ليخرج نصرالله من دماء الأبرياء … فدى من يسقط ابناء الضاحية؟

أربعون بريء وبريئة وربما أكثر سقطوا بالأمس، مئات الجرحى سالت دماؤهم على أسفلت تلك الأزقة التي تحيط بساحة عين السكة التي خبرنا زحمتها بشكل شبه يومي. البارحة لم يتسن للمؤمنين أن يكملوا صلاتهم في مسجد برج البراجنة ولا سمحت التفجيرات الغادرة للعائلات أن تتلاقى مساء كما هو متوقع. ولن تكفي كلمات التعزية بالشهداء وتمنيات الشفاء للجرحى من أهلنا في الضاحية كي نتجاوز حالة الإدانة والقهر والألم من عودة التفجيرات الإرهابية الى قلب أحيائنا. لا مكان اليوم وفي هذه اللحظة للتحليلات السياسية ولا للمعلومات الأمنية ولا للقراءات الاستراتيجية ببعديها الدولي والاقليمي، فأمام دماء من سقطوا في برج البراجنة ومن فقدوا ذويهم في ساحة عين السكة ومن ملأوا مستشفيات الضاحية بجراحهم وآلامهم، تتقلص المساحات البيضاء فلا تتوسع المجالات سوى للوقفات الوجدانية وللـتأملات الانسانية التي لا تنفي ضرورة وضع الأصبع على الجرح وتحميل من المسؤولية لمن يجب أن يتحملها.

لا نأتي بجديد حين نقول أنّ حلقة التعصب الجهنمية التي اطلق العنان لها سيد الممانعة واساطين النووي الإيراني لم ولن تولد إلا العنف المضاد، وما تلك النار إلا من تلك الشرار، ومن يزرع العواصف لن يحصد سوى الأعاصير. وبقراءة بسيطة لمسار الأحداث التي ولدها التدخل السافر لحزب الولي الفقيه بنسخته اللبنانية الى ما وراء الحدود وإسباغه على نفسه لقب اللاعب الإقليمي، لا يمكن إلا أن نسجل أنه استجلب إرهاباً كنا بغنى عنه في لبنان، وأزهق مئات الأرواح اللبنانية بامتياز على محراب طاغية يتسكع وراء الحدود. فتعبئة الجماهير الحزبية حول الدعوات الطائفية للقتال، سيعبىء جهات مقابلة وجمهرة من تجار الدين وإدعياء الخلافة الباطلة، والأنكى أنها ستحوّل الأرض اللبنانية الى ميدان صراع، برغم أنف الممانعة وعنجهية سيدها ووليها.

إن الخطاب الآلهي الذي انتهجه نصرالله ورهطه انما يخلق أجيالاً جاهزة لتحميل ملامة أي عمل عنيف يحيق بها لخصوم سياسيين ولحلفاء طبيعيين. ففي هذه الساعات المشحونة بالألم الأعمى والحقد الذي يبحث عن متنفس، ترتفع الهتافات المطالبة مثلاً بالنيل من آل سعود وهذا منتهى الجنون وقلة التفكير وانعدام المنطق، الذي يأتي كمحصلة لتعبئة رخيصة. ومن ناحية أخرى، تعالت الأصوات التي تدعو للاقتصاص من السوريين الساكنيين للضاحية في وقت سقطت بينهم هم اصابات في التفجيرات. كما أن الدعوات المقيتة لم توفر اللاجئين الفلسطينيين باعتبار أن اثنين من المنفذين انطلقا من مخيم برج البراجنة، فوصل الأمر ببعض الرؤوس الحامية المطالبة بازالة المخيم، في استذكار لما حصل قبل نحو ثلاثة عقود في مجازر حرب المخيمات التي جاءت بناء على طلب مباشر من حافظ الأسد. لن يوفر حزب الله جهداً لاستخدام كل قدراته من أجل دفع تقصيره الأمني أمام من تعهد بالدفاع عنهم. وبالتالي، سيقوم من دون أدنى شك باستغلال الحدث الدرامي للتفجير الارهابي الذي ضرب المجتمع اللبناني لإعادة التأكيد على ان الضربة واستهداف لبنان هو بسبب صحة سياسته.

كما تساوت دماء من سقطوا في البرج البراجنة البارحة بدماء الأبرياء الذي يسقطون يومياً بين دوما ودير الزور وحلب، كذلك يتحمل نصرالله وداعش المسؤولية عينها من دماء هؤلاء، فالأبرياء هم هم أينما كان وكذلك المجرمون. يحق لأحدهم أن يقول: كم من التفجيرات يجب أن تحدث كي يقتنع البعض بوجوب التصدّي للارهاب التكفيري؟ لا خلاف حول التصدي للارهاب بأي شكل من الأشطال. ولكن هذا السؤال يفسح المجال أمام سؤال يوازيه في الأهمية والأحرى أن يسأل قبل الآخر: كم من الضحايا يجب أن تسقط في لبنان وسوريّا قبل أن يقتنع “حزب الله” بضرورة الخروج من جنون الدماء السوريّة؟
إن كان قدر أبناء الضاحية الجنوبية أن يسكنوا في ظل الولي الفقيه وحزبه وفي مربعه الأمني وبين مقاره الحزبية، فإنّهم تقبلوا قدرهم في العام 2006 ورفعوا صوتاً قالوا فيه “فدى السيد” حينما شنت اسرائيل حربها ووزعت دمارها…الآن، ووسط عاصفة السوخوي البوتينية، واستشراس النظام الأسدي المتداعي، وبراغماتية الملالي الخامنئية،… فدى من يسقط أبناء الضاحية والوطن !؟

سلام حرب – موقع 14 آذار[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫2 تعليقات

  1. وهل يعني ذلك بأنه بمجرد انسحاب حزب اللات من الحرب السورية ستعود الأمور عال العال بالنسبة له كما كانت قبل الحرب ؟ لا هذا سيصبح حلما صعب المنال له ﻷن أبشع أتواع الحروب هي الدينية والمذهبية وحزب اللات وآيات الله في إيران أشعلوا نيران تلك الحرب ولكن لن يستطيعوا إخمادها قبل أن تحرقهم ومن معهم في لهيبها وهذه ليست أمنية أو تخيل لأن هذا ما يخبرنا به التاريخ ومالحرب التي شنها السلطان سليم على اسماعيل الصفوي الذي أيقظ شيطان الفتنة حينها إلا مثال غلى ذلك .

  2. مبروك للمسلمين هذا الأنجاز الرائع
    الله يوفق من خطط ونفذ هذا الأنجاز في الروافض الشيعة أحفاد القرامطة