لقاءات عشاء تتحول إلى صداقات بين لاجئين و ألمان في هامبورغ ( صور + فيديو )

يوم مميز بالنسبة للاجئ السوري المقيم في هامبورغ اسماعيل إبراهيم، فهذه هي المرة الأولي التي يقوم فيها بزيارة عائلة ألمانية في بيتها. وحتى بالنسبة لآنا وصديقها بيني فإن العشاء الجماعي الذي سيقيمانه اليوم على شرف الضيف السوري يعتبر أهم موعد لهذا اليوم.

“أنا أيضا عشت بعض الوقت في الخارج وخصوصا في إفريقيا وكنت أشعر بإحساس جميل عندما كانت العائلات تدعوني إلى زيارتها في البيت”، تقول آنا كروسه البالغة من العمر 31 عاما والتي تعمل كمستشارة في مجال التعاون الدولي. وتضيف كروسه في حوار مع DWعربية: “لذلك أردت أن أقوم بدوري بمثل هذه الخطوة هنا في ألمانيا وأوجه الدعوة لأحد الأشخاص الأجانب، كما أنني أود أن أعرف كيف يعيش القادمون الجدد هنا في هامبورغ”.

لقاء اسماعيل على مائدة العشاء مع آنا وصديقها بيني لم يكن ليتم بهذه الطريقة لولا مبادرة Welcome Dinner، فمن خلال هذه المبادرة يقوم فريق عمل مكون من شباب وشابات من مدينة هامبورغ بالبحث عن عائلا ت ألمانية مستعدة لاستضافة لاجئين في بيتها على مائدة العشاء، وذلك من أجل إرسال إشارة للاجئين أنهم مرحب بهم في هامبورغ. وعن هذا المشروع تقول صاحبة فكرة Welcome Dinnerإينيس بوركهارت: “الكثير من اللاجئين والمهاجرين لا يتعرفون على سكان هامبورغ المحليين، وفي المقابل يريد الكثير من سكان هامبورغ الترحيب باللاجئين في المدينة، لكن لا يعرفون كيف. لذلك جاءت فكرة دعوة العشاء التي تحمل في طياتها معاني الترحيب والصداقة”.

ولتسهيل عملية التواصل وضع المنظمون استمارة على موقعهم الرسمي وعلى صفحتهم على الفيسبوك، حيث يمكن لكل شخص أو عائلة ألمانية ترغب في التعرف على لاجئين واستضافتهم في بيتها على مائدة العشاء أن تسجل بياناتها في تلك الاستمارة. وللتعريف بهذه المبادرة، خصوصا في أوساط اللاجئين، يقوم المنظمون الذين يعلمون كلهم بشكل تطوعي بتوزيع الاستمارات على مدارس تعلم اللغة الألمانية، حيث يقوم اللاجئون الذين يدرسون اللغة هناك بتسجيل أسمائهم ليتم استدعائهم فيما بعد للقاء العشاء.

وتوضح بوركهارت عمل المشروع أكثر بالقول: “قبل ثلاثة وحتى خمسة أيام من موعد الزيارة، نتصل بالعائلة الألمانية التي سجلت بياناتها عندنا ونخبرها بأسماء وجنسيات الأشخاص الذين سيحضرون للعشاء وأيضا بعاداتهم الغذائية، كعدم أكلهم للحم الخنزير مثلا”. بعد ذلك تقوم العائلة الألمانية بالاتصال بالضيف وتخبره بوقت الزيارة وعنوان البيت.

ولتطوير المشروع بدأ فريق العمل المكون حاليا من 25 متطوعا باستخدام برنامج كومبيوتر عبارة عن خارطة رقمية يظهر فيها المكان الذي يسكن فيه كل المسجلين في استمارة المشروع سواء من اللاجئين أو من العائلات الألمانية وأيضا المعلومات الأخرى مثل السن والحالة العائلية. وعلى ضوء هذه المعلومات يتم التوسط في تنظيم لقاء العشاء. فإذا كانت العائلة الألمانية لديها أطفال مثلا، فإنه يتم البحث بين المسجلين على عائلة لاجئة لديها أطفال أيضا. كما يتم مراعاة القرب الجغرافي بين العائلات. “المشروع يسير بشكل جيد. ففي هذا الأسبوع وحده نظمنا أكثر من مائة لقاء عشاء، أما مجموع اللقاءات التي توسطنا فيها لحد الآن فقد بلغت 400 لقاء عشاء”، تضيف بوركهارت المسؤولة عن التواصل الإعلامي في المشروع، خلال حديثها مع DW.

ترحيب كبير بالمشروع

ويبدو أن هذه المبادرة تترك أثرا جيدا سواء لدى اللاجئين أو العائلات المستضيفة، وهو ما يؤكده اللاجئ السوري اسماعيل الذي لم يكن لقائه مع آنا وبيني، فرصة للتعرف على أصدقاء ألمان جدد فقط، وإنما أيضا مناسبة للانفتاح على المطبخ الألماني الذي لم يكن يعرف عنه أي شيء من قبل. ويقول اسماعيل البالغ من العمر 21 عاما، والذي مضى على تواجده في ألمانيا حوالي عام “أنا سعيد جدا لأنني تعرفت على عائلة ألمانية رائعة، والمهم في نظري ليس هو العشاء وإنما التعارف والانفتاح على الثقافة الألمانية. وأنا أنصح أي لاجئ أن يسجل نفسه في هذه المبادرة”.

هذا الانطباع الإيجابي تُرك أيضا لدى العائلة التي استقبلت اسماعيل في بيتها والتي سمح لها هذا اللقاء بالتعرف عن قرب عن حياة اللاجئين والتحديات التي تواجههم، وهو ما أكده بيني الذي ساعد صديقته آنا في التحضير للقاء العشاء بقوله: “إنه شيء جميل أن ترى الأشياء التي تسمعها دائما في الإعلام واقعا مجسدأ أمامك وتنصت بنفسك لقصة شخص جالس أمامك ويتحدث معك. والأشياء الجديدة التي تعرفت عليها كانت مفيدة لي جدا”.

أظهرت تجارب سابقة في مبادرة Welcome Dinner أن الكثير من اللقاءات بين اللاجئين والعائلات الألمانية لم تتوقف عند لقاء العشاء وإنما تحولت إلى لقاءات متكررة تبادل فيها الطرفان الزيارات ونشأت بينهما صدقات، وهو ما ترغب فيها آنا وصديقها بيني أيضا، الذين عرضوا على اسماعيل مساعدته على الانتقال إلى غرفة جديدة وتسخير سيارتهما لخدمته لنقل الأغراض لسكنه الجديد، وفي المقابل وجه اسماعيل لهما الدعوة لزيارته في بيته الجديد وتذوق الأكل السوري، ليكون لقاء العشاء الذي جمع بين اسماعيل وآنا وبيني قد حقق الغاية التي نظم لأجلها وهي كسر الهوة بين الأجانب والعائلات الألمانية، وتصحيح بعض المفاهيم المغلوطة التي يحملها كل طرف عن الآخر. (Deutsche Welle)

[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

تعليق واحد

  1. متى نرى دول و مجمعات المسلمين هكذا – هل نعتنق المسيحية