خلطة سورية قومية و طائفية
«نحن نعيش في كون طائفي» كلمة سمعتها من الياس مرقص في ثمانينات القرن الماضي، ولم يتح العمر للمفكر السوري الماركسي (توفي عام 1991) أن يشهد تمزق وطنه بسكاكين الفكرين الديني والقومي، بتشجيع إقليمي وعالمي وبـ «فضل» نظام حوّل سورية إلى معتقل دافعاً المواطنين الى تحطيمه.
سلبيات القومية والإسلام السياسي واحتراف الزبائنية العسكرية والسياسية تتلاقى في المأساة السورية، خصوصاً مع الحضور الإيراني والتركي على الأرض، واحتشاد الأجواء بالطيران الحربي الأميركي والروسي… والفرنسي أحياناً.
نعيش في كون تفسده القومية العمياء والإسلام السياسي غير المنضبط، ربما يكون هذا الكلام تعديلاً لقول الياس مرقص. ويتجسد ذلك في غضب النظام والمعارضة معاً من احتلال «وحدات حماية الشعب الكردي» تل أبيض وجوارها، لكون المنطقة عربية فلا يرضى الفريقان أن يستولي عليها الأكراد. وقد شارك رجب طيب أردوغان في الغضب «القومي» لأن الأكراد دفعوا سكان قرى تركمانيين في المنطقة إلى التوجه نحو تركيا التي اعتبرتهم عائدين الى الوطن وليسوا لاجئين سوريين. هنا نذكر حرص أردوغان لدى زيارته لبنان في خريف عام 2010، على تفقّد بلدة عيدمون في عكار والالتقاء بسكانها التركمان، وربما شعر هؤلاء بالحرج لتمييزهم «القومي» عن سائر المواطنين اللبنانيين، خصوصاً عن أهل مدينة طرابلس عاصمة شمال لبنان، لكن أردوغان عاملهم كذراع من أذرعه القومية، الأمر الذي يتكرر مع تركمان سورية والعراق وبلاد آسيوية أخرى حتى شمال الصين.
ويعرف أردوغان أن أذرعه القومية في سورية والعراق هامشية أمام العرب والأكراد، لذلك يعتمد جماعات الإسلام السياسي، وهو، بصفته قيادياً في حزب شقيق لـ «الإخوان المسلمين»، يفضل تقديم هؤلاء على غيرهم، وسبق أن نصح بشار الأسد بتعيين رئيس حكومة «إخواني» كشرط لضمان استمرار النظام السوري، وكان رفض الأسد السبب الرئيس لغضبة أردوغان وإعلاء صوته فوق الأصوات الداعية إلى إسقاط النظام بدءاً من رئيسه.
لكن مشكلة الرئيس التركي وسائر مشجعي الإسلام السياسي تتفاقم أمام جماعات إسلامية تشكو من مرضين رئيسيين، الأول تشظّيها إلى جماعات متناحرة تتحارب أحياناً على أحقية تمثيل الإسلام السياسي كما على المصالح المادية لقادتها أو «أمرائها». والمرض الثاني أن الإسلام السياسي لا ينضبط بحدود دينية أو وضعية، إنما يعيش حال انزلاق بسبب أجواء المنافسة، وصولاً إلى التطرف الذي يؤذي المسلمين قبل غيرهم. هكذا انقصف الحكم «الإخواني» في مصر لأنه أطلق التطرف الديني، وكان يمكن قصف حكم أردوغان لولا التكوين العلماني الأتاتوركي للدولة التركية، فضلاً عن نزعة قومية لحزب أردوغان الإسلامي الذي يحكم تركيا بوجهين يستخدم كلاً منهما وفق مقتضى الحال.
ماذا يفعل الأميركي في سورية أمام التباسات شريكه التركي القومية والإسلامية؟
واشنطن التي خاب أملها بإرسال أسلحة الى مقاتلين تفترض اعتدالهم فيسلمونها الى متطرفين وقد يسلمون انفسهم مع الأسلحة، بدأت تلقي من الجو أسلحة الى معارضين عرب متحالفين مع المقاتلين الأكراد، تمهيداً لمحاربة «داعش» واحتلال مدينة الرقة السورية، عاصمته. وإذا قُدّر لهؤلاء النصر ستتعالى الاعتراضات القومية العربية من طرفي النظام والمعارضة، لأن الأكراد هم القادة الحقيقيون للتحالف الذي تدعمه أميركا… ومثل الاعتراض القومي، هناك اعتراض إسلامي عام على تدخُّل الجيش الروسي الأرثوذكسي في سورية، واعتراض إسلامي «سنّي»، على تدخُّل جنود إيرانيين وميليشيات «شيعية» لنصرة النظام «العلوي».
خلطة قومية إسلامية طائفية في سورية يصعب استيعابها، لأنها، في صورة ما، تعبير عن مأزق الدولة العميق في الشرق منذ انحطاط العثمانيين في أواسط القرن التاسع عشر.
محمد علي فرحات – الحياة[ads3]
من أغبى و أكثر المقالات سطحية التي نشرت في عكس السير
قول الحقيقة والواقع ليس بغباء، وإنما الغباء بان نسمع دائما ما نريده ونرغبه.
مشكلة الشرق عموما وسوريا كنموذج عن ذلك هو أن النظام والمعارضة يلعبان على بساطة المجتمع وطيبته التي تقترب من حدود السذاجة بقصد استغلاله وقمعه تمهيدا لاخضاعه وسرقته لاحقا فنحن دائما ما ننخدع وبمنتهى السهولة وربما عن طيب خاطر منا عملا بمبدأ السلامة الشخصية والمحافظة على فسيفساء المجتمع بكل ما تطرحه الأنظمة والمعارضة معا من حلول هوليودية لمشاكلنا فمرة ننخدع بالأفكار الاشتراكية ومرة بالطروحات التقدمية ومرة أخرى بالأفكار القومية ومرة بالأفكار الإسلامية من دون ذكر خرابيط الممانعة والمقاومة والصمود والتصدي والتوازن الاستراتيجي …. الخ ونتحمل نتيجة خياراتنا السلبية آنذاك كل ماتفرزه تلك الأنظمة والمعارضة المضادة لها من قذارات نتة ليس أفلها الحروب الأهلية والتفكك الطائفي والقبلي والعشائري والمناطقي ….الخ ورغم ذلك ما زلنا نعود إلى مربع اجترار الحلول القديمة المدمرة كحل للخروج من أزماتنا كالحلول القومية والطائفية والإسلامية …. علما بأننا لم نجرب أو حتى ننادي ولو لمرة واحدة بتطبيق حلول واقعية مطبقة في بلدان غربية كثيرة لديها تنوع في الأعراق والتقافات أضعاف ما عندنا ألا وهي الدولة المدنية وسلطة القانون (قص ولصق) من دون أي تحوير أو فلسفة أو اجتهاد فقهي أو قانوني .