سوريا: وداع المقاومة

يسجل التاريخ اليوم أن سورية، قلب العروبة النابض، قد تكسّرت على أرضها أوهام تلك العروبة بما تعنيه من إيثار مَرَضيّ وما ارتبط بها من تاريخ طويل لغسيل العقول كرمى للقضايا الكبرى. بيد أن هناك ما هو أكثر صلابة وتجذّراً ما زال يتكسّر يومياً على الأرض السورية ويتمثل بالمقاومة، ليس بمفهومها المبسط الدّال على رغبة الشعوب في دفع الظلم عنها أيّاً كان هذا الظلم ومن أين أتى، بل المقاومة كأيديولوجيا وثقافة معمّمة وتغييب للعقل وإنكار للذات الوطنية وغيرها من المصائب التي ابتكرتها وجذّرتها أنظمة مستبدّة كنظام الأسد ونظام الملالي في إيران.

وإلى جانب ذلك، أدّى تكسّر مفهـــوم المقاومة إلى انكسار صورة السوريين عن أنفسهم وإدراكهم ذواتـــهم بوصفهم الشعب العروبي الأول بامتياز، المنتفخ بــوطنيــة تزاود على أوطان الآخرين وتعمى عن الوطن الأم، وبـــكونهم طليعة المدافعين عن قضايا تـــلك العروبــة بما تــقتضيـه من مقاومة، لتحل مكانها صورة أخرى عن شعب تمت خيانته، وطُعن في ظهره، أو عن شعب يستفيق من كل تلك الأوهام.

هنا، تبرز دلالات وعبر اغتيال سمير القنطار في سورية قبل أيام. فالرجل الذي ضحّى السوريون، راغبين أحياناً ومرغمين أحياناً أكثر، بحقوقهم وكراماتهم ومستوى عيشهم كرمى لقضيّته التي آمن كثيرون منهم بها، واستقبلوا في 2006 جمهورها من دون اعتبار لانتمائهم الطائفيّ ومن دون أن يعاملوهم كلاجئين أو نازحين، قد قضى نحبه على أرض هؤلاء السوريين، لا كصديق بل كقاتل لهم وعدو أشد عنفاً وقـهراً من عـدو العروبة والمقاومة الأول المفترض، فضلاً عن تميّزه، هُو والمقاومة التي يمثل، وقبلهم النظام الذي دعاهم إلى مشاركته في القتال، بمستوى من الكراهية والطائفية رفعت مستوى العنف والقتــل ليلامس مستوى أفظع ما شهده العالم المعاصر من مجازر وإبادات.

والحال أنّ هناك ما يشبه لعنة تتربّص منذ زمن بعيد بالسوريين وبأرضهم، هي لعنة إنكار الذات وإنكار الوطن، أو ربما احتقار الذات والوطن سعياً وطمعاً بذات أوسع وبوطن أكبر. على أن ما يبرر تسمية هذه المصيبة باللّعنة هو استمرار وجودها وظهورها في أكثر من شكل عبر تاريخ سورية الحديث، بدءاً بصدمة السوريين وجيشهم الفتيّ في 1949 وبحكومتهم التي تاجرت بعواطفهم تجاه فلسطين وخيّبت أملهم في تحريرها، مروراً بالوحدة مع عبدالناصر وصولاً إلى حكم البعث وآل الأسد، ومن ثمّ صدمتهم بالمقاومة التي طالما احتفوا بها.

بهذا، تكون الثورة السورية جاءت لتجرف كل تلك الأوهام وتشكل الصدمة الأولى على طريق شفاء سورية من أمراضها، الأمر الذي يحتاج أيضاً إلى دفن قلب العروبة، أو قتله قتلاً رحيماً، كي ينبض قلب بلد طبيعي يعيش فيه السوريون حياة طبيعية خالية من أوهام العروبة والمقاومة.

حسان القالش – الحياة[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫4 تعليقات

  1. قرامطة العصر .. كلاب حزب البعث النصيري وحزب اللات عملاء كاهن طهران الرافضي الخبيث

  2. تحت شماعة فلسطين بنى المقبور حافييييظ جيشا عرمرما أحاط به المدن السورية من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب ولأجل تلك الشماعة أفنى كل سوري سنتان ونصف من عمره يخدم بذل في جيش المقبور بلا مال ولاغذاء أو كساء أو دواء ومن أجل شماعة فلسطين لم يبق إلا القليل من السوريين الذين لم يزوروا فرع فلسطين أو سواه لسبب أو لآخر ومن أجل فلسطين عشنا في أزمات خدماتية مستمرة كالكهرباء والماء والخبز والغاز والمازوت حتى السمن والزيت والشاي ومناديل الوجه لم تسلم في بعض السنين من (التضحية من أجل فلسطين) ومن أجلها أيضا أفلست شركات القطاع العام وتراجعت مساحة الأراضي القابلة للزراعة وانتشرت العشوائيات والبطالة والفقر فيما ازداد أعداد القصور المشيدة لكبار الضباط والمسؤولين في الساحل وآلاف الأمور غيرها لامجال لذكرها الآن ولكن الأهم بأن المقبور ومن أجل فلسطين ذبح الفلسطينيين وحاصرهم في تل الزعتر ونهر البارد وطرابلس والأهبلوف ذبحهم وحاصرهم في مخيم اليرموك إضافة إلى مئات الآلاف من السوريين قتلوا في كافة أرجاء سوريا باسم التصدي لأعداء المقاومة التي ستحرر فلسطين !! فهل من يفعل كل ذلك ياترى يستحق بأن يطلق عليه لقب (قلب العروبة أم كلب العروبة) ؟

    1. الهالك حافظ الأسد وأبنه المختل عقلياً بشار الأسد ضحكو علينا صحيح أكثر من أربعين سنة بشعارات القومية العربية وفلسطين وكان الهالك حافظ الأسد ومن بعده أبنه الأهبل بشار يعتقدون ويحلمون أنهم قادرون على تأسيس (مملكة جمهورية) في سوريا يتوارثها أبنائهم وأحفادهم من بعدهم جيلاً بعد جيل ولذلك كانو يحاولون تعويد الشعب السوري على مصطلح (سوريا الأسد) ويعلقونها في كل مكان في سوريا ولكن هذا الحلم تحطم أخيراً تحت أقدام ثوار سوريا
      ولم يبقى ألا قليلاً وتنهار مملكة آل الأسد

  3. اوراق النظام والشيعة كانت مكشوفة لدى المجاهدين الاسلاميين فقط
    ولذلك كان يحاربهم من اول استيلاء الوطنجيين على سوريا كجزء من بلاد الشام اللذي حافظو على تجزءته مدة طويلة باسم الوطنية .. وما الوطنية الا صناعة او هوية تم اقناع الشعب المسلم بها لتكون بديل عن الهوية الاسلامية الضائعة بعد سايكس بيكو
    فجعل هذا النظام وامثاله من الانظمة القومجية في البلاد الاسلامية جعل اولى اولوياته هي محاربة الجماعات الاسلامية اللتي تدعو لازالة الحدود اللتي رسمها سايكس بيكو وهذه الحرب جعلت من الغرب يتمسك بالحكام الوطنجيين لانهم يستدرجون هذه الشعوب من معتقداتهم الاسلامية الى معتقدات وطنجية وذلك شأنه ابعادهم عن القضية الاولى تدريجيا لوصولهم لاهتمامهم بقضية تفكيرهم المحدود وليس ابعد من الشهوات والنزوات فقط .. والآن سخرو اعلامهم واعلام من والاهم لتشويه الحقائق لما تخدم قضايا الماسونية العالمية كصحوات ضد الاسلام …