سياسة اللجوء الأوروبية فشلت و المفتاح بيد ألمانيا

في الاجتماع السابق لدول الاتحاد الأوروبي حول ملف اللاجئين، ترك رؤساء الدول انطباعا وكأن هناك سياسة أوروبية موحدة بشأن اللجوء وبوادر لحل الأزمة. لكن بعد أسبوع فقط من ذلك الاجتماع، تشير الحقائق المسجلة على طريق البلقان إلى معطيات مختلفة، فلا وجود للتضامن الأوروبي ولا لتوزيع المهام، وكل دولة تريد مصلحتها فقط.

هنغاريا وبدعم من التشيك وبولندا تنعزل أكثر فأكثر. في حين تدفع اليونان وكرواتيا وسلوفينا والنمسا باللاجئين الذين يواجهون المطر والبرد إلى خارج حدودها. في نفس الاتجاه تتحرك مقدونيا وصربيا، الدولتان المرشحتان للانضمام إلى دول الإتحاد الأوروبي. وفي نهاية سلسلة الدول هناك ألمانيا، التي لم تعد قادرة على استقبال الناس، لم تعد أيضا راغبة في ذلك وشيئا فشيئا ، كما تشير الاعتراضات القادمة من ولاية بافاريا ونتائج استطلاعات الرأي.

ورغم القرارات المتعددة التي تمّ اتخاذها في بروكسيل (مقر المفوضية الأوروبية)، فإن الوضع لم يتحسن، بل تدهور على عكس ذلك: فأعداد اللاجئين والنازحين الذين يخاطرون بالرحيل إلى غرب أوروبا غير مكترثين بالحواجز العبثية المقامة على الحدود في ارتفاع مستمر دون تتراجع، كما كان يتوقع الساسة الأوروبيين.

وهناك عشرات الآلاف من اللاجئين وهم في طريقهم انطلاقا من اليونان. يوم الاثنين الماضي فقط أعلن المفوض الأممي لشؤون اللاجئين عن أعلى نسبة في عدد النازحين القادمين من تركيا هذا العام.

وحتى وإن نجحت الفكرة الأوروبية الخاصة بحصر المشكل داخل تركيا ، فلا يمكنها أصلا أن تدخل حيز التنفيذ إلا بعد أشهر. بيد أن الحكومة التركية أعلنت بشكل قاطع أنها لن تستقبل اللاجئين المرفوضين من أوروبا. ولا تود تركيا أن تصبح في دور “معسكر احتجاز” لصالح أوروبا، وفق تصريحات لرئيس الوزراء التركي غير قابلة للوصف. في ظل هذا الوضع، لا تنفع الدعاية بالتنازلات السياسية أو التلويح بالأوراق المالية الأوروبية.

الحقيقة المرة تتجلى ببساطة في أن سياسة اللجوء الأوروبية خلال الأشهر الأخيرة فشلت. إن ذلك يهدد بالانزلاق نحو الفوضى. المفوضية الأوروبية العاجزة تواصل حديثها عن حل أوروبي شامل، كي تتجنب تحميل المسؤولية لأي طرف ما. وفي المقابل، تتبادل كرواتيا وسلوفينيا والنمسا وهنغاريا واليونان الاتهامات بينها بشأن خرق القوانين الأوروبية. الحديث عن أية قوانين؟ وأيّها ساري المفعول في الوقت الراهن؟
قانون دابلين انتهى، فما البديل؟

المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أعلنت عن نهاية اتفاقية دابلين التي كانت تشدد على أن أول دولة يدخلها اللاجئون داخل دول الاتحاد تصبح هي المسؤولة عنهم. غير أن النمسا وهنغاريا وولاية بافاريا الألمانية أصروا على التمسك بهذه الاتفاقية، حتى يستطيعون لاحقا ترحيل اللاجئين إلى الدول المعنية. اليونان وإيطاليا لا تحترمان هذه الاتفاقية منذ سنوات. ولا أحد قام إلى غاية اللحظة بتقديم خطة بديلة عن اتفاقية دبلين، بما في ذلك المستشارة الألمانية نفسها.

هناك بعض الأفكار الأولية لخطة غير واضحة المعالم تعتمد على إقامة حواجز على الحدود مع تركيا وارسال اللاجئين لمراكز تسجيل ضخمة. غير أن إمكانية تطبيق تلك المخططات على أرض الواقع أمر يدعو إلى التشكك الكبير، حيث يحتاج ذلك الى مراقبة شديدة للحدود ولمراكز التسجيل، وأيضا إلى عملية ترحيل صارمة للاجئين خارج حدود الإتحاد الأوروبي.

لايمكن أن يستمر وضع الفراغ التشريعي الحالي الناجم عن إصرار كل دولة أوروبية على أخذ مصالحها الوطنية الضيقة بعين الاعتبار،. فإذا أوقفت ألمانيا عملية استقبال اللاجئين، فإن موجات عبور الاجئين من دولة إلى أخرى عبر طريق البلقان ستنهار كليا. غير أن مثل هذا القرار يجد رفض المستشارة الألمانية بشكل قاطع، إذا ما استمر تدفق اللاجئين عبر الحدود البافارية، وبالآلاف، فإن ميركل ستصبح مجبرة على اتخاذه.

وإذا ما استمر الوضع الحالي لأيام أطول، فإن المسألة ستكون قضية وقت فقط إلى حين قيام ولاية بافاريا باتخاذ قرار منفرد بإغلاق الحدود دون العودة إلى الحكومة الاتحادية ببرلين. الناس الذين تزداد معاناتهم بفعل هذه الفوضى، هم اللاجئون الذين يصبحون عرضة للأخذ والرد ويشكلون ورقة ضغط على المشهد السياسي الأوروبي.

فكيف يمكن وصف هذا الوضع الذي وصلناه؟ وأين هي القيم الأوروبية؟ لقد حذر رئيس المفوضية الأوروبية جون كلود يونكر في خطابه حول وضع الاتحاد من أن بناء الجدران حول أوروبا أمر مرفوض، في حين لم يقدم الاتحاد أيضا بتقديم أية وصفة بديلة.

بيرند ريغرت – دويتشه فيله[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

تعليق واحد

  1. الترجمة معتبرة جدا..
    أعجبني الخروج عن النمطية في كتابة دبلن..وكتابتها بشكل أصح..
    برافو..