أبرز الخيارات التركية في مواجهة روسيا اقتصادياً

امتدت حالة التوتر التي نشأت بين تركيا وروسيا، عقب إسقاط المقاتلة الروسية التي اخترقت الأجواء التركية، بعد أن تم تحذيرها عشر مرات خلال خمس دقائق، إلى قطاع التجارة والزراعة والاستيراد بين البلدين، خاصة بعدما أعلنت روسيا قبل أيام قليلة، عن اتخاذ إجراءات عقابية ضد تركيا، تشمل فرض قيود على وارداتها الغذائية والزراعية وإلغاء مشاريع مشتركة معها، بالإضافة إلى تعليق رحلاتها السياحية إلى تركيا، وفرض التأشيرات على المواطنين الأتراك الوافدين لأراضيها بدءًا من العام المقبل.

ويربط كلًا من تركيا وروسيا، علاقاتٌ قوية في قطاع المواد الغذائية والزراعية، فتعتمد روسيا بشكل كبير على الخضروات والفواكه التركية، بينما تعتمد تركيا بشكل أساسي على الحبوب الروسية خاصةً القمح.

ووفقًا لإحصائيات منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة “فاو”، فإن تركيا تحتل المركز الأول على مستوى العالم في إنتاج سبعة محاصيل زراعية، منها البندق والمشمش والتين والكرز والسفرجل، في حين تحتل المركز الثاني في إنتاج ست محاصيل زراعية، منها البطيخ والشمام والفراولة، والمركز الثالث في إنتاج ثمانية محاصيل، منها العدس والتفاح والخيار والفلفل الأخضر والفاصوليا، وعليه جاءت تركيا في المركز الثالث عالمياً في الإنتاج الزراعي لعام 2014.

وفي حين أن وزير الزراعة الروسي، عزم بلاده حظر استيراد الخضروات والفواكه من تركيا وتصدير القمح إليها، والبحث عن بدائل أخرى في الشرق الأوسط، كإيران والمغرب وإسرائيل، تبقى الخيارات مفتوحة أمام تركيا، لإيجاد عدة حلول أو التخفيف من حدة الخططوات الروسية بطرق أخرى، خاصة وأن حجم الإنتاج المحلي للقمح بتركيا قد ازداد هذا العام، وفقًا لخطة الحكومة التي تسعى إلى زيادة الإنتاج المحلي من القمح سنويًا، بالإضافة إلى انخفاض السعر العالمي للقمح، والذي قد يلعب دورًا هامًا ويقلّص من الأثر السلبي لإجراءات روسيا ويجعل من السهل على تركيا إيجاد الخيارات البديلة، وأخيرًا والأكثر أهمية، فقد أظهرت تركيا قدرتها على الصمود أمام حظر روسيا لتصدير القمح والحبوب للدول الأخرى عام 2010، نتيجة موجة الحر والجفاف القاسية التي ضربتها وما نجم عنها من حرائق دمرت ما يقرب من ثلث إنتاج القمح الروسي في ذلك العام.

ويرى محللون أن الحظر الروسي لتصدير القمح إلى تركيا، قد يفتح الأبواب أمام أوكرانيا ويمنحها فرصة استعادة مركزها كسوق مورّد إلى تركيا، فقد اقترح وزير الزراعة الأوكراني أن تضاعف كييف صادرات القمح إلى تركيا، بالإضافة للذرة وزيت عباد الشمس، ووفقًا للإحصاءات فقد هبطت حصة القمح الأوكراني في السوق التركي بنسبة 50% خلال الخمس سنوات الماضية، لتصل في موسم 2014/2015 إلى 2.7% فقط من إجمالي حجم الاستيراد التركي للقمح، بسبب تفضيل القمح الروسي عليها.

وفي تصريح سابق لإحدى الصحف العربية، أكد مصطفى يلماز كارت، رئيس مجلس الحبوب الوطني التركي، أن إيقاف روسيا لواردات القمح في إطار إجراءات عقابية سيكلف الاقتصاد الروسي خسائر هامة، قائلًا “إذا لم نستورد الحبوب من روسيا، فإنها ستخسر كثيرًا بدورها، وليس علينا أن نعمل على أي خطة أخرى، فإن اضطررنا إلى استيراد القمح، فإن أسواق الحبوب مليئة بالحبوب الكندية والأميركية والأسترالية”.

وفي بيان نشره ستانيسلاف تكاشينكو، أستاذ في قسم العلاقات الدولية من جامعة سانت بطرسبرغ الحكومية، قال فيه إن الاقتصاد الروسي لا يمكن أن يجد أي بدائل يمكنها أن تحلّ محلّ ما تقوم تركيا بتصديره إلى روسيا.

وأكد تكاشينكو أن “التجارة الثنائية بين البلدين تفيد روسيا أكثر من تركيا”، وأضاف أن “روسيا لا يمكنها أن تستبدل المنتجات التي تستوردها من تركيا بين عشية وضحاها … وأن قطع العلاقات الاقتصادية مع تركيا يمكن أن يسبب خسارة بقيمة تتجاوز الثلاثين مليار دولار، ما يشكّل ضربة قوية لروسيا وللاقتصاد الروسي خاصة بعد عام من الركود”.

تجدر الإشارة أن حجم الاستهلاك التركي للقمح المستورد من روسيا بلغ نسبة 70% من إجماليّ القمح المستخدم في البلاد عام 2014، وبذلك تُعتبر تركيا واحدة من أكبر الدول المشترية للقمح الروسي، بالإضافة إلى  أن 20% من خضروات وفواكه روسيا يتم استيرادها من تركيا، أي أن السوق الروسي يستهلك 40% من الصادرات التركية للخضروات والفواكه. وخلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري، قامت روسيا باستيراد منتجات غذائية تركية بقيمة مليار دولار، وجاء في مقدمة المنتجات الزراعية التركية الموردة إلى روسيا، الطماطم (360 ألف طن)، والحمضيات (250 ألف طن)، بالإضافة إلى أكثر من 100 ألف طن من العنب.

وفي حال أصرت روسيا على فرض عقوباتها وحظر علاقاتها الاقتصادية مع تركيا، فستتجه الأخيرة غالبًا، وفقًا لخبراء، لعقد اتفاقيات تعاون جديدة في آسيا وأفريقيا، وستعطي زخمًا أكبر لتكثيف العلاقات التجارية مع دول شرق آسيا والمحيط الهادئ، مثل الصين وكوريا وأندونيسيا وماليزيا. (TRT)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫6 تعليقات

  1. كيف لعنوان الخبر أن يكون : أبرز الخيارات , والصورة للبندورات ؟ ناس ما عندها نظر …….

  2. روسيا كدول العنتريات وأصحاب الشعارات الجوفاء مثل سوريا ومصر ومن سار على هذا الدرب المضلل فبوتين الديكتاتور اللاعب بالانتخابات المضحكة صاحب القرار الأوحد يقود بلاده الى المذلة ولكنه يقوم بالهاء شعبه بمثل هذه الترهات بافتعال مشاكل مع دول أخرى