” الأمان هديتنا للهاربين من براميل بشار الأسد ” .. مقالة لرئيس تحرير ” بيلد أونلاين ” حول عيد الميلاد و أزمة اللاجئين في ألمانيا

يعيش قرابة مليون شخص في هذه الساعات عيد الميلاد للمرة الأولى في دولة مسيحية. لقد جائوا من أكثر المناطق بؤساً في الكرة الأرضية باحثين عن المأوى والحماية لأنفسهم وعائلاتهم وأطفالهم.

في عيد الميلاد نحتفل بفكرة فتح الباب للمحتاجين. وهو ما قامت به ألمانيا ليس في الأسابيع الأخيرة فقط بل على مدار العام. لقد أصبحنا بلاداً أخرى في الأشهر الأخيرة. لم تعد الكفاءة الألمانية تمثل الجانب المظلم لتاريخنا بل الجانب الحسن أيضاً.

لم تعد محطات القطارات في بلادنا مكاناً يرسل منه الآلاف من الناس إلى حتفهم، بل تمثل مكاناً للتعاطف وما نسميه نحن “ثقافة الترحيب – Willkommenskultur”، ثقافة الترحيب بالناس في وطننا وتوفير الحماية لهم.

ففي المكان الذي شهد تخطيط وتنفيذ أكبر جريمة في التاريخ منذ 7 عقود، يجد الناس مأوى لهم من النظام الأكثر إجراماً في عصرنا هذا (نظام بشار الأسد).

ما الذي يعني هذا بالنسبة لعيد الميلاد 2015؟

تعد ألمانيا من أغنى الدول في العالم. نجد تحت أشجار عيد الميلاد لدينا عدداً وفيراً من الهدايا، نحتاج في الواقع القليل منها. نمنح الهدايا بدافع السرور لا بدافع الضرورة.

لكن هذا العام، عام أزمة اللجوء، القصة مختلفة تماماً، لقد قمنا بمنح شيء ثمين، لأناس يحتاجونه بشدة: الأمن والسلامة والحماية والسلام.

لقد غطيت كمراسل الحرب في سوريا لعدة لأعوام، وسافرت إليها مرات عدة، الناس القادمون من المكان الذي تمزقه الحرب لا يحتفلون بعيد الميلاد، لكنني متأكد أنهم سيظلون متذكرين سحر عيد الميلاد إلى الأبد.

لا يمكن لكلمات أن تصف ما يعنيه أن تعيش هذه الأيام بأمان بعد الفرار من براميل “بشار الأسد” المتفجرة، الموت القادم من السماء، بعد المرور بنقاط تفتيش النظام، وداعش، مع أطفالك، بعد عبور البحر المتوسط و عبور القارة الأوربية مشياً على الأقدام.

يتمتع مليون شخص هذا العام بالسلام خلال عيد الميلاد، وهو شيء اعتدنا عليه لأن معظم الذي يعيشون في ألمانيا لم يختبروا الحرب في حياتهم. إنها فرصة لنا جميعاً أن نرى هذه الاحتفال بعيون الهاربين من الحرب.

ما يجعل ما نهديه لهؤلاء الناس المحتاجين أكثر قيمة، هو أنها لا تقدر بالمال فقط، إنها هدية تتطلب الكثير من المجهود وفي بعض الأحيان التغلب على الكثير من الشكوك والمخاوف. هذه الأزمة هي بالتأكيد التحدي الأكبر الذي يواجه ألمانيا منذ إعادة توحيدها.

تصلي غالبية الناس التي جاءت إلينا لنفس الإله، الذي صلى له الكفرة المضطربون عقلياً، الذين جلبوا الموت إلى باريس في مطلع العام الحالي وآخره، نحن نتعامل مع دين يفسر في حالات عدة كإيديولوجية إجرامية.

سيتوجب علينا تعلم العيش معهم وتقبلهم، وأخيراً التغلب على الخوف المصاحب لهذا الوضع، في نفس الوقت علينا أن نجد الطريقة المناسبة، وفي حالات معينة أن ندافع، عن ثقافتنا وقيمنا، على أن لا نظهر كقوميين وننزلق نحو استكبار التفوق الباطل.

التحدي الأكثر الصعوبة الكامن في الكرم هو تحاشي الاعتقاد بأننا أقوم أخلاقاً من الآخرين.

عيد الميلاد 2015 هو مثال نير عن كل ما يمثله عيد الميلاد، يمكن للإيثار والحب المسيحي والسلام أن تصبح تعابيراً مجردة أحياناً، لكن في هذه الأيام يمكننا رؤيتها بجلاء كما لم يسبق لنا أن رأينا إلا نادراً.

يعيش بيننا، بينما نحتفل بعيد الميلاد، أطفال كانوا ليتحولوا إلى أشلاء جراء البراميل المتفجرة خلال أيام، إن كانوا لم يجدوا مأوى لهم في أوروبا، في مكان ما في ألمانيا هناك طفل لاجىء ما كان ليبقى على قيد الحياة في عيد الميلاد في وطنه. هذه هي هديتنا.

نشر يوليان رايشلت رئيس تحرير موقع صحيفة بيلد المقال الواردة ترجمته أعلاه باللغتين الانكليزية والألمانية على الموقع

[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها