الخلاف ” الروسي – الأمريكي ” في سوريا .. تقسيم أدوار أم إنذار بمواجهة عسكرية ؟
تكشف محاولات تقسيم الكعكة السورية والعراقية ومناطق النفوذ بالشرق الأوسط عن إعادة تشكيل خارطة عسكرية وجيوسياسية جديدة بين الدول الكبرى، خاصة الولايات المتحدة وروسيا وحلفائهما بالمنطقة، وهو ما يثير تساؤلًا مهمًا: هل تجري عملية التقسيم بالتنسيق بين واشنطن وموسكو ولو ضمنيًا بتفاهمات غير معلنة؟ أم أن الصراع يتجه إلى الحسم بمواجهة عسكرية مباشرة محتملة مع بدء حرب بالوكالة؟
التنسيق المسبق والفوضى الخلافة
لم تتبلور بعد مواقف واضحة وتغيرات هيكلية تكشف نمط تطور العلاقة بين الدولتين الكبيرتين “روسيا وأمريكا”، ولكن المؤشرات الأولية عقب التدخل الروسي ترجح الاحتمال الأول، أن ما يجري هناك عبر تفاهمات بين الطرفين وعملية تقسيم وتبادل أدوار، فالولايات المتحدة كانت تعلم بالاستعدادات العسكرية الروسية لاحتلال سوريا، منذ ستة أشهر، كذلك كانت هناك لقاءات مكثفة بين وزيري خارجية البلدين لم تسفر عن حل سياسي، ولم تدخل الولايات المتحدة للإسراع بمنطقة الحظر الجوي لحماية المعارضة السورية والمدنيين، بل جمدت وقلصت برنامج تدريب المعارضة، بتوقيت شديد الحساسية كان يستوجب العكس، ولم توجه واشنطن إنذارات حاسمة بشأن تدخل روسيا لاختراق المجال الجوي التركي، كذلك جاء التدخل الروسي بتنسيق مع إسرائيل وقبول إسرائيلي.
يرى مراقبون أن الولايات المتحدة تدير صراعاتها مع روسيا بشكل يضمن أولًا المصالح الأمريكية والإسرائيلية، ويسمح بالتمدد الروسي، ولكن في إطار حدود معينة لا تعرقل المشروع الأمريكي بالمنطقة، فتدخل روسيا في سوريا ينهك روسيا وإيران وحزب الله والمعارضة وداعش لصالح واشنطن وتل أبيب، فالاستراتيجية الأمريكية للفوضى الخلاقة تتضمن استكمال تفتيت الجيوش العربية واستنزافها بحروب مفتوحة، خاصة مع توقعات نشوب حرب إقليمية تجر السعودية وقطر وتركيا، وهذا ما تريده الولايات المتحدة، حيث أصبحت تركيا محاصرة بالقوات الروسية، والسعودية مهددة، وإيران منهكة، وروسيا نفسها تواجه المستنقع الأفغاني مجددًا في سوريا.
يعزز ذلك الطرح قيام واشنطن بالصمت والفرجة على مسرح الأحداث دون حسم منذ سنوات، رغم قدرتها على إسقاط نظام بشار الأسد، ودعم معارضيه بأسلحة حاسمة مثل الصواريخ المضادة للطائرات، وقدرتها على حسم الحرب ضد “داعش” ذلك التنظيم الصغير المحدد جغرافيًا، ولكن التحالف الدولي ضد داعش وتباطؤه بحسم المعارك في العراق وسوريا مع إعلان وجود داعش في ليبيا، يكشف عن تعمد تضخيم خطر داعش واستمراره بما أعطى غطاء وذريعة للتدخل الروسي، بينما اكتفت واشنطن فقط بعقد اجتماعات لتنسيق سلامة الأجواء وحركة الطيارين.
أي أن الحرب على “داعش” أصبحت أداة الدول الكبرى لاستكمال مخططات تقسيم المنطقة، إلا أن واشنطن يظل لها اليد الطولى، لكنها لا تريد إغضاب الدب الروسي الذي دومًا تجره لمعارك خاسرة لاستنزافه، لتظل دومًا الرابح الأكبر على المدى الطويل وإن خسرت معارك تكتيكية على المدى القصير.
الاحتمال الأول: تنسيق لا حرب
في مؤشر على وجود تنسيق ما غير معلن بين موسكو وواشنطن في سوريا، قال مسؤول في البنتاغون: “قررت واشنطن أمس الجمعة، تقليص برنامجها الخاص بتدريب المعارضة السورية المسلحة”، وأشار إلى أن الولايات المتحدة ستكتفي بتوفير المعدات والأسلحة.
كما قال مسؤول عسكري أمريكي كبير: إن التدريب سيوجه إلى زعماء المعارضة بدلًا من تدريب وحدات مشاة كاملة كما كان في السابق، ويمثل القرار الأمريكي تخليًا عن برنامج سابق لتدريب وحدات من المقاتلين وتزويدها بالسلاح في مواقع خارج سوريا، بعد أن عرف البرنامج بداية متعثرة.
يأتي هذا التصريح في الوقت الذي أفادت فيه صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، أمس الجمعة، نقلًا عن مسؤولين في الإدارة الأمريكية، أن البيت الأبيض قرر إنهاء برنامج تدريب المعارضة السورية، واستبداله ببرنامج تدريب عدد محدود من قادة جماعات المعارضة في مركز تدريب صغير في تركيا.
ويعد تسليح وتدريب المعارضة السورية ببرنامج متكامل كفيلًا بحسم المعركة في سوريا ضد الأسد، وإنقاذ ملايين السوريين من القتل والتشريد، وبينما تسحب واشنطن يدها عن دعم المعارضة تكثف إيران تجهيز ميليشياتها، حيث حذرت صحيفة “وول سترت جورنال” الأمريكية، من أنه يعتقد الخبراء أن إيران تلعب دورًا قياديًا في تنظيم وتدريب وتمويل ميليشيات محلية مؤيدة للنظام يصل عددها ما بين 150 ألفًا إلى 190 ألفًا، وكثير منهم من الأقلية العلوية الشيعية، وعدد تلك القوات أكبر مما تبقى من الجيش النظامي السوري.
وتوقع بعض الخبراء وجود نحو 20 ألفًا من المقاتلين الشيعة الأجانب على أرض سوريا مدعومين من إيران وحزب الله اللبناني، منهم 5 آلاف وصلوا من العراق في يوليو وأغسطس فقط.
وتفيد معطيات القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM) بأن عدد الضربات الجوية التي تشنها الولايات المتحدة وحلفاؤها ضد مواقع داعش في سوريا، تقلص خلال الأيام الثلاثة الأخيرة ليصل من 8 إلى 1 – 3 ضربات يوميًا. ويجري تقليص عدد الضربات الأمريكية في سوريا على خلفية تكثيف العمليات الجوية الروسية هناك بشكل ملحوظ.
وبرغم مرور 10 أيام على بدء الطائرات الروسية في 30 سبتمبر الماضي، غاراتها على الأراضي السورية وزيادة نشاط الطيران الروسي، إذ بلغ عدد الغارات الجوية الروسية خلال الـ24 ساعة الماضية 67 غارة، لم تتحرك واشنطن لصدها أو مقاومتها أو تضييق الخناق عليها. وبينما أمريكا تراوغ بوقف التدريب للمعارضة تدك الطائرات الروسية معاقلهم، وكأن واشنطن تفسح الطريق لتقدم القوات الإيرانية والحرس الثوري وحزب الله.
كما تكتفي واشنطن فقط بالدعوة للتنسيق، حيث قالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) إنها تتوقع إجراء محادثات جديدة مع الجيش الروسي بشأن سلامة الطيارين في الحرب السورية في مطلع هذا الأسبوع، مع سعي البلدين لتفادي وقوع اشتباك بطريق الخطأ خلال العمليات الجوية التي يقوم بها الجانبان.
وتجنبًا للصدام مع روسيا أعلنت واشنطن أنها لم تتخذ أي قرار بشأن إقامة منطقة حظر جوي في سوريا، بعد أن أشار وزير الخارجية جون كيري إلى مثل هذا الاحتمال لحماية المدنيين، محذرة من خطر المواجهة مع روسيا.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض إنه في حال إقامة منطقة حظر جوي قرب دمشق ومحافظة إدلب مثلًا، فإن ذلك يهدد بالمواجهة المباشرة مع روسيا، وسيؤدي إلى اندلاع أزمة لدى محاولة فرض حظر جوي في المنطقة التي تحلق فيها طائرات روسية. ويعد فتور الموقف الأمريكي تجاه اختراق روسيا للأجواء التركية دليل آخر على تواطؤ بين موسكو وواشنطن، فإنشاء هذا المنطقة مطلب قديم لتركيا، وكان كفيلًا بإنهاء الأزمة مبكرًا وقبل التدخل الروسي.
وترجح المؤشرات السابقة مجتمعة اتجاه واشنطن لتجنب الصدام مع موسكو، وعدم الميل للدخول في صدام عسكري معها، وتأكيد الرئيس باراك أوباما أنه لن يدخل حربًا بالوكالة مع روسيا في سوريا، ما يؤكد اتجاههم لتقسيم المصالح بينهما في إطار تسويات سياسية قادمة لم تتضح ملامحها بعد.
الاحتمال الثاني: نذر حرب إقليمية وعالمية
في مقابل الرؤية السابقة يرى مراقبون أن بوادر صراع ونذر حرب عالمية تلوح في الأفق، لأن روسيا لديها خطة شاملة لانتزاع مناطق النفوذ الأمريكية وسحب هيمنتها في سوريا والعراق، حيث قامت بدشين تحالف عسكري جديد “روسي- إيراني- سوري- عراقي” وبدأت تهمين على الأجواء والأرض بسوريا، وتتجه للأمر نفسه بالعراق، بما يعني خارطة نفوذ جديدة تتشكل بقوة السلاح.
ولكن البعض يرى أن هذا الصراع محسوم مع ترجيح أن تكون العراق لأمريكا وسوريا لإيران وروسيا، وبينهما تبدو تركيا ودول الخليج الخاسر الأكبر، ما قد يدفعها لتشكيل تحالف “تركي سعودي قطري أمريكي” في مواجهة الحلف الروسي الإيراني المدعوم من الصين ومصر وإسرائيل، ولكن من الصعب أن يؤدي لحرب عالمي ثالثة، ولكن سيكون هناك صراع وجولات جيوسياسية عسكرية لها تداعيات سياسية واقتصادية أيضًا، لفرض حلول وتسويات بعينها في جميع الأحوال يخسر فيها الشعوب والدول العربية من جيوشها وأموالها وسيادتها.
أما الرأي القائل باحتمال نشوب صراع وحرب عالمية ثالثة، ومواجهة عسكرية محتملة أطرافها الكبار موسكو وواشنطن، يستند على تأكيد وزير الدفاع الأمريكي أشتون كارتر الخميس الماضي، أن بلاده لن تتعاون مع روسيا في سوريا ما دامت الأخيرة تدعم قوات الجيش السوري.
كذلك أشار “كارتر” إلى أن الإجراءات الروسية في سوريا لن “تتمكن من تشتيت نظر الولايات المتحدة عن الأوضاع في أوكرانيا”، مضيفًا أن موسكو قد تتكبد خسائر في الأيام القريبة بسوريا.
وقال “كارتر”: إن الولايات المتحدة ستستمر في التشاور مع روسيا فيما يتعلق بأمن الطيران في سوريا، مبينًا في الوقت نفسه أن الصواريخ المجنحة التي أطلقتها روسيا على مواقع لـ”داعش” الأربعاء، من دون إبلاغنا مسبقا “حلقت على بعد عدة أميال من طائرات أمريكية بلا طيار(في سوريا)”، وأكد: “نحن نعتبر أن إجراء روسيا هذا ليس مهنياً”، وأضاف أن الولايات المتحدة تعتبر أيضًا اختراق الطائرات الروسية للمجال الجوي التركي والذي يعتبر مجالًا جويًا لحلف الـ”ناتو”، غير مهني كذلك.
فهل يصمت الناتو والولايات المتحدة على العربدة الروسية في أجواء سوريا، وتلويحها بالتدخل في العراق أيضًا واختراقها الأجواء التركية، أم أن تحالفًا عسكريًا جديدًا قد يتشكل بدعم عربي وتركي لمواجهة روسيا، التي استقطبت مصر والصين لدعمها إلى جانب إيران؟
سامية عبد الله – شؤون خليجية[ads3]
أعتقد أنه حان الوقت ليوقف الطرفان الثوار والنظام الاقتتال حالا وسريعا ومهما كان ثمن ونتائج وقف القتال سيكون أفضل من أي نتائج في حال استمر الاقتتال والطرف الجيد هو من سيلقي السلاح أولا وأي شخص سوري أو غير سوري يريد أن يساعد فليساعد نحو هذا الاتجاه فقط إن كان يريد الخير لسوريا
بلا معارضة بلا ضراب …. مافي غير الروس ينقذو البلد … اهلًا بالاحتلال الروسي