للدول القلقة من تحركاتها هذه قائلة إن ما تقدمه مجرد أسلحة لدعم القوات البرية السورية كي تتمكن من الاحتفاظ بمواقعها خشية أن يستولي عليها «داعش»، وذلك ليس لمصلحة أحد، وأنها تتكفل بحصر استخدام هذا السلاح بمواجهة «داعش» فقط، من دون استخدامه بتاتاً في مواجهة أي مجموعة أخرى. لكن لا أظن أن مثل هذا التعهد يمكن أن يكون كافياً لواشنطن، فمقاتلة «داعش» ليست مباحة لأي طرف، والمجال ليس مفتوحاً للسباق في مقاتلته، لهذا سيتركز التفاوض الروسي – الأميركي على تحديد المناطق المتاحة لاستخدام الأسلحة الروسية الجديدة التي بدأت بالوصول الى النظام السوري.
في المحصلة لن يكون هذا السلاح إلا للعرض فقط وليس لتمكين النظام السوري من مواجهة الأطراف الأخرى ما عدا «داعش». ومع ذلك فهو سيكون سبيلاً لتمكّن موسكو من امتطاء النظام السوري مجدداً وترويضه جيداً هذه المرة ليكون صالحاً للعرض في ساحة الصراع الروسي – الأميركي. وهذا سيجعل موسكو قادرة، خلال فترة ليست طويلة، على المضي قُدماً لعقد تسوية في الملف السوري تجني ثمارها في الموضوع الأوكراني. بمعنى أنه سيكون بمقدور موسكو حينها تقديم مصير الأسد لمن يريده.
وكيفما كان الأمر فهو ليس تفويضاً أميركياً لروسيا في الموضوع السوري، وليس إخلاء للساحة لموسكو، بل «أفترض» أن واشنطن تخطط جدياً لضبط مسارات الصراع في سورية وجعلها تحت السيطرة.
لؤي حسين – الحياة[ads3]
في العمق
لن تستطيع موسكو ضبط إيقاع الصراع في سوريا ولن تستطيع فرض إرادتها على الأطراف الأخرى المتصارعة ﻷنها فضلت منذ البداية الوقوف (بجحشنة) وصلافة مع النظام منذ الأيام الأولى للثورة ولن تستطيع أيضا امتطاء ظهر النظام ﻷن ظهره لم يعد يحتمل المزيد من الركاب فقد سبقتها إيران وأذنابها الشيعية في ذلك أما الإدعاء بأن السلاح للعرض فقط فقد يكون ذلك صحيحا الآن ولكن لو حصل هجوم كبير مستقبلا باتجاه الساحل أو دمشق وبدأ جيش الأهبل بالتقهقر فهل سيبقى هذا السلاح للعرض فقط وهل سيكفي عدد الجنود الروس وأسلحتهم لصد الهجوم ؟ شيء أخير أضيفه على كلام (المعارض الوطني) بأن يتذكر كيف تورطت أمريكا في فيتنام ألم تكن البداية بإرسال السلاح والمستشارين فقط ثم تحولت لاحقا إلى إرسال 500000 ألف جندي إلى فيتنام ؟ قيل قديما …. دخول الحمام ليس كالخروج منه … وروسيا بغباء رئيسها دخلت الحمام السوري ولن تخرج منه إلا مهزومة مقزمة أكثر مما كانت عليه في عهد يلتسين ولأجل ذلك فقط يسمح لها الغرب وأمريكا بالتدخل في سوريا بل ويشجعونها عليه.
روسيا أجبن من أن تدخل في مواجهة مباشرة مع أهل السنة و الجماعة و الروس تعلموا جيدا من دروس التاريخ
مو هاد ( المعارض لؤي حسين ) اللي رفض يتصور مع علم الثورة
و كمان عميكتب في جريدة الحياة اللندنية اللي عمتمولها السعودية
الحقيقة ان روسيا جاءت لقتال فصائل المعارضة التي ترفض ما يسمى ( الحل السياسي ) بغرض انشاء جديد هجين من بقايا نظام الاسد و معارضة الفنادق مثل الائتلاف و هيئة التنسيق و يكون هذا النظام ممثلا لمصالح جميع القوى الطامعة في الهيمنة على سوريا و محاربا لإرادة الشعب السوري
تقصد للعرص فقط!؟