صحيفة “لوموند” : اللاجئون ينقذون ألمانيا من معضلة التهرم السكاني
نشرت صحيفة “لوموند” الفرنسية، تقريرا عن أهمية اللاجئين السوريين بالنسبة للمجتمع الألماني، قالت فيه إن ألمانيا استقبلت هؤلاء بغية تلافي مشكلة التهرم السكاني، رغم أن البعض يعبّر عن مخاوف من عدم قدرة السوريين على الاندماج في سوق الشغل.
وقالت الصحيفة في تقرير لها ، إن قرية فريدلاند، الواقعة على بعد 175 كيلومترا شمال شرق برلين، تشهد انخفاضا حادا في عدد السكان، “فقد كان وسط القرية في السابق يشهد حركة كبيرة، إلا أنه يبدو اليوم شبه خال، فالكنيسة البروتستانتية الواقعة في قلب القرية؛ تشهد أشغال صيانة، بينما تحولت المدرسة التي تقع خلف بناية العمادة؛ إلى مأوى رعاية للمسنين، وأصبح المركز التجاري ذو الثلاث طوابق مبنى مهجورا.
وذكر التقرير أن القرية تشهد تهرما سكانيا متواصلا، وموجة هجرة كبيرة، رغم الجهود الحثيثة التي تبذلها السلطات المحلية، ممثلة في فيلفريد بلوك الذي يشغل منصب العمدة منذ 1992، “وقد تحول مركز القرية الخالي من الحركة إلى مأوى شاسع جدا لسيارة العمدة فقط، فقد كانت فريدلاند تعد ثمانية آلاف نسمة إبان توحيد الألمانيتين، الشرقية والغربية، بينما أصبحت تعد الآن خمسة آلاف و500 نسمة”.
وأشار إلى أن عدد الولادات في المدينة؛ يقل عن عدد الوفيات بمعدل 55 حالة كل عام، و”يرى العمدة أن الحل الوحيد لتلافي هذا الخلل الديمغرافي؛ يتمثل في توطين اللاجئين في القرية”.
وأضاف التقرير أن القرية يمكن أن تكون من الأماكن التي ستقلل من مخاوف السياسيين الألمان، المشككين في فكرة توزيع 800 ألف طالب لجوء هذا العام على مناطق مختلفة، وبالتالي ستتمكن القرية من تلافي مشكلة التهرم السكاني فيها.
وقال إن القرية تؤوي حاليا 154 لاجئا، 114 منهم جلبتهم السلطات المحلية إلى هناك، “وهي بادرة إيجابية مكنت من رفع عدد السكان، وتحسين الحركية الاقتصادية في القرية”.
وأشار إلى أن قرية فيلفريد تحوي 190 مسكنا شاغرا، ويمكن استئجارها مقابل أربعة يورو للمتر المربع الواحد، “ويستعد سكان القرية لترتيب خمسة من هذه المساكن لاستقبال قرابة 40 شخصا، ابتداء من شهر تشرين الأول/ أكتوبر.
وذكر التقرير أن القرية تأوي 120 لاجئا في ملجأ معد لهذا الغرض، إلا أن “العمدة يحبذ أن يقع إيواء اللاجئين في مركز القرية؛ بغية التسريع في إدماجهم بالمجتمع المحلي، رغم قلة فرص العمل، وتجاوز نسبة البطالة حاجز 12 بالمائة”.
وقالت الصحيفة إن العمدة يطمح إلى حث اللاجئين على الإمساك بزمام المبادرة، ودفعهم نحو المشاركة في تحريك الدورة الاقتصادية في القرية، وتشجيعهم على الاستقرار فيها، والحفاظ على أكبر عدد منهم، حتى بعد حصولهم على رخصة الإقامة في ألمانيا.
وأضافت أن غالبية أعضاء مجلس القرية البالغ عددهم أحد عشر، والمنتمين للحزب الديمقراطي المسيحي الذي تتزعمه الرئيسة الألمانية أنجيلا ميركل، يؤيدون سياسة العمدة في إغاثة اللاجئين، رغم المعارضة الشديدة لعضوي المجلس المنتميين للحزب الوطني الديمقراطي، الذي يطلق عليه البعض تسمية “حزب النازيين الجدد”.
واعتبرت أن استقبال ألمانيا للاجئين للاستقرار على أراضيها “سيمكنها من تجاوز فرنسا من حيث عدد السكان، وسيبقى الوضع كذلك لعقود طويلة”، وفق موقع “عربي21”.
وأشارت إلى أن وزير الداخلية الألماني، توماس ديمزيار، يستبعد أن يكون توطين اللاجئين حلا لأزمة التهرم السكاني، ويعتبر أن “اللجوء لا يلبي شروطا متعلقة بنوعية المهاجرين الذين تحتاجهم ألمانيا، وبالتالي سوف لن يكون لهم أي دور سوى الرفع من عدد السكان، ليصبح أكبر من عدد سكان فرنسا”، رغم أن الخبراء يشددون على أهمية دور اللاجئين في الدورة الاقتصادية الألمانية.
وذكرت الصحيفة أن أساليب تقييم الحالة السكانية في العصر الحديث؛ اختلفت عن الماضي، إذ إن عدد السكان لم يعد معيارا كافيا يعتمد عليه في علم الدراسات الاجتماعية العصري، “لأن الدراسات أصبحت تجمع بين معايير الرصيد البشري، والصحة، والخبرة الأكاديمية”.
وحذرت من أن توطين اللاجئين في غياب معلومات واضحة ودقيقة حول سيرهم الذاتية ومجالات تكوينهم ومستواهم الأكاديمي؛ خطوة تتسم بالمجازفة “لأن البعض منهم سيستغل الفرصة للتحايل وتقديم معلومات مغلوطة”.
وأكدت أن الحل الوحيد يكمن في إدماجهم في سوق الشغل بأسرع الطرق الممكنة، “لأن اللاجئين يمكن أن يكونوا جزءا من الحل لأزمة التهرم السكاني، ولكنهم ليسوا الحل النهائي”.
ولاحظت الصحيفة أن توافد اللاجئين سيحسن من نسبة الولادات، “وقد بدأت مؤشرات ذلك في البروز، حيث إن عدد سكان ألمانيا في نهاية عام 2014 قد بلغ 81.2 مليون نسمة، أي أن العدد قد ازداد عن عام 2013 بحوالي 430 ألف نسمة. ويعد هذا الفارق في التزايد؛ الأعلى منذ العام 1992”.
وأضافت: “رغم أن عدد الوفيات؛ كان أكبر من عدد الولادات بـ153 ألف نسمة؛ فإن تدفق المهاجرين بلغ 550 ألفا، لترتفع بذلك نسبة الأجانب من 8.7 بالمائة إلى 9.3 بالمائة من مجموع السكان”.
وقالت إن أقاليم “بافاريا” و”باد فورتمبارغ” و”ريناني الشمالية التابعة لفاستفالي”، هي أكثر الأقاليم المكتظة بالسكان والجاذبة للاجئين، رغم أنه يتم توزيعهم على كافة أنحاء ألمانيا الاتحادية.
وفي الختام؛ أكدت صحيفة لوموند أن اللاجئين “يجب أن يستقروا في مناطق تتوفر فيها فرص العمل، ولا يبحثوا عن المناطق التي يكون فيها سعر إيجار المساكن منخفضا، حتى تكون فرص العمل والتطور أكبر أمامهم”.[ads3]