في الذكرى العاشرة لتوليها الحكم في ألمانيا .. ميركل ضعيفة و تحت الضغوط كما لم تكن من قبل ( فيديو )

نشرت وكالة رويترز مقالة لمدير مكتبها في برلين، نواه باركين، يراجع فيها الأثر الذي تركته المستشارة أنغيلا ميركل في بلادها، وذلك بمناسبة مرور 10 سنوات على استلامها السلطة، وهي الفترة التي سبقها إليه مستشاران فقط هما كونراد أديناور وهلموت كول.

واستهل الكاتب القول في مقاله الذي ترجمه عكس السير، أن صورة ألمانيا تغيرت بشكل هائل في العالم منذ استلامها السلطة في العام 2005، وأنها ساهمت في ذلك، فنظمت البلاد كأس العالم لكرة القدم بعد عام من ذاك التاريخ، وتبدو ألمانيا الآن أكثر انفتاحاً وتسامحاً و مرحاً.

ويشير باركين إلى أن من شاهد ميركل في الأسابيع الأخيرة في لقاءات خاصة يتحدث عن امرأة متغيرة، فبالمقارنة مع تعاملها المتزن مع الأزمات العظمى في أوكرانيا واليونان، تظهر عواطفها أكثر مؤخراً، فتلقي نكاتاً سوداء حول مصيرها، ولاحظ المحيطون بها للمرة الأولى أنها أصبحت أكثر سخطاً ورثاء للنفس.

وبدت ابنة القس والفيزيائية السابقة في معظم فترات حكمها كقوة سياسية صلبة رغم ما اعترضها من أزمات، كالأزمة المالية العالمية، والاضطراب في منطقة اليورو، والخلاف مع بوتين، فتجاوزتها جميعها وظهرت أكثر قوة وشعبية في الداخل والخارج، لكن الأمر تغير في 3 أشهر فقط، مع تحول تيار اللاجئين الهارب من الحروب في الشرق الأوسط إلى فيضان.

ويٌوصف موقفها في إيقاف العمل بقواعد طلب اللجوء وترحيبها باللاجئين في ألمانيا بشعارها “Wir schaffen das” ( سننجز ذلك) بشجاعة سياسية وإنسانية.

ويعتبر السفير الأمريكي السابق في ألمانيا جون كورنبلوم أنها قد تكون حافظت على الاتحاد الأوروبي بموقفها.

لكن تدفق الآلاف من اللاجئين استنفد قدرات المجتمعات المحلية، فتلاشى التوهج الذي رافق وصول اللاجئين في شهر سبتمبر/ أيلول واستقبالهم بترحاب في محطة قطار ميونيخ، وحل محله الإحباط ثم الخوف بعد هجمات باريس الأسبوع الماضي.

ومع هبوط شعبية حزبها الديمقراطي المسيحي 5 نقاط، إلى 37% خلال عدة أشهر فقط، وتحقيق الحزب اليميني المناهض للهجرة “البديل من أجل ألمانيا” لمكاسب، إلى جانب تراجع شعبيتها من 75% إلى 49%، بدأت الانتقادات تصدر من شركائها في التحالف المسيحي ومن داخل حزبها أيضاً، فقوض تحديهم العلني لها من سلطتها وجعلتها تبدو أكثر ضعفاً من أي وقت مضى منذ أن استلمت السلطة، كأول إمرأة وأول سياسية من شرق ألمانيا الشيوعي تقود البلاد.

لكن الحديث عن نهاية حقبة ميركل كما تذهب بعض وسائل الإعلام الألمانية والدولية إليه يبدو سابقاً لأوانه، بحسب باركين، إذ أنها لا تواجه منافسين من اليمين واليسار السياسي، وسيتسبب صعود حزب البديل من أجل ألمانيا بفوز سهل لحزبها بالانتخابات مستقبلاً، إذ يقلل من فرص فوز الأغلبية اليسارية.

وما يفوق ذلك أهمية، أن عجلة الاقتصاد الألماني ما زالت تدور، ونسبة البطالة وصلت لمستوى هو الأقل منذ توحيد الألمانيتين، ومالية البلاد ما زالت قوية، مع توقعات بميزانية مستقرة رغم الانفاق على اللاجئين.

ويصف 82% من المواطنين الوضع الاقتصادي، بحسب ما ترجم عكس السير، بـ “جيد” أو “جيد جداً” وفق استطلاع لـ” انفراتيست”.

ويقول ميشائيل فوكس، وهو مشرع رفيع في حزبها إن “بالطبع تراجع الأرقام في استطلاعات الرأي ليس أمراً لطيفاً، لكن لست على استعداد للقول بأن هذه كارثة، وأن العالم أوشك على نهايته”.

لكن الحديث عن تجاوزها لأزمة اللاجئين سابق لأوانه أيضاً، إذ يدخل 7000 لاجىء يومياً إلى ألمانيا، ويتوقع وصول أعدادهم إلى مليون نهاية العام، ويقول مقربون منها إنه يتوجب عليها إثبات سيطرتها على أزمة اللاجئين مع حلول الربيع.

وستحسم نتائج الانتخابات في ولايات بادن – فورتمبيرغ و راينلاند- بفالتس و سكسونيا السفلى في شهر آذار القادم مسألة ترشحها لولاية جديدة في العام 2017.

ويقول أحد مساعديها رافضاً الكشف عن هويته إنه في هذه اللحظة يعتقد أن ميركل متأكدة من مسألة ترشحها مرة أخرى، وأنها تريد ذلك، لكنها ستنظر فيما إذا كانت ستستعيد السيطرة فيما يتعلق بأزمة اللاجئين، لافتاً إلى أن استعادة الاستقرار،  يعني تخفيض أعدادهم، ويقول مستشار آخر إن “هذا لا يمكن إنجازه في الأسابيع والأشهر القادمة، لكن هناك حاجة لانجازه مع حلول الربيع”.

ومع رفضها لمطالب حلفائها وأطراف من حزبها بوضع حد أعلى للاجئين، واستراتيجيتها البديلة القائمة على التعاون مع تركيا وشركاء بلادها الأوروبيين ووضع حد للأزمة السورية، محفوفة بالمشاكل، إذ تجعلها تعتمد على قادة مثل أردوغان وبوتين وفيكتور أوربان، وما زاد الأزمة تفاقماً هو هجمات باريس زادت الشكوك حيال اللاجئين المتواجدين على الأراضي الألمانية.

وتعتبر صحيفة “دي تزايت” أن هجمات باريس المروعة خففت العبء السياسي عن ميركل حالياً، لكنها جعلت الأمور أكثر صعوبة، ما يفسر تنامي إحباطها، واصفة ميركل بأنها ثابتة على موقفها لكنها حائرة في كيفية حل أزمة اللاجئين.

وكانت ميركل تتهم في السنوات الماضية بأنها تركز على المصالح الألمانية، صارفة النظر عن المشاكل الأوروبية، لكن حل أزمة اليونان الصيف الماضي، وجهودها الحثيثة لإحلال السلام في أوكرانيا وجهودها خلال أزمة اللاجئين الحالية أظهرها بصورة أخرى.

ويقول السفير الأمريكي السابق كورنبلوم، بحسب ما ترجم عكس السير : “لو تحدثنا عن إرثها، فسيكون القاسم المشترك هو حفاظها على أوروبا تحت ظروف صعبة، لقد استخدمت نفوذها لمنع تفكك منطقة اليورو، والحفاظ على الوحدة الأوربية بشأن فرض العقوبات على روسيا، ومؤخراً تجنيب أوروبا الانهيار الكامل تحت وطأة أزمة اللاجئين”.

لكن حتى أقرب مستشاريها قلقون من كونها وصلت إلى أقصى ما تستطيع تقديمه لأوروبا، بغض النظر عن مصيرها السياسي في العام القادم.

ويشير الكاتب إلى أنهم (المستشارون) بالنظر إلى أوروبا، يجدون رئيساً فرنسياً ضعيفاً، ورئيس وزراء بريطاني مهووس بالاستفتاء للخروج من الاتحاد الأوروبي، وقادة يمين شعبوي في شرق أوروبا يبتعدون عن ألمانيا والتيار الأوربي العام.

ويلخص أحد كبار مساعديها الأمر بأن “ميركل ما زالت مصممة، لكن الخشية هي أن أوروبا لم تعد قوية بعد الآن”.

[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها