مجرد شائعة .. قصة حارس أمن نسب له الإعلام إنقاذ 80 ألفاً من الموت في ملعب باريس

شيئًا فشيئًا، انتشرت قصة حول مجهود قام به حارس أمني في فرنسا، اسمه زهير، منع من خلاله أحد الانتحاريين من الدخول إلى الملعب الذي احتضن مباراة فرنسا وألمانيا، الأمر الذي مكّن من إنقاذ حياة 80 ألفًا من المتفرجين، وقد راج أن الإسم الثاني لزهير هو سعيد، وأن ديانته هي الإسلام.

غير أن القصة بدأت من معلومة معاكسة تمامًا، إذ لم يكن زهير حاضرًا في بوابة الملعب، وهو الآخر سمع المعلومة من أصدقائه، زيادة على أن المواقع التي نقلت القصة، اقبستها من مصدر إعلامي لم يشر أبدًا إلى هذه البطولة، ولم يذكر أبدًا اسم سعيد أو ديانة أو جنسية هذا الحرس.

قصة زهير التي كانت جريدة “وول ستريت” الناطقة بالإنجليزية هي من نقلتها أولًا، لم تتضمن أبدًا أن زهير هو من منع الانتحاري من الدخول، بل إن زهير كان في النفق الذي يمر عبره اللاعبون إلى أرضية الملعب، وقد قال لمراسل الجريدة إنه سمع من أصدقائه في الحراسة الأمنية عند البوابة عن اكتشافهم لانتحاري يحمل حزامًا ناسفًا أثناء التفتيش، وأن هذا الأخير فجر نفسه عندما كان يحاول الهروب من رجال الأمن ، طبقاً لما ذكرت شبكة سي ان ان.

ولم ينسب زهير، الذي فضل تقديمه بهذا الإسم، دون التأكيد على أنه اسمه الحقيقي، مجهود توقيف الانتحاري لنفسه، بل إنه أكد لمراسل الجريدة أنه سمع معلومة إيقاف الانتحاري من أصدقائه. إلّا أن الكثير من الشائعات التي تناسلت في تويتر وفيسبوك بعد هذه القصة، حوّلت زهير من شاهد على ما وقع إلى بطل أنقذ حياة الآلاف، وقد ساهمت جرائد عالمية كبرى في نشر الشائعة.

وظهر أن حتى الأقوال التي صرّح بها زهير لجريدة “وول ستريت” لم تكن هي الأخرى دقيقة، إذ قال جاك لامبريت، رئيس اللجنة التنظيمية لكأس الأمم الأوروبية “أورو 2016” الذي ستحتضنه فرنسا، إن لا أحد يعرف حقًا إذا ما حاول فعلًا الانتحاريون الدخول إلى الملعب الذي احتضن اللقاء الودي بين فرنسا وألمانيا، وأن لا أحد من حراس البوابات صرّح بأنه قام بعملية تفتيش لواحد من الراغبين في حضور اللقاء.

حديث لامبريت أكده كذلك، أليكساندرا أحد الحراس إذ قال إن مسؤوله أخبره أن لا أحد من الحراس الآخرين اكتشف وجود إرهابي عند البوابة وقام بتفتيشه. وأضاف أليكساندرا أنه كان يتواصل مع بقية زملائه في الحراسة عبر الهواتف “تولكي وولكي”، ولم تصله أبدًا هذه المعلومة.

ومن المصادر التي ساهمت في نقل الشائعة، حساب على تويتر لفتاة باسم ريبيكا، وقد نشرت صورة تتضمن نصًا عن “البطل زهير”، وقد تم مشاركة هذه الصورة 23 ألف مرة، وبعدها قامت جرائد صادرة بالإنجليزية، بنقل الشائعة مجددًا، قبل أن تنتقل إلى جرائد صادرة بالعربية، بينما نفتها بشكل مطلق عدد من المنابر الفرنسية التي عادت إلى أصل الشائعة وكيف تم تعديل ما جاء في مقال “وول ستريت”.[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها