ماليزيا : إغلاق المدارس و نفوق ملايين الحيوانات بسبب الضباب
يعرف بالـ ” الضباب ” أو Haze باللغة الانكليزية، وهو ضباب أبيض ينبعث من حرائق الغابات في أندونيسيا ويخنق ماليزيا المجاورة سنويا، فتموت ملايين الحيوانات وتتضرر البيئة. فقد بلغت نسبة تلوث الهواء هذا العام درجة قياسية جعلت الحكومة الماليزية تقرر إغلاق مدارس شبه الجزيرة بداية الأسبوع الجاري، إضافة إلى تداعيات كارثية على الموسم الزراعي.
وأغلقت قرابة 7000 مدرسة أبوابها يومي الاثنين والثلاثاء 5 و6 أكتوبر-تشرين الأول في الجزء الغربي لماليزيا، بقرار من وزير التعليم. وقد يشمل هذا القرار ولايات جزيرة بورنيو في الأيام القادمة، ما يجبر 3,7 مليون تلميذ و300 ألف معلم على المكوث في منازلهم.
كما يُنصح السكان بتجنب ممارسة أي نشاط في الهواء الطلق، خاصة بالنسبة للأطفال والمسنين والمصابين بأمراض الجهاز التنفسي، باعتبارها الفئات الأضعف، وذلك بعد أن تجاوز مؤشر تلوث الهواء درجة 101 على السلم المحلي في أغلب مناطق البلاد. وهو ما يعني أن نوعية الهواء تعتبر « غير صحية »، بل وتتجاوز درجة 301 في ولاية سيلانغور المجاورة للعاصمة كوالا لمبور، أي أن مجرد تنفس هواء المنطقة بات « خطيرا » على صحة المواطنين.
وإن كان الأمر متوقعا في العاصمة وبقية المدن الكبرى الماليزية باعتبارها الأكثر اكتظاظا، فقد بلغ تلوث الهواء مستوى خطيرا كذلك هذه السنة حتى في الجزر والمناطق الريفية. ففي جزيرة لانغكاوي، في الشمال الغربي، ألغيت 13 رحلة جوية يوم الاثنين بسبب انعدام الرؤية نتيجة الضباب. كما ارتفعت أصوات الفلاحين بالإنذار بعد أن سجلت مناطق زراعية مثل كامرون هايلندموت موت عدد كبير من الدجاج، قرابة 4 ملايين، لأن جهازها التنفسي أكثر هشاشة من جهاز الإنسان.
من جهة أخرى ندرت الأمطار بسبب الضباب وغياب أشعة الشمس، ما أدى إلى إتلاف كميات كبيرة من المحاصيل الزراعية، ما دفع إلى رفع أسعار المنتوجات الزراعية من خضر وغلال تقليصا لخسائر الفلاحين المادية. وتتزامن هذه الأحداث مع فترة تعرف فيها ماليزيا ارتفاعا عاما في الأسعار، بعد أن أدخلت منذ ستة أشهر الضريبة على القيمة المضافة على سعر عدد كبير من المنتوجات، علاوة على تضخم مالي نتج عن تراجع قيمة العملة المحلية (رينغيت) أمام الدولار الأمريكي، وهو ما يزيد الأزمة حدة.
ومن التداعيات البيئية الأخرى التي تسبب فيها الضباب في ماليزيا تأخر موعد هجرة آلاف الطيور، التي ترحل نحو الجنوب بحثا عن القوت، إذ أنها تهتدي عادة بالنجوم التي لم تعد تراها جراء كثافة الضباب. وبحسب وكالة ناسا، فقد بلغ حجم غازات الاحتباس الحراري في جنوب شرق آسيا 600 مليون طن خلال هذه السنة فقط ، بحسب ما اوردت فرانس 24.
ولا يزال المزارعون الأندونيسيون يقطعون أشجار الغابات ويحرقون الأراضي لزرعها دون حاجة لحرثها طوال مدة تتراوح بين ثلاث وخمس سنوات. وهذه الطريقة الزراعية وجدت منذ عصور ما قبل التاريخ لكنها أثبتت محدوديتها، إذ تحتاج الأرض بعد ذلك إلى فترة تتراوح بين خمس سنوات و15 سنة لتتجدد، ما يدفع المزارعين لإعادة العملية في مناطق أخرى. فلا تنحصر هذه الحرائق في المساحات المزمع زرعها، بل تنتشر حتى يصعب على رجال الإطفاء إخمادها، مثل ما هو عليه الحال في هذه الأيام في أندونيسيا، رغم تعبئة أكثر من 20 ألف من رجال الإطفاء والشرطة في المناطق المنكوبة.
وأمام ما آل إليه الوضع البيئي، باتت وسائل الإعلام الماليزية تعبر عن خشية الكثيرين من عودة سيناريو 2005، عندما أدى تلوث الهواء إلى إعلان حالة الطوارئ وإغلاق جميع المكاتب والمتاجر، ما عدا المرافق الضرورية. أما في سنغافورة، فقد هددت الحكومة بمقاضاة الجهات الأندونيسية لما يتسبب لها الضباب من ضرر صحي واقتصادي، لكن الجهات الأندونيسية اكتفت بالرد قائلة إن شركات سنغافورية تساهم هي الأخرى في حرق الغابات.
يشار إلى أن سنتي 1997 و1998 كانتا الأسوأ بالنسبة لبلدان جنوب شرق آسيا، حيث بلغت قيمة الخسارة الاقتصادية جراء « الضباب » 9,3 مليار دولار.[ads3]