مشاركة ضعيفة في الانتخابات المصرية
مضت مصر أمس في المحطة الأخيرة من خريطة الطريق التي أعلنت عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي، بانطلاق المرحلة الأولى من الانتخابات النيابية في 14 محافظة، لكن المشاركة الضعيفة عكست عدم اكتراث المصريين بالبرلمان المقبل الذي يتوقع أن يأتي موالياً للرئيس عبدالفتاح السيسي. وفي حين لم تُرصد عمليات عنف مؤثرة بفضل الوجود الأمني المكثف، وقعت تجاوزات معتادة أبرزها تأخر فتح بعض لجان الاقتراع وخرق الصمت الانتخابي، وعادت ظاهرة الرشاوى إلى السطح.
وأغلقت صناديق الاقتراع في الخارج أمس على حضور متفاوت من المغتربين، فجاء متوسطاً في سفارات دول الخليج، وضعيفاً في غالبية الدول الغربية. وأكد الناطق باسم الخارجية المصرية أحمد أبو زيد أن الاقتراع في الخارج «مر بسلاسة ويسر»، موضحاً أنه «في شكل عام فإن أبرز الدول التي توجد فيها كثافة تصويتية هي دول الخليج، لا سيما الكويت والسعودية من حيث عدد الناخبين». لكنه رفض التكهن بأعداد المصوتين، مشيراً إلى أن «الفرز يتم داخل السفارات عقب انتهاء التصويت».
ومن المفترض أن تكون عمليات فرز الأصوات بدأت عقب انتهاء التصويت في كل سفارة مساء أمس وفقاً لتوقيت كل دولة، إذ تفرز البعثات الديبلوماسية الأصوات وتحصر الأعداد التي حصل عليها كل مرشح على المقاعد الفردية، وكذلك ما حصلت عليه كل قائمة انتخابية، وترسل تلك الإحصاءات إلى اللجنة العليا للانتخابات التي تضيفها بدورها إلى الأصوات التي يحصل عليها المرشحون في الداخل، تمهيداً لإعلان النتيجة النهائية للمرحلة الأولى في 20 الشهر الجاري.
وبدأ التصويت أمس في محافظات المرحلة الأولى وهي الجيزة والفيوم وبني سويف والمنيا وأسيوط والوادي الجديد وسوهاج وقنا والأقصر وأسوان والبحر الأحمر والإسكندرية والبحيرة ومرسى مطروح، في يوم هيمن عليه الحضور القوي للنساء والشيوخ. وجرت مراسم احتفالية في محيط لجان. ومن المقرر أن يستمر الاقتراع في الداخل اليوم قبل إغلاق صناديق الاقتراع عند الساعة التاسعة مساء لتبدأ عملية فرز الأوراق تمهيداً لإعلان النتائج، قبل إجراء جولة الإعادة نهاية الشهر. ويتنافس على المقاعد الفردية البالغ عددها 226 مقعداً في تلك المرحلة 2548 مرشحاً، بينهم 112 امرأة، وتبلغ نسبة المستقلين بينهم 65 في المئة.
وساد ارتباك داخل لجان الاقتراع بين الناخبين بسبب تقسيم الدوائر المعقد في النظام الانتخابي، إذ يتفاوت عدد المقاعد المخصصة للفردي بين كل دائرة ما بين مقعد واحد إلى 4 مقاعد، كما أن على الناخب أيضاً اختيار إحدى القوائم من بين 4 قوائم متنافسة.
وأقرت اللجنة العليا للانتخابات بضعف الإقبال الذي وصل حتى ظهر أمس إلى نحو 3 في المئة، لكن مع ساعات المساء زادت تلك النسبة. وأوضح مسؤول في اللجنة أن «النساء كنّ في صدارة من أقبلوا على الاقتراع، يليهن كبار السن فوق سن الستين، ثم الشباب من أعمار 18 إلى 30 عاماً». وأشار إلى أن «الإسكندرية والجيزة وأسيوط جاءت في صدارة المحافظات الأكثر تصويتاً، في حين كانت محافظة البحر الأحمر الأقل كثافة».
وأمام الحضور الضعيف استنفرت أجهزة الدولة الرسمية والمرشحون لحض المصريين على التصويت. وقالت الحكومة إنها تدرس منح المواطنين عطلة غداً، في محاولة لتشجيعهم على التصويت، فيما توعدت لجنة الانتخابات المتخلفين عن التصويت بغرامة 500 جنيه.
واتخذت السلطات إجراءات أمنية غير مسبوقة تحسباً لوقوع مواجهات أو هجمات. وأكدت وزارة الداخلية «هدوء الأوضاع الأمنية في جميع المقار الانتخابية». وجاب قادة الجيش، وفي مقدمهم رئيس الأركان محمود حجازي، على عدد من لجان الاقتراع.
وكانت قوات الجيش والشرطة تسلمت مراكز الاقتراع أول من أمس، واقتصر دورها على أعمال تأمين المقترعين وتنظيم الصفوف، ولم يسمح بدخولها إلى داخل اللجان. وشهدت البلاد انتشاراً لقوات الجيش والشرطة في الشوارع والميادين الرئيسة، وبالقرب من مراكز الاقتراع. واستعانت قوات الشرطة في التأمين بالكلاب المدربة على كشف المتفجرات، وظهرت قوات مكافحة المفرقعات.
وساعد الوجود الأمني المكثف في تمرير أول أيام الاقتراع من دون معضلات أمنية، فيما لم يخلُ سير الاقتراع من شكاوى، فتبادل المتنافسون اتهامات بحصول انتهاكات تركزت على الرشاوى الانتخابية ومخالفة الصمت الدعائي.
وفي حين لم تفتح لجان في محافظة المنيا (صعيد مصر) حتى ظهر أمس بسبب اعتذار قضاة عن عدم الإشراف على الاقتراع، قدم وزير العدل أحمد الزند بلاغاً إلى وزير الداخلية اللواء مجدي عبدالغفار طالبه فيه بالتحقيق الفوري في تلقي بعض القضاة المشرفين على الانتخابات رسائل تتضمن تهديدات بالقتل على هواتفهم الجوالة لمحاولة إرغامهم على عدم المشاركة في عمليات الاقتراع.
ويجري الاقتراع تحت إشراف نحو 16 ألفاً، موزعين على 5460 مركزاً انتخابياً، وسط متابعة 81 منظمة وجمعية تضم 17 ألفاً و465 متابعاً، إلى جانب 6 منظمات أجنبية ودولية تضم 546 متابعاً، ومتابعين من 68 سفارة أجنبية لدى مصر.
وأعلنت الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية هيفاء أبو غزالة أن بعثة الجامعة لمتابعة الانتخابات زارت عدداً من اللجان الانتخابية التي تم افتتاحها في التوقيت المحدد، وأنها «رصدت إقبالاً من الناخبين، وكان كبار السن الأكثر إقبالاً في الساعات الأولى من بدء العملية الانتخابية». وتوقعت «أن يقبل الشباب على اللجان مع قدوم ساعات المساء بسبب ظروف العمل الخاصة». ولفتت إلى أن البعثة «تغطي أكثر من 90 في المئة من لجان المرحلة الأولى».
وقال «التحالف المصري لمراقبة الانتخابات» أن مراقبيه رصدوا «ضعف إقبال وعدداً من الانتهاكات»، كان أبرزها وجود دعاية انتخابية في محيط لجان وتأخر فتح أبواب لجان أخرى أمام الناخبين، كما رصدوا نقلاً جماعياً للناخبين، وتوجيه مندوبي مرشحين للناخبين أثناء الإقتراع. ورصد أعضاء التحالف في الإسكندرية رسائل إلى قضاة مشرفين على الانتخابات، تحتوي على جملة واحدة هي «حياتك مقابل الانتخابات». وأشار إلى وقوع اشتباكات بين أنصار المرشحين في محافظة الجيزة بسبب توزيع مبالغ مالية، قبل أن تتدخل قوات الجيش وتغلق اللجان الانتخابية لمدة 20 دقيقة حتى فض الاشتباك.
وقالت وزارة الصحة إن اليوم الأول من الانتخابات شهد وفاة شخص وجرح 7 آخرين في محافظات مختلفة. وأوضح وزير الصحة أحمد عماد في بيان أن «حالة الوفاة كانت لناظر مدرسة في البحيرة نتيجة إصابته بسكتة قلبية أثناء تأدية عمله في الإشراف على الانتخابات، فيما تراوحت الإصابات بين حالات إغماء أو ارتفاع في ضغط الدم أو هبوط عام، وسجلت محافظة الاسكندرية إصابتين، فيما سجلت محافظة المنيا ثلاث إصابات، أما سوهاج ومطروح فسجلتا إصابة واحدة لكل منهما». (الحياة)[ads3]