سوريا .. إنها الحرب غير المقدسة

لا يمكن أن يكون العدوان الروسي، والإيراني، على سوريا «حربًا مقدسة»، كما نُسب للكنيسة الأرثوذكسية الروسية، التي أيدت قرار الرئيس بوتين بالتدخل العسكري، بل هي مغامرة ذات عواقب وخيمة تنبئ بحالة نفاق صارخ!

طوال الأزمة السورية كان العقلاء يحاولون جاهدين أن لا تنحو الأزمة منحى طائفيًا، وضرورة عدم استخدام الفتاوى، والشعارات المتطرفة، ورغم كل ما فعله، ويفعله، بشار الأسد، وخلفه إيران، كانت روسيا، ومعها الغرب، يصرون على أن تكون سوريا دولة علمانية يحافظ فيها على حقوق الأقليات، ورغم كل الجرائم التي ارتكبها الأسد، ومعه إيران، بحق الأغلبية السنية.

وقبل يومين فقط قال وزير الخارجية الروسي إنه اتفق مع نظيره الأميركي على ضرورة أن تبقى سوريا علمانية، إلا أن المفاجأة كانت بإعلان الكنيسة الأرثوذكسية الروسية تأييدها العدوان الروسي بسوريا، والقول إن القتال ضد «الإرهاب»، والذي لا نعلم ما هو التعريف الروسي له، خصوصًا بعد قصف الروس للمعارضة السورية، هو «معركة مقدسة»، وإن التدخل المسلح ضروري، كون «العملية السياسية لن تؤدي إلى أي تحسن ملحوظ في حياة الأبرياء المحتاجين إلى الحماية العسكرية»! وعلى أثر هذا التصريح الذي يظهر تخبط موسكو، سارعت جهات روسية للقول بأن ترجمة تصريح الكنيسة لم تكن دقيقة! وأيًّا كانت الترجمة الدقيقة، فإن تدخل الكنيسة خاطئ مثله مثل التهور الروسي.

لماذا تهور؟ الأسباب واضحة، فعندما تفاخر الصحافة الإيرانية بأنها من أقنع الروس بالتدخل في سوريا، من خلال زيارة قاسم سليماني لموسكو، وهو ما تؤكده صحيفة «الغارديان» البريطانية، التي نقلت عن دبلوماسي مقيم بدمشق قوله إن الإيرانيين أبلغوا الروس أنه «إذا لم تتدخلوا لإنقاذ الأسد الآن فإنه سيسقط، وليس بمقدورنا دعمه»، الآن، وبعد العدوان الروسي، بدأت التقارير تتحدث عن تدفق مقاتلين إيرانيين إلى سوريا، كل ذلك يعني أن الروس قد منحوا قبلة حياة للتطرف، والمتطرفين، وخصوصًا عندما استهدف الروس بضرباتهم المعارضة السورية، وليس «داعش»، ويحاولون إنقاذ الأسد، فهل هناك وصفة دمار، وجنون، أكثر من هذه؟ الروس، وكما قال وزير الدفاع الأميركي: «يصبون الزيت على النار»، كما أنهم «يستعدون السنة»، كما قال أيضا وزير الخارجية الأميركي. ولذا فإن على الروس الآن توقع ما هو أسوأ من «داعش».

خلاصة القول هي أن هذا التهور الروسي، وإن حقق مكاسب آنية، فإنه لن ينقذ الأسد بمقدار ما سيقود المنطقة ككل إلى كارثة لا تقل عما حدث بأفغانستان إبان العدوان السوفياتي، وعلينا ألا نتعجب في حال أولم مقاتلو «داعش» وليمة كبيرة، وبحضور سبايا، لزعيمهم البغدادي، احتفالاً بهذا العبث الروسي – الإيراني الذي قدم للتطرف ككل حافزًا لحرب غير مقدسة سببها جرائم الأسد وإيران، والتهور الروسي!

طارق الحميد – الشرق الأوسط[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

تعليق واحد

  1. إذا كان العالم كله ضد الثورة بسوريا بالذات معناها الثورة مرفوضة أساسا وما حصلنا عليه هو الدمار والقتل وتوزيع الثروة بين الأسد وشركاه وبين أمراء الحرب والعترة على المواطن الذي خسر الكثير وبين خسارته هو حيرته بين النظام وبين الثوار (الذين أخذوا الدعم من التاجر والصناعي على أمل تغير الحكم)