حلف الأطلسي يبدأ أكبر مناورات عسكرية له منذ أكثر من عشر سنوات

بدأ حلف شمال الأطلسي وحلفاؤه أكبر مناورة عسكرية منذ أكثر من عشر سنوات اليوم الاثنين واختار البحر المتوسط لإظهار قوته التي تواجه مخاطر من الوجود العسكري المتنامي الروسي من منطقة بحر البلطيق وفي سوريا.

ومع تحليق طائرات فوق حفل توزيع جوائز لقادة عسكريين من حلف شمال الأطلسي وزعماء سياسيين في قاعدة جوية بجنوب إيطاليا كانت التحركات الجديدة لروسيا هي مبعث القلق الرئيسي، ودفعت حلف الأطلسي إلى بدء أكبر عملية تحديث منذ الحرب الباردة.

ويلوح في الأفق خلال المناورات التي تجرى بمشاركة 36 ألف جندي وسفن وطائرات على مدى خمسة أسابيع مسألة إلى أي مدى يمكن للوجود العسكري الروسي المتنامي من منطقة البلطيق إلى سوريا أن يحد من قدرة حلف شمال الأطلسي على التحرك بحرا وجوا.

وقال الجنرال فيليب بريدلاف أكبر قائد في حلف شمال الأطلسي عن المناورات واختبار قوة انتشار سريع جديدة “يبعث هذا برسالة واضحة للغاية لأي معتد محتمل”.

وقال بريدلاف قبل أن يرتدي ملابس الطيران للإشراف على انطلاق عشرات الطائرات المقاتلة وطائرات الهليكوبتر المموهة “أي محاولة لانتهاك سيادة واحدة من الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي ستؤدي إلى اشتباك عسكري حاسم من جانب كل دول الحلف.”

ومن منطقة البلطيق حيث يوجد لروسيا قاعدة بحرية في كالينينغراد من خلال البحر الأسود ومنطقة القرم التي ضمتها وحتى تدخل موسكو في سوريا نشرت روسيا صواريخ مضادة للطائرات ومضادة للسفن قادرة على تغطية مناطق كبيرة.

وقال ألسكندر فيرشبو نائب الأمين العام لحلف الأطلسي للصحفيين نشعر بقلق بالغ بشأن الحشد العسكري الروسي. وقال “التركيز المتزايد للقوات في كالينينغراد والبحر الأسود والآن في شرق البحر المتوسط يمثل بالفعل بعض التحديات الإضافية.”

ويؤكد مسؤولون بحلف شمال الأطلسي أن الحلف مستعد وقادر على الدفاع عن أي عضو من الدول الأعضاء الثماني والعشرين في مواجهة أي خطر بينما قوته المجمعة أعظم بكثير من القدرة العسكرية لروسيا.

مواجهة الإستراتيجية الروسية لإقامة مناطق نفوذ دفاعية

غير أن مسؤولين بحلف شمال الأطلسي ودبلوماسيين يقولون بصفة غير رسمية إن الحلف في حاجة إلى أن يصبح أكثر مرونة لمواجهة مخاطر متعددة خارج حدوده وهي حقيقة أكدها انهيار ليبيا وظهور متشددي تنظيم “الدولة الإسلامية” والحرب في سوريا.

وهم يرون أن ظهور إستراتيجية روسية لإقامة مناطق نفوذ دفاعية -يطلق عليها الحرمان من دخول مناطق- عن طريق نشر بطاريات صواريخ مضادة للسفن يمكن أن يمنع قوات من الدخول أو التحرك بطريق الجو والبر والبحر.

ويمكن أن يمنع دول حلف شمال الأطلسي بما فيها الولايات المتحدة من إقامة منطقة حظر طيران لحماية اللاجئين السوريين من القصف في شمال سوريا على سبيل المثال.

وقال مسؤول كبير طلب عدم الإفصاح عن اسمه “يجب أن نأخذ في الاعتبار أن روسيا سيكون لها مزيد من الوجود الكبير … مع القدرة على عرقلة حرية المناورة وحرية الملاحة.”

وقال المسؤول إن شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا من أوكرانيا في عام 2014 أصبحت “قلعة مسلحة”.

وبعد أكثر من عقد من العمليات القتالية التي يقودها حلف شمال الأطلسي في أفغانستان تحول الحلف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة إلى الدفاع عن أراضيه. وينظر إلى السيطرة على مناطقه الخارجية على أنها حيوية.

ومن الأدوات الجديدة القوية التي ستختبرها المناورات قوة “طليعية” تتألف من خمسة آلاف جندي من القوات الجوية والبحرية
والعمليات الخاصة في إطار قوة انتشار سريع قوامها 40 ألف جندي.

ويمثل انهيار ليبيا وظهور متشددي تنظيم “الدولة الإسلامية” والحرب الأهلية في سوريا وفشل الاتحاد الأوروبي في استقرار الجوار الجنوبي الآن مشكلات أيضا لحلف الأطلسي إذ أن تركيا العضو في الحلف لها حدود مشتركة مع سوريا والعراق.

ورغم التخطيط للمناورات منذ عامين فإنها جاءت في توقيت مناسب لأنها ليست رد فعل على هجوم على عضو بحلف الأطلسي وإن كان الحلف ما زال يركز على الدفاع الجماعي.

وفي سيناريو التدريب الوهمي يجيز قرار من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مهمة لحلف شمال الأطلسي للمساعدة في حماية دولة مهددة وتأمين البحار.

وكان الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ قد ندد في وقت سابق، قبيل مشاركته في اجتماع لوزراء دفاع دول حلف شمال الأطلسي في بروكسل بـ”تصعيد مقلق” للنشاط العسكري الروسي في سوريا، في وقت تكثف موسكو ضرباتها دعما لنظام بشار الأسد. (Reuters)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها